»... نساء وجدن أنفسهن فجأة يلبسن من أوروبا.. ويتعطرن من باريس.. ويشترين المجوهرات من لندن.. ويتناولن الطعام في أشهر مطاعم إيطاليا.. لكنهن جاهلات بكل أصول المجتمعات الراقية». كان في مصر كوافير لا يعرفه الفقراء طبعا! لا تتردد عليه غير سيدات المجتمع.. ونجمات السينما... وزوجات المشاهير وكبار رجال الأعمال وأصحاب المناصب المرموقة! وفي زمن قياسي ذاع صيته.. وتناقل الناس عنه أنه يتدخل في حركة تنقلات الشرطة.. وتركيب التليفونات بلا دور.. وتوزيع شقق الحكومة بلا قرعة! كانت بدايته مثيرة.. ونهايته أكثر إثارة.. لأن طرفيها أحدهما كان من أشهر وزراء الداخلية في مصر.. والثاني كانت صاحبته من أشهر راقصات شارع الهرم!.. فما هي حكايته؟! اسمه الحقيقي صفوت.. ويناديه الناس بصفصف! كان يعيش في أرقي أحياء القاهرة.. شقة خرافية الموقع والمساحة والتشطيبات.. وسيارة آخر موديل.. ومحل فخيم لا مثيل له إلا في دور الكوافير في لندنوباريسوواشنطن.. أما هو فكان وسيما وأنيقا.. وجهه زاخر بكل الألوان الطبيعية.. عيون زرقاء.. وشعر ذهبي.. وبشرة ناصعة البياض.. صوته شديد النعومة.. وجسده رشيق! كل ما يعرفه عنه الناس أنه تعلم مهنة »الكوافير» في أوروبا.. ثم عاد إلي مصر بثروة ضخمة بعد سنوات أخري عمل فيها بإحدي الدول العربية الثرية حيث وصفته بعض الأميرات بأن أصابعه يجب أن تلف في الحرير! .. وأقام صفصف مشروعا آخر جذب إليها عشرات النساء من زبائن محل الكوافير.. أنشأ مدرسة أخري لتعليم النساء أصول »البروتوكول».. كيف تأكل؟! كيف تمشي؟! ماذا ترتدي من فساتين وملابس تناسب المكان والمناسبة؟!.. متي تتكلم؟! ومتي تصمت ؟!.. متي تجلس إلي مائدة الضيوف وكيف تغادرها ؟! ومتي تجلس علي مائدة أقامتها هي لبعض الضيوف وكيف تغادرها؟! حياة الخمس نجوم.. لها أصولها وبروتوكولاتها.. النقد فيها لاذع ولاسع.. ولا رحمة لمن يبدو غريبا. علي مجتمع السوبر أو »الهاي كلاس» مهما كان يملك من ملايين الجنيهات.. أو يحوز من عقارات وأطيان.. أو يعرف من أبناء الذوات! نجح المشروع الجديد كما نجح »الكوافير» نجاحا هائلا! ازدحمت المدرسة الجديدة بعشرات النساء اللاتي قفزن إلي مجتمع المليونيرات بالبراشوت.. معظمهن زوجات أو عشيقات لأصحاب الضمائر الفاسدة.. والأراضي الضخمة.. والصفقات المشبوهة.. والمال الحرام.. نساء من قاع المجتمع.. لكن قفز بهن رجال تخفوا في وصف رجال الأعمال إلي قمة المجتمع.. والصفوف الأولي.. نساء وجدن أنفسهن فجأة يلبسن من أوروبا.. ويتعطرن من باريس.. ويشترين المجوهرات من لندن.. ويتناولن الطعام في أشهر مطاعم إيطاليا.. لكنهن جاهلات بكل أصول المجتمعات الراقية.. كل واحدة منهن خطفت مليونيرا من أولاده.. أو اصطادت تاجر مخدرات كبيراً في شباك غرامها.. أو بدأت حياتها مع محتال اتجه فجأة إلي لعبة التوكيلات التجارية أو استيراد اللحوم الفاسدة أو الاقتراض من البنوك.. بلا ضمان! تشجعت النساء اللائي تعيش كل واحدة منهن دور الهانم علي الالتحاق بهذه المدرسة.. خاصة أن أسماء العضوات فيها في غاية السرية.. كما أضاف لها »صفصف» ميزة جديدة هي تعليم اللغات بالقدر الذي تظهر به المرأة وكأنها خريجة الجامعات الأجنبية! كان الرصيف المواجه لمحل الكوافير يمتلئ يوميا بسيارات الشبح والبودرة.. والسيارات »الاسبور» آخر موديل.. تنافس مثير كان يدور بين زبائن المحل في الأناقة والسيارات ودفاتر الشيكات.. وكان المستفيد من هذا التنافس ثلاثة.. خزينة الكوافير والسايس وموظف أمن المحل! كانت كل واحدة منهن تستعرض نفوذ زوجها وسلطاته وعلاقاته.. ماعدا نخبة من الهوانم الحقيقيات زوجات كبار المسئولين في الدولة. نادرا ما تتحدث إحداهن مهما رغت معها إحدي الهوانم المدعيات! أما وقت التنافس والتفاخر فكان دائما تحت، »السيشوار».. تجلس الهانم تحت »السيشوار» وهي تدخن السجائر المستوردة وتطلع علي المجلات الفنية.. بينما تقوم بعض الفتيات بتقليم الأظافر أو طلائها. وتتولي مجموعة أخري مطاردة شعر السيقان الذي لم ينبت بعد! تحدثت إحداهن عن حفل زفاف الأسبوع الذي حضرته بالأمس