ذكرى حرب أكتوبر 1973.. خطة الخداع التي حطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر    البابا تواضروس: الكنيسة القبطية تستضيف لأول مرة مؤتمر مجلس الكنائس العالمي.. وشبابنا في قلب التنظيم    الجيش المصري.. درع الأمة في معركة الأمن والتنمية    رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد إطلاق المركز الثقافي بالقاهرة الجديدة    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 4 أكتوبر 2025    "بالرقم الوطني" خطوات فتح حساب بنك الخرطوم 2025 أونلاين عبر الموقع الرسمي    ترامب: أشكر مصر والسعودية وقطر على مساهمتهم في «خطة غزة»    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    كأس العالم للشباب| منتخب مصر يتأخر أمام تشيلي في الشوط الأول    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    رياضة ½ الليل| ولاية ثالثة للخطيب.. دفعة قوية للزمالك.. غيابات تهز الأهلي.. والمصري يقتنص الصدارة    مصرع فتاة وإصابة آخرين في حادث تصادم سيارة بسور خرساني بمنشأة القناطر    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الدائري بالفيوم    اليوم.. إعادة محاكمة شخصين في خلية بولاق الدكرور الإرهابية    "أحداث شيقة ومثيرة في انتظارك" موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الموسم السابع على قناة الفجر الجزائرية    «نور عيون أمه».. كيف احتفلت أنغام بعيد ميلاد نجلها عمر؟ (صور)    مستشفى الهرم ينجح في إنقاذ مريض ستيني من جلطة خطيرة بجذع المخ    أسعار الخضروات فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    الأرصاد: طقس دافئ اليوم السبت وغدًا الأحد مع انخفاض طفيف بالحرارة    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    اليوم، الهيئة الوطنية تعلن الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    حمادة طلبة: التراجع سبب خسارة الزمالك للقمة.. ومباراة غزل المحلة اليوم صعبة    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    "حماس" تصدر بيانا هاما ردا على خطة ترامب-نتنياهو.. ومحللون: رد ذكي وشامل    الرد على ترامب .. أسامة حمدان وموسى ابومرزوق يوضحان بيان "حماس" ومواقع التحفظ فيه    احتفاء واسع وخطوة غير مسبوقة.. ماذا فعل ترامب تجاه بيان حماس بشأن خطته لإنهاء حرب غزة؟    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    موعد امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل.. التعليم تحدد تفاصيل أول اختبار شهري للطلاب    رابط منصة الشهادات العامة 2025-2026 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    الإثنين أم الخميس؟.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاع العام والخاص بعد قرار رئيس الوزراء    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    الصحف المصرية.. أسرار النصر عرض مستمر    الوادى الجديد تحتفل بعيدها القومى.. حفل فنى وإنشاد دينى.. وفيلم بالصوت والضوء عن تاريخ المحافظة    عمرو دياب يشعل دبي بحفل ضخم.. وهذه أسعار التذاكر    وزير الرى الأسبق: ليس هناك ضرر على مصر من فيضان سد النهضة والسد العالى يحمينا    جريندو والعرفاوي يتصدران قائمة المحلة لمواجهة الزمالك.    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    تامر مصطفى يكشف مفاتيح فوز الاتحاد أمام المقاولون العرب في الدوري    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء في مصر اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    ضبط 108 قطع خلال حملات مكثفة لرفع الإشغالات بشوارع الدقهلية    أسعار السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتيجة مباشرة لثورة يناير لماذا حطم شباب الأقباط سور الكنيسة؟
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 15 - 10 - 2011

من تحت ركام المأساة تظهر بارقة أمل، والسوابق تقول إن الجرح سيندمل مهما كان غائرا ومؤلما، ويبقى لنا استخلاص النتائج وتعلم العبر والتأمل فى المشهد الكلى، ومنذ قيام ثورة 52يناير فإن أحداث ماسبيرو لم تكن هى الأولى من نوعها وبحكم طبائع الأمور فإنها لن تكون الأخيرة، وبرغم أن الحوادث والمواجهات الطائفية تبدو كأنها سلسلة واحدة متصلة ومتشابهة منذ أحداث الخانكة 2791وحتى أحداث ماسبيرو إلا أن ثمة متغيرا جديدا فى المشهد القبطى وهو قيام ثورة 52 يناير والتى كان من بين آثارها الجانبية - الحميد - رغم كل ما جرى - خروج الأقباط خارج سور الكنيسة وانتفاء صفة البابا شنودة كممثل سياسى وحيد للأقباط المصريين.
والمعنى أن الثورة كما أدت لقيام المصريين بتحطيم البطريرك السياسى - الرئيس السابق مبارك - فإنها شجعت المواطنين من الأقباط على تحطيم سطوة البطريرك الدينى ممثلا فى قداسة البابا شنودة الزعيم الدينى والسياسى للأقباط خلال ما يقرب من أربعين عاما متواصلة.
