هذا حديث قد يغضب البعض، وقد يرضى البعض، لكنه فى كل الأحوال حديث لوجه المهنة لا أكثر، ولا أقل، وهو أيضا جرس إنذار مبكر قبل عامين اثنين كاملين من موعد انتخابات نقابة الصحفيين المصريين، وهى انتخابات على مقاعد مجلس النقابة ومقعد النقيب، والحقيقة أننى أفضل الحديث عن مجلس نقابة الصحفيين وهو حديث لا ينفى احتراماً واجباً لكنه أيضاً لن يغفل تذكيراً محتماً، وشاهد الحال أن الحال تراجعت كثيراً بمجلس نقابة الصحفيين المصريين منذ سنوات طويلة. وإن هذا أثر على أداء نقابة الصحفيين وعلى الصحفيين أنفسهم، والاحترام الواجب لا يمنع أن نقول أن بعض أعضاء مجلس نقابة الصحفيين المصريين ليسوا من نجوم المهنة، ولا من أصحاب الأسماء المعروفة، ولا حتى نصف المعروفة، وبعضهم لم يسمع الصحفيون بأسمائهم ولا يرونها أبداً مطبوعة على الورق بجوار مقال أو تحقيق أو خبر أو حوار صحفى، ولا ينفى هذا أن لهؤلاء الزملاء - وأنا أتحدث عن دورات انتخابية متعاقبة - مهارات إنسانية وقدرة على التواصل وتقديم الخدمات، لكن نقابة الصحفيين ليست نقابة العاملين فى صناعة الغزل والنسيج، والقدرة على تقديم الخدمات لا تنفى أن ممثلى الصحفيين المصريين يجب أن يتمتعوا بكفاءة مهنية ونجومية صحفية تجعلهم أقدر وأجدر بتمثيل الصحفيين المصريين، وشاهد الحال أن مجالس نقابة الصحفيين المصريين ظلت منذ نشأة النقابة وحتى منتصف الثمانينيات تضم نقابيين أكفاء، ولكنهم كانوا أيضاً صحفيين أكفاء، ويكفى أن نعرف أن أسماءً مثل أحمد بهاء الدين، وفهمى هويدى، وصلاح الدين حافظ، ومحمود عوض، وسلامة أحمد سلامة، وحسين عبدالرازق، وصلاح عيسى، وجلال عيسى، وآخرين لا يقلون أهمية ولا كفاءة مهنية كانوا أعضاء فى مجالس نقابة الصحفيين فى دورات مختلفة، وكان الكثيرون منهم يعبرون عن تيارات ومواقف سياسية ومهنية معارضة، لكن التيارات السياسية كانت «تختشى» وتقدم مرشحين يجمعون بين الكفاءة المهنية وبين الموقف السياسى، وهو ما لا يحدث الآن إطلاقاً؛ حيث يتم انتخاب «اللافتة» السياسية التى يحملها المرشح بغض النظر عن مدى علاقته هو شخصياً بمهنة الصحافة، ولعل من الأسباب اتي أدت لهذا الوضع لأيضاً هو ذلك التعالى غير المفهوم الذى مارسه كبار الصحفيين سواء من أصحاب المواقع التنفيذية أو من نجوم الكتابة على الترشح لعضوية مجلس النقابة، وصار كل رئيس تحرير يرى أنه إما أن يترشح لمنصب النقيب وإلا فلا، وصار البعض يتكرم ويرشح لمجلس النقابة شخصاً من طرفه، لا أريد أن أقول «صبياً» له حتى لا أسىء لزملاء أعزاء بالفعل، والنتيجة هى ما وصلنا إليه.. مجلس لنقابة الصحفيين معظم أعضائه ليسوا من نجوم المهنة ولا حتى من نجوم الصف الثانى فيها، وقد انعكس هذا على كل شىء بدءاً من الصورة العامة للنقابة وليس انتهاءً بالعلاقة بالدولة، مع تراجع فى الخدمات وازدياد لنفوذ جماعة الإخوان المسلمين.. وأصبحت الصحافة فى خدمة السياسة، وفى خدمة الخدمات وفى خدمة العصبيات المؤسسية والقبلية.. نريد مجلسا للصحفيين يضم نجوماً فى مهنة الصحافة، ولا نريد تعاليا من الصحفيين الذين حققوا نجاحاً مهنياً عن الترشح لخدمة الصحفيين.. لأن الأخطار تحيط بالجميع.. وهذا إنذار مبكر.. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد!