بين استرداد السمعة والعافية والمشاركة فى مسيرة الثورة وبين إرث من التبعية لقوى نظام مبارك والانسحاق الكامل لأوامره هو وأمن دولته البائدة تدخل نقابة المحامين أجواء المعركة الانتخابية الفاصلة والحاسمة التى ستدخل التاريخ باعتبارها الانتخابات الأولى بعد ثورة يناير. ومع إغلاق باب الترشح وظهور الأسماء النهائية التى ستخوض الانتخابات سواء على مقعد النقيب أو على مقاعد المجلس بدت النقابة أمام عدة مشاهد ووقائع تنبئ بمعركة ساخنة ومختلفة فى تحالفاتها وطريقة إدارتها من قبل المتنافسين، فى حين توقع البعض أن تضم هذه الأسماء شخصيات وأسماء جديدة تعبر عن مصر ما بعد الثورة كانت المفاجأة فى إعلان عدد من رموز وقيادات الحزب الوطنى المنحل الترشح على العديد من المقاعد. ولأن انتخابات المحامين بروفة حقيقية وكبيرة لانتخابات مجلس الشعب ثم الانتخابات الرئاسية، من حيث الرسالة التى تبعثها حول القدرة على إجراء انتخابات منظمة وشفافة وتعبر عن رغبة جموع المحامين، ومن حيث شكل وخريطة التوازنات السياسية التى تقود الانتخابات وتحدد شكل المستقبل، فمن هنا تأتى خطورة أن يظهر أمراء ظلام نظام مبارك فى انتخابات تجرى بعد أقل من عام على قيام الثورة متحدين الجميع بقوة المال والمصالح والبلطجة لو لزم الأمر! «روزاليوسف» رصدت بالأسماء والتفاصيل قائمة أعضاء وقيادات الحزب المنحل المتقدمين لخوض معركة انتخابات نقابة المحامين. أول الأسماء التى شكلت مفاجأة للجميع المحامى عمر هريدى الذى أعلن ترشحه على المستوى العام. وهريدى هو الرجل الذى كان يشغل منصب وكيل اللجنة التشريعية فى مجلس الشعب المنحل وهو أيضا واحد من أشرس المدافعين عن النظام السابق الفاسد، وقد لمع فى ظلام السياسة أيام مبارك مع ظهور أحمد عز وبدء تكوين لوبى التوريث فى الحياة السياسية. دخل عمر هريدى انتخابات النقابة فى 5002 ولم يحصل سوى على عدد ضئيل جدا من الأصوات. وقتها لم يكن قد عرف الطريق إلى أحمد عز وأمن الدولة وطريقة الصعود السريع على أكتاف منظومة الفساد السياسى والمالى التى أبدعها أحمد عز بدلا من طريقة كمال الشاذلى القديمة، لكنه استطاع بعد سنوات قصيرة من تقديم الخدمات وإظهار الولاء لدولة مبارك حصد اللقب الذى كان يفاخر به دائما وهو أنه «المقرب جدا من أحمد عز.. هريدى لم يكن متفرغا للمحاماة ويستعين دائما بمحامين فى العمل بقضايا كانت تأتى اليه،ولم يعرف عنه أنه تولى قضايا كبيرة، ولم يكن سياسيا بالمعنى المعروف فقبل علاقته بعز لم يمارس عملا سياسيا بأى معنى، الشىء الوحيد الذى أجاده هو الولاء الكامل لنظام مبارك والعمل بحماس فى خدمة مشروع التوريث وقد برز اسمه فى انتخابات 9002 عندما ترشح لعضوية المجلس وعندما كانت الدولة عازمة بكل قوتها على إجهاض نقابة المحامين تماما وسحق إرادتها وتحويلها إلى فرع من فروع الحزب ومباحث أمن الدولة. ورغم ترشح هريدى على قائمة سامح عاشور الذى كان يحاول تكوين قائمة قومية فى ظل ظرف سياسى ضاغط ومناخ عام بالغ التردى إلا أن هريدى كان فى الحقيقة أداة الحزب لتنفيذ سيناريو يقضى بإعلان تأييد الحزب لعاشور بينما يمهد الأرض فى الحقيقة لفوز حمدى خليفة عضو الحزب الوطنى وهو ماحدث بالفعل. خلال الشهور التالية لذلك اعتقد عمر هريدى أنه قد وصل إلى ذروة طموحه.. فها هو يجد نفسه عضوا بمجلس نقابة المحامين ووكيلا للجنة التشريعية فى مجلس الشعب ويجد من بعض المحامين الباحثين عن مصالح صغيرة من يعتبره نقابيا وسياسيا لا أداة صغيرة من أدوات ماكينة الفساد فى دولة مبارك. وخلال هذه الفترة أيضا بالغ هريدى فى إثبات ولائه لأحمد عز لدرجة أنه حاول الاعتداء على زاهى حواس داخل برلمان فتحى سرور لأن حواس اعترض على قانون فصله عز من أجل أصدقائه وتلامذته من تجار الآثار، وفى جلسة ببرلمان العهر السياسى الذى كان قد بلغ أوجه قبل الثورة صرخ هريدى وهو يمسك حواس «إزاى تتكلم كده على الأستاذ أحمد عز شخصيا» ولم يمتلك حواس القوة البدنية لمقاومته وتدخل حرس المجلس وخلصوا حواس من يد هريدى بصعوبه بالغة. السلوك السابق يبدو غريبا على عضو مجلس شعب أو محام عضو مجلس نقابة المحامين.. لكن هل عمر هريدى هو كذلك بالفعل؟.. الحقيقة أن مسيرة وتاريخ هريدى فيها تلخيص كبير لكل مساوئ ومفاسد