في أكثر الفترات صعوبة علي مصر.. واستمراراً لحالة السيولة التي عليها البلاد ظهرت حركة شبابية جديدة أطلقت علي نفسها اسم «سلفيو كوستا».. الأسم يوحي بالغموض ولا تستطيع تصنيفهم من خلاله هل هم سلفيون حسب الصورة الذهنية المعروفة عنهم أم هم فقط مجموعة من رواد مقهي كوستا؟ المعروف بفروعه وطبيعة رواده؟ وكيف إلتقي الفكر السلفي المتشدد مع طبيعة الدعابة والاختلاط والمدنية الواضحة والمعروفة عن رواد كوستا؟. «مجموعة من السلفيين بتقعد علي كوستا» هكذا عرف محمد طلبة - 32 سنة - حركة «سلفيو كوستا»، وهو نفسه مؤسس الحركة ومدير مبيعات نظم ومعلومات بشركة آي تي إس. قال: سلفيو كوستا حركة تنموية وتثقيفية تدعو للتعايش مع الآخر عن طريق أمور غير تقليدية غير التي تتمثل في قس يصافح شيخا في الأعياد، والحركة تأسست في أبريل الماضي. طلبة يكمل قائلا: بعد تنحي مبارك شعرنا أن الناس تنظر لنا بخوف، وعندما حاولنا أن نبحث عن أسباب هذا الخوف وجدنا أننا كسلفيين وكتيارات دينية نمتلك بعض الإشكاليات مثل عدم مخالطة الناس والاستعلاء في القول وادعاء الحق المطلق دائما.. فبدأنا في إصلاح أنفسنا كمجموعة أولا وكانت الحركة في البداية مجرد نكتة لكنها تحولت لحقيقة وأصبحنا حركة لها كيان وموقع علي الفيس بوك وسيكون لنا مقر قريبا. وأضاف: نحن مجموعة جمعتنا الفكرة وانضمت لنا فيما بعد فصائل أخري، جلسنا سويا في البداية واخترنا أكثر فصيل داخل المجتمع يكره السلفيين ويخشي التعامل معهم وهم المسيحيون وهم أيضا أكثر الفصائل التي يخشاها السلفيون لأنك لو لمسته يقولك فتنة طائفية. فقررنا التعرف عليهم والتعايش معهم وبالفعل تعرفنا علي مجموعة منهم داخل الميدان وعن طريق الفيس بوك ووجدوا أننا مختلفون عن السلفيين «بتوع برامج التوك شو» وانضموا لنا وأصبحوا أعضاء في الحركة بدءا من يوم 27 مايو الماضي ويملكون نفس صلاحياتنا داخل الحركة ونظمنا مباراة كرة قدم بيننا وبينهم ونقلتها العديد من القنوات وانتهت بالتعادل بيننا. «سلفيو كوستا» يتعاملون مع الثورة باختلاف شديد عن باقي السلفيين والتيارات الدينية، فهم يرون أن أسباب عدم نزول التيارات الدينية للاعتصام في الميدان غير مقنعة بالنسبة لهم والسلفي من وجهة نظرهم لا يقدس المشايخ بل يقدس الدليل والدليل غير مقنع ولن يسيروا كقطيع وراء الشيوخ دون تفكير. وعن موقف الحركة من اعتصام التحرير يقول طلبة: إدارة الحركة تتكون من 12 عضوا منهم ثلاثة فقط وافقوا علي الاعتصام في البداية والباقي اتفق مع آراء التيارات الدينية الأخري ولكن بعد أن انتشرت صور الحركة علي الإنترنت وظهرنا رافعين لافتات تعبر عنا، انضم لنا باقي المجموعة واقتنعوا بضرورة وجودنا داخل الميدان وفرض أفكارنا علي الآخرين. نزولنا الميدان غير مقصود به ممارسة العمل السياسي، نحن لا نجيد السياسة ولا نحبذها لأنها سبب تفرقة المصريين عن بعضهم سواء قبطياً أو سلفياً أو ليبرالياً أو إخوانياً، فقررنا أن نجتمع علي أشياء أخري غير السياسة من خلال الاعتصام داخل الميدان. ورغم ذلك فإننا أحيانا نرفض بعض سياسات التعامل مع الثورة لدرجة أننا نسمي ثورة يناير «بالكاميرا الخفية» إذ لم يتحقق شيء من أهداف الثورة وكأن النظام السابق مازال يحكم. وليد مصطفي - 28 عاما - مدير مشاريع في «آي تي إس» وأحد المؤسسين يقول: لم أجد في الكتاب والسُنة ما يمنعنا من النزول لميدان التحرير والاختلاف بيننا وبين الآخرين هو في التطبيق وليس في الجوهر ونأمل