كل رجل أعمال في مصر هو فاسد بالضرورة، هكذا علمتنا السينما والدراما المصرية، مازالت الخطب العصماء عن الذين يربحون الأموال تحاصر عقلنا الباطن وتغذي فكرة فساد الاغنياء الحتمي. نحترم مفكرينا وعلماءنا الأوائل بينما قمنا بتأميم ومصادرة أموال وتاريخ رجال الأعمال الأوائل مثل عبود باشا وعبداللطيف أبورجيلة وسيد ياسين ملك الزجاج. قضينا علي كيانات اقتصادية كانت تنبئ بمصر أخري تماما من حيث الجودة والكفاءة،واستبدلناها بمصر القطاع العام وإن فاتك الميري اتمرغ في ترابه، وقد تناثر واختفي هذا التراب المزعوم ليحل محله الصدأ علي الماكينات المتهالكة في مصانع قطاع الأعمال حاليا. دهسنا بأقدامنا نظريات اقتصادية رائدة عن كفاءة التشغيل وجودة المنتجات لنقدم نظرية العامل الذي يحصل علي أرباح وحوافز في مصانع متوقفة أساسا عن العمل منذ سنوات طويلة. مرت السنوات وحاولنا الانتقال من تجربة إلي أخري،من انفتاح السداح مداح الاستهلاكي إلي نموذج هجين اشتراكي بلا خدمات ورأسمالي بلا ضمانات، ولم نحقق رفاهية المستهلك المزعومة بل تدهورت أحواله كثيرا. الثمن الغالي دفعه للأسف رجال الأعمال الشرفاء،لأنهم باتوا في حيرة من أمرهم بين حكومة تقيم المشروعات الكبري وتدعو إلي الاستثمار فيها، وشعب معظمه ينظر إلي كل مستثمر بشك وريبة معتبرا إياه فاسدا بطبيعته. ولِمَ لا وهو يشاهده في السينما ينفث دخان السيجار ويشرب الخمور علي حمام السباحة بجوار الفاتنات والبودي جاردات ويقدم الرشاوي للجميع دون تمييز. نعم هناك رجال أعمال فاسدون ولكن ماذا عن معشر المحامين والأطباء والمهندسين والمكوجية والسباكين ورجال الدين ؟؟؟ ألا يوجد بينهم فاسدون؟؟ كل مهنة في العالم بها الصالح والطالح، لكن في حالتنا تسبب التعميم في تشويه قطاع بأكمله من المفترض أن يقود قاطرة التنمية مع الحكومة. لدينا نماذج مخزية أيضا من الحرب الشعبية ضد المستثمرين الأجانب مثل واقعة إندوراما شبين الكوم وعمر أفندي وطنطا للكتان وغيرها،وتحملت الموازنة غرامات بالمليارات لغسل سمعتنا من هذه الإساءات تجاه أناس يوفرون فرص العمل لأبنائنا ويدفعون الضرائب لموازنة تئن من ضغوط جيش إداري قوامه 6 ملايين موظف بعضهم لا يذهب إلي عمله منذ سنوات إلا لحضور إضرابات واعتصامات صرف الحوافز والأرباح، رجال اعمال آخرون تعرضوا للحبس والإهانة بعد يناير وحصلوا علي براءات كتبت في الصحف بما يشبه الحبر السري، غادر بعضهم البلاد ولم يعد حتي الآن وبقي البعض الآخر يمارس نشاطاته بخوف شديد من تغير الأحوال مجددا ولسان حالهم:الفاسدون في كل المجالات ولكننا وحيدين ندفع الثمن.