ليالي رمضان في الوسط الفني قبل 40 عاما كانت أكثر احتفالا بهذا الشهر الكريم، فكان هناك حي بأكمله زاخرا بالملاهي وكانت رقعة هذا الحي تضم شارع عماد الدين وجزء من شارع الفجالة وشارع كلوت بك وشارع نجيب الريحاني، وكانت الملاهي تنتشر في هذا الشارع شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ورغم أنها كانت ملاهي بدائية إلا أنها كانت زاخرة بألوان من الفن. كان هناك ملهي ألف ليلة وليلة وكانت نجمته المطربة توحيدة، التي كانت تحتفل بشهر رمضان احتفالا لا مزايد عليه، وهي أول مطربة اختارت أغاني مناسبة لرمضان، وكانت تغني هذه الأغاني بناء علي طلب الجماهير. وكان العمد والتجار وكبار الموظفين يقضون سهراتهم عندها وكان كل منهم يطلب الأغنية المفضلة عنده وكانت طريقة الطلب تتلخص في أنه يتقدم نحوها وفى يده كيس ملئ بالجنيهات الذهبية ويصيح قائلا: والنبي تقولي: "رمضان ياصايمين" ثم يترك الكيس فى حجرها. و"رمضان ياصايمين" أغنية راقصة من أغاني توحيدة التى كانت تغنيها خصيصا فى شهر رمضان، وكان المعجبون بتوحيدة يعبرون عن إعجابهم الجنوني بقذفها بالجنيهات الذهبية كما لو كانوا يقذفون الفول السوداني. ونترك ليالى رمضان عند توحيدة لنذهب إلى منيرة المهدية التى كانت تعمل فى ملهى بحي بير حمص المتفرع من الأزبكية، ثم انتقلت بعد ذلك إلى شارع عماد الدين، وكان المسرح لا يفتح أبوابه فى الليل قبل أن يجئ المقرئون ليتلون آيات الذكر الحكيم ثم يبدأ التمثيل وكانت منيرة، تختار روايات خاصة بمناسبة شهر رمضان. وكان هناك مسرح إسكندر فرح، ومسرح جورج أبيض وعلى الكسار ونجيب الريحاني، الذي كان يصر على أن يقدم فى شهر رمضان رواياته الغنائية التى لحنها سيد درويش وكانت تلقى نجاحا كبيرا. فى هذه الأيام كان محمد عبد الوهاب يسير فى أول طريقه، وكان ينافسه الشيخ حامد مرسي، الذى كان فى مثل سنه وكانت المنافسة بينهما على أشدها وكان يوسف شمعون، ولى أمر عبد الوهاب فى ذلك الوقت يؤلف ويلحن له أغاني خاصة برمضان، فكان سببا في أن يتفوق عبد الوهاب، على منافسه حامد مرسى. مركز معلومات أخبار اليوم: 31/3/1958