تري الكاتبة والمفكرة نوال السعداوي أن نظام الجواري مازال سائدا بصورة مقنعة وأنه ليس في حاجة لإعادة إحيائه، وبطريقتها الصادمة تقول إن الكثير من الزوجات هن جوار يحملن لقب زوجة وأن الكثير من علاقات الزواج هي علاقات بغاء. • مارأيك في دعوة الناشطة الكويتية لعودة نظام الجواري؟ - هذه السيدة مثل غيرها تعبر عن تيار ردة خطير، وهي ليست بمفردها ولكن مثلها كثيرون مثل صبحي صالح الذي يري أن الإخواني يجب ألا يتزوج إلا إخوانية، والتيار الذي يخلط الدين بالسياسة ليس لدينا فقط ولكن في العالم كله، وحتي في الولاياتالمتحدة هناك قساوسة يدّعون قدرتهم علي إنزال المطر والتحكم في الطبيعة، وكبريات الصحف الأمريكية تنشر هذه الخرافات وهذه السيدة الكويتية جزء من هذا التيار العالمي. • ربما ليست منتمية سياسيا ولكن تطرح فكرة متخلفة اجتماعيا؟ - لا يمكن فصل هذه الفكرة عن الأفكار المتطرفة في العالم كله، وهي غالبا تريد تملق التيارات الرجعية في الكويت حتي تحصل علي أصواتها في الانتخابات، هي امرأة تحمل أفكارا ذكورية وهذا موجود بكثرة وعندما يقول الرجل إن الله قد أمرني بشراء الجواري فهو يلقي مسئولية فساده علي الله، ومع ذلك يخطر لي أن الرجل الذي يشتري جارية في العلن أفضل من الذي يخون زوجته في السر. • ولكن فكرة شراء إنسان لإنسان آخر لم تعد موجودة ؟ - كثير من الزوجات الآن أقرب للجواري، ولكن بشكل قانوني وأنا أري أن بعض علاقات الزواج أحيانا تكون أقرب للبغاء. • كيف ؟ -عندما يكون الزواج قائما علي المال، وأنا أسأل: لماذا يدفع الرجل للمرأة حين يتزوجها ؟ ولماذا الرجل هو الذي عليه أن ينفق علي المرأة؟ لو تأملت المسألة ستجد أنه ينفق عليها نظير ممارسة الجنس، أنا كنت أنفق علي المنزل مع زوجي وأري أن هذه مسئوليتي، لكن الآن تجد الزوجة لديها دخلا وتدخر أموالها في البنوك وتطالب الرجل بأن ينفق عليها، وهذا يجعل العلاقة مثل البغاء حيث ينفق الرجل لأنه يستفيد من زوجته جنسيا، وبالتالي هي هنا جارية، وإذا كانت السيدة الكويتية تقترح أن يكون ثمن الجارية 2500 دينار كويتي أو خمسين ألف جنيه، فالكثير من الرجال يدفعون هذا المبلغ كمهر مع اختلاف المسميات! • ولكن المرأة العربية تنظر للرجل الذي لا ينفق عليها علي أنه منتقص الرجولة ؟ - هذا مفهوم خاطئ للرجولة والأنوثة لأن الأنوثة سمات شخصية وكذلك الرجولة، فالرجل الحقيقي هو الرجل الصادق والأمين والمخلص وإنفاق الرجل يكون حسب دخله فقد أتزوج من رجل ليس له دخل كبير، ومع ذلك أشعر أنه في قمة الرجولة، لأن الرجولة صفات إنسانية وليست قدرة علي الإنفاق، لذلك أنا أري أن المثل الشعبي الذي يقول (الرجل ما يعيبه إلا جيبه) يعبر عن فساد أخلاقي واجتماعي لأن ما يعيب الرجل هو كذبه، ونفاقه وانبطاحه وليس جيبه، وكذلك الأنوثة ليس معناها أن تضع المرأة (المكياج) وأن تغري الرجل وتظهر مفاتنها أو حتي أن تغطي نفسها، لأن التغطية والتعرية وجهان لعملة واحدة، لأن الأنوثة الحقيقية أيضا هي صفات مثل الإخلاص، والإبداع والمودة لذلك السيدة التي تري أن الرجل هو من ينفق عليها لديها ملامح من شخصية (البغي)، لأن البغاء هو أن تجلس المرأة في المنزل ويدفع لها الرجل من أجل الجنس، تماما كما أن اقتناء الجواري هو نوع من أنواع البغاء. • كيف تأملت ظاهرة الجواري عبر التاريخ، خاصة أن بعضهن حكمن العالم الإسلامي؟ - هي ظاهرة ناتجة عن التفسير الذي يقول إن الرجل من حقه إقامة علاقات جنسية متعددة، والبعض يقول إن هذه طبيعة الرجل وهذا خطأ، والبعض يفسرها طبيا وهذا أيضا خطأ، والحقيقة أن هذا كله تفسير للفساد الأخلاقي أو تبرير لعدم إخلاص الرجل وأنا أري أن الازدواجية تحكم العالم كله وأن الفساد الجنسي هو انعكاس للفساد السياسي، ولو نظرت لتفسير ظواهر مثل الخليفة هارون الرشيد والجواري ستجد أن الرجل مادام شابا فهو يفهم الرجولة علي أنها القوة البدنية والجنسية وستجده يخلص لزوجته مادام شابا وقادرا جنسيا، لكن عندما يكبر في السن ويكون لديه السلطة والمال تسيطر عليه فكرة استعادة شبابه فيتعرف علي فتاة تصغره، وغالبا ما تكون أقل منه طبقيا كأن تكون خادمة أو سكرتيرة، وفي الماضي كانت الجارية التي تباع وتشتري والرجل الكبير كان يلعب دوره الخليفة أو الشخص الغني، وهذه اللعبة ما زالت موجودة إلي الآن، الفتاة الصغيرة تريد المادة، والسلطة والشهرة فتسيطر علي الرجل الذي يملك هذه الأشياء مقابل أن تعيده لشبابه. • هناك دراسة مهمة للكاتبة فاطمة المرنيسي عن 17 امرأة حكمن العالم الإسلامي كلهن كن جواري وصلن للحكم عن طريق السيطرة علي الخلفاء؟ - كما قلت لك، هذه علاقة معروفة طبيا الرجل عندما يكبر يفقد القدرة علي ممارسة الجنس الكامل، لكن يظل يستمتع بطرق معينة، والفتاة أو الجارية الشابة لا يهمها الجنس لأن لديها طموحا كبيرا، والرجل يكون قد زهد في السلطة فيمنحها لها، وستجد هناك أديبات وصحفيات دخلن في مثل هذه العلاقات حيث تجد فتاة ناشئة وتريد أن تنشر، لذلك تبيع نفسها لرئيس التحرير وتصعد، وأنا في شبابي عندما كنت أريد نشر قصة كنت أجد رئيس التحرير يراودني عن نفسي ! ولكن أنا تربيت بطريقة مختلفة.