اليوم يكون مر على ولاية حسن شحاتة فى تدريب المنتخب الوطنى الأول لكرة القدم 1813 يوما بالتمام والكمال منذ أن تولى القيادة فى 28 أكتوبر .2004 خمس سنوات إلا قليلا شهدت أحزانا وأفراحا، انتصارات وانكسارات، كما هو معتاد مع الساحرة المستديرة.. لكن يبدو أن المعلم كان صاحب منطق خاص لم يلتفت إليه الكثيرون طوال هذه الفترة، منطق دافعه الأول عشق التحدى، نتج عنه إنجازات غير مسبوقة صاحبها إخفاقات ساذجة لن يغفلها التاريخ الذى أوشك على غلق أبوابه فى وجه المعلم وأولاده. لم تكن الهزيمة من النيجر بهدف فى نيامى.. الأحد الماضى وهو المنتخب الأضعف إفريقيا حيث يحتل المرتبة 154 عالميا بينما تحلق الكرة المصرية فى سماء العالمية لكونها التاسع وفق تصنيفات «الفيفا».. لم تكن تلك الهزيمة هى الأولى من نوعها بل سبقتها هزائم مشابهة من منتخبات مجهولة لم تظهر لا من قبل أو من بعد فى وقت يهيمن فيه الفراعنة على الساحة، بفضل حسن شحاتة ورجاله من جهاز فنى معاون ولاعبين أصحاب البسمة والبصمة التاريخية التى ربما لن تتكرر بإحراز لقب الأمم الأفريقية ثلاث مرات متتالية 2010 - 2008 - 2006 ليصل الرصيد الكلى لسبع ألقاب من الصعب وصول أى منتخب أفريقى لهذا فى السنوات العشر القادمة على الأقل. هذه الإنجازات أكدت عبقرية ودهاء حسن شحاتة قائد المنظومة ودفعت به ليكون محاضرا دوليا فى جميع المحافل على الصعيدين المحلى والقارى وحتى العالمى، فرغم الهزيمة المذلة الأخيرة من النيجر، إلا أنها لم تنل من قدر وقيمة «المعلم» لدى الاتحادين الدولى والأفريقى، وتم دعوته لعقد ندوة بجوار «فيسنتى ديل بوسكى» المدير الفنى التاريخى لمنتخب إسبانيا والحاصل مؤخرا على بطولة كأس العالم الأخيرة فى جنوب أفريقيا والوحيدة للماتادور الإسبانى للحديث عن إنجازاتهما والأمور التكتيكية التى قادتهما إلى تلك الانتصارات، فى ندوة ينظمها «الكاف» فى القاهرة بالتعاون مع «الفيفا». ولو كانت هناك ندوات تقام لأهم الإخفاقات لكان حسن شحاتة على رأس المتقدمين أيضا فى تناقض غريب من نوعه ليست له علاقة بجنون كرة القدم المعروف، ولكنه ارتبط برجل اعتاد اتباع كل بطولة يحققها بإخفاق مذل، وقريبا وبعد الحصول على الأمم الأفريقية الأخيرة بأنجولا، صدم الجميع فى لقاء إنجلترا الودى باستاد ويمبلى العظيم، فرغم تقدمه بهدف لمحمد زيدان وإحراج الإنجليز فى الشوط الأول، إلا أن العقد انفرط سريعا فى الشوط الثانى وسكنت شباك الدولى عصام الحضرى ثلاثة أهداف جملة واحدة ليعبر هذا المشهد اللافت عن حسن شحاتة الذى يجمع ما بين أعلى القمة وأسفل القاع فى وقت واحد. لم يكن هذا المشهد الوحيد المعبر بل هناك الكثير والكثير، ففى بطولة العالم للقارات التى أقيمت فى جنوب أفريقيا العام الماضى قدم مباراة للتاريخ أمام البرازيل التى فازت بشق الأنفس 34 بهدف من ضربة جزاء فى آخر دقيقة، ولم يحافظ «المعلم» على التعادل، لكنها