تعود شرم الشيخ بعد استضافتها قمة عدم الانحياز الخامسة عشرة فى يوليو الماضى لتكون مقراً تستضيف المؤتمر الوزارى الرابع لوزراء خارجية الصين ودول أفريقيا فى شهر نوفمبر القادم، حيث تترأس مصر الدورة الحالية لمنتدى الصين وأفريقيا التى يرأسها الرئيس محمد حسنى مبارك ويشارك فيها عدد من القادة والزعماء الأفارقة إلى جانب وفد صينى رفيع المستوى من المتوقع أن يرأسه »وين جيا باو« رئيس مجلس الدولة الصينى. والصين هى الدولة التى تنفرد عن بقية دول العالم بخصائص متميزة، فقد جنحت بعد انتصار الثورة الصينية بزعامة »ماو تسى تونج« وهزيمة حاكمها تشاج كاى شك الذى هرب إلى تايوان إلى اعتناق المبادئ الماركسية وارتبطت مع المعسكر الشيوعى بزعامة الاتحاد السوفيتى فى عهد »جوزيف ستالين«.. ولكن الثورة الصينية لم ترضخ طويلاً لزعامة موسكو، ودب شقاق بين الدولتين حرصت فيه الصين على أن تكون فى إطار الدول النامية. ونذكر أن مصر متمثلة فى اللجنة المصرية للتضامن كانت أول دولة أفريقية وآسيوية تعقد علاقات مع الصين بعد خروجها من السكرتارية الدائمة لمنظمة التضامن عندما سحبت مندوبها من السكرتارية بعد الخلاف الذى وقع بين الاتحاد السوفيتى والصين الشعبية، وانتهى إلى إلغاء الصين للجان التضامن وإقامة لجان جديدة للصداقة مع العالم فى مبادرة لكسر الحواجز الأيديولوجية التقليدية، وكانت اللجنة المصرية للتضامن هى أول لجنة تدعوها لجنة الصداقة الصينية عام 1984 لزيارة بكين حيث قام وفد عربى كبير من مختلف الدول العربية لزيارة الصين لأول مرة. وقد أخذت العلاقة بين الصين والدول النامية أشكالاً مختلفة تغيرت مع التطورات العالمية، ونذكر منها ما حدث فى مصر، فقد تشكل فى القاهرة مجلس أفريقى صينى انضم إلى منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية خلال عام 2008 وبدأ فى ممارسة نشاطه الاقتصادى.. واحتضنت القاهرة أيضاً المؤتمر التأسيسى الدولى لمبادرة مجتمع المعرفة الأفروآسيوى الذى عقد يومى 11 و12 يناير 2009 وافتتحه الدكتور »أحمد نظيف« رئيس مجلس الوزراء.. وتشكل منتدباً لشباب الصين وأفريقيا عقد دورته الثالثة فى بكين خلال هذا الشهر بعد افتتاح مهيب فى مقر ساحة الشعب الكبرى التى تعد أحد أهم المواقع السياسية والتاريخية فى الصين، ويأخذ البرلمان الصينى جانباً منها مقراً له. وشهد حفل الافتتاح لمنتدى الشباب الأفريقى الصينى تكريم عدد من الشباب الصينى المتطوع للعمل فى أفريقيا فى المجالات الخدمية والإنسانية ويتطلع المسئولون الصينيون إلى أن تواصل اجتماعات شرم الشيخ القادمة فى نوفمبر المقبل لتقديم الدعم والمساندة للمشاركة من الجانبين، والتى تعد نموذجاً واضحاً على إمكانية التعاون بين طرفين تفصل بينهما مساحات شاسعة ولكن تجمعهما حضارة عريقة ومصالح اقتصادية وإنسانية مشتركة. ولا شك أن مصر والصين من الدول التى تلعب دوراً كبيراً فى تحقيق التضامن والتعاون بين شعوب آسيا وأفريقيا، وتعتبر العلاقة بينهما نموذجاً استراتيجياً وخاصة منذ المتغيرات العالمية التى أعقبت الأزمة الاقتصادية العالمية التى اجتاحت العالم والتى عالجتها الصين بشكل خاص. هذا وقد سافر إلى الصين وفد من منظمة الشعوب الأفريقية الآسيوية بدعوة من الجمعية الصينية ونزع السلاح فى إطار تعزيز العلاقات بين الجمعية ومنظمة التضامن كما تعتزم الجمعية الصينية توجيه دعوة للجنة المصرية للتضامن لإرسال وفد إلى بكين خلال العام القادم. ولاشك أن المؤتمر الوزارى الرابع لوزراء خارجية الصين وأفريقيا الذى سيعقد فى شرم الشيخ فى نوفمبر القادم، سوف يكون نقطة انطلاق جديدة بعد المؤتمر الخامس عشر لدول عدم الانحياز الذى عقد فى شرم الشيخ أيضاً خلال شهر يوليو 2009، وخاصة أن الصين قد استطاعت أن تعقد علاقات خاصة متميزة فى المجال الاقتصادى والإنتاجى، كما فعلت مع السودان التى أصبحت تربطها علاقات متميزة مع الصين بعد اكتشاف واستخراج النفط فى السودان بعد سنوات طويلة حجبت فيها الدول الاستعمارية هذا المصدر المهم من مصادر الثروة فى السودان. وهنا نشير إلى أن عدداً من الدول الماركسية قد ارتبطت بحركة عدم الانحياز مثل كوبا التى عقدت مؤتمرين للحركة فى هافانا كان آخرهما المؤتمر الرابع عشر عام .2006 وكانت الصين واحدة من هذه الدول التى حرصت على تنمية علاقات الإنتاج والتعاون فى هذا المضمار مع دول كثيرة، فأقامت محطة إذاعة عربية للصين وأصبحت المنتجات الصينية ظاهرة واضحة فى عدد كبير من الدول النامية والمتقدمة صناعيا أيضاً. والثقة كبيرة فى أن تؤدى مصر دوراً رائداً ونجاحاً فى دعم العلاقات الأفريقية الصينية لتواصل رسالتها فى تحقيق التعاون والتضامن الدولى فى إطار الحرص على استقلال الشعوب وتوفير الظروف الملائمة للتنمية