دائما أن نجمع كل الاتجاهات في حركتنا. وعن مليونية الجمعة 29 يونيو والتي شهدت تواجدا سلفيا وإسلاميا كبيرا يقول وليد: المليونية كانت ستصبح أفضل بكثير لو تم توحيد الصفوف داخلها بدلا من الانفصال الذي حدث لكنها أظهرت حجم التيار الإسلامي الحقيقي. سلفيو كوستا حركة عشوائية علي حد قولهم ومتهورة ولا تجتمع في أوقات ثابتة لأنهم يوميا في الشارع مع الناس ونشاطات الحركة تنحصر بين النشاطات المجتمعية الثقافية والرياضية والخدمية فالحركة تقوم بعمل محاضرات في التنمية البشرية وعمل قوافل طبية للعشوائيات والقري، وهناك قافلة طبية ستخرج قريبا لعزبة الهجانة بالإضافة إلي لتزويج الفتيات الفقيرات. سألناهم عن موقفهم من الفن وكان ردهم واضحا: نحن مع الفن طالما لا يخالف أصل الدين. وحدثونا عن تجربة فنية للحركة كانت عبارة عن فيلم قصير اسمه «أين ودني» أخرجه عزت أمين والفيلم يعرض حوارا بين سلفي وليبرالي والعلاقة المتبادلة بينهما من خلال طرح ومناقشة أفكار الاثنين ومحاولة التقريب بينهما في وجهات النظر ثم تطرقوا إلي الثورة وموقف الجميع منها.. الفيلم يشاهده 2000 مشاهد يوميا ووصل عدد مشاهديه حتي الآن إلي 75000 مشاهد. سلفيو كوستا إذا اختاروا رئيسا لمصر في الانتخابات القادمة من سيكون؟ ألقينا عليهم هذا السؤال وكان الرد لم ينجح أحد حتي الآن، فنحن نريد شخصا يمزج بين أفكار البرادعي وأفكار حازم صلاح أبو إسماعيل ولكننا لن نختار أحدهما علي حدة. المسيحيون داخل الحركة لهم دور كبير في محاربة التمييز ونشر أفكار الحركة للآخرين من أجل التعايش بين الجميع، وبالفعل كانت أولي الخطوات المهمة لتحقيق ذلك هي الحصول علي أدوية للقافلة الطبية لعزبة الهجانة من دكتور مسيحي بتخفيض 4% من ثمنها الفعلي لذلك كان من الضروري أن نلتقي بأحد المسيحيين داخل حركة «سلفيو كوستا» والتقينا ب «باسم فيكتور» وهو محاسب له ميول أدبية وصرح قائلا: كنت أتلقي أحد الكورسات بمعهد جوتة وقامت إحدي زميلاتي بدعوتي لموقع «سلفيو كوستا» علي الفيس بوك وقبلت الدعوة لأنني أفضل الحوار مع الآخر بدلا من الانقطاع، فالاختلاف في الرأي أفضل بكثير من الانفصال عن بعضنا البعض وعندما دخلت الموقع وجدت أحد المسئولين عن الموقع فتاة مسيحية اسمها مريم سعيد فشعرت بدهشة شديدة وقررت التحاور معهم فوجدتهم أشخاصا مستنيرين وخائفين علي البلد ويفضلون الحوار مع الآخرين ويريدون التعايش مع الآخر ومتفتحين جداً، ووجدتهم مرحبين بوجودي بشدة وبعدها أصبحت واحدا منهم ونظمنا المباراة الشهيرة. يضيف باسم قائلا: أنا أعمل علي دعوة المسيحيين والشيوعيين والليبراليين وكل الطوائف لمجموعتنا حتي نتعايش رغم اختلافنا في الرأي فمثلا الخميس السابق للمليونية الأخيرة الساعة 12 مساء كنت أنا وطلبة نسير في الميدان متلاحمين، ومن يرانا كان يندهش كثيراً من مدي الترابط بيننا... وقمت بمساعدة طلبة في رفع لافتات الجماعة الإسلامية. الفتيات في الحركة لهن صلاحيات لا تقل عن صلاحيات الرجال ماهيتاب الطوبجي منتجة سينمائية شابة وإحدي عضوات الحركة تقول: أنا ليبراليية مسلمة وغير محجبة وأعمل بالسينما وأستمع للموسيقي، لم أجد أي مانع من التعايش مع أعضاء الحركة تحديداً السلفيين وقبل انضمامي للحركة كنت أنظر للسلفيين علي اعتبار أنهم متشددون ولا يقبلون الحوار وعندما تداخلت معهم وجدت أن منهم أشخاصا متفتحين وأصبح لدي صديقات منقبات ومسيحيات ونلتقي دوما وحديثهن معي عن الحجاب لم يتعد النصيحة فقط.