ما الخطأ الحقيقي في مشكلة الشرق الأوسط؟ what is really wrong with the middle east كتاب مثير للكاتب البريطاني «برايان ويتيكر» الذي عمل محررا لشئون الشرق الأوسط في صحيفة الجارديان البريطانية. وعلي الرغم من صدور الكتاب في نهاية العام الماضي فإن الكثيرين لم ينتبهوا إليه خاصة في الدول العربية والتي انتقد معظمها. أهمية الكتاب أن المؤلف قام بدراسة تفصيلية للمنطقة استغرقت أربع سنوات التقي خلالها مجموعة كبيرة من المثقفين والمفكرين وأساتذة الجامعات والطلبة والمهنيين والعمال والفلاحين خاصة في مصر مغطيا بذلك فئات كبيرة جدا من المجتمع العربي ولم يقدم كتابه من خلال دراسات وتقارير لمعاهد أو بيوت تفكير فقط ولكنه اعتمد علي تجاربه الشخصية. ثم أضاف إليها خبرته السابقة في الشئون العربية بصفته المحرر المسئول عن شئونها في الصحيفة الشهيرة. ويتيكر في كتابه يقدم دراسة نفسية وتشريحية عميقة لأسباب التخلف «المزمن» و«فشل التغيير»في المجتمعات العربية. ويحلل الصحفي البريطاني ما اصطلح عليه ب «مرض العرب». ويعتقد أن ردود الفعل القمعية للأنظمة العربية قد تشبع بها المجتمع بالفعل حتي تكاد تتكرر في كل طبقة من طبقاته. ويتيكر قال أيضا إن محاولة تفجير طائرة الركاب التابعة للخطوط الجوية الأمريكية الفاشلة ومحاولات الكشف عن تفكك اليمن وهدّ كيانه بمعرفة تنظيم القاعدة أدت إلي طرح السؤال مرة أخري: ما الخطأ المتبقي في مشكلة الشرق الأوسط»؟ فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 يحاول الساسة والخبراء الأوروبيون البحث في أسباب جذور التشدد الإسلامي ووضع استراتيجيات للحد من العنف. ويري «برايان» أن الجدل في جوهره يدور في الشرق الأوسط حول مدرستين فكريتين، إحداهما تنادي بالحل العسكري وتطبيق الشرعية الدولية، أما الأخري فتؤيد مساندة هذين الحلين بمبادرات إصلاحية اجتماعية واقتصادية. ولكن لا تزال الحاجة ماسة إلي طرح استراتيجيات سياسية فعالة تؤدي إلي نتائج إيجابية، ويعتبر اليمن والعراق من الأمثلة الجيدة علي ذلك. - أبوية مستحدثة ويستخدم ويتيكر نظرية «الأبوية المستحدثة» لتحليل العلاقة بين الحاكم والمحكومين وهي للمؤرخ الأمريكي فلسطيني الأصل هشام شرابي، حيث أكد في كتابه الذي صدر في ثمانينيات القرن العشرين ولقي جدلا كبيرا ولايزال محظورا حتي اليوم في كثير من البلاد العربية والتي تؤكد أن المجتمع العربي قائم علي «النظام الأبوي». هذا النظام يشكل «نواة الأسرة القومية والأسرة الطبيعية. وعليه فإن العلاقات بين الحاكم والمحكومين وبين الأب والأبناء ليست سوي علاقة عمودية، ففي كلتا الحالتين تعتبر إرادة الأب مطلقة، وهي في حالة المجتمع والأسرة عبارة عن مسلّمات نشأت عن أسس دينية قديمة وتعسف علي حد سواء». وبهذه الطريقة فإن الأنظمة العربية ورّثت القهر والظلم للمجتمعات، التي لم تعد نفسها مضطهدة فقط ولكنها مارست بدورها بعض أوجه الاضطهاد. وبهذا أصبح النظام حقا كما لو كان أباً لكل الآباء ومن ثم وصل إلي قمة هرم السلطة. - تعليم فاشل الفصل الأول من