اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    رابطة مصنعي السيارات: انخفاض الأسعار مستمر حتى بداية 2026.. وحالة ركود في البيع    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    أسعار التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    ترامب: حان وقت فرض العقوبات على روسيا    السيسي يدعو إلى البدء في جهود إعادة إعمار غزة بمشاركة الدول الأوروبية    هند الضاوي: هناك استنساخ إسرائيلي واضح للتجارب الأمريكية في الحروب والأزمات    رد فعل مفاجئ من محمد صلاح بعد جلوسه بديلاً في مباراة ليفربول ضد فرانكفورت    «لازم تتعلموا من تجربة زيزو».. رسالة أشرف قاسم لمجلس الزمالك بشأن حسام عبد المجيد    أعمدة الدخان غطت سماء المنطقة، حريق هائل قرب المعهد العالي للعلوم الإدارية بالشرقية (فيديو)    «توخوا الحذر».. تحذير شديد من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم: 3 ظواهر جوية تضرب البلاد    طفل دمنهور يلحق بشقيقه.. مصرع طفلين سقطا من الطابق التاسع في البحيرة    والد المتهم تستر على الجريمة.. مفاجآت في قضية طفل الإسماعيلية يكشفها المحامي    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    «لدرجة أنها تجري وتهرب وتختبئ».. منى الشاذلي تعلق على وصف الجمهور ل حنان مطاوع ب«المغرورة»    عليك أن تفرض حدودك.. حظ برج القوس اليوم 23 أكتوبر    قرمشة من برة وطراوة من جوة.. طريقة تحضير الفراخ الأوكراني المحشية زبدة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    دوري أبطال آسيا 2 - النحاس يخسر في المباراة الأولى مع الزوراء.. والنصر ينتصر بغياب رونالدو    أبطال أوروبا - بايرن ميونيخ لا يتوقف عن الفوز.. وتشيلسي يكتسح أياكس بخماسية    دوللي شاهين تحقق أول مليون مشاهدة على «يوتيوب» بكليب «ترند»    د.حماد عبدالله يكتب: " للخصام " فوائد !!    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    ماشوفناش بعض من ساعة، علي الحجار يمازح المايسترو أحمد عاطف بمهرجان الموسيقى العربية (فيديو وصور)    أحمد ساري: الاتحاد يستحق الفوز على الأهلي.. و«جنش» تعرض لظلم كبير    عضو الإسماعيلي السابق: نصر أبو الحسن أدخل أموال لحساب النادي دون قرار إداري    جامعة فرجينيا تتوصل إلى اتفاق لوقف التحقيقات التي تجريها إدارة ترامب    ضياء رشوان: مصر أصبحت من شركاء الاتحاد الأوروبي.. والأوروبيون لا يجاملون أحدا    علي أبو جريشة: إدارات الإسماعيلي تعمل لمصالحها.. والنادي يدفع الثمن    محافظ البحر الأحمر: 75% من إنتاج بترول مصر يخرج من رأس غارب    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    انضمام 12 عالمًا من جامعة المنصورة إلى عضوية اللجان الوطنية بأكاديمية البحث العلمي    توجيهات بإنشاء صالة لياقة بدنية متكاملة لخدمة طلاب جامعة المنيا    توزيع مستلزمات مدرسية على الطلاب الأكثر احتياجا في دمياط    رئيس جامعة بنها يطمئن على طلاب كلية الفنون التطبيقية المصابين في حادث أسوان    إيناس جوهر رئيسًا لجنة إعلام الخدمة العامة.. وعمرو خفاجي مقررًا    الخارجية الفلسطينية: لن يكون لإسرائيل أي سيادة على الضفة والقدس والقطاع    يويفا يعلن قائمة الأسرع فى دورى أبطال أوروبا وسرعة محمد صلاح القصوى    تامر حبيب يشيد بفيلم «السادة الافاضل» بعد عرضه في مهرجان الجونة    المتروبوليتان يحتفى ب «آلهة مصر القديمة»    طرح البوستر الرسمي لفيلم "قصر الباشا" بطولة أحمد حاتم    مدبولي يواصل تبرير رفع أسعار الوقود بأرقام مضللة..