موعد انطلاق المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2025    جمال الكشكى: دعوة الوطنية للانتخابات تعكس استقرار الدولة وجدية مؤسساتها    ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد قرار «المركزي» تثبيت أسعار الفائدة    "المشاط" تدعو الشركات السويسرية لاستكشاف الإصلاحات وزيادة استثماراتها في مصر    "كان نفسي أقرأ في المصحف".. سيدة أسوانية تودع الأمية في ال 76 من عمرها    الزيارة الثانية خلال يوليو.. الباخرة السياحية "AROYA" ترسو بميناء الإسكندرية -صور    وزير الخارجية يؤكد على رغبة مصر في زيادة حجم التبادل التجاري مع مالي    ويتكوف : قررنا إعادة فريقنا من الدوحة لإجراء مشاورات بعد رد حركة حماس "الأنانى"    قالت إن "زوجته وُلدت رجلا وستموت رجلا".. ماكرون يقاضي ناشطة أمريكية    إعلام فلسطيني: استشهاد 19 ألف طفل خلال الحرب على قطاع غزة    مصر تستهجن الدعاية المغرضة التي تستهدف تشويه دورها الداعم للقضية الفلسطينية    الرئيس الإيراني: نواجه أزمة مياه خانقة في طهران    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة صلاح الدين مصدق وبنتايك    نادي زد يتوصل لاتفاق مع الأهلي لشراء عقد أحمد خالد كباكا (خاص)    تطورات صفقة انتقال حامد حمدان للزمالك .. سر وعد جون إدوارد للاعب الفلسطيني (خاص)    "ابن أصول".. الغندور يعلق على رحيل مصطفى شلبي عن الزمالك    وفاة هالك هوجان بعد إصابته بأزمة قلبية.. احترف المصارعة الحرة عام 1978    أبو تريكة قدوتي.. أول تعليق لإبراهيم عادل بعد انضمامه للجزيرة الإماراتي    عم الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا: التحقيقات مستمرة والنيابة لم تكشف عن أسباب الوفاة إلى الآن    الأرصاد: طقس شديد الحرارة غدا نهارا حار ليلا والعظمى بالقاهرة 40    بالصور.. إصابة شخصين في تصادم 3 مركبات على طريق حيوي بالمنوفية    رفع 36 مركبة متروكة ومتهالكة في شوارع القاهرة والجيزة    الأمن يضبط 4 ملايين جنيه من تجار العملة    أول صورة للزوجة ضحية الميراث في الفيوم.. شقيق ينهي حياة أخيه وزوجته    منة عرفة تتألق بعدة إطلالات جريئة في المالديف    25 يوليو.. "يانغو بلاي" تعرض "ريستارت" بطولة تامر حسني    "تناغم بين البرتقالي والأبيض".. منة فضالي بإطلالة صيفية جريئة على اليخت    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    "الصحة" تتخذ خطوات للحد من التكدس في المستشفيات    جولة مفاجئة لوكيل صحة المنوفية.. ماذا وجد فى مستشفى حميات أشمون؟    الصحة تشارك في المؤتمر الدولي ال17 لمناظير المخ والعمود الفقري (INC 2025)    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: «التأمين الصحى» تبحث تطبيق المنظومة.. و40 طريقة صوفية تحيي الليلة الختامية ل«المرسى أبوالعباس»    «هجرة» و«ملكة القطن» و«رقية».. ثلاثة أفلام عربية تشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي بدورته ال82    ما كفارة التهرب من دفع تذكرة القطار أو المترو؟.. أمين الفتوى يجيب    رفع 50 طن نواتج تطهير من ترع صنصفط والحامول بمنوف    احتفالًا بالعيد القومي ال73.. إقبال جماهيري كثيف على المواقع الأثرية بالإسكندرية بعد فتحها مجانًا    اليوم السعودية: لوك دي يونج يوافق على الانتقال للاتفاق    شعبة الدواجن تتوقع ارتفاع الأسعار بسبب تخارج صغار المنتجين    وزير الخارجية يتوجه إلى السنغال في المحطة الخامسة والأخيرة من جولته في غرب إفريقيا    جامعة الإسكندرية تبحث التعاون مع التأمين الصحي الشامل لتقديم خدمات طبية متكاملة    تشغيل كامل لمجمع مواقف بني سويف الجديد أسفل محور عدلي منصور    بسبب السرعة