صدر منذ أيام قليلة، في الإسبوع الثاني من الشهر الحالي كتاب لمحرر وكاتب ومراسل صحفيّ بريطاني عرفته أوساط الصحافة العالمية أميناً في نقله موثّقاً في مصادره، عادلا في حكمه، دقيقاً في تحليله، عُرِف بفهمه الدقيق لمشكلات الشرق الأوسط خاصة، ولخريطة السياسة العالمية ودوافعها الخفية عامة. الكاتب روبرت فيسك، والكتاب "الحرب العظمى من اجل الحضارة: السيطرة على الشرق الأوسط"(1)، ويقع في 1107 صفحة من القطع الكبير. وقد عُرِف عن فيسك تعاطفه الشديد مع المسلمين وفهمه مشكلاتهم، بالقدر الذي يسمح لكاتب غربي مسيحي أن يتفهم مشاكل المسلمين ويعيش مشكلاتهم، وما يتعرضون له من مؤامرات بدأت منذ بداية سقوط الإمبراطورية العثمانية مروراً بغزوة الفرنسيين للشرق، ثم السيطرة الأنجلوسكسونية وما تبعها من الصراع الأمريكي الأنجلوسكسوني لإستبدال المعتدي المستعمر وأخيرا الحرب الأمريكية المعلنة على الإسلام والمسلمين من أجل السيطرة على البترول والقضاء على الإسلام. وسأكتفي في هذا المقال القصير بترجمة ما جاء في تقديم الناشر للكتاب، تعريفا مجملا بما فيه، ذإذ سآخذ في تلخيص الكتاب تلخيصا وافيا إن شاء الله تعالى، لأقدمه إلى قراء العربية كما قدمت من قبل أعمال العديد من كتاب الغرب تمهيدا لهذا الفكر أن يتضح لأهلينا بما فيه من سلب وإيجاب، وإنصاف وإنحراف. "إبان سنيه الثلاثين التي قضاها الكاتب المحرر روبرت فيسك، مراسل الإندبندنت، في تحريره عن الشرق الأوسط، غطى فيها غالب أحداثها الرئيسة، من الحرب الأهلية الجزائرية، إلى الثورة الإيرانية (الشيعية)، إلى حادث الرهائن الأمريكيين في بيروت، وحرب العراق-إيران، وغزو روسيا لأفغانستان، وإسرائيل للبنان، إلى الحرب الحالية الدائرة في العراق. وبعاطفة جياشة نحو هذه المنطقة من العالم، وبسعي حثيث للوصول إلى الحقيقة، تمكن روبرت فيسك من أن يتعرف على الشرق الأوسط ويتغلغل في حياة أهليه ما لم يتمكن منه غيره من الصحفيين. وكانت نتيجة ذلك تقارير أقل ما توصف به أنها مبهرة. إن شهادته العينية التي لا ترقى إليها الغفلة على فظائع هذه الحروب تجعله بلا جدال في مصاف أكابر محررى الحرب العالمية الثانية. إن وصفه لحياة هؤلاء الذين رمت بهم الأقدار في خضم العشوائية الحربية، وتلك الحروب ذاتها، لتجتمع فيها البشاعة والرقة في آن واحد! وهذا الكتاب يتميز بتسليط الأضواء على الأحداث بوضوح ومباشرة. فهو يعود بالبحث إلى تاريخ طويل من الغزو والإحتلال والإستعمار في هذه المنطقة. وقد اتضح من سياق المعلومات التي جاء بها الكاتب كيف أن تاريخ طويل من الظلم قد حطّ على الشرق الأوسط حربا لا تخمد. وقد أوضح الدور الذي لعبه الغرب في تمهيد هذه الحياة التي تبدو لا نهاية لحروبها وأنموذج حياتها اللاهث، كما تتبع نمو الدور الغربي وسيطرته ونفوذه، وكذلك مساندته لأسوأ النظم السياسية الدكتاتورية الخربة في الشرق الأوسط خلال القرن الماضى من الزمن. كما أوضح الكاتب التزايد المضطرد لنفوذ الولاياتالمتحدة وتواجدها العسكري في المنطقة مما أدى إلى نمو العداء للغرب ولأمريكا على وجه الخصوص بين الشعوب المسلمة في هذه المنطقة ... وأخيرا، فإن هذا الكتاب يمثل دور الصحافي في الحرب، مقدماً الحقائق غضّة صحيحة، مراقباً لمراكز القوة وصنع القرار ومتحدياً لها - خاصة حين يكون السياسيون هم الذين قد ساقوا شعوبهم للحرب، ومقاوماً ذلك التعصب والحزبية المتزايدة في أوساط الإعلاميين حين يحين وقت الحقيقة..." هذه كلمات الناشر، وهي تكفي لتعريف قرائنا بهذا العمل، إلى أن نقدّمه مفصّلا إن شاء المولى عز وجلّ. [email protected] 1) The Great War for Civilization, The Conquest of the Middle East” Robert Fisk, A.A Knopf, Publisher, NY, November 2005.