الكتاب يتحدث عن فشل التعليم في العالم العربي الذي يعتبره من المشكلات المحورية في المنطقة. في هذا الفصل المهم يوصي «ويتيكر» العالم العربي بإصلاح أنظمته التربوية والاستعداد للمستقبل. لكنه في الوقت نفسه لايخفي تشاؤمه بقوله: «إن الأهمية الكبيرة التي يتم تعليقها علي الخضوع في المجتمعات العربية تخنق التغيير». ويصل هنا إلي خلاصة جدلية تقول إن الدول العربية غير قادرة علي تطوير مجتمعات قائمة علي المعرفة من دون إحداث تغيير اجتماعي وسياسي جذري. برايان لم يكتف فقط بانتقاد الأنظمة التعليمية العربية بل ذهب إلي ما هو أبعد وهو أن الأطفال العرب ومنذ ولادتهم يتعلمون ألا يسألوا في المدرسة عن الأشياء التي لا يعرفونها، وألا يبحثوا عن المعلومات بأنفسهم بل أن يستقبلوا الدروس التي تُلقي عليهم، ويستظهرونها، ثم يفرغونها في أوراق الامتحان. ويضيف: بل إن مصححي الامتحانات في البلاد العربية، لو وجدوا إجابات تختلف عن تلك الإجابات النموذجية المحددة للأسئلة المختلفة، فإنهم لا يمنحون الطالب الدرجة الكاملة، حتي لو كانت تلك الإجابة البديلة صحيحة. والأخطر - علي حد قوله - أن هذا لا يقتصر علي المدرسة فحسب، بل يمتد إلي المنزل، حيث يتلقي الأبناء ذات التعليمات والتوجيهات تقريبا، ويطلب منهم ألا يناقشوا آباءهم في أي شيء، بل يكتفون بتلقي الأوامر منهم، والامتثال لطاعتهم. يعود«ويتيكر» للكلام عن التعليم عموما بقوله أنه لا تزال كثير من البلاد العربية المحكومة حكما استبداديا تؤثر نظاما تعليميا يقوم علي أساس الحفظ عن ظهر قلب، ومن هذا المنظور فازت مساندة المعارضة الإسلاموية المنتشرة بين الشعب علي الإصلاحات الليبرالية. ونفس الشيء ينطبق علي مقاومة الإرهاب والتدخل من الخارج لِحث المجتمعات العربية علي المساواة بين المواطنين جميعا في الحقوق. وهنا يري أن «التغيير - الذي ينبغي أن يؤخذ مأخذ الجد - يجب أن يبدأ في أدمغة البشر»، وهذا مما لا شك فيه طريق صعب وشاق، والساسة والأحزاب المعارضة ليسوا فقط هم المهتمين بالإصلاحات ولكن النساء وأصحاب المدونات الإلكترونية والشاذين جنسيا، وعليه فكل الذين يعانون من الاضطهاد في العالم العربي عليهم أن يتحالفوا من أجل «الكفاح في سبيل عقول البشر وقلوبهم». - مرض العرب يصف ويتيكر في كتابه الخطير - ظاهرة «مرض العرب» التي تتبناها النخبة العربية الحاكمة والتي تشجع انتشار ظاهرة القمع في المجتمعات ومن الممكن أن تكون الحقوق المتساوية للنساء - وهي أكبر الفئات الاجتماعية المضطهدة - هي الأداة التي تستخدم لقلب الآلية القمعية المنتشرة في المجتمعات العربية رأسا علي عقب. وكما هو الوضع بالنسبة لتساوي الحقوق النسائية فإن الكفاح من أجل حقوق المثليين يهدد أيضا الهيمنة الذكورية في المجتمع. ومن ناحية أخري أظهر المدونون إمكانية نقد الأعراف في العالم العربي بصورة فعالة، أي في مجتمعات يحتفظ فيها كل فرد بدوره ويخشي أن يشذ عن ذلك. لقد أعطتهم الإنترنت إمكانية نقض هذا المبدأ وأن يساهموا في المناقشات الحية دون تحفظات فكرية حتي وإن كان