«محمد الشرنوبي» و«أحمد مالك».. وجهان شاهدناهما في رمضان هذا العام من خلال عملين مهمين.. هما بالترتيب «قصة حب» و«الجماعة» ورغم صغر سنهما، خاصة أن كلاً منهما لم يتجاوز بعد السادسة عشرة، إلا أنهما وجدا نفسيهما فجأة علي شاشة التليفزيون في وجه التطرف، فالأول تحول علي الشاشة إلي «عبدالرحمن» المراهق الذي سافر أبوه «ليجاهد» في العراق بدعم من جماعات إسلامية، بينما أمه منتقبة.. ليجد نفسه فريسة لنفس الأشخاص الذين قادوا أباه إلي مصيره المظلم.. ويتحول المراهق المسالم إلي قنبلة موقوتة علي استعداد للانفجار في وجه مجتمع كامل بأي لحظة. أما «أحمد مالك» فقدر له أن يجسد شخصية «حسن البنا» صغيرًا، وأن يتسلح بأسلحته التي اكتسبها في مرحلة سنية صغيرة، وأن يكون هو لسانه والمعبر عن حاله.. عن التطرف الذي زرع بداخله وكبر يومًا بعد يوم.. «أحمد» حمل علي عاتقه هذه المهمة الصعبة وأثبت أنه كان علي مستوي المسئولية.. رغم كل مخاطرها. «محمد» أيضًا استوعب دوره جيدًا في «قصة حب»، وفهم كيف يتحول مراهق في مثل عمره بمنتهي السهولة إلي متطرف بين ليلة وضحاها. تعلم بالطبع أنك تجسد دورا صعبا، فأنت هنا أمام مراهق متطرف يكاد يتحول إلي قنبلة موقوتة.. كيف تعاملت مع هذه الصعوبات؟ - «عبد الرحمن» أصابني باكتئاب شديد لأني لم أكن متصورا أن هناك شخصية بهذا التطرف والانغلاق.. فكل شيء بالنسبة له حرام.. والأشياء الوحيدة التي يراها هي فقط الصواب «الجهاد والصلاة والعبادات».. حتي طريقته مع أمه ومع الناس كانت مزعجة.. وتسيطر عليه بشدة فكرة الانتقام لأبيه.. «عبد الرحمن» شخصية متشددة جدا، وحتي الصواب يراه علي أنه خطأ.. هو شخصية مستحيلة بالنسبة لي ولا أتصور أنه يمكنني أن أكون أبدا مثله.. ولا أتصور أن في وقتنا هذا وفي مرحلتي العمرية علي الأقل من يجب أن يكون بهذا التشدد. إذن كيف استطعت أن تتعرف علي الشخصية عن قرب حتي يمكنك الإلمام بتفاصيلها؟ - لن تصدق ما فعلته.. فقد أصررت علي الالتقاء بشخصية شبيهة بشخصية «عبد الرحمن»، وسألت أحد أصدقائي فأخبرني بأنه يعرف شخصية بالمواصفات التي أبحث عنها.. وبالفعل توجهت إلي أحد المساجد وقابلت الشخص الذي أخبرني عنه صديقي.. لم أخبره بأني ممثل لأني لم أشأ أن يتحفظ في حديثه معي.. اكتفيت بأن أقول له إني أريد التعمق أكثر في الدين وأن أكون صديقا له. مستواه الاجتماعي ليس متوسطا وليس ضعيفا.. الحقيقة أني صدمت من هيئته فلحيته كثيفة جدا رغم أنه في نفس مرحلتي العمرية ويرتدي جلبابا قصيرا.. هيئة ربما لم أصادفها من قبل.. وإنما آراؤه كانت بمثابة الصدمة الكبري بالنسبة لي، لدرجة أني لم أقابله بعدها خاصة أن وجهه كان عبوسا جدا. ما اندهشت له هو عندما سألته: كيف أكون مسلما حقيقيا؟ فأخذ يخبرني بأن الجهاد هو معني التدين الحقيقي.. لم يخبرني وقتها أن هناك أشياء يمكن التعامل معها علي أنها حلال.. فكل شيء كان حراما بالنسبة له.. التليفزيون حرام.. السينما حرام.. وتقريبا كل شيء، بمعني كلمة كل شيء، حرام. أي شخص في عمرك كان من الممكن أن يقتنع بسهولة بما كان يقوله.. لماذا وجدت كلامه غريبا وغير منطقي؟ - لأني مقتنع بما أفعله.. وبما أعرفه.. أعرف أن هناك فروضًا أساسية علينا الالتزام بها مثل الصوم والصلاة والزكاة.. وأعرف أن المسلم يجب أن يكون وسطيا وفي نفس الوقت لا أريد أن أكون مبالغا أو «أوفر»، وفي نفس الوقت لن أكون منحرفا.. أي لن أقترب من الأخطاء الكبري وفي الوقت ذاته لن أحمل نفسي فوق وسعها. ولذا يمكنك القول إني كنت واثقا من نفسي ومن أن الذي أفعله هو الصح، فلست من الناس الذين تستطيع أن تخضعهم لعملية «غسيل دماغ».