ترامب: لقاء بوتين وزيلينسكي في مرحلة التخطيط حاليا    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    اتحاد الكرة مهنئا محمد صلاح: إنجاز لم يتحقق من قبل    تأجيل الجمعية العمومية لشعبة المحررين الاقتصاديين ل26 أغسطس    ارتفاع الصادرات المصرية بنسبة 22% في النصف الأول من 2025    احتلال غزة، استعدادات عسكرية إسرائيلية واسعة واستدعاء 50 ألف جندي احتياط    محافظ دمياط يترأس اجتماع لجنة اختيار القيادات    3 قرارات غريبة، بيراميدز يفتح النار على التحكيم بعد التعادل مع المصري    والدة شيماء جمال بعد إعدام القاضي أيمن حجاج وشريكه: كدا أقدر آخد عزاها وهدبح عجل    شديد الحرارة، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الأربعاء    ب 3 رصاصات غادرة، نهاية مأساوية ل "ملكة نيويورك" عن عمر يناهز 33 عاما (صور)    أكلة لذيذة واقتصادية، طريقة عمل كفتة الأرز    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة الإعلامية شيماء جمال.. والأسرة تعلن موعد العزاء    ترامب: لقاء بوتين وزيلينسكي في مرحلة التخطيط حاليا    بعد الإسماعيلي.. بيراميدز منتقدا التحكيم: 4 حالات طرد فى 3 مباريات فقط بالدورى    الإسماعيلي: لن نصمت على أخطاء الحكام تجاهنا    الداخلية: شائعة الإخوان بفيديو مفبرك محاولة يائسة لضرب الاستقرار    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    1 سبتمر.. اختبار حاصلى الثانوية العامة السعودية للالتحاق بالجامعات الحكومية    راحة سلبية للاعبي المصري قبل الاستعداد لمواجهة حرس الحدود بالدوري    هشام يكن: محمد صلاح لاعب كبير.. ومنحته فرصته الأولى مع منتخب الناشئين    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    نقابة الصحفيين تعلن المرشحون للفوز بجائزة محمد عيسى الشرقاوي «للتغطية الخارجية»    «كنت بفرح بالهدايا زي الأطفال».. أنوسة كوتة تستعيد ذكريات زوجها الراحل محمد رحيم في عيد ميلاده    ملخص وأهداف مباراة الريال ضد أوساسونا فى الدوري الإسباني    أسعار الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    تخريج دفعة جديدة من دبلومة العلوم اللاهوتية والكنسية بإكليريكية الإسكندرية بيد قداسة البابا    تنفيذ حكم الإعدام في قاتل المذيعة شيماء جمال وشريكه    عاجل.. تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل الإعلامية شيماء جمال وشريكه بعد تأييد النقض    «تصرف غريب ورفيق جديد».. كيف ظهر يورتشيتش من مدرجات بيراميدز والمصري؟    حملة مسائية بحي عتاقة لإزالة الإشغالات وفتح السيولة المرورية بشوارع السويس.. صور    «مصنوعة خصيصًا لها».. هدية فاخرة ل«الدكتورة يومي» من زوجها الملياردير تثير تفاعلًا (فيديو)    «بعملك غنوة مخصوص».. مصطفى قمر في أحدث ظهور مع عمرو دياب    شاهد.. رد فعل فتاة في أمريكا تتذوق طعم «العيش البلدي المصري» لأول مرة    بعيدًا عن الشائعات.. محمود سعد يطمئن جمهور أنغام على حالتها الصحية    هشام يكن: أنا أول من ضم محمد صلاح لمنتخب مصر لأنه لاعب كبير    رئيس وكالة «جايكا» اليابانية مع انعقاد قمة «التيكاد»: إفريقيا ذات تنوع وفرص غير عادية    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025    حدث بالفن| سرقة فنانة ورقص منى زكي وأحمد حلمي وتعليق دينا الشربيني على توقف فيلمها مع كريم محمود عبدالعزيز    صيانة وتشجير قبل انطلاق العام الدراسي الجديد.. الشرقية ترفع شعار الانضباط والجمال    رجال الإطفاء