اقتحمت التكنولوجيا كل مناحي الحياة في مصر، أصبح الإنترنت والفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي شريكاً في كل الأحداث. وها هي الدعاية الانتخابية تجد لها سوقاً رائجة عبر هذه النافذة الجديدة، فقد اقتحمت إعلانات المرشحين انتخابات مجلس الشعب 2015، فضاء الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بل إن هناك شركات متخصصة بدأت تعلن عن نفسها لإعداد الحملات الانتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الإشكالية التي تواجه هذا النوع من الدعاية هي أنها غير محسوبة ضمن تكاليف الدعاية الانتخابية التي حددها القانون ب 200 ألف جنيه في المرحلة الأولي، و100 ألف في حالة الإعادة، ولا يمكن السيطرة عليها خاصة أنها قد تستخدم في الدعاية وأيضاً في التشهير بالآخرين دون عقاب، ومن هنا يطالب الخبراء بضرورة وجود تشريع لتنظيم هذا النوع من الدعاية، والتي أثبتت الأحداث فاعليته واستخدامه علي نطاق واسع في كافة الانتخابات، ومع ازدياد التطور التكنولوجي وزيادة عدد مستخدمي الإنترنت في مصر والذين يصل عددهم الآن إلي 25 مليون مستخدم، فمن المتوقع أن يتم التوسع في استخدام هذه الوسائل في الدعاية الانتخابية. ظاهرة جديدة انتشرت خلال الفترة الماضية ألا وهي الدعاية الانتخابية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فلم تعد الدعاية مقصورة علي الملصقات واللافتات التي تملأ الشوارع والحارات الصغيرة، إنما اقتحمت أيضا فضاء الإنترنت، والذي أصبح منافساً قوياً لوسائل الدعاية التقليدية، حتي قبل فتح باب الدعاية رسميا، وهو ما جعل غرفة صناعة الدعاية والطباعة باتحاد الصناعات تتوقع تراجع حجم الإنفاق علي الدعاية الانتخابية مقارنة بالانتخابات الماضية بسبب هذا الوافد الجديد، وتوقع خالد عبده رئيس الغرفة في تصريحات صحفية ألا يزيد حجم الإنفاق علي الدعاية في الانتخابات المقبلة في صورة بانرات ومطبوعات علي 60 مليون جنيه، مقارنة ب 120 مليونا تم إنفاقها خلال الانتخابات البرلمانية السابقة علي هذا الغرض. ونتيجة لهذا الإقبال الشديد من المرشحين علي إنشاء حسابات علي مواقع التواصل الاجتماعي خاصة «الفيس بوك»، ظهرت مئات الصفحات التي تحمل أسماء وصور المرشحين وبدأت الكتائب الإلكترونية التابعة لهم في نشر هذه الصفحات، ومحاولات التواصل مع الجماهير خاصة الشباب من خلالها، فظهرت صفحات تحمل أسماء المرشحين أنفسهم، وأخري تحمل اسم ائتلاف دعم النائب .. أو مرشحكم لمجلس النواب 2015، ورغم ان الحسابات علي «الفيس بوك» مجانية، إلا أنه ظهرت شركات راحت تعلن عن نفسها علي المواقع لإدارة الحملات الانتخابية، وعمل حساب علي «الفيس بوك» وراحت إحدي هذه الشركات تستعرض تاريخها في مجال الدعاية الانتخابية، مشيرة إلي أنها قامت من قبل بحملة الدعاية للرئيس عبدالفتاح السيسي في 25 محافظة، بالإضافة «لحملة وطن» لمراد موافي، وحملة الدعاية للواء عمر سليمان، بينما أكدت شركة أخري أهمية الإنترنت في تغيير مفهوم الدعاية الانتخابية من اللوحات التقليدية إعلانات علي أكبر مواقع الإنترنت ومحركات البحث مثل جوجل، وأشارت إلي أن الحملات الإعلانية للمرشحين علي عالم الإنترنت أصبحت من أساسيات الدعاية، وأكدت أن طرق الدعاية التقليدية لم تعد تجدي نفعاً مع الناخبين