أحمد موسى يفجر مفاج0ة عن ميناء السخنة    محمد الغباري: إسرائيل تستخدم وجود حماس لمنع قيام دولة فلسطين (فيديو)    ذا أثليتك: برونو يرحب بفكرة تجديد تعاقده مع يونايتد    على رأسهم تاليسكا.. النصر يتخلى عن ثنائي الفريق في الصيف    ردود الفعل على حادثة محاولة الخطف والاعتداء الجنسي في أوبر: صلاح عبد الله يدعم المقاطعة وعبير صبري تطالب بالرقابة والإغلاق    16 مايو.. الحكم على متهم بتزوير محررات رسمية    بعد تصدره مؤشر جوجل.. أعمال كريم قاسم الفنية    بالصور.. خطوبة مينا مسعود والممثلة الهندية إميلي شاه    "العبدلله حسن المنوفي".. أحمد الفيشاوي يكشف عن شخصيته في "بنقدر ظروفك"    قبل البيرة ولا بعدها؟..تعليق علاء مبارك على انسحاب يوسف زيدان من تكوين    رئيس جامعة الأقصر يفتتح مركز خدمة الطلاب ذوي الإعاقة    انعقاد برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات بمديرية أوقاف المنيا    دمياط تتسلم 25 وحدة من وصلات القلب للانتهاء من قوائم الانتظار    طريقة عمل الفول النابت لأكلة مغذية واقتصادية    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    جامعة حلوان تنظم ورشة عمل للتعريف باختصاصات عمل وحدة مناهضة العنف ضد المرأة    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    شكري ردا على «خارجية الاحتلال»: نرفض لي الحقائق.. وإسرائيل سبب الأزمة الانسانية بغزة    المشدد 3 سنوات ل6 أشخاص بتهمة حيازة أسلحة واستعراض قوة بشبرا الخيمة    5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر |إنفوجراف    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    متاحف وزارة الثقافة مجانًا للجمهور احتفالا بيومها العالمي.. تعرف عليها    اليوم.. تامر حسنى يبدأ تصوير فيلمه الجديد "ريستارت"    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    دولة أوروبية تنوي مضاعفة مساعداتها للفلسطينيين 4 أضعاف    الجنائية الدولية: نسعى لتطبيق خارطة الطريق الليبية ونركز على تعقب الهاربين    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    أشرف عطية يتفقد الأعمال الجارية بمشروع محور بديل خزان أسوان الحر    كورتوا على رادار الأندية السعودية    أخبار الأهلي : مروان عطية يثير القلق في الأهلي.. تعرف على التفاصيل    الشيبي يظهر في بلو كاست للرد على أزمة الشحات    «الزراعة»: مشروع مستقبل مصر تفكير خارج الصندوق لتحقيق التنمية    برلماني: مصر قادرة على الوصول ل50 مليون سائح سنويا بتوجيهات الرئيس    لماذا أصبح عادل إمام «نمبر 1» في الوطن العربي؟    وزير التعليم يفتتح الندوة الوطنية الأولى حول «مفاهيم تعليم الكبار»    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    «على قد الإيد».. أبرز الفسح والخروجات لقضاء «إجازة الويك اند»    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    التشكيل الرسمي لمباراة الاتحاد السكندري وسموحة في الدوري    تصريحات كريم قاسم عن خوفه من الزواج تدفعه لصدارة التريند ..ما القصة؟    وزير الدفاع البريطاني: لن نحاول إجبار أوكرانيا على قبول اتفاق سلام مع روسيا    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    داعية إسلامي: يوضح ما يجب على الحاج فعله فور حصوله على التأشيرة    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    أحمد الطاهرى: فلسطين هي قضية العرب الأولى وباتت تمس الأمن الإقليمي بأكمله    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    فى أول نزال احترافى.. وفاة الملاكم البريطانى شريف لوال    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    «الأونروا»: أكثر من 150 ألف إمرأة حامل فى غزة يواجهن ظروفا ومخاطر صحية رهيبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كذبة كبيرة = حرب مهولة


المنطقة علي أبواب الحرب الثالثة
تسارعت فى الأيام القليلة الماضية التصريحات المتواترة عن ارتفاع مؤشرات الحرب ضد إيران.. ووصل الأمر حد أن تتناثر مواعيد لشنها.. أقربها هو نهاية شهر فبراير المقبل.. وعلى الرغم من أن هذا الاحتمال كان قد تراجع كثيرا قبل أسابيع مع بدء المفاوضات بين كل من إيران والدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا.. إلا أن سيناريوهات الحرب عادت بكثافة مع تردد أقوال فى واشنطن توجز الموقف فى أنه (الصبر ينفد).. ولم يكن مدهشا أن تعتلى هذه العبارة أيضاً غلاف مجلة نيوزويك فى الأسبوع الماضى (الصبر ينفد).
