كتب : سالم الشهبانى أخضر أخضر كأنى الشجر.. طارح فى ليل أبريل كأنى سور الحديد على كوبرى قصر النيل صندوق رسايل بريد شايل جواب أو صورة عصفور كناريا وحيد.. وإشارة مكسورة والليل كأنه سور.. بيعكس الصورة أنا ف مكانى بَادُور.. وانتى الحياة تنورة أصفر أصفر بلون الرياح والهشيم بلون ترام إسكندرية القديم وماشى ودروبى.. ماشية عكسى كأنى الإشارة على سقف تاكسى كأنى الفِرِيسْكَة ف إيدين العيال.. برايز نحاس.. وحَظِّى ونَحْسِى تذاكر لمترو لحد السادات ونور كشافات الحكومة اللى بات.. يعاكس ف حارس من الهم غَفِّل .. على كرسى أصفر بيحرس نوادى ..مراكب ..بارات.. وتكبر ف قلبه شوية حاجات همومه .. وفقره وحلمه اللى مات على كرسى أصفر وِيِصْغَر .. وِيِصْغَر .. وِيِصْغَر .. وِيِصْغَر أمام المبانى اللى خلفه بِتِكْبَر .. وتِكْبَر.. وتِكْبَر .. وتِكْبَر فَيِدْبَل وِيِنْشَف على كُرسى أصفر/ على حَدّ سِيْف ويرحل يِفُوْتِك .. ورق فى الخريف دواير ف مَيَّة بِتِكْبَر .. وتِكْبَر.. وتِكْبَر.. وتِكْبَر وِيُوْصِل شطوطك فَيِصْغَر ويِصْغَر.. ويِصْغَر.. ويِصْغَر وِيِصْبَح رِمَال ويصبح فريسكة ف إيدين العيال.. رياح أو هشيم تذاكر لمترو.. الترام القديم.. برايز نحاس إشارة لتاكسى بيكسر إشارة.. ويقطع طريق اللى جاى فى العبور فى لحظة ما قام.. صاحبنا اللى نام.. على كرسى أصفر يجيب الفطور يِصَادِم فى تاكسى ف إشارة مرور.. وكان لونها أصفر فى لحظة ما مات.. ونور كشافات الحكومة اللى بات.. لوحده الليلة دى على كرسى أصفر أزرق أزرق بلون الطفولة الجميلة ووَشْم ف جبينك بيضوى ويُبْرُق.. هلال لُوْنُه أزرق أزرق بلون الفراشة اللى حَطِّتْ على قلبى لحظة.. وكان لونها أزرق.. أزرق بلون التوت اللى طابع ف كَفِّى بِالاَزْرَق ورُبْع الجنيه اللى باقى فِ جيب قميص جينز أزرق وعفريتة زَرْقَا فى ورشة خراطة ملابس لأمن فى مُجَمَّع إدارى وَبَصَّامَة زَرْقَا فى مكتب بريد... لأمى اللى داخت سنين ع المعاش تِلِمّ ف بقايا اللى فَاتُه أبويَّا بصبر ومحايلة وطرحة وشاش... وكيس لُونُه أزرق فى قلبه مَهِيَّة... بطاقة أبويا... و(كعب الحكومة).. وسَرْكِى المعاش وصورة لابويا وهُوَّ ف غيابه جناينى وشايل على كتفه فَاس بِيِشْقَى وِيِعْرَق...وِيِغْرَق ف غُرْبَة بِتَاكُل فى نَاس... بِنَاب لُوْنُه أزرق أزرق كأنى الواد اللى قاطع جيب القميص عشان بنت واقفة بِتِبْكِى وخايفة تخش الطابور فَيِهْدِيْهَا جيبُه منديل قماش... وكان لونه أزرق. أزرق بلون الضجيج ف الشوارع وبوكس الحكومة اللى شايل غلابة بلا أىّ تهمة على الحلم صادر مجرد طوارئ.. وتقفيل محاضر.. مجرد روتين أزرق بلون الغباء اللى شايفه ف عين (الأمين) أزرق بلون هدوم السجين أزرق بلون السنين اللى فارقة ما بينى وما بينك وبين الطُّرُق أزرق بلون الحنين اللى صابنى فى لحظة ما سِبْتِك