قدَّر الله لمصر أن تكون نقطة ارتكاز محورية إقليميًا وجغرافيًا وعالميًا هذا إلى جانب ما تحمله تاريخيًا بين جنبات صفحاتها المشرقة.. سطور مشرقة لهذا الوطن العظيم جعلته مطمعًا للقاصي والداني لتصدق إشارة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام "إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندًا كثيفًا فإنهم خير أجناد الأرض"،"وإنهم في رباط إلى يوم القيامة.."، فما كان حديثًا يُفترى أو فتونًا يتردد بل كانت الإشارة النبوية لمكانة هبة النيل وعروس الشرق الأوسط وقلب القارة الافريقية، مصر مهبط الديانات ومهد الحضارات، مصر الفراعنة، الأنبياء، والمحروسة بآل البيت والصالحين، مصر مارية القبطية، مصر طور التجلي في سيناء المصير أمن مصر القومى والاستراتيجي. لقد استهدف الغزاة مصر منذ بداية التاريخ لأنها من البلاد التي أنعم الله عليها بالخيرات وبالكثير من الموارد الطبيعية، فكانت مطمعًا للجميع، حيث ينظرون إليها بعين الجشع والطمع، وجاءت حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 لتبرهن أن الشعب المصري منذ عهد الفراعنة حتى الآن يتمتع بالشجاعة ويأبى الذل والهوان مهما مرت به المحن والشدائد عبر التاريخ فهو أصلب من الشدائد وأقوى من المحن. إن حرب أكتوبر كانت ومازالت كنزًا ثمينًا من كنوز الدروس المستفادة التى نتعلم ويتعلم منها العالم وذلك لأن أحداثها مفاجئة، فهذه الحرب استعادت صرح مصر القوي اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا لتدفع الدم في العروق المصرية لاستكمال هذا البناء والمحافظة عليه والفخر بالانتماء له. فما أروع رجال هذا العبور وما أكرمهم ، لقد كانت تلك الفترة فى تاريخ مصر المُعاصر عبارة عن انتفاضة شعب مصرى وعربى أثبت للعالم أجمع قدرته على تحقيق النصر الذى أبهر العدو قبل الصديق، وأعجز وشل حركة قوة طالما تباهت بأنها لا تُقهر، واستعادت مصر هيبتها وكرامتها في السادس من أكتوبر بإحراز نصر عسكري رائع بعد أن عانت مرارة الهزيمة في حرب 67. لقد أعادت حرب أكتوبر المجيدة الثقة إلى الجيوش المصريّة، بل وإلى الشعوب العربية بعد أن فشلت في حروبها السابقة، فاستطاع الجيش المصري تحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي المجهز بأحدث الأسلحة، وأحدث الأجهزة في مجال الاتصال والتعبئة، ولم تكن حرب أكتوبر آخر الحروب التي خاضتها مصر بل خاضت مصر أعقاب أحداث 25 يناير 2011 حربًا شرسه للغاية القصوى استهدفت أمن مصر القومي من قوى عظمى خارجية حاولت إسقاط الدولة المصرية بأذنابها الداخلية التي أربكت المشهد السياسي والقومي ليمليشيات جاءت من شتى دول العالم الطامع وكادت أن تعلن ولاية سيناء من أبواق التكفير والتطرف، إلا أن جيشنا الباسل يسانده شعبه الأبي تصدى بكل حسم لخوارج العصر الذين أرادوا لمصر الخراب والدمار! وستظل مصر رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو متآمر عصية على الانكسار.