وبينما يتقلص مخزون الصبر الغربى، وتتلاشى معه دلائل الثقة فى إمكانية الوصول إلى حل تفاوضى بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة وإيران، ومع اقتراب الاحتمال «الأوقع».. وهو أن تتجه الدول الغربية نحو تطبيق عقوبات صارمة على إيران، فإن أغلب التحليلات ترى أن سيناريوهات الحرب تتساوى تقريبا مع سيناريوهات عدم نشوب حرب.. كل منها احتماله فى اللحظة الآنية 50 بالمائة.
الأمر المؤكد أننا بصدد مرحلة لم تقترب من انفجار الحرب.. التى تعوزها تجهيزات مختلفة لايشترط فيها أن تكون معلنة.. وأن المرحلة الحالية تتعلق بالفرصة المتاحة أمام إيران بشأن الرد على عروض تخصيب اليورانيوم خارج إيران.. وبما يضمن بلوغه مرحلة لاتقترب من إمكانية أن يكون مستوى التخصيب صالحا لصناعة القنبلة النووية الفارسية.. فى ضوء المهلة المعلنة من الولايات المتحدة لاتخاذ إجراء فى هذا الشأن والتى تنتهى يوم 5 يناير المقبل.
مرحلة البنزين
المرحلة التالية لهذا التاريخ تفترض أن تبدأ الدول الغربية والولايات المتحدة فى فرض العقوبات المؤلمة على إيران.. وبما يؤدى إلى حصار اقتصادى وربما بحرى فضلا عن كونه مالياً.. ضمن مجموعة معقدة من العمليات.. استطاعت - فيما يبدو - الولايات المتحدة أن تحشد لها الأصوات الشاردة من القوى الكبرى.. مثل روسيا والصين.. ومن ثم فإن التصريحات البريطانية والفرنسية والأوروبية عموما تغزل على المنوال نفسه.. وتحذر من العقوبات.
الولايات المتحدة غرمت فى الأسبوع الماضى بنكا سويسريا كبيرا ما يزيد على 300 مليون دولار لأنه قدم تسهيلات مالية لإيران فى عمليات التصدير والاستيراد.. ووافق مجلس النواب الأمريكى فى الأسبوع الماضى بأغلبية ساحقة على مشروع قرار يتيح للرئيس أوباما أن يفرض عقوبات على أى شركة يمكن أن تساهم فى حصول إيران على البنزين.. بخلاف عقاب أى كيان يمكن أن يساعد إيران على تكريره.
والبنزين هو أحد أهم معضلات إيران.. معضلة استراتيجية.. إذ رغم كونها من كبريات الدول المصدرة للبترول إلا أنها تعانى من قصور مهول فى عمليات التكرير ما يؤدى إلى شح فى إنتاجه.. بما لذلك من تأثير على كثير من آليات الحركة وبما فيها الآلة العسكرية..
وقد استبقت إيران هذا الإجراء المتوقع له أن يتصاعد فى اتجاهات مختلفة.. حين قالت إنها يمكن أن تستورد البنزين من فنزويلا ودول أخرى.. على اعتبار أن فنزويلا فى حالة صراع سياسى مع الولايات المتحدة.. لكن هذا الحل لايبدو عمليا فى ضوء بُعد المسافة بين البلدين.. ما دعا وزير النفط الإيرانى لأن يقول قبل يومين أن بلاده مستعدة (وفق خطة طارئة) لإنتاج 14 مليون لتر بنزين يوميا.. إذا ما اقتضت الحاجة إلى ذلك.