بين الشجاعة والمخاطر: دراسة تكشف ارتفاع إصابتهم بأنواع محددة من السرطان    الرقابة على الصادرات: 24.5 مليار دولار قيمة صادرات مصر في النصف الأول من 2025    «الإسكان» توضح أسباب سحب الأرض المخصصة لنادي الزمالك    تحتوي على مواد مسرطنة، خبيرة تغذية تكشف أضرار النودلز (فيديو)    رئيس الرقابة على الصادرات: معمل اختبار الطفايات المصري الثالث عالميا بقدرات فريدة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    أمين الفتوى ل الستات مايعرفوش يكدبوا: لا توجد صداقة بين الرجل والمرأة.. فيديو    4374 فُرصة عمل جديدة في 12 محافظة بحد أدنى 7 آلاف جنيه    الشيخ خالد الجندى: افعلوا هذه الأمور ابتغاء مرضاة الله    وكيل تعليم بالأقصر يتفقد التدريب العملي لطلاب الثانوية الفندقية على أساسيات المطبخ الإيطالي    بالصور- وزير العدل يفتتح مبنى محكمة الأسرة بكفر الدوار    بالصور- افتتاح مقر التأمين الصحي بواحة بلاط في الوادي الجديد    «100 يوم صحة» تقدم 52.9 مليون خدمة طبية مجانية خلال 34 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموهير والكستور
نشر في أخبار السيارات يوم 24 - 03 - 2018

عندما قلت للأبنودي إن الأغنية التي كتبها لنجاة، ولحنها الموجي، بها كوبليه - وهو (حبيتك يا حبيبي من غير ما أسال سؤال) - لا يتناسب اللحن فيه مع صوت نجاة، وأن الأولي به محمد عبد المطلب، والأحري به جورج وسوف، صمت وبدا غاضباً. حين أعدت نفس الكلام أمام بوشناق، والشاعر الكبير آدم فتحي، أمنا علي وجهة نظري كثيراً.
لم أتفق مع الأبنودي حول الغناء، كما لم أتفق مع إبراهيم داوود وإن تقاطعت معه في دولة مصطفي إسماعيل، وهذا يكفي.
لم يكن لدينا غيره أصلاً.
ولدتُ في آخر الشمال، في المكان الذي يدلل فيه الذئب أبناءه. لم تكن لدينا موسيقي بعد أذان الديكة وعواء الكلاب غير مزمار فقير لواحد فقير غني بروحه، بشجاعته أن يطلق مزماراً في مكان يعتبر فيه أمثاله شحاذين وجرابيع في أفضل الأحوال.
بعد سنوات حين ذهبت لتونس وجدت أنهم لطفاء جداً يطلقون علي المسكين أو الفقير »مزمّر»‬.
كما يحكون عن عام الفيل كنا نحكي عن السنة التي دقت فيها فرقة السماحي في منطقتنا في فرح بنت الذوات أو عن السنة التي أتت فيها فرقة العوالم.
ظل يوم السبت هو اليوم الحقيقي للموسيقي ، ليلة مصطفي إسماعيل، في قريتنا نكسر الفخار نصنع منه شقافات صغيرة نطلقها فوق سطح الترعة، تعدو ثم تتهادي بهبوط حنون، هكذا كان يفعل بنا الشيخ مصطفي.
يُقال إن السنباطي سأل عبد الوهاب عن إحدي القفلات »‬جبتها منين دي؟» كانت الإجابة: »‬من الشيخ مصطفي».
في جمل سردية كثيرة قد تري تلك القراءة التعبيرية التي ربما - أقول ربما- اكتسبتها من طريقته، من الإيقاع فوق الإيقاع أو تحته.
لم يكن لدينا سوي بعض العديد الذي ذهب معي بعضه إلي رواية (أحمر خفيف) ولبستني الحالة حتي ألفت علي منواله، قال عفيفي مطر إنه لم يسمع بها أبداً أثناء إقامته الطويلة عندنا.
لم يكن لدينا أيضاً سوي مطرب شعبي نراه مرة في العام، بعد أن نجمع من كل حقل كيلة من الأرز نبيعها ونقدم له ثمنها كي يُحيي ليلته التي كانت قصة عن »‬لقيط وجدوه أمام باب الجامع قبيل الفجر» أو قصة »‬سامية وعمارة التي أكل العشق من روحيهما وجسديهما حتي نحلا وأشرفا علي الموت، لنكتشف في آخر الليلة الطويلة أنهما شقيقان في الرضاعة».
شقيقان مع فرقة موسيقية »‬كحيانه» تعزف جملاً جربانة مُستعادة من عبد الوهاب والسنباطي وبليغ يتم موسقتها مع الكلام الجديد.
