فقدت صاحبة الجلالة واحدا من أنبل وأشرف فرسانها الذين طالما أعطوا للكلمة حقها فلم يتاجر يوما بالحقيقة وإنما ظل وفيا لأمانة الكلمة وصدقها كما ظل محافظا على تقاليد مهنة الصحافة العريقة .. فعن عمر يناهز ال 80 عاما رحل عن عالمنا مساء أمس الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ سلامة أحمد سلامة وذلك بإحدى المستشفيات الخاصة متأثرا بسكتة قلبية مفاجئة وكان الكاتب الراحل يصارع المرض فى سنوات عمره الأخيرة حتى وافته المنية . ولد الكاتب الكبير فى عام 1932 وحصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة عام 1954 كما حصل على ماجستير الصحافة والإعلام من جامعة منيسوتا الأمريكية عام 1968 ودخل بلاط صاحبة الجلالة باكرا فى حياته وقبل أن يلتحق بالأهرام عمل سلامة أحمد سلامة فى صحيفة أخبار اليوم حتى عام 1968 ثم انضم للأهرام ليكون واحدا من كبار كتاب الرأى بها من خلال عموده الثابت "من قريب" والذى كان يطل من خلاله على القراء يوميا بتحليلات سياسية واجتماعية شاملة ورزينة . وشغل الكاتب الراحل منصب نائب رئيس تحرير الأهرام فى الفترة من 1987 و 2009، ثم انتقل إلى جريدة الشروق بصحبة صديقه الكاتب الكبير فهمى هويدى ليصبح كاتبنا الراحل رئيس مجلس تحرير الصحيفة الجديدة ويترك عموده الثابت فى الأهرام وفى الوقت نفسه شغل الكاتب الراحل منصب رئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. كان سلامة أحمد سلامة صاحب أراء وأفكار ليبرالية جريئة وقوية وكان طوال الوقت مستقلا فى رأيه يدافع عن الكلمة من أجل الكلمة فقط. وأصدر فى حياته الصحفية عدة مؤلفات سياسية منها " المناطق الرمادية " و " الشرق الأوسط الجديد" وغيرها من المؤلفات. وفى مقالاته بجريدة الشروق ناقش الكاتب الراحل أوضاع مصر السياسية بعد الثورة وكان آخر مقالاته المنشورة يوم الإثنين الماضى بعنوان " الطريق إلى الفوضى" حيث ناقش فيه خطورة أفكار الجماعات المتطرفة التى تعمل تحت مسمى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وقال فى هذا المقال " تتكرر هذه المأساة الحضارية باسم الإسلام، بنفس الطريقة التى ارتكبت بها طالبان جريمتها فى أفغانستان حين هدمت التماثيل البوذية العملاقة بالديناميت فى مدينة باميان، بناء على فتوى من الملا عمر. واعتبرت المحكمة الجنائية الدولية ما وقع جريمة حرب وتعهدت بملاحقة المتورطين نحن لا نريد أن نكون جزءا من هذه الظاهرة المزرية. فخطورة هذه الاتجاهات المنحرفة أنها تبدأ هينة لينة غير ذات خطر. لا تخرج عن اشتباك بالأيدى أو تهديد بالقوة. ثم لا تلبث أن تصبح ظاهرة تمس حرية العقيدة.. وتلك هى بداية الفوضى" . رحم الله كاتبنا الكبير الذى يستحق فعلا أن يوصف بحكيم الصحافة لما قدمه لمهنة القلم من آراء وأفكار لم ينحاز فيها لمصلحة أحد . هذا وقد شيعت الجنازة عصر اليوم من مسجد الكواكبى بالمهندسين حيث يشارك فيها رموز القلم والثقافة والأدب فى مصر .