لماذا لا يصمت هذا الأسقف؟! فى كل مرة يتحدث فيها ينضح كلامه بالطائفية.. وحتى حينما يحاول أن يدعو للدولة المدنية ويطالب بها تخونه أفكاره ويطالب بالدولة الدينية التى تحكمها مؤسسات يرأسها رجال الدين.. فكل إناء بما فيه ينضح.. الكلام خطير لأنه جاء على لسان الرجل القوى فى الكنيسة، وأرجو وأتمنى أن يكون معبراً عن رؤاه هو فقط وليس آراء الكنيسة. الأنبا بيشوى مطران دمياط أكد طائفيته فى حواره مع الزميل عمرو بيومى فى «المصرى اليوم» رغم أن الحوار امتلأ بكلمات المواطنة والدولة المدنية . سكرتير المجمع المقدس قال: «الدليل على قيمة البرادعى أن الدول المسيحية كانت تأتمنه على هذا الموقع الحساس، فهو باختصار مسلم معتدل.. ومعنى كلام المطران أنه قسم العالم إلى دول مسيحية ودول إسلامية أو غير مسيحية.. ويبدو أن الرجل المرشح للباباوية لا يعرف إن الدول الغربية علمانية والأخطر قوله أن الدول المسيحية ائتمنته على هذا المنصب الخطير.. كما لو كان المسلمون غير أمناء، أو أنهم خونة فى الأصل.. وأن الاستثناء هو الأمانة،أو أن أى مسلم يجب أن يكذب إذا تعلق الأمر بدول ذات أغلبية إسلامية، وأن المناصب الدولية المهمة يجب أن تقتصر على المسيحيين حتى تكون الدول - التى يرى أنها مسيحية- فى مأمن.. وكأن الأنبا لا يعرف أن هذه المناصب يتم الاختيار لها حسب الكفاءة وليس الديانة، وأن اختيار البرادعى لمنصب رئيس وكالة الطاقة الذرية نظرا لقدراته.. الغريب أن بيشوى استنكر أن تكون مصر دولة إسلامية وقال فى الحوار أنه يجب أن يقال دولة ذات أغلبية إسلامية ومادام يقال إنها دول مسلمة فهي دولة دينية.. ولكنه لم يتورع أن يسمى الدول الغربية بالدول المسيحية رغم علمانيتها الواضحة، الرجل القوى فى الكنيسة قال أيضا فى الحوار: «إننا نقبل أن يصدر رئيس الدولة قرارًا جمهورياً بتعيين البطريرك واعتماد إجراءات انتخابه التى تتم عن طريق القرعة الهيكلية ولائحة الانتخاب القانونية.. ولكننا لا نقبل أن يعين مسلم رأس الكنيسة، وإذا كنا لم نقبل أن يعين إمبراطور القسطنطينية المسيحى البطريرك، فكيف نقبل تعيينه من خلال رئيس مسلم»؟ هذا الكلام الخطير للأنبا يتضح معه طائفية الرجل أكثر.. فهل معنى كلامه عن رفض قيام الرئيس المسلم بتعيين البابا أنه يقبل ذلك لو كان رئيس الجمهورية مسيحيا، إنه هنا لا يتحدث عن قوانين دولة مدنية تحكم علاقة المؤسسات الدينية بالدولة، ولكن يتحدث عن ديانة رئيس الجمهورية، وليته كان اكتفى بالكلام عن لائحة انتخاب البابا واستند إليها فى رفضه تعيين البابا من قبل رئيس الجمهورية.. الأنبا بيشوى في كلامه ساوى بين الاحتلال الرومانى ومحاولة فرض الإمبراطور بطريركا علي الكنيسة القبطية وبين الرئيس المصرى.. وكانت الكنيسة المصرية قد انتصرت لمذهب الطبيعة الواحدة للمسيح ورفضت مذهب الطبيعتين الذى اعتنقته كنيسة روما، ويبدو أنه خلط بين الإمبراطور الرومانى والقسطنطينية التى لم يكن لها أمبراطور، فالأول هو الذى كان يحكم وهو الذى حاول فرض إيمان مسيحى بذاته على الأقباط المصريين و أن يفرض على الكنيسة القبطية رؤية لاهوتية تراها الكنيسة المصرية خطأ.. الأكثر طائفية أنه وضع الإمبراطور المحتل فى منزلة أعلى لمجرد أنه مسيحى، إذ قال: «إذا كنا لم نقبل أن يعين لنا إمبراطور القسطنطينية المسيحى البطريك.. فهل نقبل أن يعينه رئيس مسلم؟!»