ذلك يجعلهم يخاطرون بأنفسهم في كثير من الأحيان. ووفقا لويتيكر إذا أرادت الحكومات الغربية الإقلاع عن سياسة دعم الأنظمة العربية المستبدة وألا تركز بعد علي التعاون العسكري فقط مع المطالبة في الوقت نفسه بتطبيق الديمقراطية التي لا تعني سوي إصلاحات صورية، فإن الوضع يتعلق إذن بإمكانية الحيلولة في أن يصبح اليمن «مقرا جديدا» لتنظيم القاعدة. ف«المرء يستطيع الإطاحة بالديكتاتوريين وأن يجبر البلاد علي الانتخابات وحتي علي إجراءات تصويت عادلة، إلا أن كل ذلك وحده لن يأتي بالحرية، فهذه تتطلب تخطيطا شاملا للتغيير الاجتماعي»، بمعني آخر فإن «مرض العرب» الذي ينتج الجهاديين والانتحاريين يلقي ترحيبا من الصفوة الحاكمة التي تنجح من حين لآخر في إضفاء شرعية جديدة لأنفسهم من خلال إصلاحات صغيرة. ولكن في الوقت نفسه يظل هذا المرض متأصلا أيضا في المجتمعات العربية نفسها لأنها لا تزال تؤثر نظاما تعليميا يقوم علي أساس الحفظ عن ظهر قلب، وأيضا لأن نظامها الاقتصادي يتحكم فيه رجل قوي يتمثل في شخصية الرئيس الذي يتمتع بصلاحيات مطلقة كما هو الحال في كل أسرة. ويعترف الكاتب أنه دار الكثير من الجدل عن الإصلاح والتحديث في الدول العربية للّحاق بركب التغيرات السريعة التي تطرأ علي العالم، إلا أنه يلاحظ بتشاؤم أن «الإصلاح الفعلي مقابل مجرّد الحديث عنه هو محدود... وأن الخطوات الإصلاحية هي مجرّد غطاء لكسب الاحترام الدولي». -مفهوم «الواسطة» ينتقل المؤلف إلي نقطة أخري في منتهي الخطورة وهي - إخضاع الفرد للمجتمع - وهي وفقاً لرأي المؤلف وجهها السلبي، حيث أدت إلي تفشي مفهوم «الواسطة» الذي يعني الفوائد والمنافع التي يحصل عليها بعض الأشخاص دون استحقاق بسبب معرفتهم أو قرابتهم لشخص أو لأشخاص من ذوي النفوذ، كإنجاز معاملة جواز سفر خلال ساعات بينما يستغرق ذلك عادة عدة أيام بالنسبة لغيرهم، أو الحصول علي وظيفة براتب مرموق بينما يعاني آخرون ممن لا يمتلكون الواسطة للحصول علي مثل تلك الوظيفة. مثل هذه الممارسة تشيع الاعتقاد لدي البعض بأنه يمكنه الحصول بسهولة علي فرصة لا يستحقها، كما تشيع اليأس لدي البعض الآخر من إمكانية حصوله علي ما يستحقه، وتمنع من نشوء جماعات مدنية حريصة علي مراقبة الالتزام بالقوانين، كما تغذي الفساد الذي ينتشر في جميع تفاصيل الحياة في الشرق الأوسط. هنا يتوصل المؤلف إلي خلاصة تقول إن المشكلة لا تكمن فقط في قمع السلطات الحاكمة لشعوبها والاستبداد بالثروة وتداول السلطة بين مجموعة محدودة من مكونات المجتمع بل إن الشعوب نفسها سبب أساسي لتلك المشكلة. ويضيف أن من يقع عليهم فعل القمع والكبت والحرمان من المشاركة في ثروات المجتمع وسلطاته يتحولون مع مرور الزمن إلي ممارسين لنفس القيم الفاسدة. وأن ضحايا الظلم والفساد والرشوة سرعان ما يتحولون إلي ممارسين لها إذا ما أتيحت الفرصة لهم أن يقوموا بذلك. المرض الأكبر - كما قال ويتيكر - في المجتمعات العربية هو «شعور شعبي عارم وعام ودائم بالعجز»، عن تجسيد «حالة أمة».. وهو عجز يؤدي إلي تعطيل الإرادة الجمعية