بعد أربع روايات، قررت الأديبة د.رباب كساب أن تصدر مجموعتها القصصية الأولي »بيضاء عاجية وسوداء أبنوسية»، لكنها كانت تكتب القصة القصيرة منذ مدة طويلة، وفي كل مرة كانت تفكر في نشر المجموعة ثم تتراجع لصالح الرواية، تقول رباب: عبء المجموعة القصصية أصعب بكثير من مواجهة الرواية وجمهورها، قبل ثمانية أعوام كنت علي وشك نشر مجموعة تحمل عنوان »لوحة إعلانات» ورسم غلافها بالفعل، ولكني تراجعت في آخر لحظة، لم يكن الأمر سهلا، كما أن اختيار النصوص كان في منتهي الصعوبة. ويكمن سبب اختيار رباب لقصة »بيضاء عاجية وسوداء أبنوسية» لتكون عنوانا في أنها كانت القصة قبل الأخيرة التي قامت بضمها إلي المجموعة، ورأت رباب أن عنوانها هو الأكثر تميزا، كما أن لها ميزة أخري فهي القصة الوحيدة التي انتصرت فيها البطلة واستطاعت أن تتغلب علي مخاوفها وأوجاعها، وفي السطور التالية تحدثنا رباب عبر هذا الحوار عن مجموعتها الصادرة مؤخرا عن دار بتانة للنشر: أغلب أبطال قصصك يمارسون اللعب لمحاولة القضاء علي الملل والبحث عن روح الحياة، فكيف يمكن للعب أن يمنح الحياة؟ الحياة في حد ذاتها لعبة كبيرة، نعيشها، إما كلاعبين أو كملعوب بنا، علينا فقط أن نقرر إلي أي جانب نكون منها، فاعل أم مفعول به، لاعب أم ملعوب به، وكل ما تفعله بنا الحياة، علينا أن نواجهه ونحن ندرك تماما أنها تلاعبنا، حتي وهي تهبنا بعض السعادة، فهي تمرح أو تجرب فينا معني المرح، لتترك لنا بعض براح قبل أن تأتي بخطة جديدة للعبة قد تكون مؤلمة، جارحة. • ذكرت كلمة »لوحة» كثيرا في بعض القصص: »ذات مساء» و»اللوحة» و»لوحة إعلانات» ما سر انجذابك لتلك الكلمة؟ ليس في الكلمة أية وسيلة جذب علي الإطلاق، هذه القصص كتبت علي مدي سنوات طويلة تسع سنوات تحديدا، فطبيعي أن تتكرر الكلمة، هذا بالإضافة إلي أنني أعتبر أن الفنون تعادل بعضها البعض، كل فن مرادف للآخر، التعبير بالقلم يماثل التعبير بالنغم وباللون، وقد أكون في زمن غير الزمن رسامة، بياض اللوحة دائما مغرٍ وجاذب للون كما هو جاذب للقلم. في قصة »بلا ملامح» تحكي لنا عن سيدة تعاني من نسيان أسماء أهلها وأصدقائها وكذلك الأحداث اليومية ووصولا إلي حد نسيان شكل وجهها، متي ينسي الإنسان ملامح وجهه وذكرياته؟ - الذكريات تاريخنا الذي صنعناه بأيدينا، لعبة الذكريات والحنين هي التي تجعلنا نصبر علي الآن والآتي، هناك لحظات مهمة نريد تسجيلها وتوثيقها، فتلك اللحظات هي نحن، فكيف لو نسينا من نحن؟ ماذا سيتبقي لنا؟ لا شيء. تلك المرأة التي أصيبت بألزهايمر، باتت تنسي كل شيء، لم تعد تذكر إلا بعض أشياء بعيدة متناثرة في طفولتها، أما الحاضر فهي تنساه تماما، وحين أتوا لها بصورة حديثة لم تتعرف علي نفسها بالنقاب الأسود، ولم تدرك لماذا أصرت أن تأخذ صورة لنفسها بالأسود الذي كانت تكرهه وهي طفلة.