المعلم «حسن شحاتة» - المدير الفنى للمنتخب الوطنى - رسب فى أول اختبار له بعد البطولة الأفريقية إثر الهزيمة المخيبة للآمال أمام المنتخب الإنجليزى بثلاثة أهداف مقابل هدف فى المباراة الودية التى جمعت بين الفريقين فى إطار استعدادات الإنجليز لمونديال جنوب أفريقيا .2010 «شحاتة» فشل فى مجاراة الإيطالى «فابيو كابيللو» - المدير الفنى لمنتخب إنجلترا - الذى أظهر تفوقا تكتيكيا كبيرا وأثبت أنه «المعلم» فى القيادة الفنية، فلم يهتز أو يتوتر عندما تقدم الفريق المصرى فى الشوط الأول، وفكر ودرس وأجاد فى فك طلاسم الفراعنة، وجاءت تغييراته لتكون بمثابة عامل السحر الذى قلب موازين المباراة وجعل الإنجليز يتسيدون الموقف على أرض استاد «ويمبلى» الشهير. فى المقابل عجز «شحاتة» عن إدارة اللقاء، حيث لعب بطريقة دفاعية مبالغ فيها، وأجرى تغييرات تقليدية، ولم تنجح تميمة لاعب الاتحاد السكندرى محمد ناجى «جدو»، التى أنقذت شحاتة ببطولة الأمم الأفريقية بأنجولا فى ترجيح كفة الفراعنة أمام تكتيك وهجوم الإنجليز المنظم. مشاركة «محمد أبوتريكة» كانت غير مقنعة بالمرة نظرا لابتعاده لفترة كبيرة عن الملاعب منذ بطولة الأمم الأفريقية وشابتها المجاملة، فى المقابل رفض «كابيللو» الدفع بالنجم العالمى «ديفيد بيكهام» فى اللقاء، ولو حتى على سبيل المجاملة، على الرغم من جاهزية اللاعب وتقدم الإنجليز بفارق هدفين ليؤكد كابيللو أنه مدرب صارم. الهجوم المصرى اتسم بالعشوائية، فضلا عن التمريرات الخاطئة التى كانت أهم ما يميز لاعبى المنتخب المصرى، وعلى رأسهم الصقر أحمد حسن الذى قدم مباراة للنسيان، حيث فشل فى الربط بين الهجوم ووسط الملعب على غير المعتاد، وبدا وكأنه تائه فى الملعب، ولم يقم بهواياته المعهودة بالتسديد على المرمى التى كانت ترجح كفة المنتخب فى العديد من المواجهات الحاسمة. أزمة السجود يبدو أن لاعبى المنتخب المصرى سيتخلون فى الفترة المقبلة عن فكرة السجود فى الملعب، حيث لم يشفع تدينهم فى الحفاظ على التقدم أمام المنتخب الإنجليزى الذى تفوق بمجهوده وتكتيكه فى المباراة. كرة القدم لا تعترف إلا بالعرق والجهد المبذول فى الملعب، وليس بممارسة الطقوس الدينية التى لو كانت هى المعيار لأصبح منتخب السعودية هو بطل العالم على مدار التاريخ بلا منازع.. ولكن الواقع يؤكد أن الاجتهاد هو ترمومتر البطولات.. ولكل مجتهد نصيب. وكانت سجدة لاعبى المنتخب المصرى بعد الهدف الأول الشغل الشاغل لصحيفة «الديلى ميرور» البريطانية التى لم تتطرق إلى الأمور الفنية داخل ملعب المباراة بقدر تركيزها على احتفال اللاعبين المصريين بالهدف الذى أحرزه محمد زيدان قائلة: لاعبو مصر حولوا ساحة ملعب ويمبلى إلى مدينة مكةالمكرمة، بسبب سجودهم بعد الهدف كعادتهم. وأشارت الصحيفة فى تقريرها عن المباراة إلى أن سجود المصريين أكد انطباعات الجمهور الإنجليزى عن منتخب «شحاتة» والمصريين بشكل عام، وأثبت صحة ما يتردد حول أن الإسلام هو معيار اختيار المدير الفنى للاعبين، مما يعكس عنصرية الجهاز الفنى بقيادة حسن شحاتة، على حد قولها. ولم يسلم عصام الحضرى - حارس المنتخب المصرى - من الانتقادات اللاذعة من جانب الصحيفة، حيث سخرت من مستواه