لضعف ثقتهم في هذه الطرق، ناهيك عن التكلفة الباهظة جدا لها، من ناحية أخري لجأ بعض المرشحين لوسائل دعائية أخري عبر بث أفلام عن أعمالهم في دوائرهم من خلال «اليويتوب» وقنوات الأفلام المختلفة. كما أن هذه الوسائل الدعائية الجديدة هدفها كسب ثقة الناخبين والحصول علي مقعد البرلمان، إلا أن هناك بعض الإشكاليات التي تواجهها مثل استخدامها للتشهير بأحد المرشحين، أو الإساءة إلي المنافسين الآخرين وهو ما يحذر منه الدكتور عادل عامر مدير المركز المصري للدراسات السياسية والقانونية، مشيراً إلي ان الدعاية الانتخابية من الأمور المهمة جدا التي ينظمها قانون مباشرة الحقوق السياسية، ولذا نظم قانون مباشرة الحقوق السياسية الدعاية الانتخابية، ونص علي عدم التعرض للحياة الخاصة، وعدم استخدام الدعاية الدينية، وعدم استخدام المنشآت العامة والحكومية في أعمال الدعاية، ولكن القانون غفل الدعاية من خلال وسائل الاتصال الحديثة، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم تعتبر هذه النقطة ثغرة في القانون، حيث إن الدعاية علي «الفيس بوك» ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منتشرة وتصعب السيطرة عليها، ومن ثم يجب الإسراع في إصدار القانون الذي اقترحته وزارة الداخلية من قبل لتنظيم النشر علي مواقع التواصل الاجتماعي. السب والدعاية أما المستشار بهجت الحسامي المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد فقد أكد أن الإساءة للآخرين مجرمة قانونا بحكم القانون وفي أي وسيلة من وسائل النشر وفقا لمواد القانون أرقام 305 و306 و307، ومن ثم فأي إساءة لأي شخص عبر أي قناة إعلامية تعتبر سباً وقذفاً يعاقب عليه القانون، أما الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهي في حاجة إلي تنظيم لأنه مجال مفتوح تصعب السيطرة عليه، والتكلفة فيه غير واضحة ولا يمكن حسابها، حيث إن البعض يعتقد ان هذه الحسابات مجانية ولكنها لا تكون كذلك دائما، كما أنه يتم عمل حسابات وهمية باسم أشخاص مؤيدين للإيهام بشعبية زائفة لهذا المرشح، كما أن التطور في استخدام الفوتوشوب قد يوحي للبعض بإساءة استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لذلك فلابد من وجود جهاز تنظيمي يقوم بمراقبة عملية الدعاية عبر هذه الوسائل الحديثة، علي أن يتم تزويده بما يحتاج من أجهزة تقنية تمكنه من الوصول لأي شخص يقوم بالنشر السيئ أو مخالفة القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فيما يري البرلماني السابق محمد أبوحامد أن مواقع التواصل الانتخابي فرضت نفسها علي الخريطة السياسية منذ ثورة 25 يناير، وكان الإخوان هم أول من استفاد منها في الانتخابات سواء للدعاية أو لتشويه الخصوم، ومع ذلك يري أن هذه الوسائل لن يكون لها تأثير ضخم في الانتخابات البرلمانية، لأنها لا تصل للغالبية العظمي من الناخبين، الذين مازالوا يفضلون التواصل المباشر مع النواب في الشارع، وأضاف أن خطورة هذه الوسائل ستكون في الإساءة للآخرين ورغم ان هذا الفعل مجرم وفقا للقانون، إلا أن هذه الأفعال يقوم بها أشخاص من خلال حسابات وهمية يصعب تتبعها، ولذلك لابد أن تكون مباحث الإنترنت علي أتم استعداد للتعامل مع مثل هذه القضايا خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.