رفاعه الطهطاوي وقاسم أمين يروي التاريخ أن أول من دافع عن حقوق المرأة المصرية هو قاسم أمين، ووصفوه بأنه أول من حرر المرأة، وغفل المؤرخون الصوت الأول الذي سبق أمين بما يقرب من ثمانين عاما، وهو صوت رفاعة الطهطاوي، الذي خاض وحده وبشجاعة نادرة معركة الدفاع عن حقوق المرأة. رفاعة الطهطاوي، هو صاحب النظرة المتكاملة لقضية تحرير المرأة، نادي بأفكاره في جرأة مواجها المتزمتين عصره، ذلك العصر الذي كانت فيه قيود الحريم تفرض علي كل سيدة في مصر. نادي الطهطاوي، بأفكار جريئة فاقت حدود التصور، بدت في مدحه للرقص الغربي عندما قال: "إنه في واقع الأمر نوع من العيانة والشلبنة لا من العشق، فلذلك كان دائما غير خارج علي قوانين الحياء، بخلاف الرقص في أرض مصر فإنه من خصوصيات النساء لأنه لتهييج الشهوات، أما في باريس فإنه نمط مخصوص لا يشتم منه رائحة العهر". ولما سئل عن مراقصة الرجل للمرأة رد قائلا: "إن وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أو سترهن بل منشأ ذلك التربية الجيدة أو الخسيسة والتعود علي محبة واحد دون غيره وعدم التشريك في المحبة والالتئام بين الزوجين". كما نادي الطهطاوي، بتعليم المرأة ووصفه بأنه حق من حقوقها فقال في ذلك :" إن القول بأنه لا ينبغي تعليم النساء الكتابة وإنها مكروهة في حقهن ارتكازا علي النهي عن بعض ذلك في بعض الآثار فينبغي ألا يكون ذلك علي عمومه ولا نظر إلي قول من علل ذلك". ومضي يقول: "إن دخول المدارس للبنات والغلمان واجب قانونا في جرمانيا، بل أوروبا كلها تعلم البنات والبنين علي قدم المساواة وهذا هو السر في أن بلادهم الآن هي أقوي البلدان". لم يكتف رفاعة، بالكلام فقط وإنما عمل على تأسيس أول مدرسة لتعليم البنات في مصر، فزار المنازل واجتمع بالآباء وناقشهم وذلل العقبات، وأعد عربة مغلقة النوافذ ذات ستائر سميكة تدور على المنازل، وأسدل الستائر على شبابيك المدرسة، ونجح في الحصول على موافقة بعض الآباء وفتحت المدرسة أبوابها. ثم دعا الطهطاوي، إلى عمل المرأة، فقال:" إن كل ما تطيقه النساء من العمل يباشرنه بأنفسهن وهذا من شأنه أن يشغل النساء عن البطالة، فإن فراغ أيديهن من العمل يشغل ألسنتهن بالأباطيل وقلوبهن بالأهواء وافتعال الأقاويل"، وأكد أن العمل يصون المرأة عما لا يليق بها ويقربها من الفضيلة، ومع دعوته بمنح المرأة كل حقوقها، شدد رفاعة، على المرأة بالاحتشام في كل ما تفعله.