■ الليرة التركية تواصل تراجعها في الوقت الذي تواصل فيه الليرة التركية تراجعها،أخضع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان صندوق الثروة السيادي بتركيا لإشرافه المباشر، وخفضت وكالة »فيتش» للتصنيف الائتماني تصنيفها لأربعة بنوك تركية علي خلفية ازدياد مخاطر هبوط حاد للاقتصاد بعد انهيار الليرة. فقد عين إردوغان نفسه رئيساً ل»شركة صندوق الثروة السيادي» في البلاد، كما عين وزير الخزانة والمالية برات البيراق (وهو صهره في الوقت ذاته) نائباً له، وتم تعيين ظافر سونماز مديراً عاماً للصندوق، الذي تأسس في أغسطس 2016 برأسمال مستهدف يبلغ مائتي مليار دولار. القرار جاء ضمن سلسلة إجراءات يتخذها الرئيس التركي والحكومة في محاولة للسيطرة علي تباطؤ الاقتصاد بفعل تراجع قيمة الليرة التركية، والعقوبات الأمريكية. وكان نمو الاقتصاد التركي تباطأ إلي 5.2 في المائة بين أبريل ويونيو بعد أن كان 7.3 في المائة في الربع الأول للعام الحالي ولا يزال القلق سائدا حول قوة الاقتصاد التركي وإدارة السياسة النقدية في ظل الرئيس رجب طيب إردوغان. وأدي فرض عقوبات أمريكية علي وزيرين تركيين في أغسطس الماضي بعد خلاف بين الدولتين الحليفتين والمخاوف حول تعيين إردوغان صهره وزيرا للمالية، إلي انهيار الليرة أمام الدولار الأمريكي. ويواجه الاقتصاد التركي عدداً من الأزمات في الفترة الأخيرة مع الهبوط القياسي لليرة، وارتفاع معدل التضخم إلي أعلي مستوياته منذ 15 عاماً. وتري صحيفة فاينانشال تايمز ان متاعب تركيا الاقتصادية تهدد مشروعات إردوغان. وجعلت الرئيس التركي يضطر إلي إعادة التفكير في بعض المشروعات الكبري المفضلة لديه في محاولة للتصدي للأزمة الاقتصادية. وتشير الصحيفة إلي إن المستثمرين نظروا إلي قرار مفاجئ للبنك المركزي التركي برفع الفائدة إلي 24 في المئة كخطوة هامة للتعامل مع التضخم ولدعم الليرة التي تعاني من انخفاض كبير. ولكن المحللين حذروا من أن السياسة النقدية للبلاد يجب أن يصحبها خفض كبيرفي الانفاق الحكومي لاستعادة ثقة المستثمرين الأجانب. ومع ذلك اضطرت عدد من الشركات إلي اشهار افلاسها نتيجة إلي النقص الكبير في التدفق النقدي بالسوق، وارتفاع معدلات الفائدة إلي مستويات لم تكن بالحسبان من جراء الهبوط الكبير لليرة. كانت الليرة التركية فقدت قرابة 40 % من قيمتها خلال العام الجاري وتفاقمت الأزمة عقب اندلاع أزمة دبلوماسية بين أنقرةوواشنطن علي إثر استمرار تركيا في اعتقال القس الأميركي أندرو برانسون في إطار تهم متعلقة بالإرهاب. ويري الخبراء أن السوق التركية قد تشهد سلسلة من طلبات الإفلاس في السوق العقارية، إذا لم تتخذ الحكومة إجراءات محفزة، وفي حال لم يتمكن المستثمرون من الحصول علي القروض التي يحتاجونها لمواصلة أنشطتهم. مجلة »فورين بوليسي» الأمريكية تري أزمة الليرة التركية الأخيرة ليست إلا بمثابة رأس جبل الجليد، بينما تمتد جذورها إلي سنوات طويلة مضت، وأن الخلاف الأمريكي التركي الأخير لم يكن بدوره سببا أساسيا في التدهور الحاصل في تركيا؛ بل السبب الأبرز هو سياسات الرئيس التركي نفسه، والذي يحاول التنصل من ذلك عبر إلقاء اللوم علي الآخرين. وتؤكد أن تركيا تخوض معركة اقتصادية خاطئة حين تعتبر أزمة الليرة المتفاقمة منذ أشهر نتاجا صرفا للنزاع الدبلوماسي الأخير مع واشنطن، بينما ساهمت عوامل كثيرة في التدهور غير المسبوق لعملة البلاد.. وسيؤثر تدهور العملة بشكل كبير علي الشركات التركية التي تتلقي عائداتها بالليرة أو تملك أصولا بالعملة نفسها، إذ ارتفعت ديونها بشكل كبير علي اعتبار أنها ستسدد ما بذمتها بكل من الدولار واليورو. وفي المقابل، لن تتأثر شركات تركية محدودة بفضل اعتمادها علي استثمارات في الخارج. ويؤكد محللون اقتصاديون أن جذور أزمة الليرة التركية تعود بالأساس إلي السياسات التي انتهجها إردوغان لأجل استمالة الناخبين وكسب الانتخابات علي مدي أعوام طويلة. ورغم تفاقم الأزمة و تعهد قطر بدعم الليرة من خلال استثمار 15 مليار دولار، وتأكيد كل من فرنسا وألمانيا دعمها لأنقرة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تجتازه مؤخرا لم تتخذ تركيا إجراءات كفيلة ببث الطمأنينة في نفوس المستثمرين والمؤسسات الدولية حيث يصر إردوغان علي ربط الأزمة بالولايات المتحدة حتي يكسب تأييدا شعبيا وسط الإحباط والقلق ويستغل الخلاف المرير بين بلاده والولايات المتحدة لإلقاء اللوم في المشاكل الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد التركي علي عدو خارجي وليس علي المشاكل داخل بلاده.