■ الحكومة البريطانية تستعد لنقص مفاجىء فى السلع والبضائع فى حالة الخروج بلا اتفاق نجت رئيسة الوزراء البريطانية »تيريزا ماي» من تصويتٍ علي مذكرةٍ بحجب الثقة عن حكومتها تقدمت بها المعارضة العمالية عقب هزيمتها في مجلس العموم البريطاني في التصويت علي اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، فقد صوتت غالبية ساحقة ضد الخطة التي توصلت إليها ماي مع الاتحاد الأوروبي، لضمان خروج سلس لبريطانيا منه. وتمثلت المفاجأة في وقوف عدد كبير من نواب حزب المحافظين نفسه ضد خطة رئيسة الحكومة، وهو ما يمثل أسوأ هزيمةٍ تُمني بها حكومة بريطانية منذ الأزمة المالية العالمية عام 1929. واستغل زعيم حزب العمال المعارض »جيرمي كوربن» الفرصة لتقديم مذكرة حجب الثقة عن الحكومة في محاولة لإسقاطها. وفي ظل فشل المعارضة في حجب الثقة عن حكومة ماي لم تعد احتمالية حدوث انتخابات عامة مبكرة حاليا أحد الاحتمالات الواردة. وتسعي رئيسة الوزراء البريطانية في الوقت الراهن لإيجاد حلول قابلة للتفاوض وتحظي بدعم كافٍ في مجلس العموم، إضافة إلي تركيز جهودها للوصول إلي شكل ما من أشكال اتفاق بريكست، يحظي بتأييد البرلمان. وفي هذا الإطار، عرضت »ماي» إجراء محادثات حزبية موسعة لتحديد المسار، وبدأت بالفعل سلسلة من الاجتماعات مع »كبار البرلمانيين»، بعد إبلاغها أعضاء البرلمان بأنها ستعود إلي المجلس بخطة بديلة هذا الأسبوع. وحدد مجلس العموم البريطاني موعدا للتصويت علي الخطة البديلة لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في 29 يناير الجاري. وتتجه النية في بروكسل لتأجيل التوقيع علي »بريكست»، المخطط له في 29 مارس المقبل، إلي موعد ما بعد انتخابات البرلمان الأوروبي يوم 23 مايو. ومع قرب موعد الانسحاب، تواجه المملكة المتحدة أعمق أزمة سياسية منذ نحو نصف قرن وليس معروفا كيف ستخرج من الاتحاد الذي انضمت إليه عام 1973 أو ما إذا كانت ستخرج منه أصلاً. ويشكك كثيرون في قدرة ماي خلال المهلة القصيرة المتبقية علي موعد بريكست، علي التوصل إلي اتفاق جديد ينال دعم الأغلبية البرلمانية، من حيث إقناع متشددي بريكست في حزب المحافظين أو إرضاء الأحزاب المعارضة، وعلي رأسها العمال. قرار البرلمان البريطاني برفض اتفاق الخروج وضع »تيريزا ماي» أمام سيناريوهات صعبة التحقق، كما وضع بريطانيا أمام أزمة كبري، عنوانها الرئيسي فقدان الثقة بمستقبل البلاد واقتصادها الذي يتوقع أن يتراجع هذا العام إلي المرتبة السابعة عالميًا. وعلي الرغم من معارضة الأغلبية البرلمانية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، إلا أنه يعد الاحتمال الأكبر في حال استمرت الأمور علي وضعها الحالي، الأمر الذي تتحسّب له الأوساط البريطانية وكذلك الأوروبية. واستعدادا لخروج فوضوي، استدعت وزارة الدفاع البريطانية جنود الاحتياط للخدمة لعام واحد، اعتبارا من فبراير المقبل. وقالت صحيفة »فاينانشيال تايمز» البريطانية إن »أحوال لندن ستكون أكثر سوءا في ظل جميع السيناريوهات المحتملة لخروجها من الاتحاد، وتتنبأ الدراسات الحكومية بأنه في حالة عدم الاتفاق، سينكمش اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 7.7% بعد 15 عاماً من خروجها بشكل غير منظم». أما في حالة إبرام اتفاقية شاملة للتجارة الحرة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستنخفض معدلات النمو البريطاني بنسبة 5% خلال الفترة نفسها، وسيكون الضرر أكبر إذا تراجعت الهجرة من الاتحاد الأوروبي. أمام ماي عدة سيناريوهات؛ منها أن تبحث مزيدا من التنازلات التي ربما يقدمها الجانب الأوروبي، بعد تيقّنه من وجود أغلبيةٍ برلمانيةٍ تعارض الخطة. من جهته، أبدي الاتحاد الأوروبي استعداده قبول اتفاق »بريكست» مختلف، لكنه قال إن ذلك مرهون بتغيير مطالب لندن الرئيسية. لكن هذا الاحتمال ضعيف، في ضوء صعوبة تأمين موافقة جميع الدول الأعضاء علي اتفاقٍ جديد، فضلًا عن عدم وجود ضماناتٍ بموافقة البرلمان البريطاني علي هذا الاتفاق. أما السيناريو الآخر فيتمثل في أن تتجه رئيسة الحكومة إلي استفتاءٍ ثانٍ حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو حتي انتخاباتٍ عامة مبكرة. لكن هذا السيناريو يحتاج موافقة أغلبية في البرلمان علي إجرائه. وفي كل الأحوال، تحتاج ماي إلي طلب تأجيل فترة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وتمديدها ليتاح لها مزيد من الوقت، وتتوصل إلي اتفاق أفضل. وبوسع ماي أيضًا أن تسحب طلب الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وقد قضت محكمة العدل الأوروبية بأنّه يحق لها ذلك، من دون موافقة الدول الأخري الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة يوجوف لقياس الرأي العام أن بريطانيا قد تصوت لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوروبي بفارق 12 نقطة مئوية إذا أجرت استفتاء آخر. لكن ماي تري أن هذا الخيار غير وارد، لأنه يعني تحدي إرادة الشعب.