اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام تعقد اجتماعها الختامي    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الإصطناعى    نائب محافظ المنوفية يتابع استلام مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»    محافظ القاهرة: استمرار معرض مستلزمات الأسرة برمسيس لمدة أسبوع    مباحثات مصرية - إماراتية لتعزيز التجارة والاستثمار والتعاون بالقطاعات ذات الأولية    فتح تجدد رفضها لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة أو اقتطاع أجزاء منه    زيلينسكي يأمل عقد لقاء في أوكرانيا مع مسؤولين أمريكيين وأوروبيين    الصين تفرض عقوبات على 20 شركة أمريكية ومسؤولين تنفيذيين ردا على صفقة أسلحة لتايوان    أمم أفريقيا 2025| «مصر ضد أنجولا» 22 مباراة لحسام حسن مع منتخب مصر    النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل برج العرب    بسبب خلاف على الأجرة.. ضبط قائد سيارة هدد راكبًا بعصا خشبية في القليوبية    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    وفاة والدة هاني رمزي بعد صراع مع المرض    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    هيئة الإسعاف تدرس تحريك أسعار بعض الخدمات غير الطارئة    كشف ملابسات واقعة إتلاف سيارة بالمنوفية وضبط المتهمين    تعرف على مواعيد إقامة معارض مبادرة مشروعك بمراكز ومدن محافظة كفر الشيخ    محافظ الشرقية يُشيد بمجهودات الوحدة العامة لحماية الطفل    رئيس الوزراء يُتابع إجراءات رفع كفاءة أداء الهيئات الاقتصادية    آدم وطني ل في الجول: محمد عبد الله قد ينتقل إلى فرنسا أو ألمانيا قريبا    ريال مدريد يرد على طلب نابولي بشأن ماستانتونو    الاتحاد الدولي للسكري يعترف رسميًا بالنوع الخامس من مرض السكري    الأزهر ينتقد استضافة المنجمين والعرافين في الإعلام: مجرد سماعهم مع عدم تصديقهم إثم ومعصية لله    حصاد 2025 في قطاع التعليم بأسيوط.. مدارس جديدة وتطوير شامل للبنية التحتية وتوسعات لاستيعاب الزيادة الطلابية    مراد مكرم يطرح أغنية جديدة في 2026: التمثيل عشقي الأول والأخير    وزير الصحة يستقبل نظيره التركي بمطار القاهرة الدولي    وزارة السياحة الفلبينية: المنتدى المقبل للآسيان فرصة لمناقشة استدامة السياحة وتحقيق التعاون الإقليمي    تايلاند وكمبوديا تتفقان على ترسيخ وقف إطلاق النار وإعادة بناء الثقة السياسية المتبادلة    أحمد عدوية.. أيقونة الأغنية الشعبية في ذكرى رحيله الأولى    "دورة محمد جبريل".. الثقافة تكشف تفاصيل مؤتمر أدباء مصر في العريش    ذا بيست - دبي تستضيف حفل جوائز الأفضل في 2026    طاهر أبوزيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    ماذا بعد انضمام أوكرانيا لتدريبات الدفاع الجماعي في الناتو؟    وزير الخارجية يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة العام الميلادي الجديد    التحقيقات تكشف مفاجآت في واقعة الهروب الجماعي من مصحة الجيزة    عاجل- الحكومة تعلن خطة هيكلة شاملة للهيئات الاقتصادية: تصفية 4 ودمج 7 وتحويل 9 لهيئات عامة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    محافظ قنا ينعى المستشارة سهام صبري رئيس لجنة انتخابية توفيت في حادث سير    محافظ الإسكندرية يوجه برفع درجة الاستعدادات للتعامل مع موجة الطقس غير المستقر    وزارة التضامن الاجتماعى تقر تعديل قيد جمعيتين في محافظتي القليوبية وكفر الشيخ    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    