البرازيل والهزيمة بهذا الشكل شرف لا ينكره أحد، لكن الأزمة فى البطولة عندما انهزم الفراعنة فى الجولة الثالثة أمام الولاياتالمتحدة بعد أن قهرنا أبطال العالم.. والهزيمة بثلاثة أهداف للا شىء هى النتيجة الوحيدة التى كانت تطيح بنا من التأهل للدور النصف النهائى ورغم ذلك حققها حسن شحاتة وكأنه كان يخطط للخروج رغم امتلاكه فرصا لا تنتهى للصعود مع البرازيل عن المجموعة إلا أنه اختار أسوأ السيناريوهات وقرر الخسارة بالثلاثة ليهدم الصورة الجميلة التى صنعها فى البطولة بالفوز على إيطاليا بطلة العالم وقتها بالهدف الشهير لمحمد حمص، ليودع الفراعنة كأس القارات ويحمل شحاتة الوجوه الجديدة التى اختارها مسئولية الخروج. المشهد يتكرر حاليا بعد الهزيمة من النيجر فى كأس القارات، حمل شحاتة المسئولية لأحمد عبدالغنى مهاجم حرس الحدود الذى لم ينضم للمنتخب ثانية بعد أن دفع به فى مباراة أمريكا دون أن يقدم شيئا وهو معذور فرصيد اللاعب ضعيف دوليا ولا يليق به قيادة هجوم الفريق الوطنى بدون الخبرة الدولية التى يغفلها حسن شحاتة الذى يعتمد دائما فى المباريات الودية الدولية على الدفع بالقوام الأساسى الذى أصيب بالشيخوخة وعلى رأسهم محمد أبوتريكة ووائل جمعة وأحمد حسن والذين بدأوا فى نهاية مشوارهم بشكل سيئ بسبب فكر «المعلم» فبدلا من الدفع بالصفوف الثانية والثالثة وهكذا حتى يتوافر له مخزون من اللاعبين، بدلا من تحميل أحمد على مهاجم الإسماعيلى وزميله أحمد حسن مكى مهاجم حرس الحدود مسئولية هزيمة النيجر والتعهد بذبحهما وآخرين من الدوليين الكبار لتسببهما فى الخسارة، ونسى «المعلم» أنه شارك فى جريمة الدفع بهما ورصيدهما الدولى لا يتعدى ثلاث مباريات. المشاهد تتواصل ولا تتوقف عند فوز منتخب يحمل التصنيف ال154 علي آخر يحمل التصنيف ال9 عالميا بل سبقها مشاهد عديدة.. ففى 14 يونيو 2008 لقى الفراعنة هزيمة مشابهة بهدف أمام مالاوى فى «بلانتابر» فى إطار التصفيات الأولى المؤهلة لنهائيات كأس العالم الأخير بجنوب أفريقيا ليخلع «المعلم» قلوب الجميع قلقا على مصير الفريق الوطنى نحو مشواره المهم للتأهل عن القارة السمراء للمونديال.. لم يظهر منتخب مالاوى قبل هذه المباراة ولا بعدها، حتى أن مصر فازت بسهولة فى لقاء العودة بالقاهرة بهدفين يوم 22 يونيو 2008 وتأهلت للمجموعة الثالثة التى ضمت الجزائر وبوروندى وزامبيا. فازت مالاوى بهدف على بطل أفريقيا 2006 و2008 كانت هى المباراة الدولية الرسمية الثانية بعد النهائى الشهير فى 2008 والذى فاز فيه الفراعنة بهدف محمد أبوتريكة على الكاميرون فى البطولة التى استضافتها غانا.. وما بين نهائى أفريقيا الذى حضره ميشيل بلاتينى رئيس الاتحاد الأوروبى وأسطورة التدريب جوزيه مورينهو مدرب ريال مدريد وجوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولى وآخرون أشادوا بالفريق الوطنى وبأدائه ولاعبيه