هذا الأسبوع تحولت مناسبة خاصة إلي صفحتين من صفحات تاريخ الثقافة السينمائية في مصر. فالمناسبة هي الذكري الثانية لرحيل المخرج الكبير محمد خان "1942- 2016" وهي إلي جانب انها ذكري عامة للسينما في مصر. فهي ذكري خاصة لمدير التصوير سعيد شيمي صديق عمر المخرج الراحل الذي احتفل بذكري صديقه علي طريقته.. أولاً: باقامة معرض صور تحت عنوان "في حب سينما محمد خان" وثانيا: بإصدار كتاب جديد عبارة عن الجزء الأول من خطابات محمد خان لسعيد شيمي تحت عنوان "مشوار حياة" للتعبير عن صداقة دامت 70 عاما بين اثنين من مبدعي السينما في مصر. جاء معرض الصور في قاعة آدم حنين بمركز الهناجر بالأوبرا وافتتحه المخرج خالد جلال رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي إلي جانب الفنان سيعد شيمي وعدد كبير من تلاميذ وعشاق فن المخرج محمد خان وقد ضم المعرض 70 صورة فوتوغرافية لمحمد خان أثناء تصويره لأفلامه الروائية التي وصلت إلي 24 فيلما منذ "ضربة شمس" عام 1980 وحتي "قبل زحمة الصيف" 2016 وعلي شاشة كبيرة شاهد جمهور المعرض الفيلم الروائي القصير "البطيخة" الذي أخرجه خان عام 1972 وكان مازال يذهب ويعود من لندن واستقر في مصر منذ عام 1977 حتي رحيله وكان الرئيس عدلي منصور قد منحه الجنسية المصرية عام 2013. وكتاب "خطابات محمد خان إلي سعيد شيمي" من الكتب المختلفة عن السير الذاتية أو اليوميات.. إنها الخطابات التي أرسلها محمد خان بعد سفره مع أسرته إلي لندن عام 1959 وحتي 1963 حيث عاد وعمل مع المخرج الكبير صلاح أبوسيف في شركة "فيلمنتاج" التابعة للقطاع العام ثم سافر خان بعد ذلك إلي بيروت ثم عاد مرة أخري إلي لندن.. وصدر الكتاب عن دار "الكرمة". وفي المقدمة التي كتبها الناقد محمود عبدالشكور يحكي عن كيف كانت سعادة محمد خان عندما علم أن صديقه سعيد شيمي يحتفظ برسائله التي أرسلها اليه من لندنوبيروت وأطلع عليها وبدأ إعدادها لتصدر في كتاب قبل وفاة محمد خان بعام فقط. كتب محمود عبدالشكور يقول: "يعرف عشاق السينما أفلام خان وسعيد شيمي ولكنهم لا يعرفون انه لولا هذه الطاقة الانسانية الهائلة ما صنعنا فنا ولا يحزنون مفتاح الاثنين واحد وهو حب السينما وحب البشر والاثنان شعارهما البساطة والعطاء المتدفق من دون افتعال هكذا خلقهما الله. والاثنان أولاد بلد من قلب القاهرة سعيد من عابدين وخان عاش ما بين غمرة وأرض شريف ولاشك عندي في أن قدرة خان وشيمي علي التقاط التفاصيل سواء عن الأماكن أو البشر غرست بذرتها من خلال اكتشاف تفاصيل وطنهما وناسه في عابدين وغمرة وأرض شريف". ويضيف: بين أيدي الباحثين من خلال كتاب "رسائل محمد خان" وثائق وصور نادرة وكاشفة عن زمنها وعن أفكار كتابها الذي أصبح مخرجا كبيرا وأصبح صديقه مصورا كبيرا ضمن فريق نجح في تغيير السينما السائدة من داخلها تعاملوا مع المنتجين أنفسهم والنجوم أنفسهم ولكنهم صنعوا سينما مختلفة حتي الشوارع والأماكن التي صورها سعيد شيمي في أفلام خان مثل "ضربة شمس" و"الحريف" وطائر علي الطريق" ليست هي الأماكن التي نعرفها ومررنا بها عشرات المرات ذلك أن عينا أخري عاشقة وواعية رأتها من زاوية مختلفة فقدمتها بصورة لن نرها من قبل. خطابات محمد خان لسعيد شيمي امتدت من الفترة ما بين 1959 وحتي 1966 وهذا الكتاب هو الجزء الأول وقد حمل عنوان "مشوار حياة" وكل فصل يحتوي علي خطابات عام كامل وبعده تعليق من سعيد شيمي علي خطابات ذلك العام. وقد كتب عن خطابات 1960: "استمر خان في ارسال رأيه في الأفلام التي شاهدها في لندن وقد تخطي عددها ألف فيلم.. تحدث عن اكتشافه للسينما الأوروبية بالذات فيلم "الحياة حلوة" لفريدريكو فيلليني كما بهر بفيلم "سبارتكوس لستانلي كوبريك وكان هذا الفيلم قد عرض في مصر وكتبت عنه مقالا في مجلة المدرسة النموذجية التي تعدها مجموعة هواة الصحافة التي كنت فردا فيها". ويضيف: في هذا العام شارك خان في ورشة للتمثيل في لندن ولكن التمثيل لم يستهويه علي الرغم انه كان قد مثل في مصر بالمسرح المدرسي وقد كان أستاذ المسرح في مدرستنا الممثل الكبير عدلي كاسب وربما أهم ماجاء في خطابات 1960 هو التخطيط للمستقبل الذي يجب أن يكون فقد قرر أن يكون مخرج أفلام وكان في هذه المرحلة يدرس اللغة الانجليزية حتي يجيدها لأن اجادة اللغة شرط الالتحاق بالتعليم هناك وبعد ذلك خطط لدراسة السينما والاخراج بالذات وكان عنده أمل في أن يعمل مساعد مخرج في أحد الاستوديوهات الانجليزية وفكر في ادخار مبلغ لشراء كاميرا سينمائية 8 مللي لعمل فكرة فيلم تسجيلي تراوده عن "فن الشحاتة" في لندن وكتب خان بالتفصيل عن المظاهر المختلفة لهذه الشحاتة الموسيقية أحيانا والبهلوانية أحيانا أخري". كتب محمد خان كأنه ينصح صديقه سعيد شيمي "اياك ان تخون حبك للسينما.. حتي إذا خطر ببالك هذا.. السينما أداة تعبير وفي نفس الوقت أداة نحو الانسانية بها تستطيع أن تهدي الناس الحب والسعادة والمثال انها أداة للعطاء أليس هناك "شعور مثالي" حين تعطي شيئا من داخل قلبك ومن دماءك.. فكر جيدا في هذه الكلمات التي اكتبها لك وأنا أواجه الصعاب من جميع النواحي.. هذه الصعاب هي التي تزيد حبي للسينما بل هي الدوافع التي تدفعني نحوها".