يوماً بعد يوم تحتل مواقع التواصل الاجتماعي ارضاً جديدة في فضاء حياتنا، وتكتسب قوة أكبر في التحكم في توجهاتنا والتلاعب بمشاعرنا وأفكارنا.. هذه القوة جعلتها كارتا انتخابيا رابحا، خاصة مع ما يثار من ضجة، لم تحسم بعد، حول الدور الذي لعبته تلك المواقع في انتخابات الرئاسة الأمريكية بعد أن تم استغلالها كمنبر للتشويش علي الحملات الانتخابية للمرشحين وترجيح كفة مرشح دون آخر، كما يقال. لهذا لم يكن مستغرباً ما كشفه تقرير لمجموعة مراقبة تدعي Big Bots والمعنية برصد شبكات التواصل الاجتماعي، من وجود آلاف الحسابات الوهمية علي مواقع التواصل الاجتماعي تستخدم للترويج والدعاية لحزب الليكود ورئيسه نتنياهو قبيل الانتخابات المقررة الثلاثاء القادم. ورغم نفي الحزب لهذه الادعاءات التي تداولتها كبريات الصحف الإسرائيلية إلا أن الوقائع تقول إن أكثر من 130 ألف تدوينة باللغة العبرية تم نشرها علي موقعي فيسبوك وتويتر في فترة وجيزة، وحققت 2.5 مليون زيارة في إسرائيل، وكان الغرض الوحيد منها امتداح نتنياهو ونشر معلومات كاذبة عن خصومه. ووفقًا للتقرير، ترتبط هذه الحسابات المزيفة بشخص يدعي إسحاق حداد، وهو أحد »مرتزقة» الإنترنت، المعروف بتأجير خدماته ونشاطه »النتاّوي» لخدمة من يدفع. وقد أقر هو نفسه في تصريح له بأن تطويع مهارات الإنترنت للتخديم علي المصالح السياسية بات مهنة تدر الملايين، خاصة في المواسم الانتخابية. والحقيقة أنه علي مدار الزمن كان لكل انتخابات ألعابها.. فالبعض يلجأ للرشاوي الانتخابية سواء مالية أو عينية، والبعض يلجأ للبلطجة وفرض نفسه بالقوة، والبعض الآخر يلجأ لتشويه الخصوم، وبعض رابع يلجأ لاختلاق أزمة خارجية لاستعطاف الداخل.. أما اليوم فبات هناك لعبة جديدة هي »الذباب الإلكتروني» وهو المصطلح الذي استحدث لوصف الحسابات المبرمجة التي تهدف لتوجيه أو تغيير اتجاه الرأي العام إلي فكر معين. المخيف أن هذا »الذباب الإلكتروني»، وهو أحد أدوات الجيل الخامس من الحروب، وسيلة لا جدال عليها لتزوير الإرادات والانتخابات ولكنها لازالت تكتسب قوة يوماً بعد يوم، وتنجح فيما فشل فيه سابقوها لتخرج بصحيفة بيضاء من جريمة »تضليل» العقول.