الوزير الذى أقر بأن إيران لم تزل تعتمد على قدر هائل من واردات البنزين من الخارج.. لم يقل بصراحة أن إيران تستورد ما لا يقل عن 45 % من احتياجاتها من البنزين.. وهو ما دعاها إلى محاولات تقليص استخدامه.. والسعى إلى زيادة سعة معامل التكرير فى جنوب البلاد التى قد تكون من بين أهداف أى ضربة عسكرية محتملة.
عواقب الكذب
على كلٍّ فإن مسألة العقوبات لم تعد تنفى احتمالات الهجوم العسكرى على إيران.. وهى نفسها فى غضون الأيام الأخيرة بدت كما لو أنها موقنة من ذلك السيناريو أكثر من أى وقت مضى.. ما دعا أحمدى نجاد لأن يقول بصراحة إن على الولايات المتحدة أن تنكفئ داخل حدودها.. فى ذات الوقت الذى قال فيه إن الشعب الإيرانى لا يحتاج إلى القنبلة النووية رغم أن لديه أعداء كثر.. فى محاولة منه لإضفاء الصفة السلمية على البرنامج النووى الإيرانى الذى لايبدو أن أحدا حول العالم يثق فى نواياه.. وبالتالى فإن الكثيرين قد توالت تحذيراتهم من مغبة (الكذب).
هذا الكذب سوف يكون ثمنه باهظا تماما.. وقد يساوى حربا.. وقد يساوى تهديد نظام الثورة الإيرانية بالكامل.. وقد يساوى نوعا من الانفجار غير مقدر النتائج فى الخليج خصوصا والشرق الأوسط برمته.. والكل يخشى عواقب تلك الخطوة بما فى ذلك الذين يدعون إلى الحرب وأنه لامفر منها.. وبالطبع فيما بين من يرجحون أنه لا مفر منها.
لقد توقف الكثيرون أمام التصريحات التى أدلى بها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى قبل أيام لصحيفة الهيرالد تربيون والتى أعرب فيها عن شكوكه بأن يكون البرنامج النووى الإيرانى سلميا.. مضيفا إن على المجتمع الدولى أن يمنع إيران من امتلاك السلاح النووى.. ومطالبا بنفس الأمر تجاه سلاح إسرائيل النووى..
هذا التصريح يمثل نقلة فى توجهات المملكة.. فى ضوء أن الأمير سعود الفيصل نفسه كان قد قال قبل أسابيع فى نيويورك إبان حضوره الجمعية العامة للأمم المتحدة كلاما أقل وضوحا من هذا.. إذ حذر من اللغة البلاغية.. وإنها تقود إلى مواجهة.. داعيا إلى حل دبلوماسى.. وهو الحل الذى لم يتحدث عنه هذه المرة.. أثناء مطالبته العالم بأن يمنع إيران من امتلاك السلاح النووى.
ولابد أن الأمير، والمملكة كلها، قد نقلت موقفها إلى نقطة أبعد بخصوص الملف الإيرانى برمته، مع تأكد السعودية من تورط إيران فى التعديات الحوثية القادمة من اليمن فى اتجاه السعودية.. ما أدخل السعودية عمليا ومنذ ما يزيد على الشهر فى عملية عسكرية لا تلوح لها أفق انتهاء قريب لكى تحافظ على أمن أراضيها فى الجنوب وعلى الحدود مع اليمن بعد أن دعيت إلى نزاع داخلى فى اليمن لم تكن طرفا فيه.
سلاح حزب الله
لكن الأخطر والأهم فى تصريحات سعود الفيصل كان هو الجزء الخاص بحديثه عن سلاح حزب الله.. إذ قال بوضوح لا لبس فيه إن سيادة لبنان على أرضه لن تتحقق إذا ظل حزب الله يملك أسلحة أكثر من الجيش اللبنانى.. فى ذات الوقت الذى قال فيه حيفرى فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون الشرق الأوسط إن سلاح الحزب غير الخاضع للدولة اللبنانية يمثل خطرا على لبنان وينتهك القرارات الدولية.