انخفاض البترول يفضح أكاذيب تكلفة السولار ب 20 جنيها    مصرع رسام الشارع الاخرس صدمه قطار بالمنيا    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    هل يجوز احتساب جزء من الإيجار من زكاة المال؟.. أمين الفتوى يجيب    تجديد حبس صاحب محل موبايلات في «جريمة المنشار بالإسماعيلية» 15 يوما    صور| مصرع شابين سقط بهما مصعد كهربائي بطنطا    صندوق استصلاح الأراضى بالوادى الجديد يوافق على جدولة ديون المشروعات الزراعية    نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى يشهدان افتتاح مؤتمر الجمعية المصرية للصدر    محافظ شمال سيناء يستقبل نائب وزير الصحة لبحث جاهزية المنشآت الصحية (صور)    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    "وان أوف وان" تطلق مشروعين جديدين في الشيخ زايد والتجمع السادس    فى ذكرى تدمير المدمرة ايلات ..اسرائيل : "ضربة موجعة" لإسرائيل في أعقاب حرب 1967    الرقابة المالية تمد وقف تلقي طلبات التأسيس لنشاطي التمويل الاستهلاكي ومتناهي الصغر بالطرق التقليدية لمدة عام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد خان..إياك أن تخون حبك للسينما
نشر في أخبار السيارات يوم 25 - 08 - 2018

صورة تجمع بين محمد خان وسعيد شيمي أثناء تصوير فيلم » الرغبة «
في عوالم محمد خان حوار غاية في الخصوصية بين المرء وذاته.. تستعيده في عدة مشاهد متفرقة من أفلامه الروائية الأربعة والعشرين.. حين تغمض نجوي أو نوجا عينيها في آخر مشاهد »شقة مصر الجديدة»‬ لتكرر رقم يحيي لتنبئك بأن هناك سعادة قادمة نتمناها جميعا دون يقين بحدوثها.. ثم حين تستمع لأنفاس فارس اللاهثة طوال الفيلم .. فارس المتشبث بالحلم حتي آخر لحظة قبل أن يترجل وينسحب عن الساحة محتفظا بلقب »‬الحريف».. أو حين يصلك صوت أنفاس جابر في »‬الرغبة» الشاب الذي فقد رجولته في الحرب .. والذي يفرغ كل طاقته في العجلة الثابتة التي يجري عليها دون أن يتحرك قيد أنملة.. ذاك السر الذي يتقاسمه فقط مع المتفرج دون أن يسمح لأحد أن يقترب منه.. نظرته للمبة المعلقة في السقف حين يخبره الطبيب بعجزه .. انتقالا لقرص الشمس الحارق في أرض المعركة .. ذلك الضوء الكاشف لم يكن حانيا .. علي العكس كان قاسيا ملهبا ليقود إلي الضياع مذكرا إيانا ببطل رواية »‬الغريب» لألبير كامو ذلك النص الأدبي الذي حلم خان بتقديم عمل مقتبس عنه دون أن يفعلها .. أسرار عدة يدركها المشاهد متواطئا مع الأبطال أو شاهدا عليهم .. وحدنا ندرك تلك اللحظة بين التردد واتخاذ القرار بينما تلتهم نوال المسقعة المسمومة بشغف يغري زوجها عزت بالطمأنينة.. طمأنينة مزيفة تتهاوي حين يكتشف أن الطعام مسموم.. ثم حالة الضعف الإنساني حين تلتهم ماجدة المرأة المهزومة في أنوثتها النوتيلا بنهم يناقض جمود علاقتها بزوجها في »‬قبل زحمة الصيف».
