ابتعدنا عن مقدساتنا «المحتلة».. فأصبحت كاليتيمة لا تجد من يتكفل بها.. فأطلقت إسرائيل يدها عليها لتنالها.. تفعل بها كيفما يحلو لها دون ضوابط أو حتى قيود! كانت هذه المحصلة النهائية التى استقر عليها رأى رجال الدبلوماسية المصرية، ممن سألتهم «روزاليوسف»: هل زيارة المقدسات الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلى تعد من قبيل التطبيع؟! قالوا لنا: الذهاب للصلاة ولو بتأشيرة إسرائيلية أصبح أمراً ضرورياً.. فهو يضع إسرائيل تحت ضغط مستمر، إذ عليها - وقتئذ - أن تؤمن لآلاف الزائرين والحجيج حرية ممارسة شعائرهم الدينية.. الأمر الذى سيكشف بدوره العديد من ممارساتها العنصرية على المستوى الدولى. د. مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب قال لنا: من الضرورى إثبات انتمائنا للأقصى، وتعلقنا به وعدم ترك الساحة للإسرائيليين وحدهم.. ورغم تقديره لقرار البابا شنودة بمنع الأشقاء الأقباط من الذهاب إلى كنيسة القيامة فى ظل الاحتلال الإسرائيلى إلا أن زيارة المسلمين والمسيحيين للأماكن المقدسة فى القدس وبقية الأراضى الفلسطينية هى تعزيز لحقهم الثابت تاريخيا فى هذه الأماكن، ومن الأهمية بمكان عدم ترك الساحة إلى ديانة واحدة «لنحترمها» وهى الديانة اليهودية. وطالب الفقى بالذهاب إلى القدس حتى ولو بتأشيرة إسرائيلية، وهو أمر شديد المرارة، لكنها الظروف الدولية هى التى حكمت علينا بذلك، مؤكداً أنه كلما تزايد عدد المسلمين والمسيحيين المتمسكين بحقوقهم فى الأماكن المقدسة التفتت إليهم أنظار العالم وإلى حقوقهم. وأضاف رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان: بصفتى نائباً عن دائرة بندر دمنهور التى يقع بها ضريح «أبوحصيرة» اليهودى أدرك كيف نعانى من قدوم أفواج من الإسرائيليين بممارسات غير مقبولة.. فأولى بنا أن نتمسك بأماكننا المقدسة ولا نهملها.. أما السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية فأوضح أنه لا يعقل أن نترك القدس والمسجد الأقصى ونهملهما لوقوعهما تحت الاحتلال الإسرائيلى.. وأنه ذهب للقدس وصلى بالمسجد الأقصى ولو جاءته الفرصة مرة أخرى فسوف يكرر التجربة، موضحاً أن هذه الزيارة كانت منذ عشر سنوات لحضور ندوة دولية نظمتها هيئة أمريكية - عربية لمناقشة الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية،مطالباً المسلمين فى جميع أنحاء الأراضى بالذهاب والصلاة والتعبد، لأن هذا سيؤكد للعالم أن هذا المسجد وهذه المدينة خط أحمر بالنسبة للمسلمين وللعرب. وقال شاكر أنه يقدر قرار البابا شنودة بمنع المسيحيين من الذهاب لكنيسة القيامة، لكن الوضع بالنسبة للمسجد الأقصى وصل إلى حد من الخطورة البالغة والتى تستدعى التواجد رغم كل الصعوبات ولم يعد الكلام وعبارات الإدانة يكفى.. بل يجب أن تشعر إسرائيل بتمسكنا بمقدساتنا وأن يقع عليها حمل مهمة تسهيل أدائنا لشعائرنا الدينية دون ترهيب.. وهذا أفضل كثيراً من إهمالنا للمسجد الأقصى لحين عودته مرة أخرى تحت الراية والسلطة العربية والفلسطينية.. فى المقابل شدد عبدالرءوف الريدى سفير مصر الأسبق لدى واشنطن على ضرورة التضامن مع الصامدين داخل القدس، وهذا التضامن يكون بالتواصل وأن يشعر أهلنا فى القدس أن هناك ما يسمى بالعرب وبالمسلمين، مؤكدا أنه ضد التطبيع، ولكن أى سياسة فى الدنيا لا تعرف المطلق، ونحن لا نطبع مع المحتل، ولكن نطبع مع أهلنا الواقعين تحت وطأة هذا المحتل ونتمسك بمقدساتنا التى يعبث بها هذا المحتل. وأوضح الريدى أنه ذهب إلى القدس مرتين،متابعاً: فى المرتين تجولت فى شوارع القدس وزرت بيت الشرق وشاهدت الناس فى القدس العربية وشعرت فى نظراتهم بالأسى من تخلى العالم العربى والإسلامى عنهم، لأنه لا أحد يذهب، ولا أحد يتواصل، والكل يقاطع تحت ذريعة التطبيع! أما شيخ الدبلوماسيين العرب الدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير خارجية مصر الأسبق فقال: فى تقديرى الشخصى أن عدم الذهاب إلى القدس والصلاة فى الأقصى بحجة أنه واقع تحت الاحتلال الإسرائيلى مؤداه إطلاق يد إسرائيل لتفعل ما تشاء بمقدساتنا ونترك لها أهم محاور الحركة وهو التحرك على الأرض فلو كان هناك أطر حركة متعددة نطالب من خلالها بحقوقنا مثل الأممالمتحدة يظل التحرك على الأرض أو التحرك الشعبى بالذهاب إلى القدس والصلاة فى الأقصى وإظهار تمسكنا بحقنا فى مقدساتنا للعالم كله وإظهار إسرائيل على حقيقتها وأنها تحول دون ممارسة الناس لشعائرهم الدينية أفضل بكثير من الارتكان إلى الموقف السلمى بالمقاطعة،وتابع قائلاً: ذهبت للقدس وصليت فى الأقصى، وليس معنى ذلك أننى مع التطبيع ولكن علينا أن نبذل كل ما فى وسعنا لكى نستعيد حقنا وأن نعالج ونزن الأمور بأصول وقواعد وقيم.