وللمرة الأولى منذ قيام ثورة يوليو 1952 وفى أعقاب ثورة يناير نرى للأقباط حركة سياسية تعبر عن مطالبهم كمواطنين يرغبون فى إلغاء ما يعتبرونه نوعا من التمييز الدينى والحقوقى ضدهم، ومن خلال حركة بدأت صغيرة هى حركة اتحاد شباب ماسبيرو بدا أن للأقباط مظلة أخرى غير الكنيسة الأرثوذكسية يمكن أن يقفوا تحتها، هذه الحركة التى لابد أن تحظى باهتمام الباحثين فى الشأن الدينى والسياسى يبدو أنها تكبر على مدار الأيام وهى يمكن إذا تم ترشيدها وتقليص الطابع المتعصب والإثارى فى أدائها أن تكون بداية جيدة بل محمودة لعودة الأقباط للسياسة بعد ما يزيد على ستين عاما من اختفاء الأقباط من المشهد السياسى المصرى وتوارى التمثيل السياسى لهم إلا عبر بوابة الكنيسة والكهنوت الدينى.
والحقيقة أن ثمة عوامل متعددة أدت إلى ما يمكن اعتباره تحطيم الأقباط لأسوار الكنيسة التى ظلوا يحتمون خلفها سياسيا خلال الأربعين عاما التى احتكر فيها قداسة البابا شنودة التمثيل السياسى للأقباط.
ولعل أول هذه العوامل هى الارتباط الوثيق بين الكنيسة الأرثوذكسية وبين نظام الرئيس السابق مبارك حيث جمعت البابا والرئيس ما يمكن تسميته علاقة (ضد -تحالفية) اعتبر فيها نظام مبارك أن البابا شنودة هو المتحكم الوحيد فى شئون الأقباط المصريين واعترف فيها البابا شنودة لمبارك بالشرعية السياسية، هذه العلاقة لم تخل على مدار سنوات طويلة من الشد والجذب واستخدام كل طرف من الطرفين لأوراق مختلفة فى الضغط على الطرف الآخر، لكنها فى النهاية بقيت علاقة استيعاب متبادل يطلق فيها الرئيس السابق يد البابا فى شئون الأقباط، ويعترف فيها البابا بالشرعية للرئيس بل ويؤيده ويشجع رجال كنيسته على تأييد سيناريو التوريث بشكل معلن وصريح.
وبشكل من الأشكال لا يمكن قراءة العلاقة بين النظام السابق والكنيسة دون النظر إلى الهاجس القبطى الدائم والذى يتعلق بالإسلاميين المصريين وإمكانية وصولهم للحكم، حيث اعتبرت الكنيسة أن قمع نظام مبارك للإسلاميين ومناصبته العداء للإخوان المسلمين هو أحد أهم ركائز تأييدها له.
فى كل الأحوال فإن ظهور تيار شبابى قبطى يرى أن أداء الكنيسة تجاه القضايا القبطية هو أداء مهادن عبر عن نفسه فى إرهاصات مختلفة سبقت ثورة يناير كان أولها التظاهرات القبطية فى أعقاب حادث نجع حمادى يناير 2010 حيث أعقب هذا الحادث أول مظاهرة للأقباط خارج أسوار الكاتدرائية القبطية فى العباسية حيث تظاهر الأقباط أمام دار القضاء العالى رافضين دعوات كنسية للتظاهر داخل أسوار الكنيسة.
هذا الميل للتعبير عن الغضب والسخط وعدم الاستماع لنصائح آباء الكنيسة عبر عن نفسه بصورة أكبر وأكثر حدة فى مصادمات العمرانية (نوفمبر 2010) والتى أسفرت عن مصرع اثنين من الأقباط وإصابة العشرات وتم القبض فيها على 156 قبطيا بتهمة مقاومة السلطات والاعتداء على الشرطة، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يواجه فيها الأقباط السلطات بعيدا عن مظلة الكنيسة وخارج أسوارها، ورغم الطابع الإثارى والعنيف للأحداث التى واجه فيها الأقباط الشرطة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة إلا أن أحداث ثورة 25 يناير رسخت هذا الخروج القبطى عن مظلة الرعاية الأبوية للكنيسة، حيث شارك الأقباط بفاعلية وربما بكثافة عددية فى أحداث ثورة يناير رغم توجيهات البابا شنودة بعدم المشاركة فى الثورة وإعلان التأييد التام للرئيس السابق مبارك، بل إنه بدا أن ثمة حرصا من المسلمين والأقباط معا لإظهار المشاركة القبطية فى الثورة والتكريس لدلالتها الرمزية عبر إقامة القداسات والصلوات فى ميادين التحرير المختلفة.
