«روزاليوسف» حصلت علي النص الكامل للتحقيقات مع المتهمين بالتحريض علي قتل الثوار بميدان التحرير في الثاني من شهر فبراير الماضي التي استمرت حتي صباح اليوم الثالث من نفس الشهر، فيما عرف إعلاميا بموقعة «الجمل». وحسب نص التحقيقات التي استمرت 40 ساعة مع المتهمين في قتل الثوار فقد استندت أدلة الاتهام النصية علي اتهامين رئيسيين لكل من مثل أمام قاضيي التحقيقات المستشارين سامي زين الدين ومحمود السبروت. الاتهام الأول كان سؤالا تم توجيهه لكل المتهمين نصا: أنت متهم بالاشتراك والاتفاق والتحريض والمساعدة علي القتل المقترن والشروع فيه وإحداث عاهات مستديمة وقتل عدد من المتظاهرين باستخدم آلات حادة مع سبق الإصرار.. وكذلك الإتلاف العمدي المرتبط بجنحة الضرب وإحداث أضرار تضر بسلامة الوطن وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة. الاتهام الثاني: ما قولك فيما هو منسوب إليك من أنك تزعمت وأدرت عصابة لترويع الآمنين وقتلهم وتعريض سلامة الوطن للخطر؟ الأسماء التي خضعت لنص التحقيق وفق هذين الاتهامين منذ قرار انتداب قاضيي التحقيق لهذه الواقعة هم: صفوت الشريف، أمين عام الحزب الوطني السابق - وماجد الشربيني - أمين التنظيم في الحزب - وإبراهيم كامل - رجل الأعمال والقيادي بالحزب أيضا - وعائشة عبدالهادي - وزيرة القوي العاملة السابقة - والمحامي مرتضي منصور كذلك.. أحمد فتحي سرور - رئيس مجلس الشعب السابق - وشريف والي ووليد ضياء الدين - القياديان بالحزب الوطني - ورجل الأعمال محمد أبوالعينين ونائبا الهرم السابقان عبدالناصر الجابري ويوسف خطاب وانضم لهما أخيرا حسين مجاور - رئيس اتحاد عمال مصر - وإيهاب العمدة - نائب الزاوية والشرابية السابق اللذان صدر قرار بحبسهما علي ذمة التحقيقات لمدة 15 يوما. • والي وضياء أول من تمت مواجهتهما بالنص الحرفي للاتهامات كان شريف والي ووليد ضياء الدين القياديان بالحزب الوطني اللذان حضرا التحقيقات معا أمام قاضي التحقيقات، وكانت إجابتهما كالتالي: «نحن تلقينا اتصالا تليفونيا من ماجد الشربيني - أمين التنظيم بالحزب الوطني - للقيام بمظاهرة تضم عدة آلاف من المواطنين من ميدان الجيزة لنتحرك بعدها إلي ميدان المهندسين أمام مسجد مصطفي محمود.. وقمنا بكتابة رسائل SMS تحت عنوان «في حب مصر.. لا للتخريب»، ثم ذهبنا وتجمعنا هناك، والساعة الثالثة مساء ذهبنا إلي بيوتنا.. وشاهدنا مثل الآخرين عبر الشاشات التليفزيونية الاعتداءات التي تمت علي المتظاهرين. أيضا من ضمن الإجابات التي جاءت متطابقة بين شريف والي ووليد ضياء بشأن تورطهما بالقول والتحريض من خلال المجموعات التي كانوا يقومون بقيادتها لقتل الثوار بميدان التحرير: «ما حصلش.. إحنا كلمنا الناس علشان يعملوا مظاهرة من أجل الاستقرار.. وإحنا ما قلناش للناس روحوا ميدان التحرير.. أو اضربوا المتظاهرين اللي هناك». قاضي التحقيقات واجه والي وضياء الدين حسب نص المحضر بأنهما كانا متواجدين معا ومعهما يوسف خطاب وعبدالناصر الجابري عضو البرلمان