ببساطة شديدة نحن نحصد ما زرعناه وحين يؤتى الزرع نتائجه نبكى ونلطم ونولول ونشجب ونستنكر ونستبعد وننكر ونكابر ونتوعد ونكفر وندين ونهدد ونغضب ونزيد عدد المجندين ونوفر لهم الأسلحة ونجعلهم حراسا على الكنائس والسفارات والهيئات الدبلوماسية حتى أصبح الوطن كله يبدو وكأنه «ثكنة عسكرية». لكننى على قناعة أن «الداخل» هو الكلمة الفاصلة الحاسمة المانعة مهما كانت محاولات الخارج فإنها لن تنفع مع وطن يحمل تناقضاته الداخلية بالعدل وتغيير الأسلوب المتحجر فى التعامل مع الموروثات السلفية، ولا يسمح بالفجوة الخيالية بين الفقراء والأثرياء.. ولا يقبل ذكورية الحلول ولا يرحب بالفتاوى الرجعية، ويصادر الشرائط المحرضة على ازدراء النساء وازدراء التغيرات العصرية ولا يمنح الرخص للصحف والأحزاب والقنوات والتكتلات الدينية ويبيد الملصقات الدينية على زجاج السيارات والمترو والتاكسيات وجدران الشوارع «ليس فقط فى موسم الانتخابات» وطن يخجل من مصادرة الإبداع ويعلن صراحة الدستور العلمانى الذى تتساوى فيه كل الأديان بعدم التدخل فى شئون الدولة والحياة اليومية للناس وطن سمح لكل من هب ودب أن يجرجر أصحاب الإبداع إلى المحاكم. وعرفنا الحسبة وازدراء الأديان والإساءة للذات الإلهية وإنكار المعلوم من الدين بالضرورة نتهم بها القصائد والروايات والمسرحيات. حتى بعد توحيد الآذان مازالت تزعق الميكروفونات ومازالت حواديت الخطباء منذ عصر وأد الإناث حواديت وحكايات لا صلة لها بما يعانيه الناس من فقر اقتصادى وفجر مادى وفقر سكنى وفقر عاطفى.. وانعدام فرص العمل والحد الأدنى لحياة أى إنسان عادى لا له فى التور ولا فى الطحين. «التغير» له «فاتورة» غالية لا أحد مستعد أو مؤهل لدفعها أو حتى فهمها. من الذى سيدفع «فاتورة» إبادة الفكر الإرهابى.. و «فاتورة» إشاعة الفكر الحر؟ النساء مشغولات بطاعة الرجال.. والرجال مشغولون بإخضاع النساء، والرجال والنساء الشعب هما الاثنان مشغولان بطاعة رؤوس الطبقة الأعلى.. أو الشريحة المميزة.. أو ماتشات الكورة.. وفساتين نجمات السينما، الذى يستطيع ثمنه إعالة مائة أسرة فى شهر، أو البحث عن كريمات تمنع الشيخوخة. إن أغلب من ينددون الآن بمجزرة الإسكندرية نساء ورجالاً هم أنفسهم الذين هادنوا اللغة الدينية وطالبوا بحرق الكتب الإبداعية الجريئة ومسكوا عصا الدين من المنتصف وهم الذين أصروا أن الدين عند الله هو الإسلام وهم الذين يستخدمون فى مقالاتهم المفردات الدينية المتأسلمة الماشية على الموجة وهم الذين اعترفوا أن الحجاب حشمة وأن النقاب وقار وهم الذين طالبوا بزيادة الجرعة الدينية فى الإعلام المسموع والمرئى والمقروء وهم الذين عند آذان الصلاة يغلقون مكاتبهم ويفترشون مكان العمل سجاجيد الصلاة.. وهم الذين يسخرون من العلمانيين ويكفرون أنصار الدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة وقالوا الإسلام دين ودولة..وهم الذين يمسكون بالسبح فى البرامج الإعلامية يعطوننا الدروس فى سجود الزوجة لزوجها وكيف تفوز توقعاتنا فى البورصة كل هؤلاء مسئولون. كل الحياة حولنا أصبحت كابوسا دينيا إسلاميا متزمتا متطرفا إرهابيا ذكوريا.. رجعيا.. سلفيا.. دمويا.. عنصريا.. مفزعا.. ثم نستغرب أن المجازر تحدث..نحن نحصد ما زرعناه. ونندهش من سفك الدماء رغم أننا لم نتعظ من صفحات التاريخ. ولن نتغير.. وهذا ليس تشاؤما لكنه قراءة متأنية لأحوالنا وكلامنا وتصرفاتنا سنوات طويلة. إلى اللقاء فى مجزرة أخرى. ؟ من بستان قصائدى: هل يجدى كلام القديس هل ينفع وعظ القديسة بينما الصياد ينتظر الفريسة لتبدأ السنة الكبيسة بضرب أفراح الكنيسة ونحن كما نحن بالسنوات نتجادل أهى فتنة.. أم مؤامرة خسيسة؟ أهى فى التربة مزروعة أم مجرد دسيسة؟