» بعد صلاة الفجر يا ساده وخدوه الخاينين
وقالوا له تعال تعال يا زين العابدين
وحد».
موسيقي فقيرة وعيشة بالكاد حتي ازدادت أعداد أجهزة الراديو، ولأننا قريبون من البحر كُنا نستقبل مونت كارلو بخفتها اللذيذة، وإذاعة إسرائيل الموجهة إلينا، والتي عرفت منها شادية الكرمل والإذاعات اللبنانية خاصة إذاعة استرايك»، ثم قفزنا مرة واحدة إلي ما بعد الحداثة إلي دنيا عاصي وفيروز، إلي مروان محفوظ وعصام رجي وطوني حنا وأدونيس عقل، إلي هذا الإيقاع المُبهج الدائم الذي يخلق دنيا أخري معاكسة لدنيا إبراهيم داوود الذي يحب الشجن وعن الأبنودي الذي لا يري غناءً خارج الغناء المصري.
في لحظة نادرة قال لو لم يظهر محمد رشدي لما كتبت الأغنيات التي كتبتها له، تلك الأغنيات التي جعلت محرم فؤاد يقول بعتب: »‬يترك الصوت الموهير ويكتب للكستور».
متي نحتاج إلي الموهير في رواية تحتاجه، ويصير رداءها اللغوي، ومتي نحب اللغة الكستور في رواية أخري، ربما كل رواية تخلق قماشها الذي يليق بساكنيها.
أحد الروائيين قال إن وحيد الطويلة كان يلحن كل جملة في روايته قبل أن يكتبها.
هل تستطيع أن تفعل ذلك حقاً!
هل هي كتابة بإيقاع ما قد يغرقك في ما لا تحب أو قد يظهر ما قد يحتاجه النص في موقع ما؟
هل هي كتابة بإيقاع تصنعه الحالة لا أنت، ثم تتقدم أنت لتكسره حتي لا تقع تحت سنابك الغنائية، وإن احتفظت أو اقتربت مما كان يقول الحبر الأعظم للحساسية الجديدة إدوار الخراط حول الموسيقي الداخلية؟
أم هي كتابة الصوت كما قال عبد المنعم رمضان الكبير، تستطيع ببساطة أن تقرأ النص بصوت عال، ربما هو من يلح عليك بذلك أو يرمي بياضه وأصواته بين يديك؟
أكاد أذهب إلي هذا بشبه يقين، نحن أبناء تلك القراءة التعبيرية أحياناً وأحياناً أخري أبناء سخرية زياد رحباني والقدرة علي أن يكتب ويؤلف موسيقي: »‬سلم لي عليه»، كأن خالتي توصيني أن أسلم علي حبيبها الذي لم تطله يداها وفرقتهما الأيام والعادات القبيحة، لتكتشف في النهاية أن زياد المعلم قد كتبها لعبد الله أوجلان الزعيم الكردي حين رآه مشبوحاً ومشلوحاً، وحيداً في طائرة أحد المستبدين الغشام الذين يكرهون كل موسيقي.
كان لدينا ما يُبهج لكنه كان في الهامش رغم وجود محمد فوزي وكتابة المعلم فتحي قورة والحضور الباذخ لصباح، لكن متن السنباطي وزكريا وغيرهما كان أقوي، لذا ليس لدينا كثيراً كتابة بالبهجة، ولذا كان عبد الوهاب ذكياً بما يكفي ليسرق نار الأوليمب وليجعل إبراهيم داوود يقول: »‬إحنا مخلفناش غير عبد الوهاب».
لكننا أنجبنا بليغ حمدي ذلك الذي سحب أم كلثوم من فوق جبل السنباطي وخلع عنها جبتها، وألبسها الغوايش والخلاخيل خلف الجبل لنطير نحن. الذي يعطي كل شخصية الكلام المناسب لها في سرد اللحن.
يُروي عن أم كلثوم أنها قالت إن عبد الوهاب اهتم باللحن علي حساب الكلمات، علا بالجمل حبا حتي هرب منها الحنان.
يقول مغن أفريقي في أغنيته: »‬الحب أن تملأ المعدة بكلامه، الحنان ألا تشبع من كلامه».
لا بأس إذاً أن نكتب بالحنان مرة وبالكستور مرة وبالموهير مرات حيث يجب أن تكون الكتابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.