خلال 10 دقائق من إطلاقه من قاعدة كورو الفضائية - التي تبلغ مساحتها 700 كيلومتر مربع - ب «جيانا» بأمريكا الجنوبية، كان القمر الصناعي «نايل سات 201» يحلق فوق قارة أفريقيا - كما توقع الجميع - سواء المسئولين عن وكالة فضاء كورو وعلي رأسهم «جورن تجادان» أو مدير مركز التحكم الأرضي «جول باري» أو رئيس مجلس إدارة شركة إريان سبيس نفسها المصنعة للصاروخ «جان إيف لوجال» أو مسئول شركة تاليس إلينيا سبيس المصنعة للقمر الصناعي «نايل سات 201» إيمانويل جراف، أو المهندس صلاح حمزة العضو المنتدب للشئون الفنية للشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات» أو اللواء «أحمد أنيس» رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات». الإطلاق الذي تم الأربعاء الماضي سبقته جولة لموقع الإطلاق لمشاهدة الصاروخ «إريان 5» ومركز التحكم الأرضي الخاص بإطلاق القمر الذي تم بقدرة فائقة وعلي أعلي مستوي بدرجة لم تتحقق من قبل باعتراف كل هؤلاء المسئولين أنفسهم، التخوف والقلق الذي أصاب الجميع قبل إطلاق القمر الصناعي «نايل سات 201» كان بسبب موجة هطول الأمطار الشديدة التي أصابت «جيانا» قبل موعد الإطلاق بأسبوع، والتي كانت تستمر في أحيان كثيرة ل 17 ساعة متواصلة، الخوف والقلق هنا لم يكن بسبب هطول الأمطار فقط، وإنما كان بسبب الخوف من تزايد هذه الموجة لتصل إلي صواعق وبرق، وهذا هو الخوف علي الصاروخ من الإطلاق، باعتبار أن الصواعق والبرق من الممكن أن يكون تأثيرهما خطيرا علي الصاروخ لأنه معبأ بالوقود والتوصيلات الكهربائية التي من الممكن - لا قدر الله - أن تكون سببا في تحطيم الصاروخ، حتي هذا الاحتمال لم يقلق اللواء أحمد أنيس الوحيد الذي كان خارج إطار القلق والخوف، وفي هذا الشأن يقول: هذه الجزئية لم تخفني والسبب أن التعاقد مع شركة التصنيع شمل التصنيع والإطلاق والتأمين، معني هذا أن الصاروخ إذا حدث له مكروه لن يعود علينا بأية خسارة، بل الشركة هي المسئولة عن صناعة قمر آخر وصاروخ آخر، لكن «مقدرش أقول خوف» إنما «أقدر أقول شعور» إنه في حالة عدم إطلاق الصاروخ كيف يكون شعورنا كمصريين سواء نحن كمسئولين أو الناس العاديين، الذين كانوا يترقبون لحظة الإطلاق، فشعور عدم التوفيق والنجاح شعور مؤلم تمنيت ألا نعيشه جميعا، وهو ما تحقق بفضل الله في سابقة هي الأولي من نوعها في إطلاق الصواريخ، سواء من حيث سهولة الإطلاق وتنفيذ كل الخطوات التي تم رسمها للإطلاق بدقة حتي لحظة انفصال أجزاء الصاروخ الأخري عن الجزء الذي يحمل القمر الصناعي ليستقر في مداره بعد 30 دقيقة من لحظة الإطلاق وصولا إلي استقبال الإشارة التي تطمئننا وتؤكد لنا أن عملية الإطلاق تمت بنجاح، وأن القمر جاهز الآن لاستقبال أية أوامر لتشغيله وأن وظائفه بالكامل أصبحت حيوية، هذه الإشارة وصلت إلينا بعد 50 دقيقة من الإطلاق الذي شاهدناه رأي العين، من شرفة قاعة جوبيتر التي تضم مركز التحكم الأرضي الخاص بإطلاق القمر في مشهد مثير لا يتكرر كثيرا، ويعتبر من اللحظات النادرة في حياة الإنسان، الصاروخ الذي كان يسير بسرعة 120 ألف كيلو في الساعة - بمعدل 2000 كيلو