المنحل وأن الاثنين كانا يقودان مجموعات منظمة من أجل تفريق المتظاهرين بالقوة. المتهمان أقرا بأنهما فعلاً كانا متواجدين مع المتهمين السابقين، وأن علاقتهما انتهت بهما عقب انصرافهما من أمام مسجد مصطفي محمود، وأنهما سمعا بوجود «ضرب في الميدان»! التحقيقات التي استمرت مع قياديي الحزب الوطني لمدة أربع ساعات اشتملت أيضا علي شهادة عدد من البلطجية الذين تم القبض عليهم.. وأثناء التحقيقات المنفصلة التي أجرتها النيابة العامة وأرسلت أمام قاضي التحقيقات كشفت عن تلقي عدد من البلطجية والمأجورين أموالا من خلال 8 وحدات حزبية تابعة لأمانة الحزب الوطني بمحافظة الجيزة.. وأن هناك خطة تمويهية هدفها فض اعتصام الثوار بالقوة، من خلال استخدام الجمال والخيول.. و4 سيارات نصف نقل محملة بقطع الرخام الصغيرة لإحداث أكبر قدر من الإصابات بعد انخفاض عدد الثوار في ميدان التحرير.. الأمر الذي أدي إلي وقوع إصابات بينهم خلال أول ثلاث ساعات بلغت 570 حالة أصيبت بعاهة مستديمة. اللافت من نص التحقيقات أيضا أن والي وضياء قالا للمحقق «هو حضرتك ما استلمتش الرسالة بتاعتنا؟» فرد عليهما «لأ». المثير أيضا أن أول خيوط القضية التي أدت إلي الكشف التفصيلي عن وجود مخطط من جانب قيادات الحزب الوطني لقتل المتظاهرين كانت عبر شهادة كان قد أدلي بها مازن عبدالعال - أحد الرجال المقربين من أحمد عز - الذي قال: المحرضون علي قتل الثوار بميدان التحرير هم قيادات الحزب.. من خلال تلقيهم أوامر في هذا السياق من صفوت الشريف - أمين الحزب ورئيس مجلس الشوري المنحل - بالتنسيق مع الأمانات والوحدات الحزبية في كل من محافظتي القاهرةوالجيزة. • ماجد الشربيني ماجد الشربيني - أمين التنظيم الذي عين خلفا لأحمد عز عقب استقالته - قال في نص التحقيقات: كنت متواجدا بالمنزل.. وأجريت اتصالا تليفونيا بكل من شريف والي ووليد ضياء القياديين بالحزب، وقلت لهما روحوا نظموا مظاهرة في حب الريس وهذا حقنا.. ومن حقنا أننا نعبر عن رأينا وأنا مارحتش ميدان التحرير! المحقق سأله أيضا فيما هو منسوب إليه بأن صفوت الشريف - رئيس مجلس الشوري المنحل - هو من أعطاه الأوامر.. فأجابه الشربيني قائلا: صفوت بيه ما ادناش أوامر علشان نقتل أو نضرب الناس.. احنا كنا علي تواصل علشان نطلع بمظاهرة في حب الريس بس وأنا كلامي مع شريف والي ووليد ضياء كان علشان يجمعوا الناس بس ويروحوا في مظاهرة أمام مسجد مصطفي محمود ونهتف هناك حبا في الريس وطلبا للاستقرار! إجابات الشربيني علي المحقق ورده بجملة «ما حصلش» كانت تناقض أقوال كل من شريف والي ووليد ضياء اللذين اعترفا عليه بأنه هو من قام بتكليفهم بالخروج في مظاهرة حاشدة، خاصة أن أقوال والي وضياء جاءت متطابقة قبل صدور قرار حبسهما علي ذمة التحقيقات قائلين: إحنا اتحركنا من أمام جامعة القاهرة مرورا بمنطقة بين السرايات وحتي شارع جامعة الدول العربية وصولا إلي مسجد مصطفي محمود، وأن المؤيدين للرئيس هم من ذهبوا من تلقاء أنفسهم لميدان التحرير قائلين «ميدان