حينما يصاب مجتمع «بالصمت»، وأقصد بالمجتمع هنا مثقفى الأمة وحملة مشاعل النهضة - وطبقتها الوسطى، من فنانين وأدباء وصحفيين وأساتذة جامعات وعلماء وأصحاب المهن من المهندسين والأطباء والمحامين والتجاريين!! هؤلاء هم حملة هموم الوطن فى شتى مجالات الحياة، وينظم هذه التجمعات نقابات مهنية - ومجتمع مدنى على شكل جمعيات أهلية غير حكومية، ونوادى نوعية. هذه التجمعات حينما يصيبها مرض الصمت، والإحساس بالدونية، وعدم المبالاة، والاستهتار وعدم المحاسبة للأعضاء الشاردين فيها، هنا فقط تتصلب شرايين الوطن، وتسمح للأيديولوجيات الغريبة على المجتمع أن تظهر وتزدهر فى التجمعات الأخرى ذات الصفات العنصرية، والعقائدية، ويتشتت المجهود، وتصبح أمة بلا دفة توجهها إلى طريق النمو، والتقدم ويختلط الحابل بالنابل، ولا نستطيع التكهن بالمستقبل وماذا سيحدث فيه. هذه هى خطورة هذه الطبقة حينما تنسحب من المجتمع ومن النشاط الوطنى.. وتترك للذئاب ولمنتهزى الفرص وللعشوائية أن تتسيد وأن تفرض سطوتها، وبالتالى تواجه من مؤسسات الدولة المنوط بها حفظ الأمن العام والمنوط بها مواجهة هذه الظواهر والتى تعد خروجاً على النظام العام، وتتحمل هذه المؤسسات وهى غالباً ما تكون «المؤسسة الأمنية»، كل عواقب المواجهات وهذا لا يستقيم أبداً فى ظل ظروف محلية وإقليمية وعالمية، تتصارع لفرض إرادتها، وتحقق مصالح فئوية أو عقائدية على مصلحة العامة أو مصلحة شعب بكامله، وهنا لا يجب أن نعمم ظاهرة السلبية والصمت القاتل. فالأغلبية من شعب مصر، هم أغلبية صامتة، سلبية غير مستخدمة لحقها الدستورى، سواء فى الانتخابات أو فى المشاركة فى صنع القرار السياسى والاقتصادى فى الوطن، وعليه فإن شراً مستفحلاً سوف نواجهه اليوم وغداً، متناسين أن التاريخ يسجل دائماً بأن لا تقدم لأمة إلا بتفاعل عناصرها كلها، والعمل على إبراز أحسن ما فينا من بشر ومن أفكار، وضرورة تقدمنا الصفوف ولا نترك الفرصة تلو الأخرى تضيع بين أنياب ثعالب وذئاب الوطن. إن تحريك المجتمع المدنى، تحت مظلة القانون، يجب تدعيمه من المؤسسات الدستورية فى البلاد، يجب أن نعمل بعد ثورة 25 يناير وبعد أن تتفضل القوى السياسية «المشرذمة» بجمع شتاتها وتشكيل برلمان معبر عن المصريين جميعاً، وهذا هو الأمل الوحيد لدى شعب مصر!. مطلوب أن نفعل قانون النقابات وأن نعيد صياغته مع قانون تنظيم الجمعيات الأهلية «غير الحكومية» حتى يتسنى للطبقة الوسطى ومنظماتها القيام بالدور الوطنى «المفقود حالياً». يجب أن نعيد النظر فى قانون التجمعات الأهلية غير الحكومية، وقانون النوادى وأجهزة الشباب والرياضة، وكذلك قانون الإدارة المحلية، ودور المجتمع المدنى فيها، وعودة البلديات إلى المدن، والقرى والنجوع المصرية، مطلوب تحريك المياه الراكدة، ورفض الصمت القاتل للأمة!! إن أكثر الأمور تعقيداً أمام الوطن هى أن تتصلب شرايين طبقته الوسطى وتنسحب صامتة، غير متفاعلة مع أحداث ومشاكل الأمة، وهذا دور أساسى يجب الاهتمام به فى مجالسنا النيابية وفى تجمعاتنا العلمية والثقافية والفنية، لابد من إنهاء حالة الصمت القاتلة.