وسط اشتعال اعتصامات المعاقين أم البرلمان، تنتهي وزارة الأسرة والسكان من المسودة النهائية لمشروع قانون حقوق ذوي الإعاقات وحفظ كرامتهم لإحالته لمجلس الوزراء لدراسته قبل طرحه علي البرلمان لإقراره، فيما عبرت منظمات المجتمع المدني التي شاركت في إعداد المشروع عن مخاوفها من عدم القدرة علي تدبير الميزانيات اللازمة لتنفيذ مواد القانون - حتي لا يكون مجرد حبر علي ورق - والتي تقدر بمبالغ ضخمة قد تلتهم جزءا كبيرا من ميزانية الدولة سواء لبرامج التأهيل أو توفير الخدمات الصحية والتعليمية وتهيئة وسائل المواصلات والمباني لاحترام آدمية المعاق. تعكف حاليا اللجنة القانونية بمجلس الطفولة والأمومة علي وضع اللمسات الأخيرة لبنود العقوبات ومشروع القانون والباب المتعلق بتوفير الموارد المالية لتمويل الاتحاد الجديد لذوي الإعاقات.. والصندوق الذي سينشأ لتدبير احتياجاتهم. ويأتي ذلك بعد أيام من حسم مجلس الوزراء للنزاع القائم بين وزارتي التضامن والأسرة علي وضع صياغة القانون لصالح وزارة الأسرة بقرار أسند لمجلس الطفولة مسئولية الملف بالكامل وذلك رغم قيام التضامن منذ ما يزيد علي عام بتشكيل لجنة داخلية عكفت علي وضع مشروع قانون بالفعل بمشاركة مجموعة من الخبراء في الإعاقة والقانون. وحصلت «روزاليوسف» علي التفاصيل الكاملة للمواد التي تم الانتهاء منها في مسودة المشروع النهائي الذي مازال في مرحلة الصياغة النهائية بالوزارة.. وكذا المواد التي مازالت محل دراسة حيث من المقرر أن تتجاوز نصوص القانون الجديد 40 مادة، وتنص لأول مرة علي تأسيس المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقات وإنشاء صندوق لتوفير الموارد اللازمة لتلبية احتياجات ذوي الإعاقات والصرف علي قضايا الإعاقة، وتتضمن مواده رفع غرامات عدم الالتزام بنسبة تشغيل المعاقين من 100 جنيه إلي ألف جنيه.. ويدرس كذلك إدخال عقوبة الحبس لمن يتسبب بالإهمال في إعاقة شخص والذي ستحدد تفاصيل حالاته اللائحة الخاصة بالقانون بعد صدوره مثل الإهمال الطبي وعدم التدخل بالعلاج وتقديم الدواء بما يسبب الإعاقة. وتنص مواد مشروع القانون لأول مرة علي وضع عقوبات علي المسئولين التنفيذيين منها الغرامة والحبس في حالة عدم الالتزام بالنص علي الحق في السكن الموضوع بالمشروع، والذي يلزم المحافظين بتخصيص نسبة 5% من إسكان كل محافظة للمعاقين.. وتحدد اللائحة التنفيذية شروط الاستحقاق ومن المستحقين، بينما ينص المشروع علي إدخال تعديلات علي نسبة الحق في العمل تضمن رفع نسبة ال5% من خلال النص علي أن تكون هذه النسبة مستحقة علي إجمالي 25 عاملا في المنشأة بدلا من 50 عاملا كما هو منصوص عليه في القانون الحالي. ومن ضمن المقترحات محل الدراسة تحصيل نسبة 20% من التعويضات والغرامات الناتجة عن حوادث الطرق، وتحصيل 1% من حصيلة أرباح السجائر،وكذا 1% من حصيلة غرامات ومخالفات التلوث البيئي. ؟؟ وتم التوصل لنصوص تتماشي مع ما رأي الجميع والتي وعدت وزيرة الأسرة والسكان بإعادة طرحها في شكل مسودة أخيرة علي ممثلي المجتمع المدني المشاركين في الصياغة الأولية خلال أسبوعين، وقبل إحالتها لمجلس الوزراء، لافتا إلي أن النصوص لأول مرة تضع مواد تلزم أجهزة الإعلام بمسئولية التوعية بحقوق المعاقين. ونبه هاني هلال رئيس مجموعة الائتلاف المصري لحقوق الطفل إلي أن النقطة الوحيدة التي تعتبر مثار قلق وتحدٍ أمام تنفيذ هذا القانون الجديد هي كيفية تدبير ميزانيات للتنفيذ. ومن أغرب المفارقات التي شهدتها فترة الإعداد للمسودة الأولية لمشروع القانون خلال الفترة الماضية - كما يقول رئيس جمعية شموع لحقوق المعاقين حسن يوسف - كانت في إعداد عدد من المشاركين مقترحات بنود للقانون باللغة الإنجليزية بدلا من العربية رغم أن كل المشاركين من الخبراء والمعاقين الممثلين باللجان والمسئولين الحكوميين مصريون والقانون مصري، الأمر الذي لاقي اعتراضا واسعا من المشاركين تم التغلب عليه بإعادة ترجمة كافة المواد إلي العربية. ولفت يوسف إلي أن وزارة التضامن كانت غائبة عن كل مناقشات المسودة الأولية، بينما حضر ممثلون خلال مؤتمر الإعلان عن الانتهاء من المسودة وهو ما يطرح تساؤلا مهما عن طبيعة دورها في المرحلة القادمة من تعزيز تطبيق القانون. ؟؟ من جانبها رفضت السفيرة مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان أي ربط بين الإعلان عن قرب الانتهاء من مشروع قانون ذوي الإعاقات وما يحدث حاليا من خروج المعاقين في مظاهرات واعتصامات.. أو التقرير الدوري الذي تقدمه الحكومة للأمم المتحدة عن أحوال المعاقين في مصر.. مشددة علي أن المجلس القومي للطفولة يعكف منذ عامين علي إعداد هذا القانون ومن يريد التحقق عليه العودة لتحقيقات نشرتها «روزاليوسف» وتناولها التليفزيون المصري. وهناك من القرارات والتنظيمات الكثيرة التي تتحدث عن الأمر، ولكن الحديث بقوة عن الأمر في هذه المرحلة جاء بعد تكليف رسمي من مجلس الوزراء بالإسراع نحو إعداد القانون.. وتابعت خطاب: إحنا مابطلناش لكن الإعلام هو اللي رجع يفتكر قضايا المعاقين لما خرجوا في المظاهرات.. لافتة إلي أن الخط الساخن للمعاقين لم يتوقف يوما عن تقديم المساعدات والأجهزة التعويضية والخدمات المختلفة.. حتي بدأت تجف موارده حاليا لذلك ندعمه الآن من خلال حساب ببنك القاهرة برقم (10101)، إلا أن الإعلام لم يلتفت إلي هذا الأمر!.. وهذا لا يعني أننا ضد خروجهم في مظاهرات.. بالعكس. وشددت خطاب علي أن مشروع القانون الجديد واضح جدا فيما يخص موارد الصندوق الجديد لدعم خدمات ذوي الإعاقة والذي سيعتمد بشكل كبير علي مخصصات ستدرج ضمن الموازنة العامة للدولة، لأنه التزاما عليها وستشارك كل الوزارات من خلال موازنتها في دعمه.. كل حسب دوره واختصاصاته.. فوزارة التربية والتعليم موازنتها مخصص بها ما يدعم برامج تعليم الأطفال ذوي الإعاقة.. وعليها توفير الكتب والمدرسين المؤهلين للتعامل معهم. وهناك دور علي وزارة الصحة من خلال توفير التأمين الصحي للمعاق لأن نظم التأمين الخايبة هي التي تستبعد المعاقين وذلك لأن المعاق تكلفته أكثر من الشخص العادي.. والقانون الجديد يضمن للمعاق هذا الحق.. فهذا حقه.. ولفتت إلي أن كل الوزارات ستساهم.. وهكذا لن تكون الموارد المخصصة كلها جديدة علي الموازنة بل سيتم تدبير جزء من الاعتمادات الموجودة بالفعل.. مشيرة إلي أنه لا مانع أبدا من البحث عن موارد أخري «غير حكومية» وهو ما يتم التباحث حوله ودراسته حاليا بالتنسيق مع المجتمع المدني الذي قدم عددا من الاقتراحات في هذا السياق. وحذرت خطاب من الالتفاف علي تنفيذ القانون الجديد خاصة فيما يتعلق بتشغيل المعاقين.. فلن يسمح لصاحب العمل برفع شعار المعاق «يقبض ويروح».. متابعة.. لا خاصة أنه سيكون هناك إلزام بتأهيلهم بما يتناسب مع احتياجات العمل وتسليحهم بالمهارات وأن هناك من يحجز الوظيفة العامة لما يقرب من 18 سنة بطلب إجازة بدون راتب ويحرم غيره من فرصة.. مما يجعل جميع التعيينات للوظائف بالتعاقد.. وهنا تصبح فرص المعاق أقل.. وتأهيله هو الذي يكفل له حقوقه. وأضافت خطاب: وفقا لمشروع القانون الجديد فإن الدولة ملزمة بتوفير مراكز تأهيل المعاقين والأجهزة التعويضية بالمواصفات المطلوبة بأسعار في متناول ذوي الإعاقة مع تقديمها مجانا لغير القادرين منهم.