صدر عن مكتبة الاسرة كتاب الأعمال الشعرية الكاملة لشاعر ثورة 1919 المبدع بديع خيري جمع ودراسة وتحقيق دكتور نبيل بهجت .. وعن سبب اختيار بهجت لشعر بديع خيري ليقوم بجمعها ودراستها والتحقيق فيها يقول : أن بديع من الشعراء العظام الذين كتبوا للشعب العربي وامتزج إبداعهم بوجدان الشعب دون الوقف علي اسمه فهو مؤلف العديد من الاغاني التي مازالت الي الان محط اهتمام الاجيال المتعاقبة وبديع بلاشك حمل راية الكفاح الوطني من خلال شعر العامية والمسرح فهو شاعر ثورة 19 دون منازع وابن الحركة الوطنية فيحكي انه وسيد درويش كانوا يجلسون الي العمال في المقهي لدفعهم الي تأسيس النقابات المهنية فهم ممن شكلوا وجدان الثورة والثوار اذا ان الثورات تلد مبدعيها الذين يزكون نارها ويشكلون الوجدان الجماعى الثائر ، فأدب الثورات هو الذى يحشد طاقات الجماهير ومشاعرها لتصبح الثورة واقعاً مفهوماً ومحققا، فإذا كان اسم النديم قد ارتبط بالثورة العرابية، فإن القراءة المتأنية لتراث بديع خيرى المتناثر فى المصادر المختلفة تكتشف أنه كان لسان حال ثوره 1919 وبديع والنديم وجهان لعملة واحدة فهما صنيعة الثورة وميولهما الإصلاحية متشابهة إلى حد كبير. ويضيف بهجت : أبدأ الكتاب بدراسة تحقيقية لأعمال بديع خيري اعرض فيها للعديد من قصائد التي تركها بدون توقيع أو بتوقيع مستعار واعتمد علي أدلة مختلفة تثبت نسبة هذه القصائد للمبدع بديع خيري ثم استعرض بعدها للقصائد السياسية والاجتماعية ثم القصائد التي وقعها بتوقيع مستعار ثم لقصائد المناسبات ثم للقصائد العاطفية ثم لأفتتاحيات مجلة ألف صنف ثم للأعلانات الزجلية ثم للأغاني العامة ثم لأغاني الافلام ثم لأغاني الاستعراضات والمسرحيات ويقع الكتاب في قرابة 900 صفحة تقريبا وحرصت أن يلحق بكل قصيدة تاريخ ومكان نشرها ويعد الكتاب من أهم مصادر شعر العامية وقد برز ذلك على صفحات إصداراتهما . وكانت أزجال بديع خيرى البوابة الحقيقية لعالمه التى اكتشفت من خلاله الوجه الحقيقى لمصر، مصر الثورة ، مصر الإبداع والتغير ، حيث صاغ بديع الرؤية الشعبية لكثير من الأحداث في قصائده غير مكترث بالرؤية الرسمية. وبديع من مواليد القاهرة فى 18 أغسطس 1893 وتوفى بها أيضاً فى 3 فبراير 1966وينحدر بديع من أصول تركية أرسله والده إلى الكتاب فحفظ القرآن وانتظم فى دراسته حتى حصل على دبلوم المعلمين عام 1914 وعمل " بديع خيرى " فور تخرجه مترجماً فى شركة التليفونات وفصل منها على أثر إهماله لشكوى من بيت واطسون باشا ثم عمل مدرساً فى مدرسة رفاعه باشا الطهطاوى فى طهطا ثم فى مدرسة السلطان حسن فى شبرا وفى تلك الفترة ألحت عليه هواية نظم الزجل وأراد من خلال إمكانياته ومواهبه أن يحدث تغييراً فى هذا اللون من النظم بالرغم من نظرة الازدراء والاستهانة التى كان الناس ينظرونها للزجالين آنذاك . وكما قال بديع : " وبعد أن استقر بى الحال فى وظيفة التدريس، انتابتنى هواية جديدة.. نظم الزجل.. وكان الزجل يؤلف من خمسين أو أربعين بيتا، كلها من بحر واحد . وفى الفترة ما بين عامين (1914-1918) مارست السلطات الإنجليزية تصرفات تعسفية ضد الشعب المصرى لتضمن تأييده فى الحرب العالمية الأولى وسعياً منها لتوفير الإمدادات لجيوشها فى الحرب وكان طبيعياً أن تجنح الميول إلى طلب الترفيه والتسلية والسلوى تفريجاً للكرب الخانق وتنفيسا