طلبت رقم 666، لأحصل على رقم هاتف الأقدار. انتظرت مايقرب من ربع ساعة أستمع إلى أغنية تمدح فى الخدمة المصرية التليفونية الأرضية... حتى أن الخدمة، وكأن الأمر معجزة. الألفية الثالثة والأغنية مثل كل شىء تخاطب المواطن الذكر، يا ابن بلدى. بعد ربع ساعة من تكرار الأغنية الإعلانية، وصلنى أخيرا صوت يخاطب مرة أخرى المواطن الذكر، أيوه اتفضل حضرتك. زمان وأقول زمان والزمان عندى قد يعنى لحظات معدودة فاتت أو الأمس أو الأسبوع الماضى أو السنة التى راح زمانها أو عشر سنوات لا أستطيع أن أحسبها، ولا أريد حسابها وقد يعنى الزمان أزمنة لم تحضرنى، ولم أحضرها لكننى عشت ودفنت فيها. زمان كنت إذا وافقنى مزاجى أدخل فى مناقشة مع عاملة التليفون أو عامل التليفون. وكم كان يسرنى أننى نجحت على الأقل فى تأكيد أن اللغة الذكورية ترسخ التمييز بين النساء والرجال.. وبالتالى تنتهك العدالة، والمواطنة. أيوه اتفضل حضرتك معاك فلانة الفلانية، أو فلان الفلانى. قلت: عايزة رقم هاتف الأقدار... وياريت كمان عنوانها. ردت العاملة بشكل يمتزج فيه الاستنكار، والاستغراب، والتريقة: بس ده رقم سرى بناء على طلب المشترك. قلت: الأقدار فى هذه الحالة، هى الأقدار. قالت: بس فيه حالات استثنائية، يسمح لنا المشترك فى إعطاء الرقم السرى، ويمكن تنطبق الحالات دى على حضرتك. قلت: وما هى هذه الحالات الأقرب إلى الشروط. أصبحت نبرة صوتها، أكثر وظيفية، ورسمية، وهى تملى شروط الأقدار: بعد تسجيل كل بياناتك الشخصية، وغير الشخصية الآنية، والماضية، وبعد تسجيل المواقف والأحداث السعيدة وغير السعيدة، وبعد معرفة حاجات كده عن أسرتك... ومزاجك، وطباعك، ولون عينيك، وطول قامتك، وهواياتك المنتظمة، وما إذا كان، عند حضرتك أى أمراض حالية، أو أى استعداد وراثى، لأى من الأمراض المتوطنة، أوالفيروسية، أو المعدية، أو الفتاكة القاتلة.. قاطعتها متسائلة: حضرتك متأكدة أنك عايزة تليفون وعنوان الأقدار؟ أكملت: بالمناسبة، نسيت أن أقول، لحضرتك، أن لون العينين، وطول القمامة، وخامة الصوت، من السمات، التى تعطيها أولوية.. سألتها، وكيف تحكم الأقدار، على كل هذه البيانات، خاصة، خامة الصوت؟ بزهو، ردت فورا: الأقدار، لديها جميع التطورات التكنولوجية العصرية، وإذا أرادت أن تطلع على شىء، ليس عليها، إلا، استدعاء أشخاص المكتب السرى الخاص، بعمل، الأقدار.. والإجابة الفورية، عن أى سؤال.. سألتها: خلاص.. أقدر دلوقتى أحصل، على عنوان، وهاتف الأقدار.. أنا تعبت من كثرة الأسئلة، ونسيت، أنا كنت، أريد، عنوان، وهاتف، الأقدار، عشان إيه.. قالت: كله خلاص دخل الملف.. قلت: أخيرا.. قاطعتنى قبل التمادى، فى التفاؤل: لكن ليس قبل، ساعة، حين يطلبك، شخص، من المكتب السرى الخاص، بعمل الأقدار.. سيكون ملفك قد تمت دراسته، وتقديم الحكم، والآراء، والاقتراحات، من جانب خبراء الأقدار.. تفاءلى، قد يستوفى الملف، على كل المطلوب، ويعطونك عنوان، وهاتف، الأقدار.. تفاءلى، قد تحدث المعجزة المنتظرة، منذ راح زمن المعجزات، وتكونين أول امرأة، فى العالم، تستحسنها الأقدار وتثق فيها، وتعطيها عنوانها، وهاتفها، الأرضى.. ومين عارف، يمكن تديكى كمان، رقم الموبايل.. قلت: ساعة انتظار، ليس بالكثير سألتنى: مرتبكة: معلش اعذرينى أنا والله متأسفة على الآخر.. أصلى نسيت أسألك، أهم سؤال، توضع إجابته، على الملف.. من غير ردك، على السؤال ده، يبقى كل اللى فات، ملوش لزمة.. أصل جوزى، اتخانق معايا، وأنا نازلة الشغل، وضربنى علقة سخنة، وهددنى بحاجات كتير، خوفتنى، وبقى عقلى مش معايا.. معلش.. والنبى.. أنا.. قلت: ياستى خلاص، اعتذارك مقبول.. بس اللى جوزك، بيعمله معاكى، ده اللى مش مقبول لم تعلق بكلمة واحدة، على ما يفعل، جوزها وكأننى كنت أكلم، واحدة تانية، جوزها بيهددها، وبيديها علقة سخنة. ثم نطقت: أهم سؤال، ويارب تنجحى فيه.. لأنه الشرط الأساسى.. السؤال هو، هل تؤمنين بالأقدار، وفى كل مكان فى العالم؟ وما هى الصفة التى تودين وصفها لهذه، الأقدار؟ خلى بالك، وفكرى كويس، لأن إجابتك، سوف تختم بالختم القدرى السرى، على الملف الخاص بك، وإلى الأبد؟ خلى بالك.. ومتستعجليش.. وفكرى فى العواقب كويس.. خليكى ذكية، ولمى تفكيرك.. دى حياتك.. ده عمرك.. والحياة مش لعبة.. والعمر مش بعزقة.. قلت: لأن الحياة مش لعبة.. والعمر مش بعزقة.. كنت أريد عنوان، وهاتف، الأقدار.. هل.. لم أكمل إجابة السؤال.. وإذا بى، أسمع غلوشة، ودربكة، وزعيق متداخل غير مفهوم، وش عالى، ودوشة غير مألوفه، وأشياء، وأصوات أخرى، لا أميز هويتها.. قلت: ألو إنتى لسة معايا.. إيه اللى بيحصل عندك ده.. ألو.. أغلق الخط.