فتيات العجوزة أثناء العرض المسرحي الصامت »البيت الكبير« حكايات إنسانية مؤثرة لعدد من فتيات قسي عليهن الزمن وتعرضن لظروف صعبة منذ الصغر كان الشارع بيتهن، واليأس صاحبهن، والضياع طريقهن، وكانت العتمة التي تسكنهن أقوي من العتمة التي تحيط بهن ومع ذلك قررن التحدي والتغلب علي كل الصعاب وتألقن في التعبير عن أنفسهن وقدمن رسائل للمجتمع من خلال العرض المسرحي الصامت »البيت الكبير» الذي قدمته فتيات العجوزة بمناسبة الاحتفال بمرور 10 سنوات علي عمل منظمة ساموسيسيال مصر المعنية بقضية الأطفال بلا مأوي بحضور غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي.. وفي السطور التالية تروي الفتيات قصصهن وتجاربهن علي حشبة المسرح. أصغر بنت تقول وفاء: أنا أصغر بنت بدأت حكايتي وأنا عندي 3 سنين، بس حكايتي تقول إن عمري 30 سنة، ولاد الحلال جابوني المؤسسة، والمؤسسة رفضتني عشان سني صغيرة ولو سمعوني كانوا عرفوا أني الأولي بالدخول، نقلوني كتير من دار لدار وفضلت حياتي كتير شنطة من مكان لمكان، لحد ما فجأة لقتني رجعت المؤسسة، وكمان دخلت المدرسة وفيها عرفت أن العمر مش رقم في الشهادة وأن دا مجرد حبر علي ورق، عرفت أن عمري الحقيقي هو اللي اتفرض عليا واللي كتبلي القدر أني أعيشه، أول يوم ليا في المدرسة هو بداية حكاية الكرافتة اللي كانت مكافأة مدرستي ليا عشان حفظت جدول الضرب وفي الحقيقة هي كانت الطريقة الأفضل علي الإطلاق عشان أتعلم الدرس الأهم في حياتي وهو أن التعليم سلاحي الوحيد والأوحد عشان أحقق كل اللي أنا نفسي فيه، ومن ساعتها وأنا مبطلتش مذاكرة لحد ما بقيت النهارده بكالوريوس سياحة وفنادق، مشواري في التعليم كان صعب ومشواري في حياتي كان أصعب، رضيت بالأمر الواقع وقلت أكيد دا الخير وبدأت أفكر فين طاقتي استخدمها، جاتلي الفرصة ولقتني مساعد مخرج في عرض »البيت الكبير» ووقت العرض لقتني بطلة من الأبطال. عبقرينو العرض »مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة» جملة بسيطة لخصت حال الطفلة شروق، لم تتوقع فتاة الثانية عشرة أن تشرق شمس يوم بأضواء حلمها علي مسرح المركز الثقافي الفرنسي، لتجد نفسها الفتاة عبقرينو ضمن العرض المسرحي »البيت الكبير» قالت شروق انا بنت زي أي بنت جوايا حاجات كتير حلوة بس مش عارفة منها ولا حاجة، أنا كان الشارع بيتي، واليأس صاحبي، والضياع طريقي، كانت كل حاجة حواليه عتمة أو يمكن العتمة جوايا أنا من كتر اللي شوفته في الدنيا، عمري 12 سنة بس كل يوم منهم ب 12 سنة، أخيراً بقي ليا بيت وأهل وأصحاب، لما اختاروني عشان ألعب الدور دا مكنتش مصدقة، أنا أصلي كنت بشوف الحاجات دي في التليفزيون، وكان نفسي فيها أوي بس قلت أكيد هيبقي مصيره زي مصير كل حلم حلم بيه قلبي وفاق فجأة علي كابوس أن معنديش فرصة أني أحلم، بس لما أختارولي دور عبقرينو كانت نضارتي في الحقيقة هي أداتي في المسرحية ضحكوا وقالولي انتي فعلاً عبقرينو ومن ساعتها وأنا اسمي »مجانص»، بس شروق كان نفسها متفضلش مجانص وبس كان نفسها تعمل أدوار تانية كتير كان نفسها البيت الكبير متبقاش آخر حاجة تعملها، طبعا ما اللي تقدر علي عبقرينو بعد 7 بروفات بس تبقي فعلاً عبقرينو، ولازم تنطلق، ولازم موهبتها تتشاف وتتقدر. الفن الصامت من جانبه أوضح مخرج العرض المسرحي »البيت الكبير» محمد عبد الله أهمية فن التمثيل الصامت، مشيداً بكونه فنا واسع الانتشار عالمياً، منتقداً محدودية ممارسته في الوطن العربي، ولكنه اعتبره الفن الأقرب لقلوب الأطفال عموماً ولاسيما الأطفال بلا مأوي تحديداً كونه فنا لا يعتمد علي الكلام بالإضافة لتغطية الوجه فيُجنب الأطفال رهبة المسرح والجمهور ويعطيهم الفرصة الكافية للتعبير عن شعورهم دون رهبة. مناخ تربوي ومن جانبه أكد حسني يوسف مدير البرنامج القومي لحماية الأطفال بلا مأوي أنه كأب يحمل علي عاتقه مهمة حماية الأطفال بلا مأوي، والعمل علي توفير أفضل مناخ تربوي لهم، مشيراً إلي أن مصاحبة الأطفال هي الطريقة الأنسب للتعامل معهم في ظل تحديات القرن 21 والابتعاد كل البعد عن أساليب العنف والقسوة في توجيه سلوك الطفل فمن غير المنطقي أن ندعو الطفل للأخلاق الفضلي بطريقة غير آدمية أو أن نخاطب عقولهم بطريقة تنتهك طفولتهم ونفسيتهم. وأشار يوسف إلي ضرورة التفات البرنامج القومي لحماية الأطفال بلا مأوي لمثل هذه الفنون خصيصا بعد أن أبلي الأبناء بلاء حسنا وكانوا علي قدر عال من الكفاءة والموهبة ووعد بمزيد من الاهتمام ليس فقط بهذا الفن وحسب بل بمختلف الأنشطة.