التحرير مش بتاع الناس دي لوحدها»! • مرتضي ونور ربما اختلفت التحقيقات مع مرتضي منصور نظرا لقيامه بمناورة مع قاضي التحقيقات، إذ ذهب إليه مرتضي قبل استدعائه الرسمي لمناقشته فيما جاء بحقه من أقوال شهود العيان، وعدد من البلطجية الذين قبض عليهم في ميدان التحرير وأقروا بأن من قام بتحريضهم هو مرتضي منصور نفسه، وهو الأمر الذي قابله قاضي التحقيق برفض استقباله استنادا لنص القانون الذي يتحتم معه حضور المتهم وفق نص قرار الاستدعاء والمثول في يومه وتاريخه وإلا اعتبرت التحقيقات غير صحيحة. مرتضي قبل مثوله للتحقيق أيضا كان أن ذهب للنائب العام ووزير العدل قائلا لهما: «أنا هنا ليه»؟ فأحاله المستشار عبدالمجيد محمود إلي مكتبه الفني برئاسة المستشار عادل السعيد الذي أوضح له أن قاضي التحقيق مستقل وله سلطة واختصاص النيابة العامة وهو نفس رد المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل. مرتضي منصور حسب نص التحقيقات قال لقاضي التحقيق: أنا حضرت أمس علشان آخذ إذن سفر للسعودية، لأن هناك دعوة وجهها لي الملك عبدالله عاهل السعودية لحضور أحد المؤتمرات بالمملكة، أنا مش متهم وليست لي علاقة بما حدث بميدان التحرير. الأمر الذي جعل المحقق حسب نص التحقيقات يطلب خبير برمجيات لتفريغ C.D مسجل عليه صوت وصورة لمرتضي منصور من أعلي منصة أمام مسجد مصطفي محمود يقول فيها: «روحوا اضربوا الناس اللي موجودة في ميدان التحرير بالجزمة ومشوهم من هناك.. وبعدين فيه ناس بتقول إنها هاترشح نفسها لرئاسة الجمهورية زي البرادعي وأيمن نور.. يعني مين البرادعي دا رجل ابن «..» وبعدين أيمن نور عايز يحكم مصر إزاي «لما يحكم بيته الأول يبقي يحكم مصر»! كما سجلت التحقيقات أن مرتضي منصور حاول التأثير علي المحقق من خلال ادعائه المرض وأنه يشعر بآلام في قدمه اليمني، وطلب الانصراف من التحقيق علي أن يعود مرة أخري.. الأمر الذي رفضه المحقق. التحقيقات سجلت أيضا قيام مرتضي بتقديم نسخة من C.D أحضره معه أمام المحقق قائلا: هذا ال C.D يثبت براءتي، وأن هناك أشخاصا قاموا بإجراء تعديلات علي الدليل الموجود في نص التحقيقات. المحقق فاجأ منصور بوجود 5 سيديهات ضده من شهود عيان عليه، وأن أقوالهم متطابقة بشأن قيامه بالتحريض علي فض المظاهرات في ميدان التحرير بالقوة. المثير أيضا أن التحقيقات التي استمرت مع مرتضي لمدة ساعتين، كان نصيب التحقيقات منها نصف ساعة فقط.. وعقب انتهاء التحقيقات معه حاول أخذ بطاقته العائلية من سكرتير المحقق، الأمر الذي دعا المحقق إلي طلبه مرة ثانية حسب نص التحقيقات لرد بطاقته العائلية! • إبراهيم كامل لم تستغرق التحقيقات مع إبراهيم كامل الذي جاء إلي مقر وزارة العدل محبوسا وقتا طويلا، حيث كانت ردوده مقتضبة، تمثلت في إجابات من نوعية «أنا ما أعرفش حاجة»، «فيه ناس بتحاول تلفيق الواقعة ليا»، «أنا كنت موجود زي الناس في البيت».. «وكل ما صدر مني أني عملت مداخلة تليفونية مع أحد البرامج التليفزيونية.. وقلت فيها بكره فيه حاجات