وتكلف ملايين الجنيهات.. وحضره كبار نجوم المجتمع!.. وترد الأخري بمقارنة هذا الحفل بآخر حضرته هي في عوامة شهيرة تم تبطين جدرانها بحرير بلغ ثمنه نصف مليون جنيه تم استيراده خصيصا لهذه المناسبة.. وكان مهر العروس طائرة خاصة من عريسها الثري العربي المعروف! وتتدخل ثالثة في الحوار فتروي عن حفل الخطوبة الذي أقامه العروسان في واشنطن.. واستمرت فقراته في تقديمها ثلاثة أيام كاملة داخل خيمة كبيرة أقيمت علي مساحة خمسة فدادين وامتلأت بالشاليهات المخصصة للمدعوين من أمثالها! وكان »صفصف» يتحرك بينهن كالنحلة.. يطلب من إحداهن خدمة لجاره أو صديقه أو أحد أقاربه.. وسرعان ما تطلب الهانم من صفصف أن يمنحها ورقة بالبيانات لأنها أصبحت تنسي بشدة بسبب انشغالها ببرامج الكمبيوتر والإنترنت! مهندسون كبار.. وضباط شرطة برتب كبيرة.. وأطباء شبان.. كانوا يترددون علي صفصف ويرجونه أن يتفضل عليهم بالوساطة لدي الهانم الفلانية أو العلانية!.. كانوا ينادونه بصفوت باشا.. وكان يتحدث معهم بأسمائهم المجردة!.. هذا ضابط يخشي من نقله إلي الصعيد.. أو يريد النقل إلي القاهرة.. أو يريد النقل داخل القاهرة إلي مباحث الكهرباء أو التهرب الضريبي أو الأموال العامة أو الجوازات.. وهذا طبيب شاب لا يريد العمل في الوحدة الصحية بالريف.. أو يضطهده مدير المستشفي في القاهرة.. أو يريد العمل في مستشفي استثماري.. وهذا يريد شقة والقرعة لا تنصفه.. وذاك يريد تليفونا وباقي سنوات علي دوره! .. وذاعت شهرة »صفصف» الذي تصل الورقة التي تحمل خطه إلي بيوت كبار المسئولين الذين لا يؤخرون طلبا للهانم!. فإن لم تكن الهانم زوجة لمسئول كبير فهي زوجة لمليونير له نفوذ وعلاقات! .. لكن دوام الحال من المحال. موقعة زكي بدر! ارتكب »صفصف» غلطة عمره! وقع سوء تفاهم بينه وبين فنانة استعراضية كبيرة.. كان الغرور قد تمكن منه.. والكبرياء عرف طريقه إليه.. والتعالي سكن نبرات صوته.. لكن كل هذه الصفات لم تظهر إلا مع الناس دون الهوانم.. ويبدو أن شيئا ما دفع »صفصف» إلي إحراج الفنانة الاستعراضية لإرضاء زوجة مسئول كبير كانت تغار منها! كانت الفنانة الاستعراضية غاية في الذكاء.. استطاعت بمهارة شديدة أن تنقل ملف »صفصف» بالكامل إلي مكتب اللواء زكي بدر وزير الداخلية.. وزاد الطين بلة أن أحد مساعدي الوزير كان يتحين الفرصة للقضاء علي ظاهرة »صفصف».. قال مساعد الوزير للواء زكي بدر ما أثار غضبه.. وانفعاله.. وثورته: يا افندم أنا آسف إني أنقل واقعة حدثت أمام شهود موجودين علي قيد الحياة.. لقد وصل الأمر بهذا »الكوافير» إلي أنه ادعي قدرته علي التدخل في التعديل الوزاري القادم.. وأشاع أنه سوف يغير وزير الداخلية حينها يخبر زوجة مسئول كبير أن الشارع المصري أصبح يرفضه ويحلم بإقالته! استدعي زكي بدر الكوافير الشهير علي وجه السرعة! لا أحد يعلم ماذا دار في لقائهما.. لكن »صفصف» ترك مصر كلها ورحل مهاجرا بعد أيام قليلة من هذا اللقاء!.. أغلق المحل والمدرسة وحجز علي أول طائرة في آخر ليلة من حياة صفصف! وتصادف أن تم تشكيل وزاري جديد بعد أيام.. ولم يخرج زكي بدر.. وأدرك الناس أن »صفصف» تحول إلي وهم كبير في آخر أيامه! لكن هل ظهر »صفصف» آخر فيما بعد.. ربما! أبيض × أحمر كنت في برج العرب حيث الملحمة التي بدأت قبل أن تبدأ مباراة نهائي الكونفدرالية الافريقية.. ملحمة جيش وشرطة مصر وقد وضعا الجماهير في أعينهم رغم حر لا يطاق وصيام يحتاج الي صبر فرغم ان المسموح بدخولهم المدرجات كان خمسون ألفا إلا أن المتواجدين يزيدون علي ثمانين ألفا إلا أن جيش مصر العظيم وشرطتها الباسلة لم يعكننوا علي الجماهير وسمحوا بدخول الجميع، إلا ان الجزء الثاني من الملحمة كان مفاجأة لي شخصيا حينما فوجئت بالعشرات وربما المئات يرتدون الفانلات الحمراء وعليها شعار الأهلي.. ما أحلاه من مشهد.. ويا لها من روح رياضية تنبيء عن عظمة المصريين الذين حولوا بعض المدرجات الي لون واحد ابيض × أحمر .. أما أروع المشاهد فكان عناق الجميع اهلاوية وزملكاوية حينما رفع رئيس الزمالك كأس افريقيا فوق أرض مصر.