هل كان «عبدالعزيز مخيون» هو رئيس الوفد السينمائى المصرى الذى عاد مؤخراً من طهران.. المعروف أن «مخيون» كان هو بمثابة حلقة الاتصال بين وزارة الثقافة الإيرانية وعدد من السينمائيين المصريين الذين شاركوا قبل أسبوع فى هذا التجمع ولهذا لم أستبعد أن يعتقد «مخيون» بالفعل أنه الرئيس المفدى!! كان لى تحفظات أن يسافر وفد سينمائى فى هذا التوقيت إلا أن رأيى الثابت هو أننا ينبغى أن نعيد العلاقات على كل المستويات السياسية والاقتصادية وقبل ذلك الثقافية مع إيران وكتبت على صفحات جريدة «التحرير» قائلاً لا أنكر سعادتى وحماسى للرحلة التى انطلقت من القاهرة إلى طهران وتضم عدداً من السينمائيين المصريين لنسف السنوات العجاف فى العلاقات المصرية - الإيرانية إلا أن كل ذلك مرهون بأن يرفع هؤلاء السينمائيون منذ لحظة هبوطهم بالطائرة للمطار حتى مغادرتهم شعار الحرية ل«جعفر باناهى» و«محمد رسولوف»!! كل التجمعات والمهرجانات السينمائية تطالب بالإفراج عنهما وفى هذه الأيام احتفل مهرجان «سراييفو» بالمخرج الإيرانى «جعفر باناهى» المتواجد رهن الاعتقال الجبرى، حيث إنه صدر بحقه حكم بالسجن 6 سنوات والتوقف عن الإخراج أو ممارسة أى اتصال إعلامى لمدة 20 عاماً أخرى وهو نفس الحكم الصادر ضد زميله «محمد رسولوف».. الاتهام أن المخرجين يقدمان أعمالاً فنية انتقدت النظام القمعى فى إيران!! فى كل المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«فينسيا» و«برلين» يتعاطفون مع المخرجين المعتقلين.. المهرجانات والتجمعات الثقافية تتحدى مثل هذه القرارات ولهذا يتم ترشيح «باناهى» و«رسولوف» لعضوية لجنة تحكيم أو رئاستها.. والقائمون على هذه التظاهرات يعلمون أنهما ممنوعان من مغادرة البلاد ولتأكيد التحدى تعرض داخل فعاليات المهرجانات أفلامهما مثلما حدث فى الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» حيث عرض ل«باناهى» فيلماً أطلق عليه «هذا ليس فيلماً» كنوع من السخرية لمن منعوه من ممارسة المهنة بينما عرض لرسولوف فيلمه «إلى اللقاء» يفضح فيه سطوة الأمن فى إيران!! ولهذا انتظرت أن أتعرف على رد فعل أحد أعضاء الوفد المصرى وهو المخرج الكبير «محمد خان» الذى أكد أنه تحدث مع المسئولين هناك عن ظروف سجن «باناهى» و«رسولوف» وأن وزير الثقافة تجاهل نداءه بينما رئيس مؤسسة «الفارابى» السينمائية - وهى مؤسسة خاصة - وعده بلقاء «رسولوف» إلا أنه لم يف بالوعد!! كان من المهم أن يعلن السينمائى المصرى على الأراضى الإيرانية هذا الموقف وإلا أصبحنا متناقضين مع المبدأ ومتراجعين عما يجرى فى العالم الذى لا يترك تظاهرة إلا وكان شعار الحرية للمخرجين الإيرانيين هو الهدف المعلن. لا أعتب على السينمائى أو الناقد المصرى الذى قبل الدعوة وشارك فى اللقاء لأن المقاطعة لكل ما هو إيرانى ليست فى صالحنا كما أننا ينبغى أن نذكر أن دولة مثل الإمارات العربية المتحدة تربطها علاقات اقتصادية وثقافية وطيدة مع إيران برغم أنها تحتل ثلاثة جزر إماراتية.. ولهذا لا أجد مبرراً لخلط الأوراق، نعم هناك تباين فى وجهات النظر على المستوى السياسى إلا أن المقاطعة فى الماضى كانت تعبر عن تبعية السياسة المصرية للقرار الأمريكى وليس عن مصلحة مصر!! إلا أن ما حدث فى الرحلة يستحق أن نتوقف عنده لأنه يحمل نوعاً من النفاق لإيران تبناه «مخيون» متحدثاً عن الثورة المصرية قائلاً إنها بحاجة إلى قائد مثل الثورة الإيرانية.. فهذه واحدة من تبعات اللقاءات الجماعية عندما يتصور أحدهم أنه القائد والزعيم الملهم رغم أن أحداً لم يخوله بالزعامة أو يمنحه الإلهام وكان ينبغى أن يوقفه عدد من أعضاء الوفد وهذا هو ما حدث!! عودة العلاقات الثقافية مع إيران هدف نسعى إليه والمطالبة بالإفراج عن السينمائيين الإيرانيين الممنوعين من ممارسة المهنة هدف ينبغى أيضاً ألا ننساه!!