أقيمت ندوة فى نقابة الصحفيين عن البكباشى يوسف صديق أحد قادة ثورة 23 يوليو بمناسبة ذكرى رحيله. ويوسف صديق من الشخصيات البارزة فى ثورة 23 يوليو.. فهو الذى تحرك بكتيبته من معسكر هايكستيب الذى كان مجاورا لمطار القاهرة قبل الموعد المحدد فى الخطة بساعة كاملة فقد تحركت الكتيبة فى الساعة 2300 بدلا من منتصف الليل كما جاء فى الخطة... وخلال الطريق اعتقلت قواته كبار الضباط الذين كان قد استدعاهم رئيس أركان الحرب وطلب منهم الذهاب إلى وحداتهم للسيطرة عليها بعد أن تسربت أنباء للسراى عن حركة الضباط الأحرار عن طريق منشوراتهم.. فأصدر الملك أمرا باعتقالهم مما عجل بتنفيذ الخطة. اقتحم يوسف صديق وقواته القيادة العامة للقوات المسلحة فى كوبرى القبة، واعتقل اللواء حسن باشا فريد رئيس أركان الحرب ووضعه فى المعتقل الذى أعد فى الكلية الحربية التى كانت تواجه مبنى القيادة.. وحقق ذلك دون إراقة دماء مما جعل ثورة 23 يوليو تشتهر بأنها الثورة البيضاء. وكانت ليوسف صديق صفات خاصة يتميز بها عن زملائه الضباط الأحرار.. فقد كان أديبا وشاعرا.. قال عن حياته فى الجيش هذه الأبيات: شمال يمين شمال يمين ثلاث سنين فى الحربية شغل كتير وراحة مافيش وصنف حريق ونبطشية وقال فى حفل أقيم لإهداء وسام بريطانى إلى مصر اعترافا بدورها فى كسب الحلفاء للحرب والدفاع عن قناة السويس وحضره كبار رجال الوفد ومنهم مكرم عبيد جاء فيه: ضعوا الأقلام وامتشقوا الحساما فرب السيف قد حمل الوساما وقولوا للذى يرجو خلاصا بتنميق الكلام كفى كلاما هى الدنيا صراع لا اقتناع بغير الجيش لن نحيى كراما ومن نادى بغير الجيش يهذى وعن نور الحقيقة قد تعامى وبدأت صلة يوسف صديق بالسياسة عن طريق الاتصال بالإخوان المسلمين.. ولكنه انشق عليهم بعد شهور.. واتصل بالشيوعيين فى النصف الثانى من الأربعينيات حيث كان مقدرا لدور الاتحاد السوفيتى فى الحرب العالمية الثانية وصلابة مقاومته.. كما كان مقدرا للمبادئ الإنسانية التى تقوم عليها الاشتراكية التى تدعو للعدالة الاجتماعية. وكان ليوسف صديق موقف من الديمقراطية.. ظهر مبكرا فى حواراته مع زملائه من أعضاء مجلس قيادة الثورة... حول قانون تنظيم الأحزاب، وإلغاء الدستور، وإعادة الرقابة على الصحف، وإعدام العاملين خميس والبقرى.. وانحاز إلى الديمقراطية انحيازا كاملا.. وكتب فى جريدة المصرى مقالا يدعو إلى تشكيل وزارة ائتلافية برئاسة الأستاذ وحيد رأفت وتضم الوفد والشيوعيين والإخوان المسلمين ومصر الفتاة وهو ما لم يجد قبولا وقتها عند قيادة الضباط الأحرار. وقرر يوسف صديق الاستقالة من مجلس قيادة الثورة.. وقبلت استقالته بعد حوار طويل.. وانتهى الأمر إلى تحديد إقامته فى بلدته ببنى سويف ثم اعتقل فى أبريل 1954 وأمضى سنة وشهرا فى السجن الحربى حتى مايو .1955 ومع ذلك استمرت علاقته قائمة مع جمال عبدالناصر وزملائه من الضباط الأحرار لثقته فى وطنيتهم ونضالهم ضد الاستعمار والاحتلال. وفى هذه الندوة التى عقدت فى نقابة الصحفيين عن يوسف صديق قرأت كلمة وزعها الزميل كارم يحيى الصحفى بجريدة الأهرام وزعها على الحاضرين وجاء فيها: «لا أعرف كم يوسف صديق» فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد ثورة 25 يناير؟.. كم من المجلس يقف مع الديمقراطية ويخلص لها ويحترم حقوق المواطنين؟.. كم منهم يعاديها ويعمل للالتفاف على مسيرتها ويستمع لمستشارى السوء فى الداخل والخارج؟ وهكذا أصبح يوسف صديق فى نضاله مثالا للمدافعين عن الديمقراطية داخل القوات المسلحة.. وهو ما يتطلع إليه الشعب الآن بعد ثورة 25 يناير 2011 التى رفعت الديمقراطية شعارا لها.. وجعلت منها نقطة تحول فى مسار الشعب. وأخيرا.. لابد من توجيه كلمة شكر إلى الذين أشرفوا على إقامة هذه الندوة فى نقابة الصحفيين والتى ربطت بين الديمقراطية فى ثورتى 23 يوليو، 25 يناير متجسدة فى شخصية البكباشى يوسف صديق.