خان الذي يقترب للغاية جدا من عوالم النفس البشرية ليكاد يمسك بتلابيب انفعالاتها .. حتي في أكثر تلك اللحظات خصوصية.. إذ ربما يرجع ذلك لاهتمامه بالإنسان .. فالشخصية هي نقطة الانطلاق وليست الحكاية.. أو حسبما ذكر ذات مرة في كونه يخلق القصة علي شخص، فالحريف هو سعيد الحافي الذي كان يلعب الكرة الشراب وهو حافي القدمين والذي كان يسافر من بلدة لبلدة ليلعب الكرة مقابل بعض النقود، أما بطل »‬طائر علي الطريق» فقد استوحاه خان من بواب العمارة المقابلة في فترة الانفتاح الاقتصادي .. ذلك الرجل الذي ابتاع سيارة بيجو يشغلها لحسابة .. أما شخصيات »‬أحلام هند وكاميليا» فمبنية علي شخصية المربية التي شاهدها خان في بيته .. حتي »‬موعد علي العشاء» كان وليد خبر قرأه محمد خان عن زوجة تقتل زوجها بالسم .. ثم »‬ فتاة المصنع» الذي بدأ بجملة أخبرها خان لكاتبة الفيلم وكذلك زوجته وسام سليمان »‬أريد أن أقدم فيلما عن عاملة بمصنع» .. وهكذا يفرض الإنسان برحلته المليئة بمعاناة وجوده علي أفلام خان جميعها.
ومحمد خان هو أستاذ التفاصيل بلا منازع .. عوالمه كالدانتيلا.. يقترب حتي تتأمل معه تفاصيل الأصابع المرتبكة والمنتظرة .. النظرات المتبادلة .. انعكاسات أبطاله في المرايا .. يقترب حتي يقف في تلك المنطقة الفاصلة بين المرء وروحه ليتصنت علي تفاصيل الصراع الإنساني .. ثم يبتعد جدا لتري المشهد بالكامل في الممرات الطويلة والردهات الصامتة .. في الشوارع وحواديتها ثم المدينة بالكامل ومعاناة الإنسان التائه في الرحلة .. يُشرح بنعومة مواجع المجتمع .. ما بعد النكسة .. ما بعد الانفتاح .. ثقافة الاستهلاك والسوبر ماركت .. المدينة في مواجهة القرية .. وغير ذلك
وللمرأة في عوالم خان مكانة متميزة .. نساؤه تملك قوة وحيوية مدهشة .. إنها خيرية أو خوخة في »‬خرج ولم يعد».. إنها هند وكاميليا اللتان فقدتا كل شيء لكن احتفظتا بقدرتهما علي المقاومة التي رمز خان لها بتلك الطفلة الصغيرة التي تحمل وعوداً بغد أفضل .. تلك القدرة الهائلة علي المقاومة تتضح في حالة البهجة والسعادة حين تعثر هند وكاميليا علي الطفلة »‬أحلام» بعد أن فقدن الذهب والنقود .. فالأحلام هي ما يتبقي وهي الدافع للاستمرار والبقاء.. لينتهي الفيلم بكادر عظيم حيث تتشابك أيدي هند وكاميليا التي تحمل أحلام تاركتين وراءهما رمال الشاطئ متجهتين إلي البحر بكل تلك الأحلام التي يحملوها لتستمع في تلك اللحظة إلي كلمات وألحان العبقري عمار الشريعي »‬ يا صغيرة يا انتي يا قطرة ندي .. رحتي كدا .. جيتي كدا .. إحنا وراكي مهما يخفيكي الضباب.. يا كبيرة يا انتي أد عمر الزمان .. اتململي .. اتزلزلي .. إحنا وراكي مهما دوبنا العذاب.. ابتسمي نجري فرحانين .. بكل أشواق السنين .. تملانا بسمتك حنان في دار حنين» .... إنها هيام في »‬فتاة المصنع» التي ترقص في نهاية الفيلم في فرح الرجل الذي أحبته وفي مواجهة كل تلك القيود التي تضع قدمها علي رقبة الأنثي في المجتمعات الشرقية لتذكرنا بمقولة جلال الدين الرومي »‬ارقص.. وانْ لم تزلْ جراحكَ مفتوحة.. ارقصْ.. وانْ مُزِّقتْ ضمَّاداتك.ارقصْ.. وأنتَ تخوضُ القتَال.ارقصْ.. في دمائك .. ارقصْ.. وأنتَ حرٌّ تماماً».