عصر مبارك التى تلخصت فى قاعدة «افعل أى شىء مادمت مخلصا للنظام ومطيعا ومتعاونا مع أمن الدولة ولديك الاستعداد لأن تفعل ما تؤمر به». هريدى جاء اسمه فى قضايا عديدة منها الاستيلاء على أراضى الدولة وهى القضية التى رفعها ضده مواطن بسيط من أسيوط اسمه مختار المهدى قرر أن يواجه نفوذ هريدى بالمستندات وأقام دعوى قضائية لم تتحرك فى ظل دولة أمن الدولة وملخص القضية حسب الدعوى التى أقامها المواطن البسيط أن هريدى قد استولى على 28 فدانا بعقود مسجلة تحمل ارقام 1264 لسنة 65 و8001 و9001 و0101 و1101 لسنة 8391 وهى كلها أراض أملاك دولة تصل قيمتها لأكثر من 051 مليون جنيه، والقضية بدأت طورا جديدا بعد الثورة هى والقضية 167 جنايات وادى النطرون والمقيدة برقم 441 لسنة 8002 والمتهم فيها عمر هريدى بالاستيلاء على أراضى دولة والاشتراك مع بلطجية فى ترويع وقتل بعض المواطنين الذين قاوموا الاستيلاء على هذه الأرض. عمر هريدى أعلن عن ترشحه مؤخرا بعد أن ظل هاربا طيلة الشهور الماضية فى الصعيد وبين سفريات متعددة للسعودية وقد أعلن قراره بعد أن أقنع أحد المحامين المتعاونين معه من سماسرة الانتخابات بأن يكون كل الحديث مع المحامين المعترضين على مجرد ظهور المقرب من أحمد عز حول «لا تنظروا للسياسة انظروا لعمر هريدى كنقابى» وهى الخطة التى يعتمدها هريدى والخرافة التى يسعى لترويجها من أنه قدم إنجازات نقابية عندما كان أمينا للصندوق، مع أن جميع المحامين يعرفون أن أبرز إنجازات هريدى تمثلت فى نقله هو وحمدى خليفة اجتماعات مجلس النقابة لفندق الفورسيزون حيث وقف الطابور هناك فى حضرة عز يتلقون الأوامر من الشخص الذى حولته دولة الفساد إلى أمين تنظيم حزب يحكم مصر! ثانى الأسماء المحامى إبراهيم إلياس عضو مجلس نقابة المحامين فى 9002 وعضو الحزب الوطنى الذى رشح نفسه عن محكمة جنوب الابتدائية وقد شكل ثالث ثلاثة فى فترة سيطرة أمن الدولة مع حمدى خليفة وعمر هريدى ورغم أن إلياس واجه صعوبات شديدة بمجرد دخوله المجلس، حيث أخرج له المحامون صورة الحكم التأديبى الصادر ضده بمنعه من مزاولة المهنة بعد أن قام بالنصب على أحد الموكلين ورغم أن آخر مشاهده مع المحامين كانت لحظة هروبه مع حمدى خليفة من مجلس الدولة فى الجلسة التى حكم فيها ببطلان المجلس وحله والدعوة لانتخابات جديدة، إلا أنه قرر أيضا الترشح والتنسيق مع هريدى الذى خرج إلى العلن وخليفة الذى لا يزال مختفيا ومكتفيا تماما بالتنسيق مع كل من يسعى لإسقاط غريمه اللدود سامح عاشور. وهناك أيضا من محامى الحزب الوطنى المترشحين فى الانتخابات القادمة أبوالنجا المحرزى الذى كان نائب دائرة أبوتشت عن الحزب الوطنى. كما تقدم السيد حسن عضو مجلس نقابة محامين ببورسعيد وعضو الحزب الوطنى المنحل عن محكمة بورسعيد الابتدائية وهو من رجال حمدى خليفة المقربين وكان واحدا من أهم المروجين للمشروعات الأسطورية الوهمية التى كان يعلن عنها نقيب الحزب الوطنى حمدى خليفة وقد تورط حسن فى عملية إنشاء ناد اجتماعى للمحامين فى بورسعيد حيث تم إسناد أعمال النادى بالأمر المباشر لشركة «الإيمان» ونظرا لتشكك المحامين فى تصريحات وأفعال نقيب الحزب الوطنى السابق حمدى خليفة ورجاله فقد بحث المحامون عن سر إسناد المشروع لهذه الشركة تحديدا، واتضح أن السيد حسن هو وكيل هذه الشركة على مدى عدة سنوات سابقة على دخوله المجلس وذلك قبل قيام الثورة التى أبعدته هو ونقيبه عن المجلس وعن شئون النقابة. وهناك أيضا كل من أحمد عطا الذى ترشح فى الجيزة وكان أيضا من رجال خليفة ومن المقربين من شريف والى القيادى السابق فى الحزب، وصفوت كمال المرشح عن محكمة البحر الأحمر الابتدائية وراشد الجندى عضو الحزب الوطنى الأكثر طموحا من بين الفلول حيث قام بترشيح نفسه على مقعد النقيب العام ووضع على المدخل الرئيسى للنقابة لافته كبيرة مكتوبة بعامية رديئة يقول فيها «كنا رجالة وهنفضل رجالة». وفى السويس جاء اسم واحد من شباب الحزب الوطنى الذين كانت تربطهم علاقة بالمحافظ سيف الدين جلال وبوزير البترول سامح فهمى وشقيقه هادى فهمى وهذا المحامى هو سعيد حسن. ومن الأسماء أيضا إبراهيم فارس المرشح عن القطاع العام وأحد أبرز قيادات الحزب الوطنى فى نقابة المحامين قبل الثورة.