■ كير ومشار ومصافحة بعد سنوات من الحرب الأهلية بالرغم من توقيع اتفاق السلام بين رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار إلا أن صمود الاتفاقية، سيكون امتحاناً جدياً في ظل ضغوط دولية كبيرة، وتهديدات، بوقف المساعدات وتوقيع عقوبات لا يتحملها شعب جنوب السودان حيث فشلت العديد من الجهود لإحلال السلام في البلد الذي شهد عمليات قتل علي خلفية عرقية وجرائم اغتصاب. وكان اتفاق مماثل بشأن تقاسم السلطات وقّع في 2015 أدي إلي إعادة مشار إلي منصب نائب الرئيس، لكنه انهار بعد سنتين إثر اندلاع معارك دامية دفعت مشار إلي الفرار للمنفي. وقد وقع الطرفان المتحاربان اتفاقا أوليا لتقاسم السلطة يوم الأربعاء الماضي لإعادة تعيين زعيم المتمردين رياك ماشار نائبا للرئيس. ويمثل اتفاق ملف الحكم وتقاسم السلطة استكمالا لاتفاق الخرطوم للسلام الذي وقعته أطراف النزاع في جنوب السودان في 27 يونيو الماضي، والذي تضمن وقفا فوريا لإطلاق النار وسريان فترة انتقالية بجنوب السودان بعد 120 يوما من تاريخ توقيع الاتفاق. وقد استضافت الخرطوم كجزء من جهودها الإقليمية لإنهاء النزاع في البلاد، جولة من محادثات السلام بين الزعيمين سلفا كير ورياك مشار اتفق فيها الطرفان علي وقف دائم لإطلاق النار وعلي سحب قواتهما من المناطق السكنية وكان الطرفان اتفقا في وقت سابق من هذا الشهر، علي تقاسم السلطة إلا أن التوقيع علي الاتفاق تأخر بسبب خلافات حول محتوي الاتفاق ولا يزال هناك قضايا يتعين حلها ككيفية تقاسم السلطة علي مستوي الاقاليم والمقاطعات. تناولت وثيقة اقتسام السلطة التي تم توقيعها جميع القضايا المعلقة خلال الفترة الانتقالية حيث سيبقي سلفا كير رئيساً لجنوب السودان وسيكون رياك مشار نائباً أول للرئيس وسيكون هناك أيضا أربعة نواب رئيس آخرين بين الجماعات السياسية الأخري. ووقع علي الاتفاق كل من حكومة جنوب السودان، والمعارضة المسلحة الرئيسية بقيادة رياك مشار، وبعض أعضاء تحالف الأحزاب السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وأحجمت مجموعة من المعتقلين السياسيين السابقين، بقيادة الأمين العام السابق للحركة الشعبية باجان أموم وبعض أعضاء ائتلاف المعارضة عن توقيع الاتفاق لكن لا تزال المحادثات معهم مستمرَّة. وبموجب الاتفاق سيتم منح الطرفين ثلاثة أشهر لتشكيل حكومة انتقالية بصيغة جديدة ستتولي السلطة لمدة 36 شهراً أخري. ونص الاتفاق التمهيدي علي تشكيل حكومة انتقالية تضم 35 وزيراً تتألف من 20 وزيراً من الحكومة الحالية، وتسعة من ائتلاف مشار المعارض، في حين تمثل البقية مجموعات معارضة أخري. وسيتألف البرلمان من 550 نائبا، بينهم 330 من مجموعة كير، 123 من جماعة مشار، 50 من المعارضة، 30 من المجموعات السياسية الأخري، و10 من المعتقلين السابقين. وكانت جوبا وفصائل المعارضة قد رفضت علي حد سواء مسودة الاتفاق الذي قدمته الوساطة الأسبوع الماضي حول لجنة الحدود المستقلة، التي تشكلت معظمها من الأجانب وحدد المقترح الجديد 15 عضواً للجنة ستحدد مصير 32 ولاية رفضتها فصائل المعارضة واقترحت الوثيقة الجديدة أيضاً، تعيين 5 أعضاء من حكومة جنوب السودان، وممثلين اثنين من حركة مشار ومندوب واحد لكل من تحالف الأحزاب المعارضة، ومجموعة المعتقلين السابقين، ومنظمات المجتمع المدني وأبقت الوثيقة علي ممثلي دول الترويكا كخبراء علي أن تضم اللجنة خمسة ممثلين من الاتحاد الأفريقي من نيجيريا وتنزانيا والجزائر وتشاد وجنوب أفريقيا. وكان البيت الأبيض حذر في بيان من أن الولاياتالمتحدة تشك في أن رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار لديهما صفات القيادة اللازمة لإحلال السلام في الدولة التي تشهد حرباً منذ عام 2013. وأضاف البيت الأبيض أن محادثات السلام يجب أن تكون أكثر شمولاً، مضيفاً أن واشنطن ستفرض عقوبات جديدة علي كل من يهدد استقرار البلاد. بدأ الصراع في جنوب السودان، بعدما أعفي رئيس جنوب السودان، سلفا كير، نائبه رياك مشار وجميع أعضاء الحكومة، عام 2013، والذي يعد أكبر تغيير وزاري شهده جنوب السودان، منذ استقلاله. ازدادت النزاعات بين القيادات الجنوبية، بصورة علنية، بعد أن أعلن، رياك مشار، عقب إعفائه من منصبه، ترشحه لمنصب الرئيس في الانتخابات المزمع إجراؤها في 2015. بالإضافة إلي صراع القبائل، حيث توجد في جنوب السودان عشرات القبائل، غير أنها تعود في أصولها إلي ثلاث مجموعات أكبرها المجموعة النيلية التي تمثل 65 %من مجموع السكان، وتضم القبائل ذات النفوذ السياسي الأكبر. وتمثل قبائل الدينكا نسبة 4 % من مجموع السكان وهي القبيلة التي ينتمي إليها رياك مشار. ■ سميحة شتا