عن الصدور المحرجة وبوحى تلك الميول والأشواق بدأ المسرح الضاحك يبزغ . كتاب الأعمال الشعرية الكاملة لبديع خيرى ويشير بهجت فى كتابة: ان فى هذه الفترة انتشرت ظاهرة إلقاء المنولوجات خاصة التى كانت تعلق على الأحداث التاريخية والأزمات المختلفة التى كانت تمر بها البلاد وارتفع قدر الزجل عندما دخل المنولوج المسارح حيث يلقى بين الفصول وأصبح له هدف ومرمى وكتب بديع خيرى أول منولوج له عام 1917 للمنولوجست " فاطمة قدرى " وقدر له الذيوع والانتشار . وبهذا المنولوج دخل بديع خيرى عالم المسرح ومع بدايه عام 1918 انفصل نجيب الريحانى عن مؤلفه امين صدقى على أثر خلاف حدث حول مسرحية " حمار وحلاوة" وبدأ الريحانى فى البحث عن مؤلف جديد فى الوقت الذى كان يعرض فيه بديع خيرى مسرحيته الأولى والتى كانت تقدمها فرقة نادى التمثيل العصرى وكان يخفى اسمه خشية أن يفقد وظيفته الحكومية وأعجب الريحانى بالمسرحية وسرعان ما اكتشف الريحانى الحقيقة فاتصل ببديع ووقع معه عقداً فى 18 أغسطس 1918 أصبح بديع بموجبه مؤلفاً لفرقة الريحانى فكتب له استعراض " على كيفك " و"مصر" (1918 – 1920) وبداية من الاستعراض الثالث "ولو" أنضم سيد درويش لفرقة الريحانى وفى مارس 1919 قامت الثورة وجاءت استعراضات تلك الفترة لتقف على قضايا العمل الوطنى . وفى 10/8/1930 أصدر بديع خيرى جريدة " النهاردة " وهى جريدة يومية هدفها الأساسى الجهاد من أجل الدستور حيث كتب فى أعلى الصفحة الأولى "الأمة مصدر السلطات" وكتب أسفل الجريدة "النهار وليد الجهاد فى سبيل الدستور" وجاء اهتمامه بالدستور انطلاقاً من الظروف التاريخية فى عصره آنذاك. ولم تستمر الجريدة طويلا إذ صادرها إسماعيل صدقى بعد صدور عددها الثامن فى 17/8/1930 ووصف أحد معاصريه أسلوبه فقال " ... اختار أسلوباً ليتكلم به إلى الفلاح المصرى غير المتعلم وإلى طالب المدارس الإبتدائية وإلى كبار الإدمغة والرؤوس خاطب الجميع بلغه تخاطب الجميع تحدث إلى الكل بلغة واحدة مشتركة استفاد منها الكل ... " واصدر بعد ذلك بالاشتراك مع محمود طاهر العربى جريدة "الاستقلال" فى عام 1937 والتى كان شعارها البناء والتجديد والعمل على تدعيم الاستقلال وصيانته وكتب فى صدر الصفحة الأولى "جريدة يومية سياسية تصدر يوم الخميس من كل أسبوع مؤقت" إلا أن اسم بديع خيرى رفع من الجريدة وبقى اسم محمود طاهر العربى والجدير بالذكر انه لم يشر فى مذكراته إلى مجلة "مصر الحرة" أو إلى "جريدة الاستقلال" بشكل يوحى أن ملكية هذه الصحف لم تكن لبديع خيرى. وكانت الدوريات التى أصدرها أحد أهم مصادر هذا الديوان ثم جاءت بعد ذلك الدوريات المهتمة بالزجل كالسيف والمسامير، والكشكول، والفكاهة ، والمطرقة، والمصيدة، والفارس، والعروسة، والراديو، والإذاعة المصرية، والبعكوكة..... واعتمدت أيضا على الدوريات الفنية التى كانت تتابع أخباره كالفنون، والمسرح، والتياترو، والمصور، والكواكب، والصباح وغيرها وكانت المكتبات الخاصة أحد أهم مصادر الزجلية ، فالمتابع لألف صنف يجد أنه نشر العديد من القصائد بتوقيع مستعار فنشر مجموعة من القصائد تحت عنوان البزرميطات ووقعها ب " أبو فصاده" وأشار فى مذكراته أنه صاحب هذا الاسم ونشر تحت اسم "الأدباتى" في العدد الصادر بتاريخ 20/4/1926 واكد بهجت على ان الدوريات والمخطوطات والمكتبات الخاصة اهم مصادر هذا الكتاب .