سعوديا، مجمل تصريحات الفيصل تدفع إلى بضع نتائج:
- إعلان سعودى متجدد عن الخطر الإيرانى.- تأكيد الاشتباك «السعودى - الإيرانى» (وهو متصاعد بصورة متضاعفة منذ فترة قبل التعدى الحوثى وبما فى ذلك الإصرار الإيرانى على فرض اضطرابات فى موسم الحج).
- إن السعودية حينما تقاربت مع سوريا قد سعت إلى مواجهة الخطر الإيرانى الرئيسى.. من خلال إبعاد سوريا عن إيران وفق التصور السعودى الذى يبدو أنه يتجاهل التحالف البنيوى بين دمشق وطهران.
- تصريحاته أيضا تعنى أنه يحاول أن يضع سوريا فى مواجهة مع إيران وحزب الله. أما من ناحية حزب الله، الذى توقع مصدر دبلوماسى وفق ما ذكرت صحيفة كويتية قبل أيام، أن يزور أمينه العام حسن نصر الله، إيران خلال أيام تاليا لخالد مشعل الذى التقى آية الله خامنئى فى منتصف الأسبوع الماضى، من ناحية الحزب فإن هناك عمليات تسخين متنوعة فى اتجاهه.. فى ضوء أمرين:
- الأول: إصراره على أن يتضمن البيان الصادر عن الحكومة اللبنانية بندا يخص حقه المسبق فى مقاومة إسرائيل بدون الرجوع للحكومة اللبنانية.
- الثانى: احتمال أن يكون الحزب أحد أهم الأدوات الإيرانية - الاستباقية أو اللاحقة - التى يتم توظيفها فى الحرب المتوقعة بنسبة 50%.
الخارجية البريطانية جددت موقفها فى الأيام الماضية من ضرورة وضع سلاح حزب الله كله تحت إمرة الحكومة اللبنانية.. وراح عاموس بادلين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية يقول فى الوقت نفسه إن شبكات تهريب الأسلحة إلى حزب الله تحررت من كل القيود.. وعلى الرغم من أنه فرق بين توجهات حزب الله وحركة حماس بشأن التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل مقارنة بسوريا التى وصفها بأنها دولة علمانية يمكن أن توقع اتفاق سلام، إلا أنه أشار إلى الدور السورى السلبى فى هذا المحور.. وأنه بمضى الوقت يتزايد انتماؤها رسوخا فيه.
ويعنى هذا الكلام أن إسرائيل تمضى فى اتجاه لايستثنى سوريا من الاحتمالات.. وهو كلام له دلالاته إذا ما استعدنا تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلى جابى أشكنازى الشهر الماضى قال فيها إنه لا يستبعد حربا جديدة مع حزب الله.. مشددا على أنه يمتلك عشرات الألوف من الصواريخ التى يبلغ مداها 300 كيلو متر، أى يمكنها أن تصل إلى عمق إسرائيل وليس إلى الشريط الحدودى فى جنوب لبنان فقط.. بل وقال إن بعضها يمكن أن يصل إلى مستوطنة ديمونا فى جنوب إسرائيل.
الأخطر هو أن أشكنازى اعتبر أن الهدوء مع كل من حزب الله وحركة حماس (مضلل).. وقد أضاف: هناك تناقض.. إذ يبدو أن هناك هدوءاً.. ولكن حين ترفع رأسك فوق السياج ترى استعدادات وتعزيزات.
وحتى إذا كان أشكنازى قد حذر حزب الله من أى عملية انتقامية لعملية اغتيال قائده المعروف عماد مغنية، فإن مجمل تصريحات هو نوع من الاستدعاء لاحتمالات مواجهات غير منفية بدرجة أكبر مع حزب الله.. وبدرجة أقل وإن لم تكن بعيدة مع حركة حماس.