ارتفاع جماعي في مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة اليوم    السينمات المصرية على موعد مع فيلم «الملحد» نهاية ديسمبر    نتنياهو يلتقي ترامب في الولايات المتحدة لمناقشة مستقبل الهدنة في غزة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    مناورات صينية واسعة تطوّق تايوان    أشرف صبحي يناقش ربط الاتحادات إلكترونيا وتعزيز الحوكمة الرياضية    قطرات الأنف.. كيف يؤثر الاستخدام المتكرر على التنفس الطبيعي    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    مباحث العبور تستمع لأقوال شهود العيان لكشف ملابسات حريق مخزن كراتين البيض    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    بشير التابعى: توروب لا يمتلك فكرا تدريبيا واضحا    ما هو فضل الدعاء وقت الفجر؟    لا رب لهذه الأسرة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. والراسبون ليسوا فاشلين لدينا أهداف أخري أهم من الثانوية العامة

إعلان نتيجة الثانوية العامة بالنسبة للطلبة وذويهم هو مثل إعلان بكارة البنت في ليلة الدخلة البلدي.. النتيجة المعلقة علي باب المدرسة هي بمثابة المنديل الذي يحمل نبأ البكارة.. ومن تكون نتيجته «راسب» يكون برسوبه قد لوث شرفه وشرف العائلة الكريمة.. وعلي طريقة غشاء البكارة الصيني يقوم بعض الطلبة الراسبين بمحاولة اللعب بالقلم الحبر علي درجاتهم المعلقة علي باب المدرسة فنجد ال1 تتحول إلي 6 أو 9 والصفر إلي 5 أو إلي أي رقم يريده الطالب درءا للعار والفضيحة. في كل عام تملأ صور أوائل الثانوية العامة الصحف والمجلات وتتهافت الكاميرات علي تصويرهم وإجراء حوارات معهم، فهؤلاء هم الأبطال الذين اجتازوا كل حفر ومطبات ومصاعب مغامرة الثانوية العامة.. ولا يخفي علي أحد أننا لا نسمع عنهم بعد ذلك ولم يحدث أن أحدنا سمع عن أي من العلماء أو النابغين في أي من المجالات أنه كان من أوائل الثانوية العامة.
لذلك نحن هنا وعلي هذه الصفحات قررنا أن نحاور الراسبين ليس تشجيعا للرسوب والفشل بالطبع، لكننا أردنا إجراء حوارات مع عدد من الشباب الذين رسبوا في الثانوية العامة، ونحن نعتقد أنهم يملكون شجاعة حقيقية حيث تحدثوا لنا في زمن يوصم فيه من حصل علي 90% بأنه فاشل.. وقد أردنا أن نعرف من هؤلاء الذين لا يأبهون بهذه السنة الذي يجمع الشعب المصري كله علي خطورتها، هل هم متمردون؟ هل هم أغبياء؟ هل نصفهم بالفشلة؟ هل لديهم مواهب وإمكانيات أخري عجزت امتحانات الثانوية العامة عن تقديرها؟
كانت قلة ازدحام مكتب تظلمات الثانوية العامة في اليوم الأول من إعلان النتيجة أمرا لافتا بالنسبة لنا لكننا تتبعنا بعض أولياء الأمور الذين لا يتمنون شيئا سوي زيادة بضعة درجات لأبنائهم ولسان حالهم يقول «يا رب خدني بس ابني يتنقل من خانة راسب إلي خانة ناجح..» .. وفي أحاديث جانبية رصدناها أخذ الأهالي الواقفون يتبادلون همومهم.. بعضهم ألقي بالذنب علي أنفلونزا الخنازير التي أدت إلي تكثيف وضغط الدروس ملقين عليها ذنب قتل أحلام ذويهم وبعضهم قال: «قتلت أحلام أبنائنا وقتلتنا معهم بعد أن صرفنا معظم دخلنا علي الدروس الخصوصية»، ولفت أحد الآباء كان يريد التظلم لابنته التي رسبت في امتحان الإنجليزي نظر الحاضرين إلي أن الدروس الخصوصية يتضاعف سعرها في الصيف وقال إن مدرس ابنته طلب 60 جنيها في الحصة الواحدة أي الضعف. وبعد إدلاء هذا الأب اليائس بدلوه أخذ الأهالي يلتمسون أعذارا لأبنائهم مثل أنفلونزا الخنازير وسياسة الوزير الجديد التي أرهبت الطلبة قبل الامتحان وأفقدتهم تركيزهم.
