كشفت الثورات العربية القدرة الحقيقية لاتحاد المحامين العرب، الذى تراجع عن أداء دوره فى دعم استقلال الشعوب، وانشغال قيادات الاتحاد بدعم خلافاتهم الشخصية، وذلك على حساب الصالح العام للوطن العربى.. وامتدت هذه الخلافات حتى وصلت إلى اتهام البعض للبعض الآخر بالعمل لصالح أجندة خاصة وأنظمة معينة. لذلك واجهنا أبرز هؤلاء القيادات بهذه الاتهامات، والتى كشفت مدى تخاذل اتحاد المحامين العرب أمام طوفان التغيير الذى بدأ بالمنطقة مطلع العام الجارى. يقول «عبدالعظيم المغربى» - أمين عام مساعد اتحاد المحامين العرب: استقلال الاتحاد هو القضية الأساسية كمنظمة شعبية قومية عربية، ظل خلال تاريخه مستقلا عن أى نظام عربى بما فى ذلك مصر.. وأكبر دليل على ذلك موقف الاتحاد من زيارة الرئيس السادات للقدس وعقب إبرام اتفاقية كامب ديفيد، وحتى قبل ذلك فى عهد جمال عبدالناصر، عندما أصدرت الأمانة العامة للاتحاد بيانا ضد القرار (242) باعتباره مؤثرا على القضية الفلسطينية، وحاولت الحكومة المصرية التدخل إلا أن عبدالناصر تدخل والتقى بالاتحاد عام 1970 وأشاد بقرار الاتحاد دفاعا عن حقوق الأمة، وذلك عكس موقف السادات الذى حل مجلس النقابة فى عهد نقيبها - آنذاك - أحمد الخواجة، وعين مجلسا بديلا رفضه المحامون المصريون والعرب. أما عن وضع الاتحاد فى ظل فساد النظام السابق فيقول المغربى: الأجهزة الأمنية تمكنت من إدارة النقابة والتحكم فى الانتخابات واختيار بعض الأشقياء والانتهازيين الذين كانوا يتظاهرون أمام الرأى العام بالانتماء القومى، ويختارون الأعضاء المشاركين فى المناصب القيادية بالاتحاد من عملاء الحزب الوطنى ورجال أمن الدولة.. وكان دورهم محاربة من استمر بالاتحاد من القوميين العرب، وانعكس ذلك سلبا على دور الأمانة العامة للاتحاد، والتى تجلى موقفها الغائب تماما عن هذه الأحداث الخطيرة التى تمر بها الأمة العربية فى العديد من أقطارها.. ومن الغريب جدا أن يغيب أمين عام الاتحاد المغربى «إبراهيم السملالى» طوال عام 2011 عن ممارسة عمله، وحجب عمل نائب الأمين العام المساعد لدولة المقر عن القيام بمهامه وفق النظام الأساسى، وفوض خارج النظام والقانون بالاتحاد أحد المصريين الأساسيين عن النظام السابق وأجهزته الأمنية فى إدارة شئون الاتحاد، ما دعا الحكومات والنقابات والجماهير أن تصرف النظر وتكف عن التطلع لموقف الاتحاد حيال أى أزمة تواجهها.. ويبدو أن المحامين العرب مطالبون بثورة على نقاباتهم وعلى ممثلى الأمانة العامة والمكتب الدائم، كما ثارت جماهيرهم على النظم الحاكمة فى بلدانهم. ونفى المغربى وجود مصالح شخصية مع القذافى وبشار بقوله: عقب أحداث ثورة ليبيا أرسلت خطابا إلى عمرو موسى وقت رئاسته للجامعة العربية بتاريخ 10 مارس 2011 أى قبل انعقاد مجلس الجامعة بيومين، وحذرته فيه من اتخاذ قرار مشابه لقرار مجلس التعاون الخليجى الذى طالب بحظر جوى على ليبيا بجانب أن هذا الأمر سوف يتحول إلى عدوان عسكرى مباشر، ولم تفعل الجامعة أو عمرو موسى أى شىء!.. كما