هاتحصل.. وقصد كلامي هنا توقعات مش تحريض.. لأنني كنت شايف أن هناك أعدادا متزايدة من المواطنين تطالب بالاستقرار»! رد كامل جاء عقب مواجهته من جانب المحقق بتسجيل صوتي يثبت تحريضه علي قتل المتظاهرين بموقعة «الجمل»، من خلال بعض الشهود.. نافيا أن تكون له علاقة بوجود البلطجية الذين تدافعوا علي ميدان التحرير في هذا اليوم. • سرور نفس الأمر انطبق علي رئيس مجلس الشعب المنحل أحمد فتحي سرور الذي حضر لمقر وزارة العدل محبوسا علي ذمة الكسب غير المشروع... إذ واجهه المحقق بأقوال الشهود ضده بقيامه بتحريض عدد من العمال بمنطقة شق الثعبان.. وجزاري السيدة زينب وأنه أدار هذه العملية اتفاقا مع وزير الداخلية السابق محمود وجدي.. بمشاركة الرئيس السابق حسني مبارك.. فرد أن هناك عددا من المحررين البرلمانيين كانوا متواجدين معه أثناء هذا اليوم.. وأنكر قيامه بالتحريض أو الاشتراك أو الشروع في قتل المتظاهرين. «سرور» الذي بدا مجهدا جدا أمام المحقق حاول الدفاع عن نفسه قائلا: أنا أستاذ قانون وأطالب برد أقوال الشهود ضدي.. لأنه لا يوجد دليل مادي.. أو عيني يثبت هذا الكلام! • الشريف صفوت الشريف - رئيس مجلس الشوري المنحل - قال أمام المحقق ردا علي التهم الموجهة إليه أنه أصدر أوامره لماجد الشربيني وشريف والي ووليد ضياء بالتحريض علي القتل والشروع في قتل المتظاهرين يوم موقعة «الجمل»: إنه كان متواجدا بمكتبه طوال هذا اليوم، وهناك شهود بمكتبه علي ذلك، وأنه تابع فقط وأنه لم يكن يوما طرفا في هذه الموقعة، ولكن من مسئوليته الحزبية كانت هناك مظاهرات حزبية لتأييد الرئيس! • عائشة «عائشة عبدالهادي - وزيرة القوي العاملة السابقة - التي رفضت احتساء كوب ينسون بحجة أنها مريضة بالسكر أفادت في أقوالها حسب نص التحقيقات بأنها فعلا كانت متواجدة باتحاد عمال مصر خلال هذا اليوم.. وأن هدفها كان تسيير عدد من العمال في مظاهرة نعم للاستقرار.. لا للتخريب وهؤلاء عمال وليسوا بلطجية! • أبوالعينين أما أقوال محمد أبوالعينين - عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطني - فجاءت مرفقة بنص بيان كان أن وزعه علي بعض الصحف القومية والخاصة طالب فيه بمحاكمة المسئولين عن هذه الواقعة. أبوالعينين قال في أقواله أيضا: أنا عملت هذا البيان يوم 2011/2/3 وقلت فيه يجب محاكمة المسئولين عن قتل وتعرض سلامة المتظاهرين للمحاكمة العسكرية.. نافيا استخدامه المال والسلاح والبلطجية للمشاركة في فض اعتصام المتظاهرين، قائلا: أنا من زمان باصرف فلوسي علي الناس في الجيزة.. وبانجح بنسبة 95% وعندي محلات أعتدي عليها، أنا لو كان عندي بلطجية كنت حميت ممتلكاتي.. الأمر الذي دعا المحقق للإفراج عنه بكفالة مائة ألف جنيه. علي خلفية هذه الاتهامات علمت «روزاليوسف» من مصادر قضائية أن هناك إذنا قضائيا سوف يصدر خلال أولي جلسات محاكمة المتورطين في موقعة «الجمل» خاص بتفريغ المكالمات الصوتية للمتهمين لمعرفة مدي تورطهم وكذلك للاستدلال علي شخصيات أخري لم يرد اسمها في نص التحقيقات.