للشعب مما يحبط أية محاولة لمواجهة من يرغب في إنكار وجوده وحقه في مقاومة من يحاولون الهيمنة عليه وعلي مقدراته. مما يؤدي مع مرور الأيام إلي شعور المواطن في هذه المجتمعات أنه «شيء مهمل وعاجز» عن الحركة أو المساهمة في عملية التغيير.. فظل فكريا وإنسانيا شيئا ملقي علي قارعة الطريق، بينما يدور الكون حوله وعلي أرضه ذاتها دون توقف. وأن حل مشاكلنا العربية تكمن في داخلنا ومن أنفسنا ولن تأتي من الخارج بكل تأكيد.. فعندما حاولت أمريكا تغيير السياسة الطاغية في العراق فقد كانت النتيجة دماراً وخراباً وفقداناً للهوية وللوطن. -العدالة الضائعة ورغم إشارات الكاتب المتكررة إلي منظمات حقوق الإنسان والدور الذي تلعبه فمن الواضح أنه يؤمن بأن المفتاح الأساسي لتحسين الأوضاع في الشرق الأوسط هو سيادة مبدأ العدالة، والحقوق المتساوية للجميع. كما يري أن الأحوال تستدعي تعزيز مبدأ المواطنة لكي يحل تدريجياً محل الولاءات التقليدية، وبحيث يكون هذا المبدأ هو الأساس الذي يتم عليه توفير الأمن والخدمات الأساسية للجميع بصرف النظر عن مكان ولادتهم أو جيناتهم الوراثية. فنشر هذا المبدأ في ربوع الشرق الأوسط وجعله أساساً لكل القوانين والممارسات هو التحدي الرئيسي في هذه المنطقة. يحلّل ويتيكر الجوّ الفاسد الذي لا يشجّع علي التغيير أو الابتكار أو التجديد أو التفكير النقدي أو المساءلة أو حلّ المشاكل. فلا يتوقّف عند هذا الحدّ. فهو يضيف إلي هذه اللائحة الإنكار المنهجي للحقوق الذي يؤثّر سلباً في حياة ملايين الأشخاص والتمييز القائم علي الإثنية أو الدين أو الجنس أو الخلفية العائلية وعدم تكافؤ الفرص والبيروقراطيات المتشدّدة والتطبيق العشوائي للقانون وغياب الشفافية في الحكم». -السياسات الإلهية نصل إلي أكثر فصول الكتاب جدلا ووضع ويتيكر عنوانا له هو «السياسات الإلهية» حيث تطرّق فيه إلي الميل نحو التعصب الديني الذي انتشر في أنحاء الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاثين أو الأربعين الماضية. ويري أن الدين هو جواب عما أصبح معروفاً ب «القلق العربي». فبالنسبة إلي عدد من المؤمنين، يقدّم الدين مساحة مريحة من الثقة والأمل بعالم تشوبه الشكوك والإحباط. وينقل عن مصادره أن الميل نحو الدين بدأ مع الخسارة الكبيرة التي مني بها العرب علي يد إسرائيل عام .1967 وقد تم تحفيز هذا المنحي جرّاء نجاح المجاهدين في إخراج القوات السوفيتية من أفغانستان ونجاح «حزب الله» في إخراج إسرائيل من لبنان عام 2000 وذلك بعد 22 عاماً من الاحتلال. وترسخت فكرة أن الفوز العسكري ممكن عندما يكون مستوحيا من الدين. وعلي الرغم من أن ويتيكر يؤكد أن الدين يعطي شعوراً بالهوية والانتماء والتضامن في وجه التهديدات الخارجية. فإنه يحذّر من أن اعتبار الدين مجرّد دليل علي الهوية قد يؤدي إلي التركيز علي نواحيه الخارجية والظاهرية علي حساب روحيته وأخلاقياته. المد الديني في أنحاء الشرق الأوسط - حسب رأيه - قدم صورة متطرفة عن الإسلام وتفسيرات أكثر تعصّباً لآيات القرآن الكريم وأقل