فى المباراة، ووصفت خطأه فى الهدف الثانى لإنجلترا الذى أحرزه «فيليبس» ب «الساذج»، وعلقت باستهزاء قائلة: يبدو أن مواجهة إنجلترا لفرق أفريقية ستكون من حسن حظها، نظرا لوجود حراس مثل عصام الحضرى يهدون الإنجليز أهدافا بهذه السذاجة. الإفراط فى الفرحة رسخ المنتخب المصرى بعد هذا اللقاء مبدأ افتقاد ثقافة الفرحة بعد الفوز بالبطولات فدائما ما يعتاد اللاعبون على التمادى فى الفرحة التى تسيطر على عقولهم لفترة كبيرة، ولا يستطيعون التخلص منها إلا بالهزيمة.. فبالعودة للتاريخ نجد أن منتخبنا دائما ما يتعرض للهزيمة أمام أحد المنتخبات الكبرى بعد تحقيقه لأى إنجاز.. ففى عام 1990 نال الفراعنة هزيمة قاسية بسداسية نظيفة أمام اليونان عقب الصعود لكأس العالم بإيطاليا، وتعرضنا للهزيمة أمام إسبانيا بهدفين دون رد عقب الفوز بكأس الأمم الأفريقية 2006 وهزيمة بالنتيجة نفسها أمام الأرجنتين عقب الفوز بنسخة ,2008 وأخيرا أمام إنجلترا بثلاثية عقب الفوز بنسخة .2010 كذلك فشل المنتخب المصرى فى فك عقدة الاستاد الشهير «ويمبلى»، حيث لم يسبق للمنتخب الإنجليزى أن تلقى أى هزيمة على ملعب ويمبلى فى عهد المدرب الإيطالى فابيو كابيللو. خفة دم «مستفزة» كعادة الشعب المصرى لا يتخلى عن خفة دمه المعهودة التى قد تكون مستفزة للآخرين فى بعض الأحيان، إلا أنها تبقى دائما محل اهتمام الجميع، حيث قامت الجماهير المصرية برفع لافتات استفزازية لنظيرتها الإنجليزية، حيث رفع المصريون لافتات تقول: «لديكم رونى، ولدينا «زيدان»، ولكن هناك تيرى واحد فقط» فى إشارة إلى كابتن المنتخب الإنجليزى «جون تيرى» الذى سحبت منه شارة الكابتن على إثر الفضيحة الجنسية التى لحقت به منذ أيام. ولكن هذه اللافتات الاستفزازية لم تقتصر على المشجعين المصريين، وإنما قام مشجع إنجليزى بمحاولة إثارة غضب «أشلى كول» الذى طالته أيضا الفضائح الجنسية وأدت إلى انفصاله عن زوجته النجمة «شيريل كول»، إذ ارتدى المشجع الإنجليزى «تى شيرت» مكتوبا عليه «أنا لم أنم مع أشلى كول»! الجانب الإيجابى قبل ست سنوات كان يعتبر الحديث عن مثل هذه المباريات أمام فرق أوروبية أو لاتينية كبرى بمثابة «البحث عن فضيحة »، وكانت الهزيمة من إنجلترا 3/1 مرضية تماما، لكننا اليوم نبدو محبطين، لأننا - كما حدث أمام البرازيل وإيطاليا - شعرنا بأن النصر على مثل تلك الفرق ليس مستحيلا. لذلك يحسب لحسن شحاتة وجهازه ولاعبيه أنهم جعلوا المصريين يغضبون ويحزنون للخسارة بفارق هدفين أمام إنجلترا بعدما كانوا فى الماضى لا يأبهون للخسارة بأكثر من ذلك أمام منتخبات أقل من المنتخب الإنجليزى بكثير. ولايزال الجميع يذكر لقاء مصر وفرنسا الذى انتهى بفوز الديوك بخمسة أهداف نظيفة، الذى قال بعده المدير الفنى لمنتخب مصر وقتها محسن صالح بأنه فخور بتقديم ما أسماه ب «أفضل عشر دقائق فى تاريخ الكرة المصرية»! الطموح الذى شكله الفوز على إيطاليا فى كأس العالم للقارات، والخسارة فى النفس الأخير بنتيجة 43 من البرازيل، وثلاثة كئوس أمم أفريقيا متتالية جاءت بعد الفوز بالثلاثة والأربعة على كل كبار القارة السمراء فى أكثر من مناسبة، وهو ما يحسب للمعلم ورفاقه ولاعبيه من هذا الجيل الرائع.