في حب سينما محمد خان
في سينما محمد خان الموسيقي أيضا بطل أساسي.. »‬حين استمعت إلي الموسيقي التصويرية لفيلم الحريف .. دمعت عيني» .. بهذه العبارة استعاد الفنان الكبير سعيد شيمي ومدير التصوير ذكريات كثيرة مع رفيق طفولته وصديق عمره محمد خان .. مضيفا »‬اختار محمد خان موسيقي (الشوارع حواديت) التي قام بتأليفها الموسيقار هاني شنودة كموسيقي تصويرية لفيلم الحريف» .. وقد اختار شيمي بدوره تلك الموسيقي لترافق رواد معرض »‬في حب سينما محمد خان» الذي نظمه شيمي في محبة صديق عمره واستضافه جاليري الهناجر مؤخرا في الذكري الثانية لوفاة محمد خان.
ويضيف شيمي: حين كنا صغارا كنا نذهب أنا وخان معا لحمام سباحة بقصر عابدين، فعقب الثورة قامت الحكومة بإسقاط بعض الأسوار وفتحت حديقة القصر للعامة، أما حمام السباحة الخاص بالملك فاروق فقد فُتح أيضا أيضا أمام الجمهور بمقابل رمزي، وكان المكان قريب مننا حيث كان خان يسكن بعمارة بأرض شريف، وحين كنا نذهب لنستحم هناك كان يأخذ معه جرامفون صغير يشغل عليه الموسيقي ..ويضيف شيمي: ولع خان بالموسيقي ليس غريبا عليه فبالإضافة إلي حبه للموسيقي منذ طفولته، فإن سفره للندن وحياته بها سنوات طويلة قد فتحت وعيه علي ألوان ثقافية متعددة ومنها الموسيقي. ويستطرد: لقد انعكس ذلك في أفلامه ولكن اهتمامه لم يكن يقف عند الموسيقي التصويرية فحسب وإنما كان يمتد إلي شريط الصوت بالكامل، وكان اهتمامه بالصوت يوازي اهتمامه بالصورة تماما.
وقد تضمن المعرض أكثر من سبعين صورة في محبة »‬محمد خان» ولكنها لم تكن حسبما توقعت- عن الأفلام العظيمة التي قدمها خان وإنما كانت عنه أثناء العمل ، حيث يقول شيمي : هذا المعرض ليس عن أفلام خان فبإمكان الجميع مشاهدتها أو بالفعل شاهدوا غالبيتها إن لم يكن كلها .. هذا المعرض عن خان المخرج عن وجوده في أماكن التصوير عن الصعوبات التي كنا نواجهها أثناء التصوير في الشارع أو فوق الكباري، عن تلك اللقطات التي جمعته بالفنانين الذين عمل معهم ..
ويستهل المعرض بصوره جمعته بالفنان عمر الشريف أثناء تصوير أول أفلامه الروائية »‬ضربة شمس» وهو الفيلم الأول الذي حصل من خلاله خان علي أول جائزة في حياته، حيث حصل علي جائزة تقديرية ذهبية عن الإخراج الأول من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي الأول، كما حصل أيضا شيمي علي جائزة عن التصوير ونور الشريف عن الإنتاج.ولهذا الفيلم حكاية يرويها شيمي قائلا : حين عاد خان من لندن ليستقر نهائيا في مصر كان محملا بالأحلام والطموحات، لكن كانت هناك عقبات كبيرة تواجهه خاصة بعد رحلة معاناته بحثا عن عمل بين القاهرة وبيروت ولندن قبل عودته نهائيا لمصر، وقد كان محمد خان لديه قصة بالفعل حيث كان يكتب قصصا قصيرة أثناء وجوده بلندن ومنها »‬ضربة شمس» لكنه كان يعد مخرجا غير معروف ولذا فكرنا أن نتوجه لأحد الممثلين المعروفين لأنه إذا اقتنع بالقصة فمن شأنه أن يقنع بها منتج، وبالفعل ذهبنا لنور الشريف ولما رأي منه كل ذلك الحماس وقرأ القصة وأعجبته عرض علينا أن يقوم هو بإنتاج الفيلم وبالفعل حقق هذا الفيلم ضجة كبيرة في الأوساط السينمائية.
