أعمدة الإنارة غرقت في الأهمال وعدم الصيانة مبان..مؤسسات..معدات وأجهزة..طرق وكباري.. تتكلف الملايين ولا نخصص مليماً لصيانتها أسلاك عارية وأبوب مهشمة أعمدة الإنارة والمحولات..صعق بدون إنذار من حين لآخر نستيقظ علي كارثة مروعة يروح ضحيتها أبرياء ، دماء تسيل دون أي ذنب ، ونتكبد خسائر بلا أي مبرر ، والنتيجة تدمير أصول إنتاجية وخدمية ومرافق ومبان خاصة وحكومية ، انهيارات متكررة لعقارات ومبان عفّي عليها الزمن ، رغم حداثة إنشائها ، أعمدة أنارة ومحولات كهرباء تصعق الأطفال والكبار ، أجهزة طبية أصبحت غير صالحة فتقتل المرضي ، أتوبيسات عامة وميكروباصات ووسائل نقل جماعي »غير آدمية» الإهمال دمرها ، طرق سريعة ومطبات عشوائية وكباري تئن وتحتاج إلي »نظرة» تتسبب في إزهاق أرواح المواطنين في حوادث الطرق ، بل إن الأمر وصل إلي التلاعب بحياة التلاميذ فأصبحنا نسمع كل فترة عن تلميذ لقي مصرعه بسبب سقوط سور أو شباك أو باب عليه داخل المدرسة ، ومع كل حادث كبير يحدث نسارع دائماً في البحث عن »شماعة» أو كبش فداء وعادة ما يكون موظف أو عامل ، ونتعمد إخفاء السبب الرئيسي وهو غياب الصيانة ، تلك الفريضة الغائبة عن جميع المصريين ، أفرادا ومؤسسات ، رغم خطورتها لكننا نستهين بها ، حيث تختبئ وراءها كل مسببات الفواجع والخسائر والانهيارات.. »الأخبار» تفتح ملف الصيانة الغائبة عن حياة المصريين،وتتبني حملة تحذر فيها من خطورة ثقافة إهمال الصيانة. أعمدة الإنارة.. هنا كلمة السر تتجلي بوضوح تام في الأسلاك »العارية » التي تخرج من تلك الأعمدة المنتشرة في الشوارع والميادين الكبري.. مشهد يقشعر له كل من يمر أمامها.. تصيبه الصاعقة الكبري دون أن يلمسها.. فذلك المشهد لا يري إلا في الأفلام فقط أما أنه يصل إلي الحقيقة فهذا هو قمة الخيال.. خطر يداهمنا ونراه بأعيننا يحاوطنا من كل اتجاه في كل مكان نذهب إليه.. ولكن هنا السؤال يبادرنا مسرعا قبل أن نفكر.. لماذا ننتظر في إعداد خطة كبيرة لصيانه أعمدة الإنارة وإخفاء أسلاكها » العريانة » ؟ فتأتي الإجابة أيضا مسرعة بأننا في انتظار وقوع طامة كبري حتي نتحرك لإصلاحها.. فهي عبارة عن فخ قاتل ينتشر في شوارعنا.. سكنها الدائم داخل أكشاك محولات الكهرباء وأعمدة الإنارة التي تطل منها الأسلاك حاملة الموت، وتكون مهمتها الرئيسية هي صيد فريستها الضالة من خلال المنتشرين حولها من المارة.. »الأخبار» قامت بجولة في شوارع القاهره الكبري وبدأنا بأحد الشوارع الموصلة لميدان لبنان فاستوقفتنا مفاجأة محزنة هبطت علي أنظارنا وكأننا في حلم سيئ ليس سواه فكل أعمدة الإنارة المتواجدة في ذلك الشارع الطويل أسلاكها » عريانة » موجودة هنا في الطل وسط سير المارة علي الأرصفة المتواجدة عليه ومعه السيارات، فلو وقع ماس كهربائي لتصبح الكارثة عظيمة والضحايا أعظم.. مشهد حين تراه تشعر وكأنك تعيش في مدينة لا يحاوطك فيها سوي مخاطر عديدة في مقدمتها الأسلاك العارية لأعمدة الإنارة.. ومن ميدان لبنان لشوارع وسط البلد ».. يا قلبي لا تحزن ، فشوارعها العتيقة التي ينبغي أن تكون عنوانا لكل من تسوقه قدمه للسير فيها تحولت أعمدة الإنارة فيها إلي هياكل فقط ومعها مجموعة من الأسلاك التي تفتك بكل من يقترب للسير بجانبها.. أطفال في عمر الزهور وشباب في مقتبل أعمارهم صعقتهم تلك الأسلاك في كل مكان كمن يدهس بسمات هؤلاء بأقدامه وكل ذلك بدون إنذار.. ليست أعمدة الإنارة هي الوحيدة صاحبة الأسلاك العارية إنما هناك شقيقة لها وهي أكشاك محولات الكهرباء التي دائما ما نراها تحتاج إلي صيانة وأسلاكها تشبه إنسانا يخرج لسانه كيدا في الآخرين.. وقد أثبتت بعض الدراسات التي أجريت في بريطانيا وأمريكا أن كل من يعيشون بالقرب من كابلات ومحولات الكهرباء وأسلاكها العارية يتعرضون أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بمرض السرطان ب 11 مرة.. وأكدت تلك الدراسات أن إقامة الأطفال بالقرب من المحولات والكابلات الكهربائية تعرضهم لخطر الإصابة بسرطان الدم.