فى الجيل الأكبر كان أحمد زكى وينافسه فقط نور الشريف هما صائدا الجوائز فى السينما المصرية، أما فى هذا الجيل فلقد تعددت الأسماء ولايزال أغلب النجوم رهانهم الأهم على شباك التذاكر إلا أننى أراهن على أن الزمن يلعب بقوة لصالح «ماجد الكدوانى». فى أقل من عام صار «الكدوانى» هو صائد الجوائز فى كل المهرجانات التى يشارك فيها وهكذا حصل مؤخرا على جائزة مهرجان «أبوظبى» كأفضل ممثل عن فيلم «أسماء» وقبلها بأقل من عام كان قد حصل على جائزة أفضل ممثل من مهرجان «دبى» عن فيلم 678 فى كل مرة أرى فيها «ماجد الكدوانى» على الشاشة أشعر وكأننى أراه أيضا لأول مرة دائماً ما يمتلك «الكدوانى» القدرة على أن يثير دهشتى بتلك اللمحات الخاصة التى يلتقطها ويمنحها لشخصياته التى يبثها خصوصية وحياة ونبض. هناك فارق بين أن تمثل دورا أو تتعايش وتتقمص هذا الدور و«الكدوانى» صار يقطع بسهولة تلك الرحلة فهو يتعايش ولا يمثل.. لا يحتفظ «الكدوانى» أبداً بأى تفاصيل سابقة التجهيز مما أصبح يمثل حالة من الاستسهال دأب عليها عدد غير قليل من النجوم تستطيع أن تراهم وكأنهم يضيفون لمحات يجيدون رشها على الدور مثلما يضيف صانع الأطعمة وضع «الكاتشب» و«المايونيز» على أطباقه فتتشابه فى مذاقها بينما «الكدوانى» يترك دائماً الشخصية الدرامية ترسم خطوطها وظلالها على مشاعره ويصبح هو منفذاً لأوامرها هى التى تحرك بداخله ومضات الإبداع ولهذا ينتقل من شخصية درامية إلى أخرى وهو موقن أنه لا يكرر لزمة أو حركة، فكل دور يؤديه يملك مقوماته الخاصة التى لا يمكن أن تتطابق مع أى شخصية أخرى سبق له أداؤها. «ماجد» لم يحقق فى الشارع حتى الآن جماهيرية ضخمة تتوافق مع تفرد موهبته.. إنه ينتمى إلى قبيلة من المبدعين الكبار الذين رحلوا عن عالمنا ولكن تظل بصماتهم فى وجداننا مثل «زكى رستم» و«محمود المليجى» و«صلاح منصور» و«سناء جميل» هؤلاء ليسو نجوماً للشباك ولكنهم نجوم فى الوجدان.. إلا أن هذا لا ينفى أبداً أنهم فى علاقة حميمة مع الشارع!! أتابع خطى «ماجد الكدوانى» بقدر لا ينكر من الاهتمام فهو أحد النجوم الذين يشعون دفئاً فى الأدوار التى يؤديها مهما صغر حجمها.. رحلة «ماجد» مع الفن تقترب من عشرين عاماً وكالعادة جاءت البداية فى أدوار صغيرة ثم قدم دور صديق البطل فى فيلمى «حرامية فى كى جى تو» و«حرامية فى تايلاند» وكان بينه وبين «كريم عبدالعزيز» قدر ملحوظ من الكيميائية وعزفت المخرجة «ساندرا نشأت» بمهارة على هذا الوتر.. جاءته البطولة قبل ستة أعوام بفيلم «جاى فى السريع» وغادر الفيلم دور العرض سريعاً أيضاً بعد أن لاقى الفيلم هزيمة جماهيرية نكراء.. كان من الممكن أن يقضى عليه الفشل الذريع الذى منى به الفيلم ومهما كان بالشريط السينمائى من قصور فإن البطل فى العادة يتحمل بمفرده المسئولية.. الموهبة الحقيقية تستطيع أن تتأكد من صدقها وعمقها ليس عند معانقة النجاح ولكن عندما تلاحقها الهزيمة التى ربما تدفعها إلى الإحباط.. لم يترك «ماجد» الميدان ولم يكتئب أو لعله فعلها بضعة أيام أو أسابيع إلا أنه قفز بعيداً عن هذه البئر السحيقة وعاد فى فيلم «الرهينة» أيضاً للمخرجة «ساندرا نشأت» وقدم واحداً من أروع الأدوار أمام بطل الفيلم «أحمد عز».. وانتقل إلى البطولة الجماعية فى فيلمى «كباريه» و«الفرح» وكالعادة سرق الكاميرا واستحوذ على مشاعرنا.. «ماجد» يتعامل على أرض الواقع ولهذا قد يقبل دوراً صغيراً فى مساحته ولكنه يضيف إليه من مشاعره فنراه وقد احتل الشاشة كلها فهو ينفذ إلى الناس حتى ولو كان مفروضا عليه أن يطل إلينا من ثقب إبرة من خلال هذه الأدوار التى يبنيها فى أعماقه لتتسلل إلينا يحيلها من الكاميرا إلى الحياة نراها وكأنها تسعى على الأرض بيننا؟!