كذلك تضمن المعرض لقطات جمعت بين شيمي وخان أثناء تصوير فيلم »‬الرغبة» و»‬الثأر» ، و»‬طائر علي الطريق» و»‬نص أرنب»، و»‬الحريف» ، حيث جمع بين الثنائي ستة أفلام روائية قبل أن ينفصلا فنيا وتستمر صداقتهما حتي وفاة الأخير.. حيث يعلق شيمي قائلا : محمد صديق العمر ورفيق الطفولة لم نفترق إنسانيا أبدا، ولكننا افترقنا فنيا بعد ستة أفلام روائية عملناها سويا حتي لا نضر بعضنا البعض مهنيا .. فقد اضطررت مثلا أن أترك رأفت الميهي في أول أفلامه نظرا لأن خان كان قد تعاقد علي فيلم جديد، ولذا اتفقنا علي أن يستكمل منا مشواره الفني بعيدا عن الثاني، حيث قدم سعيد شيمي ما يقرب من 75 فيلمًا تسجيليًّا وقصيرًا و108 أفلام روائية طويلة من أهمها »‬ضربة شمس» و»‬سواق الأتوبيس» و»‬جحيم تحت الماء» و»‬العار» و»‬البريء» و»‬الحب فوق هضبة الهرم».
ويعلق شيمي علي الصور التي تضمنها المعرض قائلا : هناك الكثير من القصص التي ترويها كثير من تلك الصور .. فمثلا هناك حكاية طريفة وراء تلك الصورة التي أبدو وكأني أريد تهشيم رأسه أثناء تصوير فيلم »‬الرغبة» وهو ثاني الأفلام التي قدمها خان، فبعد أن أنتهي من فيلم ضربة شمس جلس بمنزله دون عمل ، وعندما عرض علي تصوير هذا الفيلم وهو من انتاج شركة الجاعوني لم يكن تم اختيار المخرج بعد ، فاقترحت عليهم اسم محمد خان ، وفي البداية لم يكن هناك استجابة، لكن بعد ذلك اتصلوا بي وطلبوا مقابلته، وكاد هو أن يرفض الفيلم فهو مأخوذ عن قصة »‬جستابو العظيم» وتمت معالجته أكثر من مرة ، وكان هو لديه أحلامه في صناعة السينما ، ولكنني أقنعته بالفيلم وأثناء التصوير كان خان سعيدا بالعمل حتي أنه في هذه الصورة كان يحمل افيش الفيلم ، وأنا كنت مغتاظا منه لأنه كان عنيدا جدا وبسبب عنده كاد أن يفقد تلك الفرصة .
وقد تضمن المعرض أيضا العديد من الصور التي جمعت محمد خان بالنجوم ومنهم مديحة كامل في فيلم »‬مشوار عمر» ونجلاء فتحي في »‬أحلام هند وكاميليا» ومرفت أمين وأحمد زكي في »‬زوجة رجل مهم» ، ونبيلة عبيد في »‬الغرقانة»، وياسمين رئيس في »‬فتاة المصنع» وكذلك أكثر من صورة مع المخرج أحمد رشوان صاحب فكرة المعرض منها صورة خلال تصوير فيلم »‬مستر كاراتيه» وكان رشوان قد قدم فيلما وثائقيا تحت عنوان »‬خان المعلم» رصد فيه بعض التفاصيل الخاصة بحياة المخرج الراحل محمد خان، وكانت الفكرة قد بدأت خلال السنوات الأخيرة قبل رحيله، بحكم قرب رشوان من »‬خان» وعمله معه كمساعد مخرج، وقد عرض الفيلم للمرة الأولي خلال فعاليات مهرجان السينما العربية في باريس »‬خان المعلم».
كما تضمن المعرض عددا من الصور الحديثة نسبيا لخان أثناء مشاركته في مهرجانات سينمائية وندوات وأمام كتبة أفلامه وهو يقرأ الجرائد ومع طاقم عمل فتاة المصنع وغيرها ..