وَصَابْنِى الغرق أحمر أحمر بلون النجوم اللى ضَوِّتْ فى كُرَّاسة فيها امتحان للحساب أحمر بلون الشموس اللى دَلِّتْ حِبَالها وراحت وحيدة فى قلب الغياب أحمر بلون الخجل والكسوف على وش بنت بِتِهْدِيْنِى رُوحهَا وجناحها فَاطِيْر وِبَهْدِيْهَا روحى وبَرَاحِى تِغَنِّى كَمَا زقزقات الطيور فى الغدير أحمر بلون الدماء اللى صرخت على رمل غزة فى صَبْرَا وشَاتِيْلا ومَجْدَل ويَافَا وحَاضرَة وحِيْفَا وعَكَّا ونَابْلُس وباب الخليل أحمر بلون الحدود ع الخريطة ما بين البلاد أحمر بلون الدماء ع القميص وبابل بتسقط فريسة (لحيث) بلا أىّ حارس أحمر بلون الحَصْبَة اللى صَابِتْ جِلْدِى فى مارس شعاع شمعة حَمْرَا يزيد المكان احمرار فى العيون ويمنع زيارة أخويا لسريرى.. ما فيش حد غيرى فى هذا المكان فى هذا المكان ما فيش حد غيرى سوى راديو أحمر فى طرف السرير خيالى اللى نايم قصادى ف حيطة بجسمى الصغير.. وجسمه الكبير أقولُّه: سلامتك .. يقولِّى: سلامتك أشاور: تعالى .. يشاور: تعالى أَغَنِّى/ يِغَنِّى... بلا أى صوت وأبكى/ عيونه ما تِنْزِفْشِ دمعة وجودى فى حياته مرهون بموت وجوده فى حياتى مرهون بشمعة أحمر بلون الصدى ع الرمال وِكُنَّا عيال طُمُوحْنَا يمامة فى شجرة كافور وأكبر جريمة فى حياتنا نغافل غفير الجنينة.. ونسرق عَصَايْتُه ونهرب طيور.. أحمر بلون الإشارة فى مرور بِتِمْنَع وُقُوفِى فى قلب القصيدة وِتِجْبِرْنِى افُوت النهاية لِمُوْتِى يضيف للقصيدة الشطر الأخير أبيض أبيض كأنى سحابة صيف بتمر طيف ع الحياة تضحك لنور الشمس وتقول لطريق اسمح لى أصالح قصيدتى وحيدتى ليّلى شارع قديم بيشدنى لعمر راح وسنين بريئة سنين حنونة سنين بتشبه رقصة حصانى الخشب لوحده ف البلكونة سنين بتشبه نزول الخط من ع السطر تشبه ضياع بالونة من شباك القطر تشبه ندى ع الورد قلقان خايف م السقوط بلياتشو يضحك عليه جمهوره وهوا بيموت يضحك لبنته يقولها :شوفى تنزل دموعه ف حضنها تبلل الطوفى يبكى كأنه عصفور ع النار رقص مامتش من سجنه مات من وحدته ف القفص أبيض كأنى خجل البنات كشكول بتحضنه بلوزة بياع الفل بيعاكس المرسيدس والكشافات ف عينيه يرقص فى قلب الإشارة كأنه بلياتشو أو راقص باليه أبيض كأنى نور فى الميدان بيجبر الماشيين على عبور الرصيف حرصاً على النجاة أبيض كأنى سحابة صيف بتمر طيف ع الحياة أسود ضلى على الأسفلت وبدلة العسكرى السودا أجبرونى على الوقوف صف تانى والكلام عن لون ماحبتهوش لون يساوى خوف من غيب مابعرفهوش أو غياب بيساوى خوف من لون ماحبتهوش لون يساوى طرحة أمى ودمع بيبلل هدومى لون يساوى موت غفير الدرك فى المستشفى الحكومى لون يساوى ظلم ظابط لبياع مناديل فى الإشارة بيهينه بالركل والضرب لون يساوى قسوة الواقع من النظر عن قرب لون مابيخيلش غير للغلابة واللى ساكنين الرصيف واللى بيموتوا فى الطابور بحثاً عن رغيف لون يسيبنى كل مرة قدام سؤال إيه اللى ممكن يعمله الشعر لإنسان ضعيف؟ إيه اللى ممكن يعمله الشعر لقصيدة ف الشارع بتعصى ع التصنيف؟ قصيدة تشبه ندا بياع على فرشته حارس وانتظاره لسبَتْ محدوف من السادس تشبه سقوط الورق فى شهر مارس تشبه خريف قلقان وخصلة سودا فى شعر عانس تشبه سقوطى وانكسارى قدام بكا طفل بيمد إيده للناس ب علبة المنديل قصيدة تشبه مباشرة الشارع بلا تجميل .. بلا رتوش قصيدة تشبه وقوفى صف تانى والكلام عن لون ماحبتهوش يقول سالم الشهبانى: «والدى كان يعمل خفيراً فى أحد مشاريع منطقة حلوان، ورغم قلة تعليمه إلا أنه كان مثقفاً وظل يسقينى من خبرته، ووفاته كانت السبب الرئيسى فى اكتشاف قدرتى على كتابة الشعر، فكانت هى أول مواضيع أشعارى التى بدأت بالفصحى» انتقل سالم مع عائلته من الحياة البدوية بسيناء إلى منطقة «عين حلوان» وهو مازال فى الخامسة من عمره.. عاشوا فى شكل تكتلات مع البدو الذين هاجروا إلى هذه المنطقة فى ذلك الوقت.. وبالرغم من صغر سنه آنذاك إلا أن الحياة البدوية ظلت عاملا مؤثرا فى شعره، فيتذكر قائلا: «الشعر موجود دائما فى مراسم أفراح البدو والاحتفالات متمثلاً فى أغانى «السامر والتحية» التى يتم ارتجال أشعارها بالكامل بواسطة «الرذيع والسنيد» فالأول يقوم بارتجال مطلع القصيدة والثانى يكمل ما وقف عنده الأول». وعن ذكريات طفولته مع والده فى صحراء سيناء يقول سالم: كُنتُ أذهب مع والدى إلى مجالس «قطع الحقوق» أو كما يتم تداولها «مجلس حق عرب» الذى كان يعقد لفض النزاعات والخلافات حيث كان يتم الاستشهاد بالشعر فى معظم الأحاديث. وفى نفس الوقت أحب حياة المدينة وشدته ما تسمى ب«الفرجة الشعبية» التى تتمثل فى فقرات الساحر والحاوى والأراجوز وجميع الفنون الشعبية التى كانت تقابلها بعض المظاهر البدوية المختزنة فى ذاكرته وأحب أيضاً نداءات البائعين المتجولين الذين يجملون بضاعتهم ويغنون لها مثل بائع البلح الذى يغنى «حنوك وأنا غايب يابلح.. وبعد نوم العلالى بقيت تتباع فى مشنات يا بلح» وبائع المشمش الذى يغنى «وشوشنى وقولى أبيعك بكام يامشمش».. لم تغب أيضاً ألعاب الطفولة عنه فمارسها كلها «كالاستغماية ومساكة الملك» وقال أن هذه الألعاب أعطته قدرة كبيرة على الابتكار والتخيل الواسع داخل بيئته الجديدة، وهو الآن فى المراحل الأخيرة لديوانه «القطة العمياء» الذى يستعرض من خلاله الألعاب الشعبية. سالم الشهبانى يبلغ من العمر 29 عاما ويعمل مديرا لقصر ثقافة عين حلوان، وذلك بعد أن «اتبهدل» كما يقول مثل معظم الشباب الذين فى سنه.. فأثناء دراسته بكلية الحقوق التى كانت له بمثابة الحلم عمل فى أحد الأعمال الكتابية بنفس المشروع الذى عمل به والده خفيراً ثم تنقل بين المبيعات وشركات فلاتر المياه كما عمل بالإعداد التليفزيونى حتى استقر فى قصر الثقافة