في الثانية - بمجرد أن قام بمهمة توصيل القمر إلي مداره الرئيسي انفصلت بقية أجزائه لتحترق في الغلاف الجوي. أنس الفقي الذي شارك الجميع فرحتهم بإلقاء كلمته عبر الهاتف كان من المفترض حضوره حفل الإطلاق، إلا أن هناك ظروفا جعلته يغيب عن هذه الاحتفالية، حيث قال: الآن ندخل إلي عالم الجيل الثاني من الأقمار الصناعية الأكثر قدرة وكفاءة علي تحقيق أعلي معدل خدمة للبث التليفزيوني الفضائي. اللواء أحمد أنيس أكد: البنية الأساسية للإعلام المصري خطيرة وهذه البنية هي جهد ناس وتاريخ طويل من الزمن وإنجاز حقيقي تحقق علي أيديهم، ولولاهم ما وصلنا إلي هذه الطفرة الإعلامية التي يعجز عن الوصول إليها كثير من الدول العربية والأفريقية، ويكفي أن مصر هي البلد العربي والأفريقي الوحيد الذي لديه 165 مركزا للإرسال. أحمد أنيس أكد أيضا أنه سيتسلم القمر لتشغيله بعد شهر من الآن، وبعد أن تم إجراء الاختبارات اللازمة عليه خلال هذا الشهر، وأضاف أن طابور الراغبين في تأجير قنوات علي القمر الصناعي الجديد طويل، ولذلك سيتم تشغيله فور استلامه ليعمل جنبا إلي جنب مع القمرين الآخرين «نايل سات 101» و«نايل سات 102» حتي ينتهي العمر الافتراضي لل «نايل سات 101» عام 2013 ليحل محله «نايل سات 201»، وعما إذا كان القمر الصناعي «نايل سات 201» آخر الأقمار الصناعية المصرية أكد «أنيس» أن هذا ليس مقررا الآن، فالمسألة تحتاج إلي دراسة طويلة، خاصة أن «نايل سات 201»، درجة استيعابه للقنوات أكثر، حيث تصل سعة القمر إلي 1000 قناة، وهو ما يحقق لنا وفرة في استيعاب كل القنوات سواء الموجودة علي «نايل سات 101» أو «نايل سات 102» ولفترة زمنية طويلة تصل إلي 15 عاما هي العمر الافتراضي للقمر الجديد «نايل سات 201»، إذن المسألة صعبة، لأنك لا تعرف ما الجديد التكنولوجي الذي يخرج علينا في اليوم التالي، ومن هنا التفكير في تصنيع قمر صناعي آخر لن يكون قبل عام أو اثنين من الآن، وحتي يقترب موعد انتهاء العمر الافتراضي لل «نايل سات 102». القمر الصناعي «نايل سات 201» رغم تكلفته التي وصلت إلي 237 مليون دولار، إلا أن «أنيس» يؤكد أن هذا الرقم قليل بالنسبة لتصنيع أقمار أخري قامت بتصنيعها بعض الدول مثل الإمارات وقطر الذي تكلف قمر كل دولة منهما 300 مليون يورو، أي ضعف ما تكلفه قمرنا، وأضاف «أنيس» أن تكلفة القمر دفعتها الشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات» بالكامل دون أن تحمل الدولة أية أعباء مالية، وتم الدفع بنظام القرض، بمعني أن الشركة دفعت 39% من المبلغ من فلوس الشركة مباشرة و61% تم دفعها من خلال قروض من البنوك علي أن تسدد هذه القروض علي 7 سنوات بفائدة ثابتة غير مركبة. المهندس صلاح حمزة - العضو المنتدب للشئون الفنية للشركة المصرية للأقمار الصناعية «نايل سات» - قال إن «نايل سات 201» إضافة للشركة التي يسهم فيها اتحاد الإذاعة والتليفزيون بالنصيب الأكبر، وأن عملية إطلاق الصاروخ الذي يصل وزنه إلي 750 طنا وانفصاله عن الأرض ليحلق في الفضاء، كان بمثابة انفصال جنين عن بطن أمه لتدب فيه الحياة. اقرأ أيضا تقرير في اليوم الثامن ص 100