والواقع أن سقوط نظام مبارك كان يعنى فى أحد جوانبه سقوط فكرة الوصاية الأبوية سواء للكنيسة أو حتى لجميع الرموز السياسية والفكرية المرتبطة بالنظام القديم والتى كانت تشكل جزءا منه حتى وإن كانت علاقتها به هى علاقة ضدية، ولعل شيئا من هذا قد حدث فى كيان مثل جماعة الإخوان المسلمين التى تعمد قطاع كبير من شبابها بنار الثورة ليعلنوا تمردهم على الوصاية الأبوية التى يمثلها مكتب الإرشاد باعتبارهم كانوا الفاعلين الحقيقيين فى الميدان وليس الآباء الأوصياء، وكما كان الحال فى كيانات كجماعة الإخوان وبعض الأحزاب القديمة كان الحال فى أوساط شباب الأقباط الذين سرعان ما فاجأهم حادث هدم كنيسة أطفيح 3 مارس 2011 والأحداث التى تلته، حيث كانت الواقعة الثانية لخروج الأقباط للمواجهة المباشرة فى الشارع حيث وقعت أحداث منشية ناصر والمقطم والتى نتج عنها وفاة عشرة من الأقباط وإصابة ما يزيد على المائة ليبدأ الأقباط أول اعتصام لهم أمام ماسبيرو وهو الاعتصام الذى طالبت الكنيسة القبطية المشاركين فيه بفضه عبر طلب صريح ومباشر للبابا شنودة ولعلها كانت مفاجأة أن أعلن المشاركون فى الاعتصام وبعضهم من قساوسة الكنيسة مثل القس «متياس نصر» أنهم لن ينفذوا نصيحة البابا شنودة عبر صياغات لفظية مختلفة تفاوتت فى رفض الطلب، هذا الاعتصام كان بداية تأسيس اتحاد شباب ماسبيرو،وهو أول كيان سياسى يعبر عن الأقباط العلمانيين منذ قيام ثورة يوليو ضم فى عضويته الأساسية ما يقرب من ألفى شاب قبطى وبعض المسلمين، وكان اللافت للنظر أن كل مؤسسى الاتحاد من الشباب القبطى العلمانى الذى شارك فى ثورة يناير بالمخالفة لرغبة الكنيسة، وكان من اللافت أنه يضم فى عضويته بعض الناشطين المسلمين مثل الناشط الحقوقى محمد عاطف، وعلى الرغم من أن الاتحاد ضم فى عضويته اثنين من القساوسة المتطرفين هما «فلوباتير جميل» و«متياس نصر» فإنه لايمكن اعتبار وجودهما تعبيرا عن ثمثيل الكنيسة ويمكن التعامل معهما على أنهما من الغنم الشاردة، فالأول أوقفته الكنيسة عن العمل لمدة ستة أشهر فى أعقاب انضمامه لحزب الغد - أيمن نور - بعد تأسيسه مباشرة، والثانى تقدم باستقالته وأعلن رغبته فى التفرغ للكتابة فى مجلة الكتيبة الطيبية، وعلى الرغم من استقلالية اتحاد شباب ماسبيرو عن الكنيسة فإن ثمة علاقة لا يمكن إنكارها وعصيان الشباب القبطى لرغبات البابا شنودة وأسلوبه فى معالجة الأحداث لم يمنعه من تكريم اتحاد شباب ماسبيرو من خلال سكرتيره الأنبا يؤانس، وهو ما يمكن معه اعتبار أن ثمة علاقة ندية تفاوضية بين الاتحاد وبين الكنيسة وهذه تختلف عن العلاقة الرعوية والأبوية التى كانت تسم علاقة البابا شنودة بكل الأقباط، ويمكن اعتبار اتحاد شباب ماسبيرو هو الذراع الراديكالية للأقباط والذى يتفق مع الكنيسة فى الأهداف ويختلف معها فى طرق تنفيذها.
وبالإضافة للعوامل السياسية الخاصة بالسقوط المعنوى لكل رموز العهد القديم فى عيون الشباب الذين شاركوا فى الثورة وانعكاس ذلك على الأقباط منهم، فإن ثمة عوامل معرفية وجيلية مختلفة منها ثورة الفيس بوك والإنترنت وقدرة الشباب القبطى على التفاعل من خلالها بعيدا عن سطوة الكنيسة ووجودها المكانى والرمزى ونمو العقلية النقدية فى أوساط الأجيال الشابة من المصريين وانعكاس هذه النظرة النقدية على رؤية الشباب للكنيسة.
وهكذا ورغم الطابع العنيف - نسبيا - لحركة مثل اتحاد شباب ماسبيرو فإنها ثمثل نواة جيدة لرغبة قبطية فى المشاركة فى الشأن العام،والأكيد أنه يوجد من بين عناصرها من يصلح لمشاركة أكثر نضجا وموضوعية فى الشأن السياسى المصرى إذا وجد المناخ الملائم والتشجيع المناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.