ويعلق شيمي علي سينما خان قائلا: سينما محمد خان ظاهرة لفتت الانتباه والأذهان إلي طريقان مهمان، أولا قربها من الناس البسطاء والتعبير عنهم، ثانيا استعمال حرفة وتكنيك سينمائي يعمل علي شحذ الصورة والتفاصيل والحركة والجمال الذي تعرفه اللغة السينمائية الراقية وعندما صنع فيلمه القصير »‬البطيخة» عام 1972 برز ذلك الأسلوب مبكرا والتقط هذا بعض النقاد مثل سامي السلاموني فقال عنه »‬رأيت مصريا حتي النخاع» . عاني خان كثيرا ليحضر إلي مصر بلده الأصلي ليعبر بالسينما عن الناس والمجتمع والحياة وأخيرا قرر وهو في منتصف عمره أن يأتي نهائيا ويعيش ويصنع الأفلام ويموت ويدفن في بلده مهما كانت الصعاب والظروف .
خطابات محمد خان إلي سعيد شيمي .. مشوار حياة
وقد تزامن المعرض مع صدور كتاب »‬خطابات محمد خان إلي سعيد شيمي» عن دار الكرمة.. والتي تمتد من فترة الشباب من أواخر الخمسينيات وحتي منتصف السبعينيات، وهي من إعداد وتعليق صديق عمره المصور السينمائي الكبير سعيد شيمي ومن تقديم الناقد الفني الكبير محمود عبد الشكور. يقع الجزء الأول من كتاب خطابات محمد خان إلي سعيد شيمي في 392 صفحة من القطع المتوسط ويحتوي أيضًا علي صور ووثائق نادرة، وهو يغطي الفترة من 1959 ، وحتي عام 1966، ومن المتوقع أن يغطي الجزء الثاني الفترة حتي عام 1972 ويحمل عنوان »‬انتصار للسينما»، أما الجزء الثالث فيغطي حتي 77 ويحمل عنوان »‬مصري حتي النخاع»..
وليس خان مخرجا عاديا .. إنما هو فيلسوف مفكر منذ سنوات شبابه الأولي .. ولكن ليس بإمكانك أن تفهم خان جيدا إلا حين تقرأ تلك الخطابات التي تكشف سنوات تكوينه المبكرة .. لتتعرف علي طريقة تفكيره .. فقد كان خان منذ البداية كاتبا متأملا في تفاصيل الحياة إذا نراه يقول في إحدي جمله »‬إن لم أجد أوراق فسأكتب بأظافري علي الحائط» .
ربما تعد تلك الخطابات سجلا تفصيليا عن حياة خان علي المستويين الشخصي والمهني وقد كتبها إلي صديقه المقرب سعيد شيمي عقب سفره من مصر إلي لندن ، وقد ولد المخرج محمد خان بمصر في أكتوبر 1942، وقضي فيها طفولته، وجمعته بالفنان سعيد شيمي صداقة عائلية ، بعدها سافر محمد خان فترة طويلة لإنجلترا لدراسة الهندسة إلا أنه سرعان ما اتجه لدراسة السينما، بعدها عاد إلي القاهرة عام 1963 وعمل في شركة فيلمنتاج (الشركة العامة للإنتاج السينمائي العربي)، تحت إدارة المخرج صلاح أبو سيف ، وذلك بقسم القراءة والسيناريو مع رأفت الميهي و مصطفي محرم و أحمد راشد و هاشم النحاس. حيث كانت الدولة في عام 1962 قد أصدرت القرارات الاشتراكية من ضمنها تأميم صناعة السينما وإنشاء شركتين الأولي للإنتاج السينمائي المشترك مع الدول الأجنبية تحت باسم »‬كوبر فيلم» والثانية للإنتاج المحلي باسم »‬فليمنتاج».. ولكن خان لم يستمر في هذا العمل طويلا حيث تدهورت صحة والده واضطر للسفر للندن ، لكنه ما كادت تمضي عدة شهور حتي قرر الرجوع لمصر وواجهته صعوبات جمة سافر بعدها إلي لبنان ليعمل مساعداً للإخراج . وبعد عام، سافر مرة أخري إلي إنجلترا ، وكان يكتب مقالات عن السينما، وفي عام 1972 عاد إلي مصر وأخرج فيلماً قصيراً »‬البطيخة» قبل أن يسافر مرة أخري إلي لندن ويستمر هناك حتي عام 1977 قبل أن يعود نهائيا إلي مصر.
