مِن أغاني القُري العذراء

1
كل المرايا الآن تعكس حُزنَنا
والليلُ موعدُنا
ورُفقتُنا الغيابُ!
قُلنا علي الوطنِ السلامُ
ومُضغةُ الأحلامِ
لاكتْها الضباعُ
وعُريُنا خِزيٌ
أتستُرُهُ الثيابُ؟
الآن
خاصمَنا الصباحُ
وفوق أرصفةِ التشردِ
نرسم الوطنَ المثالَ
لِتكنسَ الريحُ
الشوارعَ
تختفي كُلُّ الملامحِ
حين
يطويها التُرابُ!
2
كَيدَيْنِ عاريتيْنِ
أغنيتي،
كوجهٍ لَوَّحَتْه الشمسُ،
سنبلةٌ
تُفرفطُ حَبَّها للريحِ،
ساقيةٌ تئنُّ مِن السفرْ!
كحَمامةٍ
رقصَتْ قُبيْلَ حِمامِها
كوسادةٍ شربتْ دموعَ صبيَّةٍ
قد خانها الولدُ الذي عشقتْهُ
صارت نجمةً حيري
يخاصمها القمرْ!
وحدي...
أغنِّي الآن
للعمر المسافرِ
والكمانُ الآن يذرفُ دمعَه
تَسَّاقَطُ الأحزانُ
تَتْري
مِن أغاريدِ الوتَرْ!!
3
الآن
تجهلني الشوارع
والمقاهي
والبيوتْ
والبحر يلقاني بوجهٍ عابسٍ
فلنعترفْ
أنَّا فشلنا في الهوي
ونسيج ذاك الحبِّ
كان كمثل
خيط
العنكبوتْ!
4
ستمر ليلي
كانفلات اللحن
من وتر الكمان!
وأنا أتابع عزفها
وأذوب فوق
الشمعدان!
ستمر واثقة
ومشرقة
وعابقة
كبستان!
منها يفوح العطر
يملأ كل أرجاء المكان!
ويدي تخربش
في إطار اللوحة الثكلي
ولا أحد
يراني!!
5
النيلُ
يتلو حزنَه
وأنا أُرَتِّلُ ما تلا
مِن سفْحةِ الوجدِ
ارتقيتُ
إلي مداركه
العُلي
آخَيْتُ بين دموعِنا
شَبَّ الأنينُ
سنابلا!
ما وَدَّعَ اللهُ
الصغارَ الأبرياءَ
وما قلي!!
6
لم يبقَ شيءٌ صدقيني
كي يعاتب بعضُنا بعضًا عليه
وعودُنا كذبٌ
وفي إلحاحِنا في الهجْرِ
ريحُ خيانةٍ
هل تدركينْ؟
أو هل بوسعِكِ
أنْ تعودي بالأزاهرِ
والربيعِ
وهل بوسعكِ أنْ تردِّي البابَ
وحدَكِ
خلف كلِّ الخائنينْ؟
لم يبقَ شيءٌ
عنفوانُ اللحظةِ البلهاءِ
حطَّمَ مُزهرياتِ الربيعِ
وأشعلَ النيرانَ
في
مَرْجِ
الحنينْ!!
7
بيدي
سأرسم وجهة لقصيدتي
من فتنة الكلمات
أشعل فتنتي!
من شمعدانات المجاز
ومن دمي
ومن النجوم النازفات
بشرفتي
من ربكة القنديل
قرب رسائل
منها يفوح العطر
يغمر قصتي!
مني..
ومن أرق الحروف علي يدي
تصطف أرتالًا
بمدخل مهجتي!
قدأذبح القمر المُدَلَّي
في يدي
كي أكتبَ الفصلَ الأخيرَ
بسيرتي!!
8
غابوا فما حضروا،
عادوا فما غابوا
في عُتمةِ الليلِ لي بيتٌ
ومحرابُ!
هذا المُغنِّي
الذي مازالَ ملءَ دمي
يبغي فِكاكًا،
فتستدنيه أبوابُ
مِن دمعةٍ في شمالِ القلبِ هاربةٍ
لدمعةٍ في يمينِ القلبِ
جَوَّابُ!!
مِن دهشةِ الطفلِ
يبني صرْحَ غُربتِهِ
ومِن أغاني القُري العذراءِ
ينْسابُ!
مسافرٌ في الفيافي،
راحِلٌ أبَدًا
وكلُّ بدْرٍ بَدا في الأُفْقِ
كَذَّابُ!
كأنه في المنافي
قلبُ أرملةٍ حيري بأطفالها،
في الكلِّ ترتابُ
يشدو،
وفي صوته حزنٌ ومَسْغَبَةٌ
لم يَدْنُ مِن جرحه
المفتوحِ
أحبابُ!!.