الزائدة.. مصرع عامل ديلفري إثر انقلاب دراجته النارية بالتجمع الخامس    وزيرة التضامن تثمن جهود النيابة العامة وزياراتها لدور الرعاية بالجمهورية    المجلس الأعلى للإعلام يوافق على 21 ترخيصًا جديدًا لمواقع إلكترونية    الشباب والرياضة تتلقى الاستقالة المسببة من نائب رئيس وأمين صندوق اتحاد تنس الطاولة    عمرو الورداني: نحن لا نسابق أحدًا في الحياة ونسير في طريق الله    المنوفية تحصد المركز الثاني في تقييم القوافل الطبية على مستوى الجمهورية    27 يوليو.. غلق باب التقدم على 36 مصنعاً بمدينة الجلود بالروبيكي    انفجار لغم يشعل صراعا بين كمبوديا وتايلاند.. اشتباكات حدودية وغارات جوية    غدًا.. "شردي" ضيفًا على معرض بورسعيد الثامن للكتاب    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال النصف الأول من 2025    أمين الفتوى: لا يجوز التصرف في اللقطة المحرّمة.. وتسليمها للجهات المختصة واجب شرعي    شهدت التحول من الوثنية إلى المسيحية.. الكشف عن بقايا المدينة السكنية الرئيسية بالخارجة    «سعد كان خاين وعبد الناصر فاشل».. عمرو أديب يرد على منتقدي ثورة 23 يوليو: "بلد غريبة فعلا"    جامعة قناة السويس تُعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني وتُقرّ دعمًا للطلاب    بنسخ خارجية لمختلف المواد.. ضبط مكتبة بدون ترخيص في الظاهر    معسكر كشفي ناجح لطلاب "الإسماعيلية الأهلية" بجامعة قناة السويس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعده .. وهيكل
نشر في أخبار السيارات يوم 30 - 05 - 2018


هو الآن بعيدا عن عين السلطة وحاجتها
يسكن بلاد بارده ،تتجمد فيها مشاعر الدفء ، كما شلالات المياه علي الجبال.
هو الآن يعيش في هدوء سخيف يفقد الحياة معناها ،هو الإستاذ الحقيقى ،لجيل من الأساتذة.
هو الإستاذ ، وأنا تلميذه دوما عن بعد ، أحاول تقليده كمراهق متيم بنجم سينمائى يأسر عقله وقلبه.
في احدى ليالى ما بعد يناير كنا نسهر بأحد مطاعم وسط البلد ، نتشاحن كما هى عادتنا كل خميس.
أحد دراويش هيكل يرى أن الأستاذ لا ينطق عن الهوى ، وإن إله الصحافة قد باح له بكل أسراره ومنحه نفحات الحكمة ، حتى كاد أن يحتكرها " يكفى أن الأستاذ واجه السادات وكشف فساده " وأنا أصر على أن الزمن أثبت أن السادات ، أول مصرى ربما في التاريخ الحديث الذى طبق نظرية التفكير "بالخطوة المتقدمة فى الحكم" .
فى صبيحة أحد أيام شتاء 1986 ،كنا مجموعة من الطلبة العرب في مطعم المدينة الجامعية بجامعة كارل في العاصمة التشيكوسلوفاكية براج وقتها ،زميلنا العراقى دفعنى إلى مناظرة حول القوة الناعمة لمصر والعراق ،وهى عادة العرب ،التفاخر والتباهى والتنافس وربما النفسنة بيننا ،لا أذكر اسم صديقى العراقى ،فأنا ممن يكرهون الإحتفاظ بذكرى الأيام الخوالى .
كان زميلى العراقى متحمسا للغاية يعدد شعراء وكتاب وفنانى العراق،وأنا أرد بالمثل ،حتى أتينا على مؤسس الصحافة الحديثة مصطفى أمين هنا صرخ زميلنا ،مصطفى أمين "ده كان جاسوس أمريكى " ،وسخن الجو بيننا ، فأنا لم أقبل هذا الإتهام على رائد التجديد في الصحافة المصرى ، وغضبت أيما غضب ،حتى تدخل زميلنا اليمنى وطلب منا أن نهدأ فليس هناك مسلمات إلا ما يثبته البحث العلمى ، وراح زميلنا اليمنى الماركسى يعدد مزايا العقل ، وهنا نصب لى العراقى كمينا ، وسألنى في نبرة تحدى ،هل تثق بمحمد حسنين هيكل ، والحقيقة أننى من أشد المعجبين بقدرة هيكل الفائقة على الحكى المنظم ، الذى دوما ما يوثقه ،بأوراقه ،قلت طبعا ،وبلعت الطعم ،وهرع إلى غرفته،وعاد صاحبنا بنسخة من كتاب بين الصحافة والسياسة ،وكانت طبعة لبنانية لأن الكتاب كان ممنوعا في مصر ،بها في نهايتها ملحق وثائق .