يقول الناقد السينمائي محمود عبد الشكور في مقدمته لهذا الكتاب: »‬كأننا أمام دراما هائلة تمثل قصة حياة محمد خان في سنوات الشباب، مكتوبة بصراحة مطلقة، وكأن كل سنة هي فصل مثير، تتخلله لحظات صعود وهبوط، وأمل وإحباط. إننا تقريبًا أمام مذكرات عقل ووجدان وعين شاب مصري رأي وسمع وشاهد، ونحن أيضًا أمام وثيقة مدهشة عن جيل يكتشف معني الفن والحياة، ويحاول في نفس الوقت أن يكتشف نفسه وقدراته، لكي يعبر بهذه القدرات من عالم الهواية إلي دنيا الاحتراف، من شغف الفرجة، وهي أساس كل شيء، إلي حلم صناعة الأفلام، وبهجة تحقيق السينما... سعيد شيمي.. هذا الصديق الوفي الكبير، عاشق السينما، هو أفضل من يقدم للقارئ رسائل صديقه الراحل، وهو أيضًا من تضيف تعليقاته علي الرسائل الكثير شرحًا وتوضيحًا، فكان هذا الكتاب البديع».
ويضيف عبد الشكور علي صفحته علي الفيس بوك : في هذه الخطابات خصوصية التجربة، ولكن من خلال عصر بأكمله، وهناك بالطبع التنقلات بين الأماكن، والأهم أن خان كتب الخطابات بتفاصيل التفاصيل ، وكأنه يكتب سيناريو حياته. هناك علي الأقل أربعة خطوط يمكن تضفيرها معا، مع حرية التنقل في الزمان والمكان، وبين خيال الأفلام، وقسوة الواقع : خط العلاقة بين خان وسعيد، وخط معاناة خان وأسرته في لندن، وخط عشق الأفلام والحلم بالعمل في صناعتها، وخط العلاقات العاطفية.
أما شيمي فيقول : كانت الخطابات بيننا هي التواصل المستمر بأخبارنا وأحلامنا وانكساراتنا وحبنا، والسينما تشغل الحيز الأكبر من مساحة هذه الخطابات .. للأسف ضاعت خطاباتي له مع أمتعته عندما شحنها لآخر مرة من لندن إلي القاهرة ولم تصل أبدا ، ولكن خطاباته لي محفوظة .. فهي سجل فني للأفلام التي كان يشاهدها ويقيمها ويطلعني عليها أول بأول . وبعض هذه الأفلام لا يعرض في مصر.
كتاب ممتع يعكس رؤية فلسفية عميقة ومحبة غير مسبوقة للسينما إذا نري محمد خان يقول في أحد خطاباته لسعيد شيمي عام 1966 : هناك كاتب سينمائي توفي في زمن كبير، ولكن أعتبره من أكبر الكتاب في العالم ، وقال جملة جميلة جدا عن الأفلام وهي »‬ الهدف هو الحياة نفسها والثمن هو الحياة نفسها» وهذه حقيقة .. فوالله أنا حبي للفن السينمائي ليس للمال فقط فهناك شيء بيني وبين الأفلام .. ليست هواية بل حب .. وأنت تعرف من صغري أنا مجنون سينما .
ربما يمكن تلخيص الحكاية في عبارة .. نعم عبارة واحدة .. »‬إياك أن تخون حبك للسينما» .. التي قالها خان في أحلك تلك اللحظات في حياته حين قاده حبه للسينما لصعوبات عديدة .. كان عليه أن يفقد الأمل مائة مرة .. مع لحظات الهزيمة والانكسار .. قال خان إنه مؤمن .. مؤمن بحبه الوحيد والأول السينما.. ومؤمن بالإنسان.. ومؤمن بحبه لوطنه بالميلاد وبالفن وبالنهاية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.