نقرأ إن قرأنا، ونفعل ما يحلو لنا، القرآن دستورنا نضعه على شماعة التعطيل، أما عاداتنا فهى ملك لمشايخنا يفعلون بها ما يشاءون، نصيح بأعلى صوتنا واسنتاه، فالسنة هى علامة الجودة فى ديننا، بينما سلوكياتنا ليس لها من السنة نصيب، ذابت عقولنا وذبلت شخصياتنا ونحن نعظم الشخوص، تركنا الفكر وتمسكنا بالأشخاص، فلا تكاد تجد فينا أحداً يبصر إلا القليل، هذا هو نهجنا، وتلك عقيدتنا، استقيناها من الميكروفون بخطبة الجمعة، ومن الأقاويل المتناثرة هنا وهناك، ومن دروس السلفية بمساجدهم، ومن مناظرات ومشاجرات هنا وهناك، فهل تديننا لقيط من كل هذه الأنكحة الفاسدة؟. جميعنا يتسول دينه من فقه غيره وكأننا بلا عقول، أو أن عقولنا لها تركيبة سن فرنساوى لا يلتئم مع الفقه ولا يفهم التفسير ولا فن مرويات الأحاديث، فهكذا أفهمونا حتى صرنا عالة عليهم، ثم تحولنا لنكون متخلفين وعالة على العالم فذلك هو حصاد الفقهاء. وترانا نعظم فقه ابن تيمية، ونمجد فقه ابن العثيمين فهل قرأنا لهم، أعلم تماماً بأن السلفية المصرية ذات الجذور الوهابية تنطلق من تلك القواعد الفقهية، لذلك أدعوك أيها القارئ لمأدبة من فقه الرجلين (ابن تيمية وابن العثيمين) اللذين تعظمهما كل سلفيتنا ولفيف من الأزهريين ويرون بأن فقههما هو الرشاد، لتقف على حقيقة وأسباب افتقادنا للرشاد لتدهور إدراك عقولنا ورجعيتنا الحضارية. لست أدرى كيف نعتمد مثل هذا الفقه أو ينطق الدعاة بأسماء هذين الرجلين اللذين يعيشان أفكار قرون ما قبل التاريخ، وإليك بعض مصائب الرجلين عن معاملة غير المسلمين فيما يلى: يقول ابن تيمية: * وليعلم أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك (مجموع الفتاوى ج 28 ص 118). * الكفار لا يملكون مالهم ملكاً شرعياً ولا يحق لهم التصرف فيما فى أيديهم. * والمسلمون إذا استولوا عليها فغنموها ملكوها شرعاً لأن الله أباح لهم الغنائم ولم يبحها لغيرهم. (الجزء السابع ص 34 المرجع السابق). * الرزق مخلوق أصلاً للمؤمنين ليستعينوا به على عبادة الله. * من دخل دار حرب بغير عقد أمان فلا عليه أن يسرق أموالهم ويستبيحها وأن يقهرهم بأى طريقة كانت فأنفسهم وأموالهم مباحة للمسلمين سواء أكانوا مقاتلين أم لا «ج 29 ص 124 المرجع السابق». * وجوب إهانة غير المسلم وإهانة مقدساته، وبتعبير ابن تيمية يقول «كل ما تم تعظيمه بالباطل من مكان أو زمان أو حجر أو شجر يجب قصد إهانته» الجزء الأول ص 535 من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم. * فمن إهانته لأعيادهم فإن لليهود عيدا يسمونه الخميس الكبير فينعته الشيخ بقوله أنه «الخميس الحقير» «ص 535 المرجع السابق». * ألم يفهم الشيخ أن إهانة غير المسلمين وتحقيرهم وتحقير معابدهم وأعيادهم ضرب من ضروب مخالفة كتاب الله؟ ألم يقل الله «ولا تنابزوا بالألقاب» ألم يفهم هذا الفكر الشائه قوله تعالى: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون» «الأنعام: 108». * وهو ينتهج بمنهجاً عجيباً ينسب لعمر بن الخطاب يقول فيه: «لا تكاتبوا أهل الذمة «المسيحيين بأرض الإسلام» فتجرى بينكم وبينهم المودة، وأذلوهم ولا تظلموهم» ص 369 المرجع السابق. فهل يمكن أن نذل أحدا دون أن نظلمه؟! هذا هو فكر من يطلقون عليه لقب «شيخ الإسلام» بل إنه يرى أن التشديد على أهل الذمة وإجبار نسائهم أن يدخلن الإسلام من الفقه الجيد، لذلك انطلقت مظاهرات لأجل الأخت كاميليا شحاتة وغيرها بشوارع القاهرة تنفيذا لتعاليم شيخ الإسلام العجيب، بل يرى أيضا أن الخير يدخل للمسلمين من استمرار وكثرة إذلال أهل الكتاب بديار الإسلام، راجع ج 28 ص 349 من مجموع الفتاوى. يقول ابن عثيمين: * إذا رأيت النصرانى أغمض عينى كراهة أن أرى بعينى عدو الله «مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين ج 10 ص 673». * يعتبر ابن العثيمين أن الترحيب بغير المسلم من المسلم ما هو إلا إذلال للمسلم لنفسه «ج 3 ص 34 المرجع السابق». * وإذا كان المسلم فى خدمة غير المسلم فلا يقدم له الشاى مثلا ليأخذه بيده، بل يضعه على الطاولة ثم يمضى ولا يسلمها له يدا بيد «ج 3 ص 34 المرجع السابق». * ولا يجوز تعزيتهم ولا شهود جنائزهم لأن كل كافر عدو للمسلمين ومعلوم أن العدو لا ينبغى أن يواسى أو يشجع للمشى معه ويجوز أن نقبل تعزيتهم لنا «ج 17 ص 351 المرجع السابق». فهل وقفت على بربرية القرن 21 حين تعتمد السلفية فقه هذين الرجلين، وهل كان سيدنا محمد رسول البشرية يغمض عينيه عن النصارى؟ وأين هؤلاء القوم من قوله تعالى «.. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون» «المائدة: 82» فهل يهتدون بقرآن غير قرآننا؟! وأين هم من قوله تعالى: «وقولوا للناس حسنا»؟ وأين هم من قوله تعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن»، فهل ما جاء به ابن تيمية فى فتاواه الكبرى وما جاء به ابن العثيمين يعبر عن دين الإسلام أم عن آراء شائهة ليس لها سند من قرآن ولا سنة؟! وكيف تتبع السلفية هذا الفكر؟ ومن الطبيعى أن يلجأ أحدهم فيذكر آيات القتال ليتخذها تكئة لإساءة معاملة النصارى ومن على غير دينه، وما ذلك إلا فساد فى الفهم، لأنك إن أردت أن تستقى حكما فعليك بكل ما ورد عنه بكتاب الله، فلا يجوز أن تقتطع آية أو يسحرك جزء منها لتصنع حكما فظا غليظا يرتوى من فقه إبليس وليس له نصيب من الرشاد، كما يجب أن يعمل الواقع أثره فيك، فابن تيمية وابن العثيمين ليسا من واقعك، ولا من بلدنا، لذلك فاتخاذ أفكارهم سندا لفقهك إنما يجرك للظلم وغضب الله فضلا عن ضمور شخصيتك وعقلك الذى أسكنت به ابن تيمية وابن العثيمين بلا عقد ولا هدى ولا كتاب منير.