أذكر أننى أمضيت الليل كاملا ،حتى انتهيت من قراءة ما كتبه هيكل ،والحقيقة أننى صدمت في باعث النهضة في الصحافة الجديدة ،ولكن ما جذب إنتباهى في الكتاب اسم إبراهيم سعدة ،هذا الرجل الذى تولى قبل سنوات قليلة رئاسة تحرير أخبار اليوم ،وهو القرار الذى ازعج كثيرون من كبار الصحفيين بها .
كيف لشاب لم يكمل سنوات عمره الأربعين ،أن يكون رئيسا لتحرير أكبر الصحف فى الشرق الأوسط توزيعا.
وحسب ما هو متوارث من حكاوى الدور التاسع أن ابراهيم سعده،قبل تحدى الكبار الرافضون له ،واستعان بالشباب لحسم معركة الإذعان ، قرار لايقدر عليه إلا من يثقون في قدرات الشباب ،واختار سعده محمود صلاح والراحل مجدى عبد العزيز وتهانى إبراهيم وووو،ومنحهم صلاحيات واسعه من الحرية ،وفجأة تجدد شباب أخبار اليوم ونجح إبراهيم سعده في إجبار الرافضون له على اللحاق بقطار النجاح .
هيكل في كتابه روى عن سعده ،كيف كان الشاب الصغير الذى يعمل بأحد مطاعم سويسرا -هاوى الصحافة - وطنيا إلى أبعد الحدود ، يصون مصالح بلاده حتى ولو كان على بعد آلاف الأميال من القاهرة قلب العروبة النابض .
الشاب الصغير الذى يهوى الكتابة سمع ما يهدد مصلحة بلاده ،عدد من السوريين الرافضين للوحدة ، و كان يحتضنهم الغرب لتفتيت دولة الوحدة ،ولإضعاف ذلك الزعيم الشاب على ضفاف النيل .
راح سعده يفكر كيف يستطيع تحذير مصر من مؤامرة تستهدفها وسوريا ، وقفزت إلى رأسه فكرة إرسال تحقيق صحفى ربما يكون بوايته إلى عالم الصحافة الذى يعشقه ،وكتب إبراهيم سعده تحقيقا صحفيا ،حول المؤامرة التى تحاك ضد العرب على سفوح جبال الألب بسويسرا ،وأرسل سعده طلبا مع التحقيق الصحفى بأن أكون مراسلا لأخبار اليوم من سويسرا .
أيام وقرأ مصطفى أمين رسالة سويسرا ،مذهولا من المعلومات الخطيرة التى يقطرها التحقيق الصحفى ،بعد ساعات كان ما كتبه إبراهيم سعده يخضع للدراسة لدى مؤسسات الدولة ،ونال ابراهيم سعده وظيفته الأولى .. مراسلا .
ما كتبه هيكل عن أبراهيم سعده في كتابه بين الصحافة والسياسة هو ما شدنى ،كيف لشاب في العشرينيات من عمره ،يعيش في جنة أوروبا ،يعمل ويكسب قوت يومه أن ينبض قلبه بحب بلاده ،وخوفه عليها وعلى مصالحها ،فهو يعيش في بلاد جميلة ، بعيدا عن ضجيج التيارات السياسية ، يستطيع أن يغمض عينه ، ويمكنه أن يشترى راحته ، ولن يعاتبه أحد يوما ،فلا يوجد أحد الناصريين في المكان ،قد يشى به ويهمس في أذن عبد الناصر.
فعل ابراهيم سعده ما يرضى ضميره الوطنى والمهنى .
* * * *
كنت طوال الوقت أرى أن هيكل موهوب في التسويق أكثر منها الصحافة ، والحقيقة أن الفرص ، التى اتيحت له كان لها الفضل في صناعة أسطورة هيكل الصحفية ،فهى الذكى الذى يأسر عقل زعيم العرب الجديد ،بحكايات وتجارب صحفية عاشها فصقلته.