بعيدا عن الأهالي الذين اختلطت لديهم مشاعر الغيظ من أبنائهم بمشاعر التعاطف معهم التقينا ب(فادي منير) الحاصل علي مجموع 56% والذي رسب في المادتين الأشهر في خانات الرسوب لهذا العام (اللغة الإنجليزية والرياضيات).
لكن فادي لم يكن من نوعية الطلبة الذين يؤمنون أن المستقبل كله متوقف علي هذه السنة المسماة بالثانوية العامة.. كانت لديه نظرته الخاصة فقال إنه يعتبر الثانوية العامة مجرد «ضربة حظ»، وهو علي يقين بذلك وعلي عكس كلام معظم الراسبين اعترف فادي بأنه لم يذاكر بالقدر الكافي لكي يحصد النجاح ومبرره في ذلك بسيط وواضح وهو أنه لا يحب الدراسة فقال لنا: «أنا لا أحب المذاكرة من الأساس وكرهتها أكثر بمذاكرة الثانوية العامة».. ثم عاد وقال: «أنا أعلم جيدًا أهمية هذه الشهادة ليكون لي مكانة اجتماعية مناسبة بين الناس وذلك رغم ثقتي في أن هذه الثانوية العامة لن تفيدني بأي شيء في حياتي العملية، والدليل أن خريجي كليات القمة يعملون في نفس أعمال خريجي الكليات العادية وربما أقل في كثير من الأحيان».. هذا كان رأي فادي منير في الثانوية العامة ورده علي الرسوب فيها.. قد يري الكثيرون أن فادي كشخص فاشل لا هدف واضح له لكنك تجده شخصا مختلفا تماما عندما يحدثك عن رياضته المفضلة «كمال الأجسام» التي يقول عنها «أنا متفوق في هذه الرياضة وهي الأهم بالنسبة لي وسوف أكمل مسيرتي فيها مهما حدث».
يبدو أن الرياضة هي المنافس الأول للثانوية العامة.. فبالرغم من أن نتيجة «مصطفي منصور» و«كريم عاطف» جاءت معلنة رسوبهما في الثانوية العامة إلا أننا التقيناهما بعد أدائهما لتمرينهما الأسبوعي للهوكي حيث إنهما عضوان مهمان بفريق نادي اتحاد الشرطة الرياضي.. مجموع مصطفي لم يتجاوز 44% أما «كريم» فقد رسب في الرياضيات. يعتقد مصطفي أنه اهتم بالثانوية العامة مثلما اهتم بمعشوقته الهوكي لكن الامتحانات جاءت في غاية الصعوبة... لكنه عاد وقال: «الحقيقة هي أنني كنت أقضي وقتاً طويلا بالهوكي وسافرت في بداية العام الدراسي مع منتخب مصر للناشئين لأشارك بأولي بطولاتي الدولية بجنوب إفريقيا التي حصلنا فيها علي المركز الثالث علي مستوي إفريقيا فأضيف هذا الإنجاز إلي البطولات المحلية التي حصلت فيها علي ميداليات وجوائز عديدة، فأنا أعشق الهوكي».. الأمر الوحيد الذي يكدر علي مصطفي عشقه ومتعته بالهوكي هو شعوره بأنه لا مفر من الحصول علي شهادة الثانوية العامة لأنها الشيء الذي سيضمن مستقبله في حالة حدوث أي شيء يمنعه من استكمال ممارسته لرياضته.. وهنا التقط منه زميله كريم طرف الحوار وقال: «شهادة الثانوية لابد أن أحصل عليها عشان أعرف أتجوز ودون ذلك ليست لها أهمية أخري بالنسبة لي وأعتبر الهوكي هو كل مستقبلي وأتمني أن أحترف في جنوب إفريقيا وأن أصبح لاعباً مشهورًا مثل''شاهباز الهندي وهو من أمهر لاعبي الهوكي بالعالم»، وانفعل «كريم» في الكلام وقال: «إذا كان بيدي قرار انسحابي من الثانوية العامة والتفرغ للهوكي لفعلتها فورا لكن والدي لن يوافق علي ذلك وفي النهاية لابد أن أستسلم للأمر الواقع وأقضي وقتاً أطول بالمذاكرة حتي أنجح وأنتهي من هذا العناء».
