محيي إبراهيم إبراهيم طاحون, 74 عاما, كان يعمل مدرس لغة عربية , سافر للعمل باليمن في عام 1975, وظل هناك 20 عاما حتي عاد عام 1995, وخلال هذه الفترة كانت له اتصالاته بكبار القيادات السياسية في اليمن, وذاعت شهرته كمدرس لغة عربية قدير وكان يقوم بالتدريس لأبناء الرئيس اليمني علي عبدالله صالح , ثالث المخلوعين العرب بعد التونسي بن علي والمصري مبارك , في السطور القادمة يتحدث عن الفترة التي قضاها هناك وعن الرئيس علي عبد الله صالح ونوع علاقته به, وكيف وصل به الحال لما هو عليه الآن ؟.. يقول الأستاذ محيي إبراهيم طاحون : سافرت إلي اليمن في عام 1975, وعملت هناك مدرسا للغة العربية في العديد من المدارس والمناطق , ففي البداية عملت في منطقة نائية بمحافظة اسمها ' حجه ' وهي موجودة في سهل تهامة , وبعد عام تم نقلي إلي عاصمة المحافظة نفسها , وظللت بها عامين , ثم انتقلت للتدريس بمدرسة اسمها ' سيف بن اليزل ' في العاصمة اليمنية صنعاء , وخلال هذه الفترة بدأ يذيع صيتي في مناطق عدة باليمن , كمدرس لغة عربية , وبعد مرور سنة علي عملي بمدرسة ' سيف بن اليزل ' تم نقلي للعمل بمدرسة ' ثانوية الكويت ', وهي من أشهر المدارس هناك , وظللت بها 8 سنوات , بعدها انتقلت للعمل بمدرسة أخري في صنعاء اسمها ' أروي الثانوية ', وعملت فيها 7 سنوات , ثم أنهيت خدمتي هناك وعدت للاستقرار بمصر عام .1995 ويضيف محيي إبراهيم قائلا : خلال ال 20 عاما التي عشتها في اليمن حصلت علي خبرات عديدة خاصة بالشعب اليمني , فهوشعب متدين وخلوق , وإذا وثق فيك يعطيك الأمان في أي شيء , ولكنهم لا يأمنون لأي شخص بسهولة , واليمنيون يحبون المصريين في عملهم , ويستعينون بهم في أمور كثيرة , وقد كنت ناجحا في اليمن وهذا يعود إلي فضل الله , وإخلاصي في العمل , ومحافظتي علي البيوت التي أدخلها وأدرس لأبنائها , وهذا كان بداية الطريق الذي قادني لكي أدرس مادة اللغة العربية لأولاد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح , فالمدرس الذي يقوم بالتدريس لأولاد الرئيس هناك يتم ترشيحه من قبل وزارة التربية والتعليم , وقد حدث هذا بالفعل , حيث فوجئت في عام 1986 بشخص يزورني في المدرسة , وعرفت أنه ضابط برتبة عقيد , وطلب مني أن أقوم بالتدريس لأولاد الرئيس علي عبدالله صالح , وأعطيت لأولاده درسا في بيتهم الأول في ' الحصبة ', والذي تم قصفه من خلال قبيلة أولاد الأحمر أثناء الثورة اليمنية , ثم انتقلنا إلي بيته الجديد وهو ' دار الرئاسة ' وذلك في عام 1988 وظللت 7 سنوات أدرس للأولاد في هذه الدار وهي شاسعة المساحة , ويمكن وصفها بأنها قطعة من الجنة . ويضيف محيي إبراهيم : تقابلت مع علي عبد الله صالح خلال هذه السنوات عدة مرات لكن كلها بمحض الصدفة , وكانت لقاءات عابرة يطمئن فيها صالح علي مسألة تعليم أولاده , وكان يقول لي : المصريون أساتذتنا , وهو في هذه الفترة كان له 14 من الأولاد والبنات , منهم 5 من زوجته الأولي , وهم ابنه أحمد و 4 بنات , ولديه 9 من زوجته الثانية , وهؤلاء كانوا صغارا ولم أقم بالتدريس لهم , كما كنت أيضا أقوم بالتدريس لأبناء أقارب علي عبدالله صالح , وخلال الفترة التي قضيتها في دار الرئاسة لمست عدة أمور .. فهم يحبون بلادهم ويغارون عليها , سواء الرئيس أو أولاده , ولاحظت أيضا أنهم يراعون الله في كل تعاملاتهم ويحرصون علي أداء الصلوات , فخلال الفترة التي قضيتها لاحظت أن صالح اهتم بالتعليم والرعاية الصحية , لكني تركته منذ سنة 1995, ونحن الآن في 2012, أي أن هذا الكلام منذ 17 سنة تقريبا , فآخر عهدي به أنه إنسان بمعني الكلمة ورجل محترم هو وأولاده , ونشأتهم طيبة وعلي خلق وأدب , لكن قد يكون المنصب وإغراءات الدنيا غيرت فيهم الكثير , فقد كان رجلا يهتم بتعليم أولاده , وكان يتجسس علينا أثناء تدريسي لهم , وكنا نشاهده من خلف الزجاج , وكان أحمد ابنه يقول : أبي يتجسس علينا , ونظرا لانشغاله الشديد , كان أولاده يقولون لي : إنني أشاهد والدهم أكثر منهم لأنه كان دائما خارج منزله , وعلي فكرة علي عبدالله صالح لم يكن لديه مؤهل تعليمي , ولم يحمل شهادات , إلا أنه ثقف نفسه سريعا , ويكفيه شرفا أنه في عام 1982 أثناء زيارته لروسيا , وهناك اكتشف أنه أقل ثقافة وأنه لا يليق برئيس دولة أن يكون بهذا التواضع في الثقافة والعلم , وعندما عاد من روسيا , أصدر قرارا بأن يتم تعليم كل ضباط الشرطة والجيش ومديري العموم فما فوق في كل الوزارات , تعليما جامعيا , وكان طبيعيا في اليمن في هذا الوقت أن تجد وكيل وزارة أو ضابطا كبيرا في الجيش بشهادة الابتدائية , وأيضا المصالح الحكومية الأخري , فقد كان لديه إحساس بأهمية التعليم , ولذلك اهتم به كثيرا . مدرس ابناء الشاويش ويضيف قائلا : عندما ذهبت إلي اليمن , كان أحسن شوارعها هو شارع علي عبد المغني وشارع جمال عبد الناصر الذي كانت به السفارة المصرية , ولم يكونا مرصوفين , أما ميدان التحرير هناك فكان مثل ' جورن مزبلة ', اليمنيون لم يكونوا يهتمون باللبس , والشرطة كان لبسها مثل ' الخفر زمان ', لم أترك اليمن في عام 1995 إلا وكل الشوارع قد تم رصفها وعلي أعلي مستوي , المدارس زاد عددها وأصبحت هناك مدرسة في كل شارع , وبمرور الوقت زادت ثقة أسرة علي عبد الله صالح بي , فكنت أختار مدرسي جميع المواد الذين يقومون بالتدريس لأولاده , سواء كانت لغات أجنبية أو علوما أو رياضيات أو غيرها , وأعلمهم أيضا بروتوكولات دخول بيت الرئيس وكيفية التعامل مع أولاده , وكان كل المدرسين الذين أختارهم مصريين , إلا واحدا فقط كان تونسيا , , وفي احدي السنوات حدثت لي ظروف , وتأخرت في مصر شهرا عن السفر لليمن , فجاءت لهذا المدرس التونسي الفرصة وقام بإخراج المصريين من دار الرئاسة , وأحضر مدرسين آخرين وعندما جاء اختيار مدرس اللغة العربية رفض أولاد صالح اختيار مدرس غيري , وعندما عدت قمت باستبعاد كل هؤلاء