حديث حرب
من اللافت فى هذا السياق أن خالد مشعل بُعيد لقائه مع خامنئى يوم الثلاثاء الماضى فى طهران حذر إسرائيل من أنها سوف تواجه الكثير إذا ما شنت حربا على غزة.. وهو نفس ما قاله البيان الإعلامى الصادر عن خامنئى ذاته بعد المقابلة.. إذ بدا كما لو أن هذا كان هو محور النقاش فيما بين الاثنين.. على الرغم من أنه يكاد يكتمل عام على الحرب التى شهدتها غزة فى نهاية ديسمبر 2008. ما أدى إلى عودة الأجواء التى كانت تسبق الحرب الأخيرة.
ويدعونا هذا إلى تذكر التحليلات الصادرة عن جهات عربية مرتبطة بإيران وصفت حرب غزة (ديسمبر 2008- يناير 2009) بأنها الحرب الوسطى.. أى أن حرب لبنان 2006 كانت هى المواجهة الأولى وأن هناك مواجهة ثالثة فى الطريق (يرجى العودة فى هذا الإطار إلى تحليل نشره مركز دراسات شرق المتوسط المرتبط بإيران فى يناير الماضى).. وقد أشرت إلى هذا من قبل فى مجمل تحليلاتى لحرب غزة.
استدعاء خيار الحرب وبما يشمل عمليات أو حروبا فى كل من لبنان وغزة يدور فى اتجاه احتمالين معقدين:
1- أن تقوم إيران بتفجير استباقى الأوضاع فى كلتا الجبهتين.. من خلال حركة حماس ومن خلال حزب الله.. لكى تحذر من تفجير شامل للمنطقة إذا ما تعرضت هى نفسها لحرب.. فلا يمكن إطفاء الحرائق المشتعلة وبما يحميها. أو أن يكون هذا التفجير تاليا للضربة التى ستتعرض لها افتراضا.. كنوع من الانتقام.. وفى الحالتين فإن الموقف سيكون فى إطار دفع الثمن المنتظر من التنظيمين فى ضوء العلاقة الاستراتيجية التى تربطهما مع طهران.
2- أن تقوم إسرائيل من تلقاء نفسها بضربة فى اتجاه إيران تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.. وفى سياقها.. ولكى تضمن حماية نفسها من ردود الأفعال التالية فإنها تقوم فى الوقت ذاته بضربات فى اتجاه حركة حماس فى غزة وحزب الله فى لبنان.. بل وتذهب تحليلات نحو إمكانية أن تكون هناك تحذيرات من نوع ما (شفوى أو عملى) فى اتجاه سوريا.. ما يفسر تصريحات أشكنازى المشار إليها من قبل.
كشف مواقف
ومن الواضح أن الاحتمال الثانى يتزايد بصورة أكبر من ذى قبل، وقد تم الكشف عن أن الرئيس الأمريكى أوباما حين زار الصين أنه قال للرئيس هويجنتاو أن الولايات المتحدة لن تقوى على درء إسرائيل عن ضربة عسكرية لإيران أكثر من ذلك. ما يعنى أن الضغوط الأمريكية فى هذا السياق تتعرض لاختلال كبير.. أو أن الضوء الأخضر لتلك الضربة - بعيدا عن الشرعية الدولية - صار أكبر احتمالا.
التوقعات فى الجانب الإيرانى وحلفائه تسير فى هذا الاتجاه.. خصوصا بعد زيارة خالد مشعل لطهران الذى قال إن الحركات الإسلامية فى المنطقة سوف تقف جبهة واحدة مع إيران إذا ما تعرضت إلى هجوم إسرائيلى.. ما يعنى أنه قد دفع بنفسه وبحركته وبحلفائها والمرتبطين بها وبإيران أيديولوجيا إلى ساحة النزال.. ويعود بنا هذا إلى ما سبق أن أشرنا إليه فى نهاية العام الماضى من أن إيران إنما تسعى إلى بلورة تحالف بين القوى والحركات الراديكالية يتجاوز كونها سنية أو شيعية تحت قيادة حزب الله لاستثماره حين تحين مناسبة ذلك.
