«إننى أحب أن أمسح حذاء زوجى، لأنه تعبير عن الاحترام.. والمرأة التى تقول عكس ذلك عقلها مشوش.. لها أجندة استوردتها من الغرب الكافر.. وأفكارها ضد ثوابت الشرع، وضد توجهات الإسلام.. وضد الدين». كان هذا كلام امرأة مسلمة.. محجبة.. موظفة فى إحدى الوظائف الحكومية العليا. قرأت كلامها عن احترام الزوج بمسح حذائه.. وأيضا كلامها عن النساء، والأديان، والرجال، والشريعة، والأحوال الشخصية.. وكيفية فهم الدين، دون أجندة غربية.. وتركت نفسها كأنها، الحاكمة الواحدة الوحيدة على أفكار وتوجهات وعقائد آخرين.. وأعطت لنفسها الحق فى اتهامهم بالكفر غير المباشر.. والعمالة للغرب بشكل مباشر.. وأخذت تنظر.. وتتفلسف.. وتمنح الألقاب، والتوصيات، وتكيل الاتهامات.. كأنها وصية على البشر.. أو كأن أفكارها هى الدين الصحيح.. وكأن مسح حذاء الزوج - الذى تمارسه بفخر - من ثوابت الشريعة.. واستمرت فى لعب دور الداعية الدينية، التى ترى استحالة فصل الدين عن الدولة «اللى بيتكلموا عن الدولة المدنية مش فاهمين».. هكذا ببساطة، شتمت أنصار الدولة المدنية.. والمجتمع العلمانى. وفصل الدين عن الدولة «شعار مصر منذ 1919». ما هو لغز «غرام النساء بمسح أحذية الأزواج»؟ ما هو سر العلاقة بين مسح حذاء الزوج والاحترام؟». وأنا لست ضد، أن المرأة حتى تعبر عن احترامها لزوجها، أن تمسح حذاءه.. ولكن بشرط أن الرجل أيضا، حتى يعبر عن احترامه لزوجته أن يمسح حذاءها. هنا لا توجد مشكلة، لأن الاحترام له مكيال واحد.. والتقدير له مقياس واحد.. والتبجيل له معيار واحد، ويطبق على الزوج، والزوجة، وهو مسح الأحذية. فى عصور العبودية، وأزمنة الأسياد، والعبيد، كان العبد، يجلس على الأرض.. ويمسح حذاء سيده، وينظفه.. كجزء من وظائف المسح، والتنظيف، الموكلة للعبيد. حيث كان مسح الأحذية. أكثر الأعمال، ازدراء وإهانة للعبيد. لقد فاتت عصور العبودية، لكن جوهرها بمعنى وجود طرف «أعلى».. ووجود طرف «أدنى».. مازال موجودا فى العقول، والعقيدة والنفوس والوجدان.. وطالما هناك «أعلى» و«أدنى» فورا توجد ازدواجية المقاييس الأخلاقية. المرأة تتعلم.. وتشتغل.. وتأخذ مرتبها المستقل.. وتترقى فى سلم الوظائف.. وقد تصل إلى وظيفة وزيرة، أو سفيرة.. أو عميدة جامعة.. أو عالمة ذرة.. أو جراحة بارعة.. أو رئيسة تحرير.. أو رئيسة مجلس إدارة شركة، أو فندق، أو مؤسسة.. أو رئيسة وزراء أو فنانة شهيرة.. أو محامية ماهرة لا تخسر أى قضية.. أو متخصصة نادرة فى النانو تكنولوجى. ويكون تحت إدارتها رجال بشهادات عليا، وخبرات فذة.. وإنجازات هائلة فى مجالهم. لكنهم جميعا «تحت» رئاستها.. وأمرها فى العمل. لكنها تعود إلى البيت، بسيكولوجية العبودية، فتمسح حذاء الزوج.. احتراما له.. وذلك امتداد طبيعى لمسحها أرضية المطبخ، احتراما للمطبخ.. ومسحها لأرضية دورة المياه، احتراما لدورة المياه.. ومسحها شهوات الزوج، احتراما لشهوات الزوج.. ومسحها التراب من على الموبيليا، احتراما للموبيليا.. ومسح بقايا الصلصة من على البوتاجاز، احتراما للبوتاجاز. بالإضافة إلى ذلك الامتداد الطبيعى، الذى ربط النساء، بعملية المسح تاريخيا، فإن بعض النساء يشعرن بالذنب لتحررهن من القهر الذكورى التقليدى.. ولذلك يمسحن الحذاء.. لكنهن يمسحن فى الحقيقة، إثم التحرر وخطيئة الاستقلال. أما الزوج، إذا امتدت يده، ليمسح أحد هذه الأشياء، ليعبر عن احترامه هو الآخر.. فتتم إدانته حتى فى نظر أقرب الناس إليه زوجته وأولاده، بأنه «غير مسترجل» و«خاضع» و«مطيع»، و«غير محترم».. و«ضعيف الشخصية» أو «ملوش شخصية خالص».. أو «راجل بيت درجة أولى».. أو «زوج مسالم».. أو «زوج واخد باله من بيته وعياله».. حتى لو كان بيشتغل «طبّاخ».. أو «فراش».. أو «مدير مطعم» وهذه هى مؤهلات نجاحه. فى رأيى الشخصى، طالما النساء مازلن يمسحن أحذية الأزواج، ستظل مجتمعاتنا، عاجزة عن مسح غبار التخلف.. ومسح بصمات الذكورية، ومسح بلاط، أزماتها الحضارية، المتراكمة، والمتزايدة. فى رأيى الشخصى، طالما أن النساء، يمسحن أحذية الرجال، لن تلبس مجتمعاتنا، أحذية التقدم. من بستان قصائدى حينما أتحدث عن الحرية ويتهموننى بأننى «غربية» أفرح، وأزهو، وأبتسم.. لأننى أنتمى إلى حضارة راقية منذ مئات السنوات كسّرت القيود الحديدية وكل يوم.. بشىء جديد تفيد البشرية وليست حضارة مازالت عاجزة عن لمْ القمامة من الشوارع