المدرسين وأحضرت مصريين مكانهم , بل واستبدلت بالمدرس التونسي نفسه آخر مصريا , ومكانتي لم تكن مرتفعة فقط داخل حدود القصر الرئاسي في اليمن , فبالإضافة للشهرة التي حظيت بها كمدرس لغة عربية , انتشرت شائعة خدمتني كثيرا , فاليمنيون كانوا يتخيلون أنني أكتب خطابات الرئيس علي عبد الله صالح وأنني كنت أوجهه في بعض الأمور , ولكن هذا لم يكن صحيحا بالمرة , وهذا أيضا جعل لي شأنا داخل وزارة التربية والتعليم هناك , وكان الجميع يعمل لي ألف حساب , وكانوا يصارحونني بهذه الشائعة ويؤكدونها أيضا , وبعضهم كان يحاول استدراجي لمعرفة أسماء بنات الرئيس , إلا أنني لم أفعل هذا أبدا , لأنه في اليمن لم يكن من اللائق معرفة أسماء البنات , ولكن في الحقيقة الرئيس علي عبد الله صالح كان يستعين بي في أمور أخري , ففي بعض الأحيان كان يرسل لي ليسألني عن بعض المفردات وكنت فقط أنقل له الإجابة , ونتيجة لصلتي بالرئيس حاول الجميع التقرب لي سواء كان وزيرا , أو غيره , وأي منهم كان يتمني أن أدرس لأولاده , ولم أكن أعمل حسابا لأي شخص في اليمن سوي لرئيس الجمهورية ومشايخ القبائل والتجار والأعيان , أما الوزراء بالنسبة لي فكان الأمر عاديا , وأحب أن أشير أيضا , إلي حسن الزيد وهو أحد قادة الثوار الآن في اليمن , كان صديقي وكنا نتزاور وتربطني به علاقة جيدة , أيضا صادق بن عبد الله أحمر كانت تربطني به علاقة جيدة , وهو كان صديق أحمد بن علي عبد الله صالح , وفي أثناء غزو العراق للكويت كنت متواجدا في اليمن , وكانت مصر وسوريا ضد الغزو , علي العكس من اليمن التي كانت تقف مع العراق , وهذا تسبب في نوع من المشاكل للمصريين والسوريين المتواجدين باليمن , فكنت أطلب من بنت الرئيس اليمني الكبري أن تخفف الضغط علي المصريين والسوريين في اليمن , وبالفعل كانت تأمر القائمين علي التليفزيون اليمني بإذاعة بيان يومي الاثنين والجمعة لمناشدة اليمنيين حسن معاملة المصريين والسوريين , وقد ندم اليمنيون بعد ذلك علي مساندتهم لصدام حسين , حتي أبناء علي عبد الله صالح ندموا علي هذا الخطأ بعد ذلك , وفهموا أن صدام غرر بهم , فالعراق لم يقدم لهم أي خدمة سوي غرفة صحية صغيرة فيها ' شوية اسبرين ', أما الكويت فشيدت لهم مستشفي عالميا وجامعة فيها واحدة من أفضل كليات الطب في الشرق الأوسط , وكان بها أفضل الأساتذة المصريين . وأكد محيي إبراهيم , أنه خلال الأوقات التي كان يتواجد فيها بدار الرئاسة , لاحظ أن كل من يعملون في حرس الرئاسة وليس الحرس الجمهوري من منطقة سنحان وهي المنطقة أو القبيلة التي يتبع لها علي عبد الله صالح , وذلك علي أساس أنهم أهله وحتي لا يظهر أبناؤه وأفراد أسرته علي غرباء , أيضا لاحظت الكرم الشديد , والحفاوة بمن يدخل البيت من خلال ما يقدم له من طعام , وفي أسرع وقت , فالدار كان بها طباخون لمختلف الأكلات , فهناك طباخ أكلات أوروبية وطباخ أكلات مصرية وطباخ أكلات شامية وهكذا .