تسامحاً مع وجهات النظر الأخري. وقد أدي ذلك أحياناً إلي زيادة أعمال العنف مثلما حدث مع الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ عام 1994 حين طُعن في عنقه خارج منزله. وقد نجا من هذه الحادثة إلا أن يده اليمني أصيبت بالشلل. ويعتبر ويتيكر أن الحقوق المتساوية لا يمكن أن تكون موجودة في ظلّ غياب حرية المعتقد. -دول بدون مواطنين وفي أحد فصول الكتاب والذي يحمل اسم «دول بدون مواطنين» يقول الكاتب إن الحركات الإسلامية التي تتميز بثقلها مثل حماس وحزب الله والإخوان المسلمين فهمت جيدا ماذا تريد الشعوب ولذلك عملت بكل قوتها لفهم طبيعة شعوبها والتعامل مع ما يريدون من أجل أن يحصلوا علي مساندتهم ودعمهم وقتما يريدون وذلك بسبب أن استراتيجيتهم تبقي وتدعم من خلال دعم شعوبهم لهم. وهذه طريقة مختلفة عن الطريقة القديمة التي تطبقها معظم الأنظمة العربية الحاكمة في الشرق الأوسط. يري ويتيكر: أن حزب الله وحماس والإخوان المسلمين يحاربون الفساد وهو ما ساعد حماس في نجاحها في انتخابات 2006 ويقومون أيضا بالخدمات الاجتماعية التي لا يقوم النظام بها للشعوب العربية. ويقول ويتيكر: «الشرق الأوسط لن يقتنع إلا بوجهة النظر الإسلامية عن الدولة العلمانية، ومن هنا فعلي العلمانيين أن يكونوا علي أهبة الاستعداد للدخول في مبارزات فكرية عن الدين، وهو الشيء الذي يحاولون في الغالب تجنبه». - فيتو إلهي يؤكد ويتيكر في موضع آخر بأن المعارضة العلمانية يجب أن تجد سبيلا لتقديم بديل حي عن الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخري، وهناك علامات مبكرة تحدث في دول مثل مصر، حيث تمكن العلمانيون من إعادة تشكيل قواهم خلال السنوات الأخيرة، وكما يشير ويتيكر في كتابه، فإن أحد أهم المطالب الموجهة لجماعة الإخوان المسلمين لا يدور فقط حول هويتهم الدينية، ولكن أيضا وعودهم - سواء كانت صادقة أم لا. يتصور«ويتيكر»أن وضع العلمانية في رداء إسلامي يمثل نقلة مفيدة في هذا الإطار، ولكنه في نهاية الأمر سيصطدم حتما بحائط صد ما أطلق عليه «الفيتو الإلهي» خاصة في قضايا دينية وثقافية من الصعب بدرجة كبيرة عقلنتها بصورة مؤثرة، وخير مثال علي ذلك مكانة المرأة في المجتمعات الإسلامية. ففي مصر - علي سبيل المثال - رغم أن وضع المرأة من الناحية القانونية والاجتماعية والاقتصادية قد شهد تحسنا كبيرا خلال القرن الماضي، فإن جهود خلق مساواة حقيقية داخل المجتمع إما أن تنحرف عن مسارها وتأخذ منحي آخر، أو يتم تعطيلها، كما حدث عند عملية تطوير قانون الأحوال الشخصية بالبلاد، من خلال التحالف غير الشريف بين المؤسسات الدينية وأوساط المحافظين. ويري «برايان» أن المجتمعات الغربية المعاصرة تمتلك مقومات الثقة وأيضا القدرة علي التعامل مع الأوضاع الحالية لتوجيه منظورها إلي المستقبل، ولا أعتقد أنه من قبيل المصادفة أن «العصر الذهبي» للغرب قد تزامن مع سيطرته علي منظومة التجارة العالمية في الوقت الذي تزامن فيه هبوط منطقة الشرق الأوسط مع فقدانه احتكار التجارة بين الشرق والغرب.