فهل حانت المناسبة؟.. ربما.. لكن المؤكد أن صحيفة الشرق الأوسط قد دفعت عددا من تلك الحركات إلى أن تعلن مواقفها بُعيد ما قال مشعل.. وسجلت على حركة الجهاد الفلسطينية تأييدها لموقف مشعل وأن قال مصدر فيها أن التأييد كان معنويا.. وسجلت على مهدى عاكف مرشد الجماعة المحظورة فى مصر أنه قال إن جماعته سوف تقف إلى جانب إيران بالطبع.
عصام العريان القيادى الإخوانى من جانبه ذهب إلى التوضيح فى جريدة الدستور المصرية الخاصة وقال صباح الخميس الماضى: سوف نقف مع إيران بالمظاهرات وبالغضب.. غير أنه اعتبر أن الموقف سيكون مختلفا إذا ما تعرضت حركة حماس وحزب الله.. وهو ما قاله أيضا جمال حشمت وهو قيادى آخر فى المحظورة.. إذ أردف: سوف نتظاهر غضبا ولو أدى هذا إلى غضب النظام فى مصر.
هذه الأوراق التى يبدو أن إيران تستحضرها علنا، بحيث تشير إلى الاحتمالات الجانبية للضربة التى تتوقعها أكثر من غيرها، أضيف إليها من جانب طهران تلويح آخر بخصوص الخليج.. وشيعته.. وقد لفت الأنظار فى الأسبوع الماضى أن خرج ممثل لآية الله خامنئى اسمه آية الله رحيميان ليقول إن نصف أعضاء مجلس النواب البحرينى هم من مقلدى آية الله خامنئى، أى من تابعيه.. وأن حسن نصر الله قد أصبح بطلا عربيا لأنه يقبل يد مرشد الثورة الإيرانية كما نسب رحيميان نفسه لحسن نصر الله فى تصريحه.
قراءة موقف
أما وقد بلغت الأجواء هذا المنحنى، وعلى الرغم من أن احتمالات الحرب لاتبدو مؤكدة.. فإن ما يلفت الأنظار فى الموقف المصرى من كل هذا الذى يجرى.. هو مجموعة من النقاط:
1- إن مصر وفرنسا دعيتا فى الأسبوع الماضى خلال زيارة الرئيس مبارك لباريس إلى أن يكون العام القادم هو عام حل القضية الفلسطينية.. ربما لأن هناك مخاوف من أن تؤدى الترتيبات الجارية فى الخفاء إلى تأجيل الملف الفلسطينى لمراحل بعيدة.. خلف الملف الإيرانى الذى يتصدر مختلف الأجندات.
2- إن مصر ترفض التلويحات بأن كل العرب ليسوا على قلب رجل واحد بخصوص موضوع فلسطين.. وأن الدول الخليجية ليس لديها مانع من أن يؤجل الملف الفلسطينى لصالح حسم الملف الإيرانى على أن يتم النظر للملف الفلسطينى فيما بعد. ولا أعتقد أن هذا تصور صحيح فى ضوء أن الدول الخليجية تدرك أبعاد الموقف وارتباط الملف الفلسطينى بنتائج التفعيل فى الملف الإيرانى.
3- يلفت النظر للغاية السخرية التى تعامل بها وزير الخارجية المصرى أحمد أبو الغيط مع ما سمى ب (المحور الإيرانى - السورى - التركى)، واصفا إياه بأنه خيال.. ذلك أنه قد جرت عمليات استقطاب فى هذا الاتجاه.. على الأقل من جانب إيران.. ومن ثم سوريا.. غير أن الاستجابات التركية لا تلوح بذات القدر وفى الاتجاه نفسه بحيث يمكن القول أنها تمثل محورا. بالإجمال، هناك رائحة بارود تكاد تسد الأنوف.. وتلوح فى الأفق مجامر نيران.. والمشكلة أن المنطقة العربية سوف تكون ساحة للأفعال وردود الأفعال..
فى حين أن الدول - لا التنظيمات - لن تكون مشاركة فى تلك السيناريوهات التى لايريد أحد أن تكون واقعا.. كما أنهم لايريدون فى الوقت نفسه لإيران أن تصبح قوة نووية.. وتلك معادلة صعبة جدا.
قد نكون مقبلين على أيام عسيرة.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.