حين نذكر الفقه المعتوه، والهلاوس الفقهية فإنما ننقد فقها ولا نسب أشخاصا بعينهم، لكن حين تنزلق دار الإفتاء وتسب شخصي وتزدريه، فإنها تكون قد أخطأت خلقيا وشرعيا في أمور ما كان لها أن تسقط فيها، وتتردي إلي مناحٍ يراها الدين فسقاً، وعلي فرضية سقوط شخص ما خلقيا أيبيح ذلك لهيئة عامة أن تسب أو تزدري أحد أفراد الشعب الذي ينقد توجهاتها ويصححها؟ وإذا كان رد دار الإفتاء علي ماكتبتة الأسبوع قبل الماضي، يحمل الأمر ونقيضه في آن واحد، فإن ذلك يمثل ما يعرفه علم النفس الإدراكي بالعجز عن إدراك التناقض. فما يكون للدار أن تذكر بأنها تتبع القانون الذي يحدد أقصي مدة لحمل النساء بسنة واحدة، وفي ذات الوقت تدافع عن هلاوس فقهية وشذوذ فكري بكتب التراث، وتذكر بأنها تدرأ حد الزني بأن تستأنس برأي فقهي ضعيف عن إمكانية حدوث حمل للمرأة لمدة أربع سنوات، فما هو الفرق بين الرأي الفقهي الضعيف والرأي الشاذ؟ فلتذكر دار الإفتاء بأنها تأخذ بالآراء الشاذة دون مواربة أو تلاعب بالألفاظ وبغير الالتفاف اللغوي علي شعب مصر، فإن ذلك يؤدي لخلط الأنساب ففتاواها نور تهتدي به الأجيال، فلا يجب أن تلتحف دارنا بالآراء الفقهية القديمة الشاذة التي تسميها دار الإفتاء «ضعيفة»، فما يكون لحمل أبدا أن يصمد أربع سنوات في بطن أم ولا حتي بشذوذ في الأمر، وحين يكون الاستقراء هو نهج الدار في أداء مهمتها فلابد لها من التيقن من صحة ذلك الاستقراء، ولتصرح الدار بلا مواربة بأنها تأخذ من قصص الغابرين غير الموثق بثقة علم الرجال ما تهتدي به في فتاواها. وكيف بها تذكر بوجود ما أسمته الموسوعة الفقهية الطبية لأحمد كنعان أن هناك حملاً مدوناً بموسوعة جينس استمر لمدة ثلاث سنوات، فلماذا لم تهتد دار الإفتاء بالمصدر «موسوعة جينس» وتهتدي بمرجع لا نعرف له هوية، ألم يقل الله بكتابه العزيز «إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا» فلماذا لم تتبين الدار من المرأة أو من موسوعة جينس أنها حملت لثلاث سنوات؟ فهناك فرق بين المصدر والمرجع، فلماذا تخالف الدار كتاب الله ولا تتيقن؟، وتخالفه مرة أخري تزدري شخصي بلا وجل وتذكر عبارة «كنا سنحترم الكاتب»، أهذا هو الإسلام الذي تنتسب له الدار في أحكامها وتوجهاتها؟ وبينما اتهمني رد الدار زوراً وبهتاناً بأني مدلس فلم يذكر بالرد ما أوردته أنا بمقالي مما أثاره فضيلة المفتي من أن أقصي مدة للحمل أربع سنوات ووجوب أن يصدق الزوج زوجته في هذا الشأن حتي وإن لم يقربها طوال هذه المدة، وهو ما ذكره فضيلته بقناة المحور وقال إن الشرع يقول للرجل أن يصدق زوجته، فمن المدلس علي شعب مصر؟ ولم يذكر رد الدار ودفاعها كتاب فضيلته المسمي ب«الفتاوي العصرية اليومية - الدين والحياة»، حيث ذكر بصفحة 90 فتوي رقم 51 ما يعني أن حمل المرأة يستمر لأربع سنوات فهل أنا المدلس أم يلحق التدليس رد دار الإفتاء. وهل يحق لدار الإفتاء أن تفتي في موضوع حمل النساء بالآراء الفقهية الضعيفة ولا تستعين برأي أساتذة علم النساء والتوليد في تحقيق الأمر والتحقق منه ثم، ينبري ردها يصرح بأن الدار لا تخاصم العلم وأنها لم تنكر ما قرره الطب وهل نصدق ما ورد بردها ذرا للرماد في العيون بأنها تأخذ بالعلم وهل يجوز لها أن تفتي بشواذ موهومة لم ولن تحدث، فحمل النساء أكثر من عشرة أشهر أمر مرفوض ومن قال به قديما كذب ويقوم بالتدليس علي الأقدمين فهل ننجرف خلفه؟ ودعكم من الالتفاف باللغة علي شعب بسيط طيب يثق بكم، وقولوا لنا في كلمة واحدة بنعم أو بلا، هل تعتمدون في فتاواكم علي ما ورد بالفقه من أن أقصي مدة لحمل المرأة أربع سنوات، الإجابة بنعم أو بلا. لن أكتب أكثر من هذا لكني أنصح دار الإفتاء مراجعة فتاواها وردودها، وألا تناصر الآراء التي أسميها أنا شاذة، وأن تتيقن مما يصدر عنها، وما تتخذه سندا لعملها، وأن تتعاون معي لتنقية الفقه، أو لإصدار موسوعة فقهية عصرية تتخذ من الحقائق العلمية وفطرة الله في خلقه وكتاب الله أساسا لها، وأرفعها عن مناصرة الباطل أبدا. المستشار أحمد عبده ماهر