لكن الأمر اختلف مع «أحمد مجدي» طالب بالمرحلة الأولي من الثانوية العامة التقيناه بمدرسة «الإبراهيمية» وعلامات الحزن تعتلي وجهه بعد أن استلم شهادته وتأكد من رسوبه في مادتي اللغة العربية واللغة الإنجليزية.. قال لنا «إحباطي قد يتسبب في تركي للعبتي المفضلة ألعاب القوي.. فلن يكون لي مزاج لممارسة أي شيء أحبه بعدما حدث لي في الثانوية العامة التي جنت علي» .. وبالرغم من أننا أبدينا تعاطفنا معه إلا أنه أخذ يدافع عن نفسه كما لو أنه كان واقفا في المحكمة، فقال «أنا كنت أواظب علي المذاكرة باستمرار والتزمت بالدروس الخصوصية التي أصبحت الملاذ الأول والأخير لأي طالب يريد المجموع وليس النجاح فقط!. ولم يسبق لي أن رسبت في أي من سنوات دراستي».
سألناه عن رد فعل والديه بعد علمهما برسوبه، قال «والدي أعطاني نقودا، وقال لي اخرج مع أصدقائك.. إللي حصل حصل لكني كنت أحمل الحسرة بداخلي».
عند مكتب التظلمات تحدثنا مع رائف الطالب بمدرسة أجنبية ووالدته التي جاءت معه لتتظلم له في مادة الكيمياء التي رسب فيها وقصفت مجموعه.. كان رائف يحلم بالانضمام لفريق الناشئين لكرة القدم بنادي «الجزيرة» وكان هذا الحلم هو الذي يحمسه علي المذاكرة للانتهاء منها علي خير وتحقيق الحلم حتي حدث ما حدث. وأخذ «رائف» يسبق والدته في جلد ذاته فقال بانكسار «سأنصرف عن الكمبيوتر وعن الكرة وعن أي شيء يجلب لي أي متعة، فأنا لا أستحقها فكيف أذهب العب كرة واستمتع وأنا لم أحصل علي مجموع يؤهلني لأي شيء ولم أنجح بمادة الكيمياء فربما لن أرجع للعب الكرة مرة أخري وأظل أذاكر فقط».. هكذا حكم «رائف» علي كل من لا ينجح في امتحانات الثانوية العامة بأنه لا يحق له الحياة.. وقال مدافعا عن نفسه كما فعل آخرون إن اهتمامته الأول والأخير كان للثانوية العامة ومذاكرتها ليلاً ونهاراً.
أما (كريمة سعيد) فقد حصلت علي مجموع 50% ورسبت في مادة التاريخ بالرغم من صدمتها التي ظهرت بوضوح علي وجهها قالت لنا إن لديها خطة موازية للثانوية العامة وهي أنها ستحصل علي دورات في برمجة الكمبيوتر لتصبح مبرمجة كبيرة في يوم قريب علي حد قولها. قالت «كنت أعتبر نفسي من الطلبة المتوسطين دراسيا لكنني حصلت علي درجات أقل كثيرا مما كنت أتوقع، خاصة أن مادة التاريخ كانت تأخذ مني ساعات وساعات في المذاكرة».. ثم عادت كريمة وألقت بمسئولية رسوبها علي تصريحات الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم حين قال إن الطالب الذي سيحصل علي مجموع 85% سأزوره بنفسي في منزله.. وقد اعتقدنا أنه مزاح أو مبالغة لكن الواقع أثبت عكس ذلك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.