، الرجل لم يكتف بذلك بل أكد على طائفيته وميوله إلى الدولة الدينية رغم حديثه المتعدد عن الدولة المدنية، فامتلأ كلامه بالأفكار المتناقضة. فرداً على سؤال أن البرادعى طالب الكنيسة بالكف عن لعب دور الوصى السياسى على الأقباط يقول بيشوى: «البرادعى كان يقصد أن تصبح مصر دولة مدنية بها عدالة تراعى فيها حقوق المسيحيين مثل المسلمين.. وأن تتفرغ الكنيسة للشئون الدينية.. ونحن من جانبنا نتمنى ذلك ونريد أن نتفرغ للعبادة»، ومعني كلام بيشوى أن الرهبان مضطرون للعمل بالسياسة دفاعاً عن حقوق الأقباط، ثم يؤكد عمل الكنيسة بالسياسة بقوله: «لا أستبعد وجود تنسيق بين الحزب الوطنى والكنيسة فى الانتخابات وذلك الأمر متروك للبابا شنودة».. والأنبا بيشوى هنا يعترف بأنه يمكن التنسيق السياسى ويفهم من ذلك أنه يمكن للكنيسة أن تتفاوض لطرح عدد من الأقباط للترشح على قوائم الحزب، وربما تختار الأسماء، مما يؤدى إلى ولاء هؤلاء الأشخاص إلى الكنيسة التى اختارتهم ودفعت بهم إلى الانتخابات، فى نفس السياق يبرر الأنبا بيشوى تأييد الكنيسة للرئيس مبارك بقوله إن الكتاب المقدس يدعو لذلك لأن بولس الرسول يقول: «إن السلاطين الكائنة هى بترتيب من الله.. ومن يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله»، وهو هنا ينفى أن انتخاب رئيس الجمهورية يتم لكفاءته وبرنامجه، بل إنه اجتزأ الآية التى تضيف« فان الحكام ليسوا خوفا للأعمال الصالحة بل الشريرة» رسالة بولس إلى كنيسة رومية. إصحاح 13، ولو أخذنا بتفسير الأنبا بيشوى فلا يجب على المسيحى أن يقاوم أى ظلم، بل أن يقول فى الحوار فعلا: «ليس من تعاليم المسيحية أن نخرج على الحاكم أو أن نحاول تغيير نظام الحكم»، فهل يجب على المسيحى الموافقة على أى حاكم حتى لو كان ظالما؟! وإذا كان الإنجيل يأمر بعدم الخروج على الحاكم فلماذا تخرج المظاهرات فى الكنيسة ضد المحافظين، وهم سلاطين فى محافظاتهم؟! ولماذا توافق الكنيسة على مظاهرات الأقباط ضد مديرى الأمن، عند اختفاء فتاة أو الاعتداء على كنيسة وهم سلاطين فى مديرياتهم؟! وعن جمال مبارك يقول الأنبا بيشوى: لا أعرف إن كانت الكنيسة ستقول رأيا فى جمال مبارك أم لا، ولكنى أقول: «يجب على الكنيسة أن تضع فى اعتبارها كلام بولس الرسول»، إذن الأنبا بيشوى لا يرى مانعا فى أن تختار الكنيسة للأقباط وتحدد لهم من ينتخبونه، وأنه يمكن أن يكون لها دور فى دعم أى مرشح للرئاسة، فهل هذا من الدولة المدنية! الأخطر أن الأنبا بيشوى عندما يقترح حلا للمشكلة الطائفية يطالب بتكوين مجلس حكماء نصفه مسلمون ونصفه مسيحيون، يقوم بتعيينهم شيخ الأزهر وبطريرك الأقباط وكأنه يكرس للدولة الدينية التى يحكمها رجال الدين، فإذا تم الأخذ باقتراح الأنبا تكون الكنيسة هى التى اختارت أعضاء مجلسى الشعب والشورى الأقباط.. وهى التى تتفاوض مع الحزب الوطنى.. وهى التى تختار مجلس الحكماء، فهل هذه هى الدولة المدنية كما يراها الأنبا بيشوى؟! مطران دمياط لم يشأ أن يترك الحوار دون أن يتطرق إلى الموضوع الذى يحبه وهو التكفير، فعاود الهجوم على الدكتور يوسف زيدان وقال عنه: «هو مصرُّ على الاستمرار فى الهجوم على المسيحية والإنجيل.. وهو فى حقيقة الأمر يريد إنكار وجود الله.. فبدأ بالمسيحية فى عملية تخدير وتنويم للمسلمين»، وهكذا استعدى الأنبا المسلمين على د. زيدان بعد أن استعدى عليه المسيحيين. الأنبا بيشوى ذكرنا فى هذا الحوار الطائفى بأقواله السابقة عن الطوائف المسيحية الأخرى وهجومه الحاد على الإنجيليين الذين يرى أنهم غير مسيحيين.. وكأنما يصر على أن يكون المطران الطائفى سواء مع المسيحيين أو المسلمين.. مرة أخرى لماذا لا يصمت هذا الأسقف؟!؟