الذين قال عنهم مورينهو أنهم يستحقون الاحتراف فى كبرى الأندية العالمية إلا أن حسن شحاتة كان له رأى آخر تماما بعد أيام وأذل لاعبيه وجماهيره بالهزيمة من مالاوى.. وهو نفس ما حدث أمام منتخب النيجر المجهول الذى لم يظهر من قبل ولن يظهر من بعد. إذا كان «المعلم».. اعتاد الخسائر الفادحة عقب كل إنجاز فإنه أيضا وعلى النقيض تماما اعتاد الانتصار فى وقت الانكسار.. وهذا ما يتمثل فى أقوى المشاهد الكروية فى تاريخ الكرة المصرية أمام الجزائر وقت صراع المنتخبين على بطاقة الصعود لكأس العالم الأخير، ورغم انتصار الجزائر وصعودها إلا أن حسن شحاتة فاجأ الجميع ولقن الجزائريين درسا فى فنون الكرة فى نهائيات الأمم الأفريقية الأخيرة بأنجولا وفاز بالأربعة فى الدور قبل النهائى. سبق لحسن شحاتة وانتصر فى معظم تحدياته بداية فى صراعه مع أحمد شوبير عندما كان يعمل الأخير مشرفا على منتخب الشباب الذى كان يدربه حسن شحاتة برفقة إسماعيل يوسف فى نهائيات كأس العالم للشباب بالإمارات 2003 ووقتها رفض المعلم تدخلات شوبير ونجح فى تحديه حيث حصل بهذا الجيل على الأمم الأفريقية ببوركينا فاسو والوصول إلى الأدوار الإقصائية للمونديال، فضلا عن تقديم أهم لاعبى الكرة المصرية على الساحة حاليا نتاجا لهذا الجيل وهم عمرو زكى وعماد متعب وأحمد فتحى وحسنى عبدربه ومعهم الراحل محمد عبدالوهاب وآخرين. كان للمعلم تحد شهير مع أحمد حسام «ميدو» مهاجم توتنهام الإنجليزى فى هذا الوقت وحاليا فى أياكس عندما قام بتغييره فى الدقائق الأخيرة فى مباراة السنغال فى نصف نهائى بطولة الأمم الأفريقية 2006 بالقاهرة ليمنح بديله عمرو زكى الفوز والتأهل الفورى ومنذ هذا الموقف وميدو أشهر وأهم محترفى مصر - بعيد عن التمثيل الدولى. فى كل مرة كان حسن شحاتة يتحدى وينتصر.. لكن ترى هل يواصل انتصاراته هذه المرة بعد أن تمكن العناد والغرور منه فى التعامل مع الصحفيين والإعلاميين وحتى اللاعبين الذين استبعدهم لمجرد التحدى وكان أولهم بركات وآخرهم شيكابالا نجم الزمالك الذى طالب الكثيرون بعودته عقب هزيمة النيجر، ومن قبله عمرو زكى الذى استبعده مع شيكابالا قبل مباراة سيراليون لكنه كان مضطرا مرغما لإعادة «البلدوزر» فى لقاء النيجر لدعم فقر الهجوم فما كان رد عمرو زكى إلا عمليا بالتراخى فى الأداء ولا مبالاة بعد الهزيمة. هل يسير حسن شحاتة على نفس خطى تصفيات كأس العالم الأخيرة؟ بعد أن جمع نقطة واحدة من أول جولتين بالتعادل ثم الخسارة وهو ما حدث على أرض الواقع حتى الآن فى التصفيات المؤهلة للأمم الأفريقية التى قد يخرج منها الفراعنة لأول مرة فى تاريخهم عندما تستضيف غينيا الاستوائية والجابون بطولة 2012 وهم يحملون آخر ثلاثة ألقاب.. نفس السيناريو يتكرر حرفيا، تعادل على الأرض وهزيمة خارج الأرض.. لكننا نتمنى ألا تنتهى التصفيات بنفس النتيجة، وأن يتغلب التحدى داخل المعلم على الهزيمة.