ولكن على الجانب الآخر كنت ومازلت أرى أن إبراهيم سعده هو نموذج للصحفى الحقيقى ، لم يستغل اعجاب السادات فكان قريبا إلى حدود تمنعه من الغرق في دهاليز السلطة ، لكن هيكل كان حارسا على أسرار دولة وزعيم يزعج الغرب ،فقبل عشرات الدعوات إلى بلاد الدنيا ، ليعرف الآخرون كيف يفكر عبد الناصر ، وربما ساهموا في التأثير على قراراته عبر صديقه الصحفى .
وأيضا إبراهيم سعد إقترب من السادات الزعيم الواقعى لمصر ، لكنه فضل العيش بعيدا عن الأضواء ، والكاميرات التى عشقها هيكل ، وإستخدمها ببراعة لإثبات أنه الرجل القوى في بلاد النيل .
ولأننى من المؤمنين أن هيكل موهوب فى علوم التسويق كالصحافة ،وصقلته خبرات السفر إلى شرق العالم وغربه،
كإيمانى أن سعده أيضا لديه الكثير ليقوله.
كان الليل قد اقترب من منتصفه ونحن نتشاحن حول المعلومات أحادية الطرف التى يقدمها هيكل عبر قناة الجزيرة ،وهنا طرأت على ذهنى فكرة ،لماذا لا يكون إبراهيم سعده شاهدا على عصر السادات ،يستطيع أن يسرد للأجيال تجربته في الصحافة والسياسة وحب الأوطان ،وقررت بينى وبين نفسى أن اتواصل مع الأستاذ إبراهيم سعده ،فهو كالعاشق يتابع أخبار حبيبته في ليالى الشتاء الطويلة عن بعد ،يطرب لسعادتها ويتألم كلما أصابها الضيق أو اعتراها الخوف ،قلبه لم يكن بحاجة إلى المدفأة لتسخين مشاعره الوطنيه، في سويسرا الباردة .
ولاننى وقتها كنت أعمل بإحدى القنوات الفضائية التى يملكها رجل الأعمال الصعيدى طيب القلب متقد الذكاء نجيب ساويرس ،عزمت على أتحدث إليه صباح اليوم التالى لإنتاج برنامج يعرض فيه سعده مذكراته وذكرياته ، وبينما أن أرتب للفكرة التى تحمست لها بشده إذا باسم نجيب ساويرس يقفز على شاشة تليفونى ،يسألنى عن شيئ لا اذكره بخصوص قناة أون تى في ،وإذا بي استجمع شجاعتى وأغير الموضوع وأطرح عليه فكرتى ،وللأمانة من أبرز مميزات ساويرس هى الإصغاء الجيد للأفكار، تلمع عيناه مع كل جديد يسمعه ،وفرحت جدا وأنا أسمع إشادة نجيب بما أقوله ،وتحمسه للفكرة ،وقال أن سعده صديقا للأسرة ،وأنه سيستخدم صداقة والده للحصول على موافقته.
ولكن مع تسارع الأحداث ،لم أعرف ماذا حدث ،وكنت أخشى سؤال نجيب حتى لا أسمع أن الإستاذ أعتذر.
* * * *
فارق كبير في التكوين بين إبراهيم سعده وهيكل ،الأول يضيق من أجواء الدولة الرسمية ، ولا يجيد فن الإطراء المستمر ،عكس هيكل الذى غضب كثيرا على السادات ،لأن الرئيس المؤمن كان أكثر ذكاءا من هيكل ، وبعدما استخدمه في معركة مراكز القوى ،اعتقد هيكل أن أرض السلطة دانت له ،لكن الرئيس المنتصر ، لم يقبل بمحاولة هيكل سحره بحكايات وقصص التاريخ التى يجيدها هيكل واللحاق بضوضاء السلطة ، وأن يكون في مركز الأحداث ،ويعمل آليات الوصاية حتى على السادات نفسه.
في احدى سهرات أخبار اليوم ،لمتابعه الطبعات ،كنت مسئولا عن متابعه الأخبار التى تبثها وكالة أنباء الشرق الأوسط والحوادث ،ورن جرس التليفون المباشر وهو الرقم الذى تتواصل به الدولة ووزاراتها بفريق سهرة أخبار اليوم.
فجأة قال لى المتحدث على الجانب الآخر ،هنا مكتب الدكتور زكريا عزمى ،وهو يريد الوصول للإستاذ إبراهيم سعده بأى طريقة ،ولأن الموضوع -أكبر منى - تخلصت سريعا من التليفون للأستاذ نبيل أباظة وهو رجل مهذب جدا ،راح يردد حاضر يافندم ، حالا .