قمت بتقديم مبادرة لمعمر القذافى منذ اليوم الأول طلبت منه وقفا فوريا لإطلاق النار وإجراء إصلاحات سياسية فورية وإقامة دولة مدنية. أما بشأن سوريا فنحن نرفض قتل المتظاهرين فى أى مكان، سواء بداية من تونس ومصر ثم اليمن وليبيا.. ومع بداية أحداث سوريا سافرت إلى دمشق برفقة د. على الغتيت خبير القانون الدولى، ود. عصام نعمان الوزير اللبنانى الأسبق بعد أن تحدد لنا موعد مع الرئيس السورى بشار الأسد وقضينا أسبوعا كاملا فى مقابلة جميع المسئولين السياسيين والأمنيين فى مارس الماضى، وقدمنا مبادرة لهم أولها: وقف القتال فورا. ثانيا: سحب القوات العسكرية من درعا آنذاك. ثالثا: إعلان انتهاء العمل بحالة الطوارئ. رابعا: الإفراج عن المعتقلين السياسيين. لكن لم نتمكن من مقابلة بشار الأسد، وصدرت قرارات بقوانين حققت الكثير من طلباتنا وكل الأعمال سواء الخاصة بليبيا أو سوريا وأرسلتها باسم هيئة التعبئة الشعبية العربية التى أشغل موقع منسقها العام. هذه كانت صورة الاتحاد ودوره فى الفترة الأخيرة من وجهة نظر المغربى، أما صابر عمار أمين عام مساعد الاتحاد فقد نفى الاتهامات بعدم دعم الثورات الحزبية وبدأ حديثه قائلاً: ليس صحيحا أن اتحاد المحامين العرب قد تخلف عن قضايا مساندة الشعوب العربية فى ثوراتها لتغيير واقعها، ليس صحيحا أيضا أنه تبنى رؤية الحكام العرب فى المرحلة الحالية أو أى من مراحله، ففى ظل عدم الاستقلال الكامل لكثير من النقابات المهنية، ومنها نقابات المحامين فى الكثير من الدول العربية - وهى المكون الأساسى للاتحاد باعتباره اتحاد نقابات - فقد صدرت البيانات السياسية لتأييد الثورة التونسية فى الساعات الأولى لاندلاعها وكانت أثناء انعقاد المكتب الدائم للاتحاد فى فاس بالمغرب. وعلى الرغم من انتماء رئيس الاتحاد وهو النقيب المصرى للنظام القائم آنذاك، وكذا أغلب أعضاء مجلس النقابة المصرية إلى الحزب الحاكم، فقد صدر عن الاتحاد ما يؤكد دعمه للثورة المصرية قبل خلع الرئيس السابق وسقوط النظام، كذلك شارك العديد من أعضاء الأمانة العامة بدور إيجابى فى دعم الثورة والتواجد فى التجمعات السياسية سواء لمناقشة الدستور فى اللجان المختلفة كلجنة الحكومة أو المجلس الوطنى، وحذر الاتحاد من سرقة الثورة أو الالتفاف على مطالبها.. كما أعلن الاتحاد عن رؤية واضحة داعمة لمطالب الشعب فى البحرين ورفضه لوجود القوات السعودية دعما للنظام فى مواجهة الشعب المطالب بالديمقراطية، ورفضه التصدى بالعنف لمطالب الثوار.. وقد أيد الشعب الليبى فى ثورته ضد النظام الليبى والاعتداء على الشعب وصدر عنه ما يؤيد قرار الجامعة العربية بتعليق التمثيل الليبى فى كل أوعية الجامعة العربية وأعلن هذا الموقف إلى كل الصحف العربية. كما خاطبت الأمانة العامة الجامعة العربية للتدخل لوضع حد للمجازر التى يتعرض لها الشعب الليبى، وأعلنت إدانتها لتجاوز قوات الناتو لدورها بالاعتداء على المدنيين، فى الوقت الذى وقع فيه البعض باسم الاتحاد بالمشاركة مع بعض الاتحادات المهنية العربية