وبدأ الأستاذ نبيل وهو صديق لسعده محاولة الوصول إليه ،وفجأة ظهر الإرتباك على رئيس تحرير الطبعات، وسألنا طلبا في إقتراحات ،إبراهيم سعده رفض منح رقمه الخاص لرئيس ديوان رئيس الجمهورية ،وقال له سأغلق التليفونات ،ولا أذكر أن السبب كان دعوة إبراهيم سعده ليكون على طائرة الرئيس في سفر إلى الخارج ،أم رغبه الرئيس فى الإطمئنان عليه بعد عملية جراحية.
لا أنكر أن هيكل بارع في الكتابه ،ومهووس بالأوراق والمستندات ،وهو شيئ هام ،لكن هيكل يرى فقط أنه الأوحد صاحب الحكمة ،ويغضب جدا من مجرد الإقتراب من أسوار عالمه الذى يقرر فيه كيف تسير الأمور ،هيكل تفرغ لسنوات ربما عقد كامل في الكيد للسادات بالكتابة ، ولأن الظرف التاريخى ساعده ففتحت له القصور واستقبله الملوك والرؤساء الرافضين لقرار السادات باسترداد الحقوق العربية بالسلام ،وفتحت له المطابع والشاشات والوزارات
لكن إبراهيم سعده خرج يوما على النظام بمقال شهير هاجم فيه أركان إعلامه ،ووجه نقدا لاذعا لصفوت الشريف المسئول الأول عن ملف الإعلام ،عارضا الإستقاله على صدر صحيفة تبيع كل صباح أكثر من مليون نسخة ،لأنها كانت الأكثر تطورا في تقديم محتوى جذاب .
الخبر الأهم للقارئ هو ما يتصدر صفحاتها - ما أحوجنا إليه الآن - الفارق كبير من رجل بنى خصومته للسادات على إبعاده عن التأثير ، ورجل يكره المتاجره بما يعرف وهو ما يملك الكثير من المعلومات التى ربما لم تنشر عن سنوات حكم السادات .
* * * *
كثير من الزملاء الذين قدسوا هيكل ،لهثوا خلف ركاب جمال مبارك وأبيه ، طمعا في مجرد فرصة للنفاق وعرض البراعة في تدوير المباخر لكن بعد ثورة يناير ،نفضوا أيديهم بسرعة كبيرة ،وراحوا يطلبون صكوك البركة من ميدان التحرير ، حتى أن أحدهم ذهب إلى مكتب النائب العام 48 مرة في عشرة أيام فقط حاملا بيده بلاغات ضد مبارك وعائلته ،وتبارى الجميع في الحديث عن فساد الرجل وحاشيته ،رغم أن أغلبهم كان يحلم بالتمرغ في فساد شلة الوريث ،وشاهدت بعينى وسمعت الكثير من نخبه شاخت في عالم الصحافة والسياسة.
تلك ظاهرة الإستاذ هيكل ،إما أن أكون صانعا للقرار وفي الحكم عن بعد ، وإما الجحيم وباتت ظاهرة " الأستاذ المناوب على الرئيس" أى رئيس .. هى من صنع هيكل ،كثيرون غيروا مواقفهم من الحكم حسب تأثيرهم على الحاكم.
لكنه الأستاذ فضل الصمت ورفض دوما الإنضمام لقافلة الإنتهازيين ،إبراهيم سعده الذي يغيب عن بلاده منذ سنوات ،بسبب بلاغ وقضية لم تقترب من ضمير الأستاذ وإخلاصه ،فهو النجم الذى لو أراد مالا ، لانضم إلى الطفيليين في سنوات الإنفتاح ،ولعب بكل أوراق النفوذ التى يملكها ،ليكنز مليارات ،لا أن يتهم ويبعد عن البلاد من أجل هدايا،ربما يسأل عنها مدير بالمؤسسة وليس إبراهيم سعده.
أيا كان موقفه القانوني ، وأيا كانت المخالفات التى جاء به موتور ، وطالما أنه تم جبر ما قد يكون ضررا على مال المؤسسة. ، فإخلاص إبراهيم سعده لبلاده منذ صباه ،وترفعه عن إستغلال نفوذه أيام السادات ومبارك ،وخوضه معارك صحفية كثيرة ،ولو أن هناك تهمه يمكن توجيهها للأستاذ ،فهى جرأته في التجديد ومبالغته في إحترام نفسه.
* * * *
لو كان إبراهيم سعده يجيد فن التسويق للذات مثل هيكل ،لكان في بيته الآن في القاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.