الأخرى بالمخالفة لتوجه الاتحاد الرئيسى الثابت فى بياناته المرفقة. أما بالنسبة لسوريا، فقد أكد الاتحاد حق الشعب السورى فى الديمقراطية، وطالب النظام السورى أن يحقق وعوده فى الإصلاح الذى وعد به، وانتقدنا استخدام الجيش فى ردع الجماهير، وشكلنا لجنة لتقصى الحقائق سافرت إلى دمشق ونقلت رؤية الاتحاد إلى القيادة السورية وطالبت بسرعة الاستجابة لمطالب الجماهير. وعن خلافات أعضاء الاتحاد الشخصية يقول عمار: أما محاولة شخصية الأمور فهذا إفلاس يعبر عن قصور فى القدرات أو الرؤية، والرغبة فى عدم تجاوز الهزيمة الانتخابية التى منى بها البعض فى انتخابات الدارالبيضاء والتى أسفرت عن حصولنا عن أكثر من 80% من أصوات المحامين العرب.. وسقوط القائمة المضادة وما تضمنته من بعض عناصر الحزب الوطنى والتى لا تمثل إضافة إلى العمل العربى المشترك والتى تبناها البعض ممن يعتبرون أنفسهم قيادات بالاتحاد، ومنهم رئيس الاتحاد ذاته.. وليس صحيحا غياب الأمين العام للاتحاد عن العمل بالاتحاد فقد شغلته لبعض الوقت مشاركته فى إعداد الدستور المغربى وهو عمل يحسب للاتحاد ككل كما أنه غادر القاهرة فى منتصف يوليو لحضور اجتماعات المكتب الأخير ثم لقضاء إجازته بالمغرب، ورغم ذلك التواصل اليومى مستمر. وفى السياق نفسه تحدثت إلينا لمياء صبرى مجدى أمين عام مساعد الاتحاد والتى قالت: إذا كان دور الاتحاد قد تراجع فى الفترة الأخيرة، فإن ذلك شأن عام فى جميع الاتحادات والمنظمات العربية، وبشأن الاتحاد فإن السبب فى ذلك التراجع يرجع أولاً لغياب إبراهيم السملالى الأمين العام وذلك لحضوره لجنة إعادة صياغة الدستور المغربى بشأن أحداث المغرب. ثانيًا: إن بعض القائمين على سياسة الاتحاد لهم توجهات وعلاقات ومصالح مع بعض النظم العربية، ظهر ذلك أثناء الثورات العربية، خاصة فى مصر عندما كنا نطالب بإصدار بيان كان الرد بأن نصدر بيان إدانة قوى وكامل وعندما قامت الثورات فى ليبيا وسوريا والبحرين كنا نطالب ببيان إدانة، فكان الرد بأن نطالب بفتح الحوار والمطالبة بضبط النفس، وحجتهم فى ذلك الحفاظ على الدول صاحبة التوجه العربى القومى من أجل الحفاظ على المقاومة العربية واستمرار هذه الأنظمة فى مواجهة السيطرة الأمريكية والإسرائيلية، ورغم وضوح هذه المواقف فنحن لا نخون أحدا. ونفت لمياء أن يكون للأمن دور فى تعيين المحامين فى الاتحاد داخل المكتب الدائم، حيث أكدت أن العضوية تتم بالانتخاب من جميع النقباء والممثلين لهذه النقابات، وتدلل على ذلك بأن فى الانتخابات الماضية فى ,2009 كانت هناك قائمتان.. الأولى من النقيب حمدى خليفة رئيس الاتحاد ويدعمه عبدالعظيم المغربى.. والقائمة الثانية كانت مقدمة من النقيب السابق سامح عاشور وأنصاره، والتى ترشحت عليها لمياء وحصلت على 47 صوتا من ,52 والأصوات الخمسة التى لم تحصل عليها كانت لرجال الحزب الوطنى.. وذلك أكبر دليل على عدم وجود تدخل من الأمن أو النظام المصرى السابق فى اختيار أعضاء المكتب الدائم والقيادات داخل اتحاد المحامين العرب.